المغرب يدعو إلى هامش أكبر من الاستقلالية المادية لمجلس حقوق الإنسان    ولي العهد يستقبل الرئيس الصيني    تحطم طائرة تدريب يودي بحياة ضابطين بالقوات الجوية الملكية    متابعة موظفين وسماسرة ومسيري شركات في حالة سراح في قضية التلاعب في تعشير السيارات    هل يؤثر قرار اعتقال نتنياهو في مسار المفاوضات؟    عشر سنوات سجنا وغرامة 20 مليون سنتيما... عقوبات قصوى ضد كل من مس بتراث المغرب        رسميا: الشروع في اعتماد 'بطاقة الملاعب'    أبناء "ملايرية" مشهورين يتورطون في اغتصاب مواطنة فرنسية واختطاف صديقها في الدار البيضاء    الحكومة توقف رسوم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام    المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره        أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    الحزب الحاكم في البرازيل يؤكد أن المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    تعيينات بمناصب عليا بمجلس الحكومة    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    القوات المسلحة الملكية تفتح تحقيقًا في تحطم طائرة ببنسليمان    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    برقية تهنئة إلى الملك محمد السادس من رئيسة مقدونيا الشمالية بمناسبة عيد الاستقلال    استطلاع: 39% من الأطفال في المغرب يواجهون صعوبة التمدرس بالقرى    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34        المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن        رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحمد الحليمي علمي المندوب السامي للتخطيط في حوار مع الاتحاد الاشتراكي: توقع تباطؤ النمو الاقتصادي الوطني وتفاقم عجز ميزان الأداءات لسنة 2010

في 17 أكتوبر من سنة 1987 اجتمع عدد من المدافعين عن حقوق الإنسان في باريس للمطالبة برد الاعتبار لضحايا الجوع والعنف والتهميش، والنداء من أجل الاتحاد لاحترام حقوق الإنسان واعتبر اليوم فرصة لإسماع صوت الفقراء والمحتاجين والتعريف بظروف عيشهم ومعاناتهم اليومية. وفرصة من أجل تحسيس الجميع بما فيهم المواطنين والمجتمع المدني، والمنتخبون وجميع المسؤولين للمساهمة واتخاذ الإجراءات اللازمة لتحسين وضعية هذه الطبقة. وبالمناسبة أجرينا الحوار التالي مع أحمد الحليمي الذي أشار إلى مستوى الهشاشة بالمغرب وكذا العجز المحتمل في ميزانية الأداءات لسنة 2010 وكذلك تباطؤ الاقتصاد الوطني وتحفظ المندوبية على بعض مقاربات التصنيف الدولي لمستوى التنمية.
{ ماذا يمثل الاحتفاء بيوم 17 أكتوبر بالنسبة للمغرب؟
> بالنسبة للمغرب أود في البداية التذكير أن الحديث عن الفقر بالصراحة والشفافية وبالأهمية كذلك التي نعرفها اليوم سواء من طرف المسؤولين أو الرأي العام الوطني تعتبر مسألة حديثة العهد في بلادنا حيث ساد لمدة طويلة التعامل مع هذه الظاهرة التي تعرفها كل المجتمعات بنوع من الاحتشام. إذن في ظل التحولات التي يعرفها المغرب والشفافية في التعامل مع الواقع المغربي، وهما السمتين اللتين أصبحتا بارزتين مند تولي جلالة الملك محمد السادس مقاليد العرش، لم يعد الفقر طابوها، كما هو الشأن كذلك بالنسبة لمواضيع أخرى كالفوارق الاجتماعية أو السكن غير اللائق أو الأمية، حيث أصبحت العديد من الإحصائيات والدراسات، التي كانت حبيسة الرفوف أو متداولة على نطاق ضيق جدا، متاحة وفي متناول المتدخلين والمهتمين على اختلاف مشاربهم.
من جهة أخرى كان يسود الاعتقاد أن التنمية الاقتصادية تنتج عنها لا محالة التنمية البشرية. إلا أن هذا الاعتقاد فنده الواقع، ومن تم أصبحت التنمية البشرية ومحاربة الفقر ركيزة أساسية للنمو الاقتصادي ببلادنا. وعلى هذا الأساس فإن يوم 17 أكتوبر يشكل فرصة سانحة لتقييم ما تم إنجازه لتحسين السياسات المتبعة في هذا المجال.
{ أين وصل مستوى الفقر بالمغرب؟
> في البداية لا بد من التذكير بمفهوم الفقر الذي نتحدث عنه كما يتم اعتماده من لدن المنظمات الدولية والمؤسسات التي تهتم بهذه الظاهرة. إن مستوى الفقر النسبي يتحدد على أساس مكونين اثنين: الأول مكون غذائي يتم تقييمه على أساس 1984 كيلو وحدة حرارية بالنسبة لكل فرد، بالاعتماد على المعايير المحددة من طرف المنظمة العالمية للصحة والمنظمة العالمية للتغذية، والثاني مكون غير غذائي يتم تحديده بناء على مستوى التكلفة لدى الأسر التي يتعدى استهلاكها مستوى الاستهلاك الغذائي تماشيا مع مقاربة البنك الدولي.
انطلاقا من هذا التعريف، قمنا بالمندوبية السامية للتخطيط، بناء على المعطيات التي توفرها البحوث حول نفقات الاستهلاك ومستويات المعيشة، بدراسات حول مستوى الفقر وديناميته بالمغرب، وبإعداد خرائط للفقر تهم الجهات والأقاليم والجماعات المحلية والأحياء في المدن.
وتبين الخلاصات التي توصلنا إليها، تراجع الفقر بالمغرب، حيث انخفضت نسبته بشكل ملموس، خاصة في السنوات الأخيرة، إذ تراجعت، على الصعيد الوطني، من %15,3 سنة 2001 إلى %8،9 سنة 2007. وهم هذا الانخفاض المجال القروي بصفة أقوى حيث تقلصت نسبة الفقر من %25,1 إلى %14,5، في حين تراجعت هذه النسبة من %7,6 إلى %4,8 بالوسط الحضري.
ويعزى هذا الانخفاض بالأساس إلى ارتفاع مستوى معيشة السكان بصفة عامة وخاصة منهم الفئات ذات الدخل المنخفض إضافة إلى الدور الذي تلعبه المبادرة الوطنية للتنمية البشرية حيث أن الجماعات المستهدفة عرف معدل الفقر فيها انخفاضا بوثيرة (%41) أسرع من باقي الجماعات (%28).
وأريد هنا أن أثير ملاحظة هامة تمخضت عن بعض الدراسات التي قامت بها المندوبية حول عوامل انخفاض الفقر، مفادها أنه إذا كان النمو الاقتصادي يساهم في الحد من ظاهرة الفقر فإنه لن يكون مجديا إذا لم يرافق بسياسة تهدف إلى التقليص من الفوارق الاجتماعية. ذلك أن نسبة الفقر تنخفض على الصعيد الوطني ب 5,9% على إثر تقلص الفوارق بنسبة 1 %، وب 2,9 % فقط كلما ارتفع النمو الاقتصادي بنسبة 1%. الشيء الذي يبين الدور المحوري الذي يلعبه الحد من الفوارق الاجتماعية في الحد من الفقر.
{ على من تقع مهمة محاربة الفقر، الدولة أم القطاع الخاص؟
> محاربة الفقر هي من بين الإشكاليات الكبرى للتنمية، ومحدداتها ذات صبغة شمولية ومرتبطة بالأولويات الكبرى للبلاد كالتنمية الاقتصادية والبشرية. وعلى هذا الأساس فإن محاربة الفقر تقع بشكل أساسي على عاتق القطاع العام الذي تنوط به مهمة تحديد برامج ذات بعد اجتماعي تمكن من إزاحة العراقيل التي تحول دون إدماج فئات من السكان في مسلسل خلق الثروات والاستفادة منها، على عكس القطاع الخاص الذي تكون الربحية هي سيمته الأساسية. ومع ذلك فإن بإمكان القطاع العام أن يخلق المناخ الملائم الذي يجعل القطاع الخاص شريكا له في تحمل عبئ تحقيق الأهداف الاجتماعية ولاسيما محاربة الفقر والتقليص من الفوارق.
كما تجدر الإشارة إلى أن محاربة الفقر لا تخلو من منافع يجنيها القطاع الخاص، ذلك أن تحسين القدرة الشرائية للسكان عامة، وللفئات الفقيرة خاصة، يؤدي إلى اتساع دائرة الاستهلاك وارتفاع وتيرته، الشيء الذي يعود بدوره بالنفع على طلب السلع والخدمات التي ينتجها القطاع الخاص. كما أن الرفع من مستواها التعليمي وتحسين ظروفها الصحية يشكل استثمارا في الرأسمال البشري، باعتباره من أهم عوامل التنافسية والإنتاجية في القطاع الخاص.
{ ماهو تقييمكم للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية ؟
> أعطى انطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي أعلن عنها صاحب الجلالة في 18 ماي 2005، نفسا جديدا لدينامية التنمية البشرية، وخاصة محاربة الفقر والتهميش والإقصاء الاجتماعي. فبفضل تصورها الشمولي وبعدها الاستراتيجي، إضافة إلى أدوات وميكانزمات الحكامة الجيدة المتمثلة في الشراكة والتتبع والتقييم، تشكل هذه المبادرة بحق ورشا متكاملا يهدف إلى تعزيز عمل الدولة والجماعات المحلية في ميدان التنمية البشرية المستدامة مع استهداف الشرائح الاجتماعية المعوزة. كما تقوم على مقاربة تعاقدية مع النسيج الجمعوي والفاعلين في مجال التنمية المحلية تفعيلا لسياسة القرب.
فيما يخص تقييم هذه المبادرة، تجدر الإشارة إلى أنه باستثناء بعض البحوث الميدانية حول تصورات السكان، ومنها البحث الذي أنجزته المندوبية السامية للتخطيط بطلب من وزارة الداخلية، ليس هناك تقييم شامل ودقيق لهذه المبادرة في الوقت الراهن. وإجمالا يبين هذا البحث أن انعكاسات المبادرة الوطنية للتنمية البشرية كانت إيجابية على المعيش اليومي للساكنة من حيث ملائمة المشاريع المنجزة لحاجيات الساكنة المستهدفة ومن حيث تحسن مستوى معيشتها وكذا من حيث الرفع من وتيرة تقليص الفقر. وبالفعل، فقد تبين من البحث أن 54? من أرباب الأسر المستفيدة (52,7? بالأحياء الحضرية مقابل 56,2? بالجماعات القروية) تعتبر درجة ملائمة مشاريع البنية التحتية مع حاجياتها عالية، وبلغت هذه النسبة 54,7? بخصوص الخدمات السوسيو اقتصادية. كما يعتبر 46? من الأسر المستفيدة أن ظروف معيشتهم قد تحسنت منذ انطلاق المبادرة.
أما بخصوص تقليص الفقر، فقد كانت لهذه المبادرة قيمة مضافة ملموسة، حيث تبين، من خلال الدراسات التي قامت بها المندوبية، أن نسبة الفقر بالجماعات القروية المستهدفة تراجعت ب 15 نقطة مئوية خلال مرحلة 2004-2007، مقابل 5 نقط فقط في باقي الجماعات.
يبقى أن هناك مجموعة من الإجراءات الضرورية التي يتم القيام بها من أجل الرفع من نجاعة هذه المبادرة وتهم على الخصوص تأهيل العنصر البشري وتوطيد التنسيق بين جميع المتدخلين وكذا تكثيف الحملات التواصلية لفتح المجال لمشاركة واسعة وفعالة للساكنة في إعداد وإنجاز المشاريع المعتمدة وضمان استمراريتها دون إغفال ضرورة أخد الخصوصيات الجهوية بعين الاعتبار في مرحلة إعداد وتنفيذ المشاريع بالاعتماد على تشخيص دقيق لها.
{ ماذا عن تراجع المغرب في الترتيب الدولي للتنمية البشرية؟
> فيما يخص استعمال مؤشر التنمية البشرية في ترتيب الدول، تجدر الإشارة إلى أننا في المندوبية السامية للتخطيط لا ننتقد إحصائيات الأمم المتحدة بصفة عامة، بل نتحفظ، منذ أكثر من سنتين، على مقارنة مستويات تنمية يتم حسابها بواسطة معطيات غير دقيقة ومتعددة المصادر.
كما نتحفظ كذلك على وجاهة مكونات المؤشر لكونها غير ملائمة لقياس مستوى التنمية البشرية في البلدان وبالأحرى ترتيب هذه الأخيرة على أساسه. وفي هذا الصدد، نعبر عن ارتياحنا للتفهم والإرادة التي عبرت عنهما إدارة برنامج الأمم المتحدة للتنمية للعمل في اتجاه تحسين هذا المؤشر، من خلال العزم، في أفق 2010، على إعادة النظر في مكوناته بإدماج عناصر جديدة تؤشر بدقة أكبر على أداء البلدان في ميدان التنمية البشرية.
فيما يتعلق بترتيب الدول فهو غير ذي معنى ذلك أن فكرة تراجع المغرب مثلا ناتجة عن مقارنة متسرعة للترتيبين الصادرين في تقريري سنة 08/2007 و 2009، علما أن كل تقارير برنامج الأمم المتحدة حول التنمية البشرية تحذر من مثل هذه المقارنات لسبب بسيط يتمثل في ارتفاع عدد الدول المعنية بالترتيب من تقرير لآخر، وفي تحيين المعطيات أو تصحيحها من سنة لأخرى. فقد عرف تقرير سنة 2009 مثلا إدماج دول إضافية كليشينستان (Liechtenstein) وأندور (Andorre)، وهي دول صغيرة لا يتعدى عدد سكانها، على التوالي، 35 ألف و38 ألف نسمة، فيما تتوفر على ناتج داخلي إجمالي للفرد يقدر، على التوالي، ب 85382 دولار و 41235 دولار، وهو ما يجعل هذه الدول، التي تشكل جنات ضريبية (Paradis fiscaux)، تحتل مراتب متقدمة بالمقارنة مع المغرب. وكما أقر ذلك برنامج الأمم المتحدة للتنمية في الندوة الصحفية التي عقدها مؤخرا بالرباط، فإن أخد كل هذه التغييرات بعين الاعتبار يبين أن المغرب حافظ على نفس الترتيب خلال مرحلة 2007-2009.
وإذا اعتمدنا مثلا ترتيب الدول حسب معدل تطور مؤشر التنمية البشرية، الذي يرمز إلى الوتيرة التي يتم بها الحد من الخصاص في المعرفة والصحة ومستوى العيش، فسنجد أن تقرير التنمية البشرية لسنة 2009، يصنف المغرب في مرتبة جد متقدمة (الصف الحادي عشر) من حيث تدارك الخصاص في التنمية البشرية.
{ أنجزتم تقريرا عن الفئات الوسطى ماهي أهم خلاصاته؟
> أريد في البداية أن أذكر أن هذه الدراسة قد تم إنجازها عقب الخطاب الملكي الذي ألقاه صاحب الجلالة يوم 30 يوليوز 2008 بمناسبة عيد العرش، والذي أعطى من خلاله تعليماته للحكومة من أجل الحرص على »ضرورة أن الهدف الاستراتيجي لكافة السياسات العمومية هو توسيع الطبقة الوسطى، لتشكل القاعدة العريضة وعماد الاستقرار والقوة المحركة للإنتاج والإبداع«.
إن مفهوم الطبقات الوسطى قد عرف تطورات كثيرة في سياق تعاقب وتناقح التيارات الفكرية والأيديولوجية. فمنذ القرن التاسع عشر، ولمدة طويلة، سيطر المفهوم الماركسي للطبقات الاجتماعية على مقاربة البنيات الاجتماعية، حيث يتم تحديدها حسب موقعها في التشكيلة الاجتماعية من حيث دورها في نظام الإنتاج ومدى تجانس ثقافتها وقوة وعيها بمصالحها. وتخضع في هذا الإطار دراسة الطبقات الاجتماعية في المجتمع الرأسمالي إلى تصنيف ثنائي القطبية تتعارض بمقتضاه بورجوازية تسيطر على وسائل الإنتاج وتستحوذ على جزء كبير من فائض القيمة، وطبقة عاملة تشكل المنتج الرئيسي لهذا الفائض مقابل أجور يوفر مستواها إعادة إنتاج قوة العمل الضرورية لاستمرارية النظام الرأسمالي.
وعلى نقيض التصور الماركسي، جاءت أعمال عالم الاجتماع ماكس ويبر بمعايير أخرى لتعريف الفئات الاجتماعية، تتحدد التراتبية الاجتماعية فيها على أساس معايير أسلوب الحياة ونمط الاستهلاك والحظوة أو »الشرف الاجتماعي«.
واعتبارا لما يستخلص من كل ذلك يجب التأكيد على بديهية أساسية هي أن تحديد الطبقات الوسطى كما هو الشأن بالنسبة للطبقات الاجتماعية الأخرى لا يتم، بشكل مسبق، على أساس نموذج للدخل أو مستوى المعيشة بمعزل عن المستوى الحقيقي للثروة وتوزيعها الاجتماعي داخل مجموعة وطنية معينة. ولذا، فإن تحديد طبقة معينة على أساس اعتماد نموذج مرجعي أجنبي أو نموذج مثالي لا يمكن أن يؤدي لنتائج ملائمة للواقع.
وعلى ضوء هذه التطورات أصبح مفهوم الطبقات الوسطى اليوم يرجح زاوية الفوارق الاجتماعية وتحليلها على أساس مقاربة اقتصادية تعتمد مقاييس توزيع الدخل ومستوى المعيشة.
وفي تحديد الطبقة الوسطى ببلادنا، تم الاعتماد على مقاربتين: مقاربة الانتماء عن طريق التقييم الذاتي للأسر من جهة، ومقاربة المعايير الموضوعية للدخل ومستوى المعيشة، من جهة أخرى.
تعكس المقاربة الأولى نظرة السكان أنفسهم لوضعهم الاجتماعي. وقد أسفرت على أن الطبقات الوسطى تمثل 56% من مجموع السكان (أنظر الإطار 1) ، ولكن لا يمكن اعتمادها في التصنيف الموضوعي للمجتمع برمته لأسباب متعددة نذكر منها أن السكان الذين يقطنون بمناطق تعرف فوارق اجتماعية كبيرة عادة ما يصنفون أنفسهم ضمن الطبقات الفقيرة ولو كانوا، من حيث مستوى الدخل، ينتمون إلى طبقات وسطى. وعلى العكس من ذلك، إذا كان مستوى هذه الفوارق منخفضا، نجد أن الطبقات المتواضعة تصنف نفسها ضمن الطبقات الوسطى.
أما المقاربة الثانية المعتمدة على التوزيع الإحصائي للثروة الوطنية بين مختلف الشرائح الاجتماعية، فتمد التحليل بأرضية موضوعية يمكن التوافق بشأنها حول مكانة الطبقات الوسطى في التوزيع الاجتماعي للدخل وتحديد تصنيفها وتحليل كل من خصائصها السوسيو اقتصادية وتطورها. كما تمكن، بفضل الارتباط الموجود بين مختلف عوامل هذا التطور، من توضيح الرؤية في أفق إعداد استراتيجية عملية من أجل توسيع الطبقات الوسطى وتقوية مكانتها الاقتصادية والاجتماعية وفق منظور حركية الارتقاء الاجتماعي.
وقد مكنت الدراسة التي قمنا بها إضافة إلى تعريف الطبقات الوسطى التي تضم 53% من مجموع السكان، من تحليل خصائصها الديمغرافية و الاقتصادية والاجتماعية (أنظر الإطار 2) وطبيعة وعوامل تطورها. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الدراسة يمكن الاطلاع على مضامينها بالموقع الإليكتروني بالمندوبية www.hcp.ma.
{ أين تتمركز الفئات الأكثر هشاشة اقتصاديا بالمغرب؟
> تهم الهشاشة الاقتصادية السكان غير الفقراء، المهددين بانزلاق مستوى معيشتهم تحت عتبة الفقر. ويقاس مؤشر الهشاشة بنسبة أشخاص الذين تتراوح نفقاتهم ما بين عتبة الفقر و 1,5 مضاعف هذه العتبة. موازاة مع الانخفاض المهم الذي عرفه الفقر بالمغرب، عرفت الهشاشة الاقتصادية للسكان تراجعا مميزا بين 1985 و2007، حيث انتقلت نسبتها من 24,10% سنة 1985 إلى 17,5 %سنة 2007.
وبالرغم من هذا الانخفاض، فإن نسبة الهشاشة تضل مرتفعة بالوسط القروي، حيث تصل إلى 23,6% سنة 2007. في حين لا تتعدى هذه النسبة 12,7% بالوسط الحضري.
كما تظل هذه النسبة مرتفعة في مجموعة من الجهات كالغرب الشراردة بني حسن، ومكناس تافيلالت، وفاس بولمان، وسوس ماسة درعة، ومراكش تانسيفت الحوز حيث تصل نسبة الهشاشة فيها في المعدل إلى حوالي 20?. فيما لا تتعدى هذه النسبة 8% بجهة الدار البيضاء الكبرى.
{ مدى تجاوب قانون المالية لسنة 2010مع اقتراحات المندوبية؟
> لقد قامت المندوبية السامية للتخطيط، كما هو معتاد قبيل انطلاق أشغال إعداد القانون المالي، بإصدار الميزانية الاقتصادية الاستشرافية لسنة 2010، التي تقدم تقديرات نمو الاقتصاد الوطني للسنة الجارية وتوقعاتنا بخصوص السنة المقبلة. وقد ارتكزت هذه التوقعات الاستشرافية على تطور الظرفية الاقتصادية الوطنية والدولية، بالإضافة إلى اعتماد فرضية نهج نفس السياسة المالية العمومية لسنة 2009، خاصة المتعلقة بنفقات الاستثمار والأجور ودعم الأسعار.
وقد أوضحت هذه الوثيقة بعض التباطؤ في النمو الاقتصادي الوطني المرتقب سنة 2010 مصحوبا بتفاقم عجز الحساب الجاري لميزان الأداءات.
وسنقوم بإصدار توقعاتنا المحينة لسنة 2010 خلال متم شهر يناير المقبل في إطار الميزانية الاقتصادية التوقعية بعد المصادقة على قانون المالية من طرف البرلمان واطلاعنا على مقتضياته، خاصة ما يتعلق منها بالسياسة الجبائية والتشغيل والاستثمار.
إطار 2: عدم تجانس الطبقة الوسطى
تتميز الطبقة الوسطى بعدم تجانسها:
- من حيث متوسط الدخل الشهري لكل أسرة:
> 28% من الطبقة الوسطى تشكل الفئة العليا، يفوق دخلها المتوسط الوطني (5308 درهم) ؛
> 42% تشكل الفئة المتوسطة، يتراوح دخلها بين الوسيط الحسابي والمتوسط المسجلين على المستوى الوطني.
> 30% تشكل الفئة الدنيا، يقل دخلها عن الوسيط الحسابي الوطني (3500 درهم).
- من حيث البنية السوسيومهنية تتشكل الطبقة الوسطى من :
> %29،4 من المستخدمين ومسيري التجهيزات والحرفيين والعمال المؤهلين في المهن الحرفية، منهم %42 في الفئة المتوسطة و%28 في الفئة العليا؛
> %26 من أصحاب الريع والمتقاعدين وغير النشيطين، منهم %27 في الفئة الدنيا و%32 في الفئة العليا؛
> %16,2 من المستغلين الفلاحيين، من بينهم %35 في الفئة الدنيا و%21 في الفئة العليا؛
> % 16,1 من العمال، منهم %38 في الفئة الدنيا و%18 في الفئة العليا؛
> 11,5% من الأطر المتوسطة والتجار والوسطاء الماليين، منهم %23 في الفئة الدنيا والباقي موزع بالتساوي بين الفئتين الأخريين؛
> %0,8 من الأطر العليا وأعضاء المهن الحرة، منهم ثلاثة أرباع في للفئة العليا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.