أسدل الستار مساء الجمعة الماضية على فعاليات الدورة المتوسطية لمهرجان ليكسا الثالث للمسرح الذي نظمته جمعية مسرح ليكسا بدعم من اللجنة الإقليمية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية والمجلس البلدي وعدد من المدعمين على امتداد سبعة أيام ابتداء من 17 يوليوز 2008 إلى 24 منه بقاعة سينما أبينيدا بمدينة العرائش بمشاركة سبع فرق مسرحية اثنتان منها من حوض البحر الأبيض المتوسط واحدة من فلسطين والأخرى من اسبانيا إضافة إلى عرض خاص للأطفال قدمت خلالها سبعة عروض مسرحية تباينت مضامينها وتنوعت أساليبها. وقبل تقديم العرض الختامي وقف الجمهور طويلا وحيا بحرارة الممثل الفلسطيني عماد مزعرو الذي حل ضيفا على المهرجان لتقديم مسرحيته «أبو جابر الخليلي» .. من جهته تناول الكلمة النقابي الفلسطيني بسام زكرنا وأشار إلى أنه يشعر في العرائش كما لو أنه في فلسطين وأكد أن القدس يتم تغيير معالمها الآن وأن الشعب الفلسطيني صامد لكنه يغني ويرقص ويحب الحياة . وتفرد العرض الختامي بعرض مسرحية «أبو جابر الخليلي» لفرقة المسرح الوطني الفلسطيني، وهي مسرحية مونودرامية من تأليف القاص توفيق فياض وإعداد وإخراج فاضل الباشا وتمثيل عماد مزعرو تحكي في قالب مونودرامي عن «أبي جابر» حارس أبواب القدس العتيقة وصراعه مع قوى الاحتلال بدءا من الانتداب البريطاني للمدينة المقدسة وانتهاء بالاحتلال الصهيوني لها بعد حرب 1967.. وتميز اليوم السادس بعرض مسرحية «أسرار تروبا دور» من تأليف خالد ديدان وإخراج عبد الله ديدان وهي مسرحية تحكي في قالب مختلط تراجيدي وكوميدي في آن معا حياة أربعة فنانين يعيشون بشكل جماعي معتمدين في ذلك على فن «السيرك» الذي لم يعد كافيا لإعالتهم منعزلين في خيمة متنقلة في منفى ونبذ من المجتمع مستحضرين ماضيهم الكئيب وأسرارهم البئيسة التي دفعتهم للانتقام من بعضهم البعض الآخر.. وعرف اليوم الخامس عرض مسرحية lifhamator «الفهايمية» عن الكاتب المسرحي يوجين أونيسكو وإخراج عادل أبو التراب ، وتحكي المسرحية في قالب كوميدي حياة أربع شخصيات لاتعرف كيف تتواصل فيما بينها مستعيرة في ذلك أسلوب مسرح العبث أو مسرح اللامعقول .. ولم يكن اليوم الرابع أقل فرجة من سابقه فلقد تابع الجمهور بشغف كبير عرض «الحر بالغمزة» وهي مسرحية من تأليف محمد الحر وإخراج نعيمة زيطان تحكي في قالب كوميدي أرسطي حالة الرشوة والتردي والبؤس التي تعرفها المؤسسات العمومية .. واستمتع الجمهور في اليوم الثالث بالعرض الاسباني «سفر بينريل ايلبارونتو» ، وهي مسرحية من تأليف وإخراج الاسبانية خينا ايسكانيز Ginaescanez تحكي في قالب تراجيدي وكوميدي في آن معا رحلة البطل»بينريل» للبحث عن السعادة وهي رحلة صادف خلالها في طريقه جملة من الصعوبات والإخفاقات والمساعدات ليكتشف في النهاية أن السعادة التي يبحث عنها تكمن في ذاته وعبرها.. واستأنف الجمهور في اليوم الثاني رحلته الفنية بعرض مسرحية «دار الغالية» وهي مسرحية كوميدية اجتماعية من تأليف عبد الكبير الشداتي وإخراج عبد الصمد دينية تحكي في قالب كوميدي أزمة السكن وصعوبة مواجهة الحياة .. وفي اليوم الأول كان الجمهور الذي حج بكثافة على موعد، في العرض الافتتاحي، مع الممثل المقتدر عبد الحق الزروالي في عرضه المعنون «واش افهمتي»عن مذكرات الشاعر الكبير بابلو نيرودا وإخراج سعيد الوردي. وتحكي المسرحية في قالب مونودرامي عن مرحلة من تاريخ البشرية في القرن العشرين اتسمت بالصراع والحروب وسط الانتماءات القارية والاثنية والإيديولوجية .. وفي تصريح خاص ل «الاتحاد الاشتراكي « أكد المخرج السينمائي عبد السلام الكلاعي أن مهرجان ليكسا للمسرح في دورته الثالثة عرف تطورا كبيرا على المستويين : التنظيمي ومحتوى المضامين ، موضحا أن الطاقم التقني والإداري المكلف بإعداد المهرجان فقد أصبحت له تجربة كبيرة بحيث لا يلاحظ أي فرق بينه وبين منظمي المهرجانات المصنفة التي تعتبر مهمة في الأجندة للمهرجانات على المستوى الوطني.. وهي الخلاصة نفسها التي خلصت إليها الممثلة نوريا بنبراهيم بكون أن المهرجان يتطور عاما بعد آخر ليرقى وينافس المهرجانات الاحترافية الوطنية مثل مهرجان فاس ومكناس وسلا . أما المخرجة الاسبانية خينا اسكانيز فقد شددة إلى أنها ستعمل من أجل اغناء و توسيع هذا المهرجان الذي هو صغير في حجمه لكنه عميق وهام في وظيفته ضاربة موعدا بالعودة والمشاركة مرة أخرى في هذه المدينة الجميلة والهادئة. من جهته اعتبر المخرج والممثل المسرحي المغربي عادل أبو تراب المهرجان ناجحا وأضاف أنه قلما يرى طاقما يشتغل في مهرجان مستقل مثل مهرجان العرائش الذي يستدعي الفرق المسرحية ويوفر لها الإمكانيات المتاحة على جميع المستويات باحترام .. إلى جانب ذلك صرح السينوغراف يوسف العرقوبي أن المهرجان استطاع أن يحقق أهدافه الأساسية المتمثلة في الأرضية التي هي الجمهور المتذوق لفن الفرجة والمميز لأنواعها وتمنى أن يشرع في إصلاح برج اللقلاق في أقرب وقت لأن النجاح الحقيقي الذي عرفه مهرجان ليكسا شهده في ذلك الفضاء التاريخي .. ومن على خشبة الركح أعلن الفنان عبد الله ديدان دعمه الكامل لمهرجان ليكسا دون قيد أو شرط وطالب من المسؤولين إصلاح برج اللقلاق لتعرض فيه المسرحيات وتمنى أن يكون المسؤولون في مستوى الحدث . إلى جانب ذلك أبرز مدير المهرجان نور الدين الخاتر أن حلم مهرجان ليكسا كان منذ الخطوات الأولى يرنو إلى أن يحقق المهرجان خصوصيتين تميزنه عن سلسلة المهرجانات المنظمة بالمدينة : الأولى ان ينظم المهرجان داخل فضاء تاريخي فلم تجد ليكسا غير الحصن الدافئ لبرج اللقلاق الذي احتضن الدورتين السابقتين ..إلا أنه للأسف الشديد تحرم الجمعية من تنظيمه هذه السنة بالفضاء المذكور... أما الثانية فهو العمل على جعل مهرجان ليكسا فضاء متوسطيا تتلاقى وتتلاقح فيه التجارب والمسرحيات ... وتوجت الدورة الثالثة للمهرجان بالتوقيع على اتفاقية شراكة وتعاون بين فرقة مسرح كاشاروا من مدينة اشبيلية الاسبانية ومسرح ليكسا بالعرائش .