كشف المندوب السامي للتخطيط احمد الحليمي علمي، في دراسة أعدتها المندوبية السامية للتخطيط حول الطبقة الوسطى المغربية، خصائصها الاقتصادية والاجتماعية وطبيعة عوامل تطورها، أن تحديد هذه الطبقة ببلادنا لا يتم بشكل مسبق على أساس نموذج الدخل أو مستوى المعيشة، بمعزل عن المستوى الحقيقي للثروة وتوزيعها الاجتماعي داخل مجموعة وطنية معينة، لذلك يقول احمد لحليمي، إن تحديد طبقة معينة على أساس اعتماد نموذج مرجعي أجنبي أو نموذج مثالي لا يمكن أن يؤدي لنتائج ملائمة للواقع المغربي. واعتمدت هذه الدراسة التي تم تقديمها مساء اول أمس الأربعاء 6 مايو 2009 بالرباط، بحضور خبراء ومختصين في المجال بالإضافة إلى ممثلين عن قطاعات وزارية وممثلي الصحافة والإعلام، في تحديد الطبقة الوسطى المغرب على مقاربتين أساسيتين ، الاولى مقاربة الانتماء عن طريق التقييم الذاتي للأسر والتي تعكس نظرة السكان أنفسهم لوضعهم الاجتماعي، لكن لا يمكن اعتماد هذه المقاربة في التصنيف الموضوعي للمجتمع برمته، والمقاربة الثانية الخاصة بالمعايير الموضوعية للدخل ومستوى المعيشة، المعتمدة على التوزيع الإحصائي للثروة الوطنية بين مختلف الشرائح الاجتماعية. وأوضح احمد الحليمي أن الطبقة الوسطى ببلادنا تتميز بعدم التجانس، لا من حيث الدخل الشهري لكل أسرة، حيث نجد 28 في المائة من الطبقة الوسطى تشكل الفئة العليا والتي يفوق دخلها المتوسط الوطني 5308 درهم، و42 في المائة تشكل الفئة المتوسط يتراوح دخلها بين الوسيط الحسابي والمتوسط المسجلين على الصعيد الوطني، و 30 في المائة تشكل الفئة الدنيا التي يقل دخلها عن الوسيط الحسابي 3500 درهم، أما من حيث البنية السوسيو مهنية فتتشكل الطبقة الوسطى من 29.4 في المائة من المستخدمين ومسيري التجهيزات والحرفيين والعمال المؤهلين في المهن الحرفية، و26 في المائة من أصحاب الريع والمتقاعدين وغير النشيطين، 16.2 في المائة من المستغلين الفلاحيين، 11.5 في المائة من الأطر المتوسطة والتجار والوسطاء الماليين، في حين نجد الأطر العليا وأعضاء المهن الحرة تمثل نسبتهن 0.8 في المائة. وحسب نفس الدراسة، تتوزع الطبقة الوسطى بالمغرب في وزنها الديمغرافي، انطلاقا من معيار الدخل بنسبة 53 في المائة من مجموع السكان مقابل 34 في المائة للطبقة المتواضعة و 13 في المائة للطبقة الميسورة، فتضم الطبقة الوسطى 16.3 مليون نسمة من بينهم 62.9 في المائة بالوسط الحضري، و59 في المائة من السكان الحضريين ينتمون للطبقة الوسطى مقابل 45 في المائة من السكان القرويين. وبخصوص الانشغالات المجتمعية للطبقات الوسطى بالمغرب، اعتبرت الدراسة أن 65 في المائة من الطبقات الوسطى، ونفس النسبة في الطبقة المتواضعة، مستوى عيشها قد تحسن أو بقي مستقرا بين 1997 و 2007 مقابل 77 في المائة من الأسر في الطبقات الميسورة. وتتحدد الهموم والانشغالات الأساسية للطبقة الوسطى في تكلفة المعيشة ومستوى الدخل والجفاف بنسبة 58 في المائة، والمرض والهدر المدرسي وبطالة الشباب بنسبة 33 في المائة، بينما تشكل نسبة الانحراف واستهلاك المخدرات 35 في المائة، والهاجس الأمني بنسبة 44 في المائة. أما بالنسبة لمديونية الطبقات المتوسطة، فحسب نفس الدراسة، تتوزع إلى قروض الاستهلاك العادي ب 59.3 في المائة، والقروض العقارية بنسبة 25.1 في المائة، وتتحدد قروض اقتناء التجهيزات المنزلية ووسائل النقل بنسبة 15.9 في المائة. وأشار احمد لحليمي في آخر هذا للقاء الى أن هناك معطيات أخرى متعلقة بالخصائص الاقتصادية والسوسيولوجية والثقافية للطبقة الوسطى ببلادنا، وكذا بطبيعة وعوامل تطورها، سيتم تقديمها خلال ندوة مقبلة تحت عنوان «الطبقات الوسطى: طبيعتها وعوامل تطورها ما بين 1985 و2007».