الإتحاد الاشتراكي- وكالات يحقق القضاء الفرنسي في إحدى أخطر القضايا، التي إذا تمكن من إثبات الشكوك فيها، قد تودي بالمصير السياسي للرئيس الفرنسي الحالي، نيكولا ساركوزي. ويتعلق الأمر بعملية اغتيال أحد عشر مهندسا فرنسيا في باكستان، قد تكون مرتبطة بفضيحة رشوة في قضية بيع أسلحة فرنسية لهذا البلد الأسيوي. وقد استمر التحقيق فيها منذ سنة 2000 إلى سنة 2008، وسط صمت كبير، فرض حتى على عائلات الضحايا، الذين لم يتمكنوا من الإطلاع على الملف إلا في المدة الأخيرة. و تعود القضية إلى عملية بيع غواصات فرنسية إلى باكستان، و بموازاتها التزمت المصالح الفرنسية بتقديم مبلغ عمولة إلى بعض كبار الضباط الباكستانيين، غير أنها لم تف بذلك، مما دفع بهم إلى عملية انتقامية كان ضحيتها المهندسون الفرنسيون. وكان قرار الامتناع عن أداء العمولات صادرا عن الرئيس الفرنسي السابق، جاك شيراك، من أجل معاقبة كل الشركات التي كانت تمول الحملة الانتخابية لإدوارد بالادور. وكان الرئيس الفرنسي الحالي، ساركوزي، هو مدير حملته آنذاك. وفي تعليقه على هذه الاتهامات قال ساركوزي «إنها عبارة عن خرافات». غير أن المؤشرات التي كشف عنها التحقيق تؤكد أن عددا من أعضاء الفريق الحكومي الحالي كانوا مرتبطين بموضوع العمولات في بيع أسلحة إلى باكستان والسعودية وتايوان... ومن بينهم ساركوزي عندما كان يشغل منصب وزير مفوض في الميزانية سنة 1994 . وقد سبقت عملية اغتيال المهندسين الفرنسيين عدة محاولات، كانت عبارة عن تحذيرات، مثل مهاجمة حارسهم ومثل وضع قنبلة ضعيفة المفعول في سيارة زوجة أحد الدبلوماسيين الفرنسيين في إسلام آباد. وكانت المديرية العامة للأمن الخارجي، التابعة للمخابرات الفرنسية، قامت بسلسلة من العمليات، حيث اغتالت أحد الضباط الباكستانيين وكسرت أرجل ثلاثة من أميرالات هذا البلد، حسب ما جاء في وثائق الملف الضخم للتحقيق، الذي تمكنت عائلات الضحايا الفرنسيين من الإطلاع على بعض تفاصيلها. ويجهل التاريخ المحدد لهذه العمليات، هل كانت انتقاما لاغتيال المهندسين الفرنسيين، أم محاولة لوقف الابتزاز الذي مارسه الباكستانيون، خاصة بعد اكتشاف قنبلة لم تنفجر، في السفارة الفرنسية في إسلام آباد. عائلات الضحايا الذين أرغموا طيلة ست سنوات على الصمت، قررت اللجوء إلى أحد المحامين بهدف البحث عن الحقيقة، وفضح كل ملابسات هذه القضية، التي يتولى التحقيق فيها قضاة متخصصون في مواضيع الإرهاب. ويكشف ملف التحقيق عن تفاصيل أخرى حول كل المتعاملين مع الشركات الفرنسية في بيع الأسلحة والعمولات التي يتقاضونها، ويوجد من بينهم سعوديون ولبنانيون. وقد منعت القوانين الأوروبية تقديم عمولات من طرف الشركات، غير أن هذا النوع من الرشاوى استمر تحت أسماء أخرى من قبيل عبارة: «خدمات تجارية».