أمام المنافسة الكبيرة التي يمثلها «الأنترنت» بشبكته العنكبوتية الهائلة، التي تتميز بالسرعة في إيصال المعلومات والأخبار إلى المستهلك لهذا النوع من الوسائط العصرية، وبمجانية هذه المعلومات والأخبار، وأمام التوسع الكبير للمحطات الفضائية التي لم تعد الحدود تشكل أمامها حاجزا للوصول إلى مواطني العالم ؛أصبحت الصحافة المكتوبة تلملم أوراقها وتحبس أنفاسها متوقعة أياما أكثر صعوبة. ورغم توقع الكثير من الخبراء اندثارا قريبا للصحافة المكتوبة إلا أن المهنيين - رغم اعترافهم بالصعوبات الراهنة - لا يشاطرون هذا الرأي ويتوقعون طفرة جديدة للصحافة المكتوبة تضمن بها استمراريتها وحيويتها. وفي هذا الإطار انعقد يومي الأربعاء والخميس الماضيين في مدينة برشلونة بجارتنا الشمالية مؤتمر «للجمعية العالمية للصحف» World Association of Newspapers جمع مئات من الخبراء ومسؤولي الصحف والناشرين من مختلف أنحاء العالم حول موضوع «سلطة الصحافة المكتوبة» أكد فيه المؤتمرون أن الموت المعلن للصحافة المكتوبة ليس قريبا. وقبل إلقاء نظرة علي التقرير «المتفائل» الذي أعده مركز استطلاع للرأي معروف على الصعيد الدولي هو «برايسووترهاوس كوبرز » ««Pricewaterhouse Coopers» من المستحسن أن نتعرف على «الجمعية العالمية للصحف» من هي الجمعية: يقول الموقع الإلكتروني للجمعية العالمية للصحف أن هذه الجمعية قد رأت النور عام 1948 وهي تضم 71 جمعية وطنية لناشري الصحف ومديري صحف من 100 دولة إضافة الى ثلاثة عشر وكالة أنباء وطنية ودولية، وهي جمعية غير حكومية ولا تستهدف الربح. ويمتد نشاط الجمعية - التي يوجد مقرها بباريس - داخل القارات الخمس بواسطة ثمانية عشر ألف مطبوعة. وللجمعية ثلاثة أهداف رئيسة هي: - الدفاع عن حرية الصحافة وعن الاستقلالية الاقتصادية للصحف وهي الشرط الأساسي لهذه الحرية. - المساهمة في تنمية الصحافة المكتوبة بتيسير التبادل والتواصل بين مسؤولي الصحف من مختلف الجهات والثقافات. - إنعاش التعاون بين التنظيمات الأعضاء على الأصعدة الوطنية والجهوية والدولية. ولتحقيق هذه الأهداف الثلاثة فإن الجمععية - تمثل الصناعة الصحفية خلال كافلة الملتقيات الدولية للدفاع عن حرية الصحافة وعن مصالح المهنيين والصناعيين داخل المهنة. - تسهل تبادل المعلومات والأفكار على الصعيد الدولي من أجل ابتكار صحف أفضل وأكثر مردودية. - تعارض كل أشكال المنع التي تطال حرية مرور المعلومات وتعرقل نشر وتوزيع الصحف والإشهار. - تحتج بقوة ضد المس بحرية الصحافة أو عرقلتها. - تساعد صحف البلدان النامية بتنظيم برامج تكوينية وترتيب مشاريع تعاون. - تقدم مساعدة قانونية، مادية وإنسانية للناشرين والصحفيين ضحايا الثأر والقمع. كما تعمل الجمعية من خلال مديرية البحث والتنمية داخلها على دراسة وتحليل الاتجاهات العامة لوسائل الإعلام والتقنيات الجديدة والتوزيع.. كما تساعد الصحف على زيادة قرائها والحفاظ على مداخيل اشهارها . وبسبب نشاطها الكثيف هذا حصلت «الجمعية العالمية للصحف» على وضعية تمثيلية داخل اليونيسكو وهيأة الأممالمتحدة والمجلس الأوربي. الصحف لن تموت غدا في كلمته يوم الأربعاء الماضي ببرشلونة انتقد رئيس «الجمعية العالمية للصحف» الإيرلندي «غافين أوريلي» بشدة هؤلاء الذين يتوقعون الاندثار القريب للصحافة المكتوبة ويعلنون «موتها القادم» المرة بعد المرة. ورغم اعترافه بأن الصحافة المكتوبة تواجه أياما عصيبة خلال السنة الجارية بسبب الأزمة الاقتصادية، إلا أن هذا القطاع يواصل تقدمه.ويوضح السيد «غافين أوريلي» أن المبيعات اليومية قد ارتفعت بنسبة 1,3% سنة 2008 عبر العالم، حيث يتم توزيع 539 مليون جريدة يوميا. وذكر رئيس الجمعية أن هذا الارتفاع قد تم خصوصا في افريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا خاصة في الهند والصين بينما تراجعت مبيعات الصحف في كل من الولاياتالمتحدة وأوربا. واعترف كذلك بأن سنة 2009 الجارية كانت سنة «صعبة جدا» بالنسبة للصحف التي عانت من انخفاض ملموس في إعلاناتها التجارية، خصوصا بأوربا و الولاياتالمتحدة ،و من تسريح آلاف الصحفيين( 2500 صحفي باسبانيا وحدها التي انخفضت بها مداخيل الإشهار بنسبة 30 بالمائة). غير أن السيد «أوريلي» يستعيد نبرة التفاؤل باستناده إلى التقرير الذي أعدته الجمعية بتعاون مع معهد الاستطلاع «برايسوترهاوس كوبرز» وهو التقرير الذي تم إنجازه بعد استطلاع آراء 4900 مستهلك في سبع دول مختلفة .وقد شمل هذا الاستطلاع مقابلات مع ناشرين ومعلنين تجاريين وقراء. ويؤكد التقرير ذاك على أنه بالرغم من النمو الهائل للشبكة العنكبوتية، إلا أن الصحافة الورقية لازالت تشكل المورد الأساسي للمؤسسات الإعلامية وستظل كذلك لمدة طويلة، كما يؤكد أن القراء - رغم مجانية الانترنت وبعض الصحف الورقية - لازالوا مستعدين لأداء ثمن الصحيفة الورقية، بيد أن على الصحف أن تطور مضمومنها ورأسها لما الفكري أكثر حتى تتمكن من »بيعه«. ومن العوامل التي تضمن بقاء الصحافة الورقية واستمرارها داخل الساحة هو ميل القراء - ليس فقط للأخبار والمعلومات - للتحاليل والتعليقات التي يقدمها لهم صحفيون ارتبطوا بأسمائهم. كما أن القراء يثقون بالصحف المكتوبة أكثر من ثقتهم في باقي وسائل الإعلام.