لاشك أن منير الشرايبي، والي مراكش السابق قد ابتسم وهو يطلع على خبر تثبيت المنصوري عمدة لمدينة مراكش، بعد أن قضت محكمة الاستئناف الإدارية بإلغاء الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية (الدرجة الأولى) والمتعلق بإعادة انتخابات 12 يونيو بمقاطعة المنارة. لاشك أنه ابتسم ..مطولا بعد أن تمعن في الحيثيات القضائية وهي تعيد سيدة الأصالة والمعاصرة إلى موقعها، وحمد الله أنها «جاتو في الإعفاء..... وصافي». لأن المغاربة لم يكونوا ينتظرون في الواقع قول القضاء في النازلة بعد أن أصدرت وزارة الداخلية حكمها التطبيقي ضد الوالي المتهم من طرف حزب الأصالة والمعاصرة بأنه زور الوقائع ضد عمدته. كلنا نذكر الواقعة، وسيكون من المفيد وإمعانا في تعذيب المغاربة بالأسئلة المقلقة نعيد نشرها: فقد قامت الداخلية باعفاء والي جهة مراكش تانسيفت الحوز منير الشرايبي من مهامه، وجاء ذلك، حسب الداخلية دائما، تبعا للتقرير الذي أنجزته اللجنة المركزية لوزارة الداخلية حول الحيثيات المتعلقة بالعملية الانتخابية بمقاطعة المنارة بمراكش. وهو التقرير الذي خلص «إلى وجود اختلالات كبيرة على مستوى التنظيم والتنسيق بالمصالح الإدارية للولاية».. جاء هذا القرار على إثر البيان الذي طالب فيه حزب الأصالة والمعاصرة بايفاد لجنة تحقيق بعد الحكم القضائي الذي أطاح بعمدته على مدينة مراكش المنصوري. وقد استجابت وزارة الداخلية استجابة فورية، قبل أن يرتد إلى المنصوري طرفها، وقبل أن ينهي مؤسس الحزب كلامه، لمطالب حزب الأصالة والمعاصرة، وقررت « إيفاد لجنة مركزية إلى ولاية مراكش ابتداء من يوم أمس الخميس 16 يوليوز 2009 للقيام ببحث إداري حول الحيثيات المتعلقة بالعملية الانتخابية ليوم 12 يونيو 2009 بالدائرة الانتخابية المذكورة ». وذكر بلاغ الداخلية وقتها أن اللجنة جاءت «على إثر الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية بمراكش بتاريخ 13 يوليوز 2009 القاضي بإلغاء العملية الانتخابية المجراة بتاريخ 12 يونيو 2009 بالدائرة الانتخابية لمقاطعة المنارة التابعة للجماعة الحضرية لمراكش بناء على طعن مقدم من طرف وكيل لائحة ». كانت هي المرة الأولى التي توفد فيها وزارة الداخلية لجنة للبحث في قضية محكومة ابتدائيا ولم تنته كل أطوار الاستئناف القضائية فيها! بلاغ وزارة الداخلية كان في غاية الطمأنينة، وهو شيء غير سليم دائما في القضايا الإشكالية، وهو يردد إن «مهمة هذه اللجنة التي يرأسها السيد كاتب الدولة لدى وزير الداخلية، تتمثل في التدقيق في الوقائع المحيطة بالنازلة والإخلالات التي تكون قد شابت عملية الانتخاب السالفة الذكر مع تحديد المسؤوليات». لعل الوالي أيضا لم يكن في حاجة إلى الانتظار، بنفس القدر الذي لم يكن فيه شكيب بنموسى في حاجة إلى انتظار ما سيقوله القضاء. لأن القضاء والقدر في الإدارة والداخلية بالتحديد لا يحتاجان إلى محامين ووكلاء ملك ولا إلى كتاب ضبط ولا جلسات، فقد نزل الحكم قبل أن .. يصدر الحكم في المحكمة. كل الذين علقوا على الحادثة اعتبروا أن القرار الإداري كان فيه نوع من تحديد النتيجة. لقد حافظت السيدة العمدة على العمودية، وحافظ الأصالة والمعاصرة على مركزه في الصدارة، وقالت المحكمة إن العمليات الانتخابية تمت في سلام ولم تشبها شائبة، والحال أن الداخلية بنت قرارها بعزل الوالي على كون هذه العمليات الاقتراعية عرفت «وجود اختلالات كبيرة على مستوى التنظيم والتنسيق بالمصالح الإدارية للولاية»... في حين يقول القضاء الإدراي بأن العمليات الانتخابية كانت سليمة ولم تشبها شائبة، والدليل أنه لا مجال لقبول الطعون في النتيجة التي كادت أن تطيح بأول صومعة انتخابية مؤنثة في البلاد! ما هو مطلوب الآن؟ إن المنطق يدعو الى عودة الوالي الى منصبه... أو أن من حقه الآن أن يطعن، إذا استطاع إلى ذلك سبيلا في قرار رئيسه، بناء على ما جاء في الحكم، والذين يحبون وزير الداخلية سينصحونه بأن يستقيل من الداخلية على اعتبار أنه سبق القضاء إلى قرار مبني على حيثيات رفضت المحكمة اعتبارها في الحسبان.. ويلزم أيضا التفكير مليا قبل الإقدام على أية خطوة في المستقبل، هذا المستقبل الذي لا يغري، عندما يتعلق الأمر بالداخلية كما يغري الماضي الذي يحن إليه الكثير من الزعماء اليوم.. ففي السابق قفزت الداخلية في مكانها ومنعت الرحل من التشريح وغضب فؤاد، وسانده القضاء، وأعاد الجميع إلى مباراة الاقتراع، وخسرت الداخلية... واليوم قفزت من جديد، فغضب فؤاد وسانده القضاء، وخسرت الداخلية، وعادت المنصوري إلى قمتها. بهذا الحكم حافظت السيدة فاطمة الزهراء المنصوري وكيلة اللائحة الإضافية لحزب الأصالة والمعاصرة بدائرة المنارة على منصبها كعمدة لمدينة مراكش، الذي انتخبت فيه كأول امرأة تفوز بهذا المنصب على الصعيد الوطني. كما حافظت الدولة على .. مزاجها وحافظ الكثيرون على.. نظراتهم الشاحبة واليائسة وهم يتفقدون الأفق... وستحافظ الأغلبية على موقفها الساهي، والمتردد والحائر ولا شك..بخصوص الداخلية طبعا، وليس القضاء، لأننا اعتدنا ألا نناقش قراراته وأحكامه ! أما حسن طارق والسبعة أحزاب بيعقوب المنصور فما عليهم سوى الاكتفاء بفايسبوك.. ،كما كان المغاربة يقولون «خدمة بوك لا يغلبوك، نقول لحسن والسبعة رجال: فايسبوك... لا يغلبوك ، حتما، يشعر الوالي اليوم بالعزلة، وبالغربة بعد أن نزل عليه الحكم الأول ثم الحكم الثاني.. وبالرغم من أنه رجل مهذب ولا يساير عواطف العامة من الناس، فسيكون ملهما ولاشك إذا ما هو غنى مع العيطة الوالي واعليك شكيت عل العمدة وتابرانيت!!