خول لنا التقدم التكنولوجي و المعلوماتي اليوم أن نربط الاتصال بأي مكان في العالم وفي أي وقت نريد، مما يجعل من العالم قرية صغيرة، يمكن خلق من خلالها العديد من العلاقات. غير أن هده الأخيرة يمكن أن تنتهي بمشاكل يصعب حلها في بعض الأحيان، و هناك من تنتهي بالأفراح و السعادة بين الأطراف. فالعالم اليوم، يعرف قفزة في مجال المعلوميات و الانترنيت، والذي قرب المسافات و جعل من بعض دول العالم تلج "العولمة" . كرها، هده الأخيرة تعني أن العالم هو عبارة عن قرية صغيرة يعيش فيها جميع المخلوقات على كوكبنا بطريقة متجانسة و متقاربة. و الانترنيت هو إحدى الأساليب لنشر هده العولمة عن طريق البرامج التي يتوفر عليها هدا النظام الارسالي المتطور . وبما أن الهدف الرئيسي من مثل هده البرامج هو تقريب المسافة بين دول العالم ، يستغل هواة المراسلة هده الإمكانية لربط علاقة في جميع أنحاء المعمور ، لعلهم يتبادلون الآراء و الثقافات مع عدد كبير من ساكنة القارات الأخرى ولما لا إقامة علاقات يمكن أن تنتهي بالأفراح ، و يكون بدلك قد استغل هده العولمة بمفهومها الايجابي . لكن و كما لا يخفى على الجميع فمثل هده البرامج اتبتت في زمن قصير خطورتها ، حيث يمكن أن تتكون مشاكل يصعب حلها ، و هدا ما يفسر امتناع بعض الآباء من إدخال هده التقنية الإرسالية إلى بيوتهم . " بوشعيب " أب لطفل ، يرفض تماما فكرة دخول الانترنيت إلى منزله، لأنه على حد قوله " يعتبر مضيعة للوقت، وهو سبب واقعي لما وصلت له أخلاق بعض شبابنا اليوم من الانحطاط « و غير أن بوشعيب يؤمن بان هدا التطور المعلوماتي ، » مهم لتثقيف هؤلاء الشباب «مع دلك فانه لا يقبل بدخول هدا الجهاز إلى بيته حيث يريد المحافظة على تلك " العائلة المغربية المحافظة » على حد قوله . ورغم هدا فالإحصائيات تدل على أن مستعملي الانترنيت ببلادنا في ارتفاع مستمر، غير أن الإشكال المطروح هو كيف يمكن إرشاد مستعملي هده التقنية ليتمكنوا من الاستفادة من جانبها الايجابي وعدم التوجه إلى الجانب السلبي. هدا كان رأي الزوجين «فاطنة و عبد الغني» اللذان يعتبران أن هده الوسيلة مهمة لتطوير الفكر الثقافي و العلمي لأبنائهم ، اذا ما تمت مراقبتها و السهر على تتبع ما يفعلونه الأبناء عندما يلجون هده الشبكة العنكبوتية ". و للاقتراب أكثر من مستعملي الانترنيت ، أردنا أن نعرف رأي الشباب الدين أصبحوا اليوم مولوعين بهده التقنية إلى حد كبير . " العقاد " 20 سنة ، من مستعملي الانترنيت ، حيث يتوفر على كمبيوتر داخل المنزل ، يجول العالم في دقائق معدودة ، لكن وكما صرح لنا "لا اهتم بتلك الصداقات التي تتمخض عن الحديث المطول داخل مواقع المراسلة و أفضل البحث عن مواقع ثقافية و تعليمية ، لاستفيد من الناحية الأدبية و البحث عن دروس تثقيفية يمكن أن تساعدني في دراستي الجامعية" . هناك من يفضل اكتشاف كل خبايا الشبكة العنكبوتية ، بما فيهم مواقع المراسلة ، كمثال على دلك ، " بشرى " البالغة من العمر 19 سنة و القاطنة بمراكش ، حيث تفضل التعرف على أشخاص من مدن و بلدان أخرى لتكسب صداقات يمكن أن تنفعها في المستقبل . و تقول بشرى أن " الغريب في الأمر ، أن هناك من يتخذ مثل هده الأساليب المتطورة ، لاستفزاز الأشخاص و محاولة جرهم إلى ما لا يحمد عقباه ، حيث ينتج على دلك مشاكل عائلية و مهنية صعبة جدا ، يمكن أن تلطخ صورة الشخص " . و بالفعل ، فهدا ما يخشاه معظم الآباء و الأمهات ، فكما هناك الجانب الايجابي في هده التقنية ، هناك بالمقابل جانب سلبي ، يمكنه أن يؤدي إلى مشاكل و خصومات بإمكانها التطور لتصبح في دواليب المحاكم و ملفات الشرطة. في وقت ليس ببعيد، وجدت " فاطمة الزهراء " البالغة من العمر 18 سنة، صورتها في إحدى المواقع الإباحية، متفاجئة لما رأته عيناها فقررت البحث عن صاحب هده المهزلة التي شوهت صورتها و صورة عائلتها لدى الأصدقاء و المعارف. " فاطمة الزهراء " تقول أن " تلك الفترة مرت ككابوس حقيقي، و أنني فكرت في الانتحار، لأنني أحسست بان جميع الناس يتجنبونني ". فاطمة الزهراء، والتي مازالت تعاني من أثر الصدمة أنهت المكالمة معي من دون إعطاء مزيد من التفاصيل عن معاناتها مع تجربتها المريرة مع الشبكة العنكبوتية. بين الجد و العبث ، تجد الشبكة العنكبوتية طريقها إلى بيوت العائلات المغربية بسرعة مفرطة ، ومع دلك وجب المراقبة لكي لا تلتهم هده الشبكة ما تبقى من تقاليدنا المحافظة .