بيدرو سانشيز: إسبانيا تثمن عاليا جهود صاحب الجلالة الملك محمد السادس من أجل الاستقرار الإقليمي    قضايا المغرب الكبير وأفريقيا: المغرب بين البناء والتقدم.. والجزائر حبيسة سياسات عدائية عقيمة    مجلس الأمن: بلينكن يشيد بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة        دورية جزائرية تدخل الأراضي الموريتانية دون إشعار السلطات ومنقبون ينددون    تبييض الأموال في مشاريع عقارية جامدة يستنفر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    نادي المغرب التطواني يقيل المدرب عزيز العامري من مهامه    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    العرائش: الأمين العام لحزب الاستقلال في زيارة عزاء لبيت "العتابي" عضو المجلس الوطني للحزب    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    سويسرا تعتمد استراتيجية جديدة لإفريقيا على قاعدة تعزيز الأمن والديمقراطية    ترامب يهدد باستعادة السيطرة على قناة بنما على خلفية النفوذ الاقتصادي المتنامي للصين    هجوم ماغدبورغ.. دوافع غامضة لمنفذ العملية بين معاداة الإسلام والاستياء من سياسات الهجرة الألمانية    تفكيك أطروحة انفصال الصحراء.. المفاهيم القانونية والحقائق السياسية    مجموعة بريد المغرب تصدر طابعا بريديا خاصا بفن الملحون    المجلس الأعلى للدولة في ليبيا ينتقد بيان خارجية حكومة الوحدة ويصفه ب"التدخل غير المبرر"    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    الأستاذة لطيفة الكندوز الباحثة في علم التاريخ في ذمة الله    السعودية .. ضبط 20 ألفا و159 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب"ازدواجية المعايير" على خلفية انتقاده ضرباتها في غزة    المغرب أتلتيك تطوان يتخذ قرارات هامة عقب سلسلة النتائج السلبية    أمسية فنية وتربوية لأبناء الأساتذة تنتصر لجدوى الموسيقى في التعليم    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    سابينتو يكشف سبب مغادرة الرجاء    الممثل القدير محمد الخلفي في ذمة الله    الدرك الملكي يضبط كمية من اللحوم الفاسدة الموجهة للاستهلاك بالعرائش    التقلبات الجوية تفرج عن تساقطات مطرية وثلجية في مناطق بالمغرب    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    توقيف شخص بالناظور يشتبه ارتباطه بشبكة إجرامية تنشط في ترويج المخدرات والفرار وتغيير معالم حادثة سير    علوي تقر بعدم انخفاض أثمان المحروقات بالسوق المغربي رغم تراجع سعرها عالميا في 2024    جلسة نقاش: المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة.. الدعوة إلى تعزيز القدرات التمويلية للجهات    بطولة انجلترا.. الإصابة تبعد البرتغالي دياش عن مانشستر سيتي حوالي 4 أسابيع        دراسة: إدراج الصحة النفسية ضمن السياسات المتعلقة بالتكيف مع تغير المناخ ضرورة ملحة    بريد المغرب يحتفي بفن الملحون    اصطدامات قوية في ختام شطر ذهاب الدوري..    العرض ما قبل الأول للفيلم الطويل "404.01" للمخرج يونس الركاب    جويطي: الرواية تُنقذ الإنسان البسيط من النسيان وتَكشف عن فظاعات الدكتاتوريين    مؤتمر "الترجمة والذكاء الاصطناعي"    كودار ينتقد تمركز القرار بيد الوزارات    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحمد الحليمي علمي المندوب السامي للتخطيط في حوار مع الاتحاد الاشتراكي: توقع تباطؤ النمو الاقتصادي الوطني وتفاقم عجز ميزان الأداءات لسنة 2010

في 17 أكتوبر من سنة 1987 اجتمع عدد من المدافعين عن حقوق الإنسان في باريس للمطالبة برد الاعتبار لضحايا الجوع والعنف والتهميش، والنداء من أجل الاتحاد لاحترام حقوق الإنسان واعتبر اليوم فرصة لإسماع صوت الفقراء والمحتاجين والتعريف بظروف عيشهم ومعاناتهم اليومية. وفرصة من أجل تحسيس الجميع بما فيهم المواطنين والمجتمع المدني، والمنتخبون وجميع المسؤولين للمساهمة واتخاذ الإجراءات اللازمة لتحسين وضعية هذه الطبقة. وبالمناسبة أجرينا الحوار التالي مع أحمد الحليمي الذي أشار إلى مستوى الهشاشة بالمغرب وكذا العجز المحتمل في ميزانية الأداءات لسنة 2010 وكذلك تباطؤ الاقتصاد الوطني وتحفظ المندوبية على بعض مقاربات التصنيف الدولي لمستوى التنمية.
{ ماذا يمثل الاحتفاء بيوم 17 أكتوبر بالنسبة للمغرب؟
> بالنسبة للمغرب أود في البداية التذكير أن الحديث عن الفقر بالصراحة والشفافية وبالأهمية كذلك التي نعرفها اليوم سواء من طرف المسؤولين أو الرأي العام الوطني تعتبر مسألة حديثة العهد في بلادنا حيث ساد لمدة طويلة التعامل مع هذه الظاهرة التي تعرفها كل المجتمعات بنوع من الاحتشام. إذن في ظل التحولات التي يعرفها المغرب والشفافية في التعامل مع الواقع المغربي، وهما السمتين اللتين أصبحتا بارزتين مند تولي جلالة الملك محمد السادس مقاليد العرش، لم يعد الفقر طابوها، كما هو الشأن كذلك بالنسبة لمواضيع أخرى كالفوارق الاجتماعية أو السكن غير اللائق أو الأمية، حيث أصبحت العديد من الإحصائيات والدراسات، التي كانت حبيسة الرفوف أو متداولة على نطاق ضيق جدا، متاحة وفي متناول المتدخلين والمهتمين على اختلاف مشاربهم.
من جهة أخرى كان يسود الاعتقاد أن التنمية الاقتصادية تنتج عنها لا محالة التنمية البشرية. إلا أن هذا الاعتقاد فنده الواقع، ومن تم أصبحت التنمية البشرية ومحاربة الفقر ركيزة أساسية للنمو الاقتصادي ببلادنا. وعلى هذا الأساس فإن يوم 17 أكتوبر يشكل فرصة سانحة لتقييم ما تم إنجازه لتحسين السياسات المتبعة في هذا المجال.
{ أين وصل مستوى الفقر بالمغرب؟
> في البداية لا بد من التذكير بمفهوم الفقر الذي نتحدث عنه كما يتم اعتماده من لدن المنظمات الدولية والمؤسسات التي تهتم بهذه الظاهرة. إن مستوى الفقر النسبي يتحدد على أساس مكونين اثنين: الأول مكون غذائي يتم تقييمه على أساس 1984 كيلو وحدة حرارية بالنسبة لكل فرد، بالاعتماد على المعايير المحددة من طرف المنظمة العالمية للصحة والمنظمة العالمية للتغذية، والثاني مكون غير غذائي يتم تحديده بناء على مستوى التكلفة لدى الأسر التي يتعدى استهلاكها مستوى الاستهلاك الغذائي تماشيا مع مقاربة البنك الدولي.
انطلاقا من هذا التعريف، قمنا بالمندوبية السامية للتخطيط، بناء على المعطيات التي توفرها البحوث حول نفقات الاستهلاك ومستويات المعيشة، بدراسات حول مستوى الفقر وديناميته بالمغرب، وبإعداد خرائط للفقر تهم الجهات والأقاليم والجماعات المحلية والأحياء في المدن.
وتبين الخلاصات التي توصلنا إليها، تراجع الفقر بالمغرب، حيث انخفضت نسبته بشكل ملموس، خاصة في السنوات الأخيرة، إذ تراجعت، على الصعيد الوطني، من %15,3 سنة 2001 إلى %8،9 سنة 2007. وهم هذا الانخفاض المجال القروي بصفة أقوى حيث تقلصت نسبة الفقر من %25,1 إلى %14,5، في حين تراجعت هذه النسبة من %7,6 إلى %4,8 بالوسط الحضري.
ويعزى هذا الانخفاض بالأساس إلى ارتفاع مستوى معيشة السكان بصفة عامة وخاصة منهم الفئات ذات الدخل المنخفض إضافة إلى الدور الذي تلعبه المبادرة الوطنية للتنمية البشرية حيث أن الجماعات المستهدفة عرف معدل الفقر فيها انخفاضا بوثيرة (%41) أسرع من باقي الجماعات (%28).
وأريد هنا أن أثير ملاحظة هامة تمخضت عن بعض الدراسات التي قامت بها المندوبية حول عوامل انخفاض الفقر، مفادها أنه إذا كان النمو الاقتصادي يساهم في الحد من ظاهرة الفقر فإنه لن يكون مجديا إذا لم يرافق بسياسة تهدف إلى التقليص من الفوارق الاجتماعية. ذلك أن نسبة الفقر تنخفض على الصعيد الوطني ب 5,9% على إثر تقلص الفوارق بنسبة 1 %، وب 2,9 % فقط كلما ارتفع النمو الاقتصادي بنسبة 1%. الشيء الذي يبين الدور المحوري الذي يلعبه الحد من الفوارق الاجتماعية في الحد من الفقر.
{ على من تقع مهمة محاربة الفقر، الدولة أم القطاع الخاص؟
> محاربة الفقر هي من بين الإشكاليات الكبرى للتنمية، ومحدداتها ذات صبغة شمولية ومرتبطة بالأولويات الكبرى للبلاد كالتنمية الاقتصادية والبشرية. وعلى هذا الأساس فإن محاربة الفقر تقع بشكل أساسي على عاتق القطاع العام الذي تنوط به مهمة تحديد برامج ذات بعد اجتماعي تمكن من إزاحة العراقيل التي تحول دون إدماج فئات من السكان في مسلسل خلق الثروات والاستفادة منها، على عكس القطاع الخاص الذي تكون الربحية هي سيمته الأساسية. ومع ذلك فإن بإمكان القطاع العام أن يخلق المناخ الملائم الذي يجعل القطاع الخاص شريكا له في تحمل عبئ تحقيق الأهداف الاجتماعية ولاسيما محاربة الفقر والتقليص من الفوارق.
كما تجدر الإشارة إلى أن محاربة الفقر لا تخلو من منافع يجنيها القطاع الخاص، ذلك أن تحسين القدرة الشرائية للسكان عامة، وللفئات الفقيرة خاصة، يؤدي إلى اتساع دائرة الاستهلاك وارتفاع وتيرته، الشيء الذي يعود بدوره بالنفع على طلب السلع والخدمات التي ينتجها القطاع الخاص. كما أن الرفع من مستواها التعليمي وتحسين ظروفها الصحية يشكل استثمارا في الرأسمال البشري، باعتباره من أهم عوامل التنافسية والإنتاجية في القطاع الخاص.
{ ماهو تقييمكم للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية ؟
> أعطى انطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي أعلن عنها صاحب الجلالة في 18 ماي 2005، نفسا جديدا لدينامية التنمية البشرية، وخاصة محاربة الفقر والتهميش والإقصاء الاجتماعي. فبفضل تصورها الشمولي وبعدها الاستراتيجي، إضافة إلى أدوات وميكانزمات الحكامة الجيدة المتمثلة في الشراكة والتتبع والتقييم، تشكل هذه المبادرة بحق ورشا متكاملا يهدف إلى تعزيز عمل الدولة والجماعات المحلية في ميدان التنمية البشرية المستدامة مع استهداف الشرائح الاجتماعية المعوزة. كما تقوم على مقاربة تعاقدية مع النسيج الجمعوي والفاعلين في مجال التنمية المحلية تفعيلا لسياسة القرب.
فيما يخص تقييم هذه المبادرة، تجدر الإشارة إلى أنه باستثناء بعض البحوث الميدانية حول تصورات السكان، ومنها البحث الذي أنجزته المندوبية السامية للتخطيط بطلب من وزارة الداخلية، ليس هناك تقييم شامل ودقيق لهذه المبادرة في الوقت الراهن. وإجمالا يبين هذا البحث أن انعكاسات المبادرة الوطنية للتنمية البشرية كانت إيجابية على المعيش اليومي للساكنة من حيث ملائمة المشاريع المنجزة لحاجيات الساكنة المستهدفة ومن حيث تحسن مستوى معيشتها وكذا من حيث الرفع من وتيرة تقليص الفقر. وبالفعل، فقد تبين من البحث أن 54? من أرباب الأسر المستفيدة (52,7? بالأحياء الحضرية مقابل 56,2? بالجماعات القروية) تعتبر درجة ملائمة مشاريع البنية التحتية مع حاجياتها عالية، وبلغت هذه النسبة 54,7? بخصوص الخدمات السوسيو اقتصادية. كما يعتبر 46? من الأسر المستفيدة أن ظروف معيشتهم قد تحسنت منذ انطلاق المبادرة.
أما بخصوص تقليص الفقر، فقد كانت لهذه المبادرة قيمة مضافة ملموسة، حيث تبين، من خلال الدراسات التي قامت بها المندوبية، أن نسبة الفقر بالجماعات القروية المستهدفة تراجعت ب 15 نقطة مئوية خلال مرحلة 2004-2007، مقابل 5 نقط فقط في باقي الجماعات.
يبقى أن هناك مجموعة من الإجراءات الضرورية التي يتم القيام بها من أجل الرفع من نجاعة هذه المبادرة وتهم على الخصوص تأهيل العنصر البشري وتوطيد التنسيق بين جميع المتدخلين وكذا تكثيف الحملات التواصلية لفتح المجال لمشاركة واسعة وفعالة للساكنة في إعداد وإنجاز المشاريع المعتمدة وضمان استمراريتها دون إغفال ضرورة أخد الخصوصيات الجهوية بعين الاعتبار في مرحلة إعداد وتنفيذ المشاريع بالاعتماد على تشخيص دقيق لها.
{ ماذا عن تراجع المغرب في الترتيب الدولي للتنمية البشرية؟
> فيما يخص استعمال مؤشر التنمية البشرية في ترتيب الدول، تجدر الإشارة إلى أننا في المندوبية السامية للتخطيط لا ننتقد إحصائيات الأمم المتحدة بصفة عامة، بل نتحفظ، منذ أكثر من سنتين، على مقارنة مستويات تنمية يتم حسابها بواسطة معطيات غير دقيقة ومتعددة المصادر.
كما نتحفظ كذلك على وجاهة مكونات المؤشر لكونها غير ملائمة لقياس مستوى التنمية البشرية في البلدان وبالأحرى ترتيب هذه الأخيرة على أساسه. وفي هذا الصدد، نعبر عن ارتياحنا للتفهم والإرادة التي عبرت عنهما إدارة برنامج الأمم المتحدة للتنمية للعمل في اتجاه تحسين هذا المؤشر، من خلال العزم، في أفق 2010، على إعادة النظر في مكوناته بإدماج عناصر جديدة تؤشر بدقة أكبر على أداء البلدان في ميدان التنمية البشرية.
فيما يتعلق بترتيب الدول فهو غير ذي معنى ذلك أن فكرة تراجع المغرب مثلا ناتجة عن مقارنة متسرعة للترتيبين الصادرين في تقريري سنة 08/2007 و 2009، علما أن كل تقارير برنامج الأمم المتحدة حول التنمية البشرية تحذر من مثل هذه المقارنات لسبب بسيط يتمثل في ارتفاع عدد الدول المعنية بالترتيب من تقرير لآخر، وفي تحيين المعطيات أو تصحيحها من سنة لأخرى. فقد عرف تقرير سنة 2009 مثلا إدماج دول إضافية كليشينستان (Liechtenstein) وأندور (Andorre)، وهي دول صغيرة لا يتعدى عدد سكانها، على التوالي، 35 ألف و38 ألف نسمة، فيما تتوفر على ناتج داخلي إجمالي للفرد يقدر، على التوالي، ب 85382 دولار و 41235 دولار، وهو ما يجعل هذه الدول، التي تشكل جنات ضريبية (Paradis fiscaux)، تحتل مراتب متقدمة بالمقارنة مع المغرب. وكما أقر ذلك برنامج الأمم المتحدة للتنمية في الندوة الصحفية التي عقدها مؤخرا بالرباط، فإن أخد كل هذه التغييرات بعين الاعتبار يبين أن المغرب حافظ على نفس الترتيب خلال مرحلة 2007-2009.
وإذا اعتمدنا مثلا ترتيب الدول حسب معدل تطور مؤشر التنمية البشرية، الذي يرمز إلى الوتيرة التي يتم بها الحد من الخصاص في المعرفة والصحة ومستوى العيش، فسنجد أن تقرير التنمية البشرية لسنة 2009، يصنف المغرب في مرتبة جد متقدمة (الصف الحادي عشر) من حيث تدارك الخصاص في التنمية البشرية.
{ أنجزتم تقريرا عن الفئات الوسطى ماهي أهم خلاصاته؟
> أريد في البداية أن أذكر أن هذه الدراسة قد تم إنجازها عقب الخطاب الملكي الذي ألقاه صاحب الجلالة يوم 30 يوليوز 2008 بمناسبة عيد العرش، والذي أعطى من خلاله تعليماته للحكومة من أجل الحرص على »ضرورة أن الهدف الاستراتيجي لكافة السياسات العمومية هو توسيع الطبقة الوسطى، لتشكل القاعدة العريضة وعماد الاستقرار والقوة المحركة للإنتاج والإبداع«.
إن مفهوم الطبقات الوسطى قد عرف تطورات كثيرة في سياق تعاقب وتناقح التيارات الفكرية والأيديولوجية. فمنذ القرن التاسع عشر، ولمدة طويلة، سيطر المفهوم الماركسي للطبقات الاجتماعية على مقاربة البنيات الاجتماعية، حيث يتم تحديدها حسب موقعها في التشكيلة الاجتماعية من حيث دورها في نظام الإنتاج ومدى تجانس ثقافتها وقوة وعيها بمصالحها. وتخضع في هذا الإطار دراسة الطبقات الاجتماعية في المجتمع الرأسمالي إلى تصنيف ثنائي القطبية تتعارض بمقتضاه بورجوازية تسيطر على وسائل الإنتاج وتستحوذ على جزء كبير من فائض القيمة، وطبقة عاملة تشكل المنتج الرئيسي لهذا الفائض مقابل أجور يوفر مستواها إعادة إنتاج قوة العمل الضرورية لاستمرارية النظام الرأسمالي.
وعلى نقيض التصور الماركسي، جاءت أعمال عالم الاجتماع ماكس ويبر بمعايير أخرى لتعريف الفئات الاجتماعية، تتحدد التراتبية الاجتماعية فيها على أساس معايير أسلوب الحياة ونمط الاستهلاك والحظوة أو »الشرف الاجتماعي«.
واعتبارا لما يستخلص من كل ذلك يجب التأكيد على بديهية أساسية هي أن تحديد الطبقات الوسطى كما هو الشأن بالنسبة للطبقات الاجتماعية الأخرى لا يتم، بشكل مسبق، على أساس نموذج للدخل أو مستوى المعيشة بمعزل عن المستوى الحقيقي للثروة وتوزيعها الاجتماعي داخل مجموعة وطنية معينة. ولذا، فإن تحديد طبقة معينة على أساس اعتماد نموذج مرجعي أجنبي أو نموذج مثالي لا يمكن أن يؤدي لنتائج ملائمة للواقع.
وعلى ضوء هذه التطورات أصبح مفهوم الطبقات الوسطى اليوم يرجح زاوية الفوارق الاجتماعية وتحليلها على أساس مقاربة اقتصادية تعتمد مقاييس توزيع الدخل ومستوى المعيشة.
وفي تحديد الطبقة الوسطى ببلادنا، تم الاعتماد على مقاربتين: مقاربة الانتماء عن طريق التقييم الذاتي للأسر من جهة، ومقاربة المعايير الموضوعية للدخل ومستوى المعيشة، من جهة أخرى.
تعكس المقاربة الأولى نظرة السكان أنفسهم لوضعهم الاجتماعي. وقد أسفرت على أن الطبقات الوسطى تمثل 56% من مجموع السكان (أنظر الإطار 1) ، ولكن لا يمكن اعتمادها في التصنيف الموضوعي للمجتمع برمته لأسباب متعددة نذكر منها أن السكان الذين يقطنون بمناطق تعرف فوارق اجتماعية كبيرة عادة ما يصنفون أنفسهم ضمن الطبقات الفقيرة ولو كانوا، من حيث مستوى الدخل، ينتمون إلى طبقات وسطى. وعلى العكس من ذلك، إذا كان مستوى هذه الفوارق منخفضا، نجد أن الطبقات المتواضعة تصنف نفسها ضمن الطبقات الوسطى.
أما المقاربة الثانية المعتمدة على التوزيع الإحصائي للثروة الوطنية بين مختلف الشرائح الاجتماعية، فتمد التحليل بأرضية موضوعية يمكن التوافق بشأنها حول مكانة الطبقات الوسطى في التوزيع الاجتماعي للدخل وتحديد تصنيفها وتحليل كل من خصائصها السوسيو اقتصادية وتطورها. كما تمكن، بفضل الارتباط الموجود بين مختلف عوامل هذا التطور، من توضيح الرؤية في أفق إعداد استراتيجية عملية من أجل توسيع الطبقات الوسطى وتقوية مكانتها الاقتصادية والاجتماعية وفق منظور حركية الارتقاء الاجتماعي.
وقد مكنت الدراسة التي قمنا بها إضافة إلى تعريف الطبقات الوسطى التي تضم 53% من مجموع السكان، من تحليل خصائصها الديمغرافية و الاقتصادية والاجتماعية (أنظر الإطار 2) وطبيعة وعوامل تطورها. وتجدر الإشارة إلى أن هذه الدراسة يمكن الاطلاع على مضامينها بالموقع الإليكتروني بالمندوبية www.hcp.ma.
{ أين تتمركز الفئات الأكثر هشاشة اقتصاديا بالمغرب؟
> تهم الهشاشة الاقتصادية السكان غير الفقراء، المهددين بانزلاق مستوى معيشتهم تحت عتبة الفقر. ويقاس مؤشر الهشاشة بنسبة أشخاص الذين تتراوح نفقاتهم ما بين عتبة الفقر و 1,5 مضاعف هذه العتبة. موازاة مع الانخفاض المهم الذي عرفه الفقر بالمغرب، عرفت الهشاشة الاقتصادية للسكان تراجعا مميزا بين 1985 و2007، حيث انتقلت نسبتها من 24,10% سنة 1985 إلى 17,5 %سنة 2007.
وبالرغم من هذا الانخفاض، فإن نسبة الهشاشة تضل مرتفعة بالوسط القروي، حيث تصل إلى 23,6% سنة 2007. في حين لا تتعدى هذه النسبة 12,7% بالوسط الحضري.
كما تظل هذه النسبة مرتفعة في مجموعة من الجهات كالغرب الشراردة بني حسن، ومكناس تافيلالت، وفاس بولمان، وسوس ماسة درعة، ومراكش تانسيفت الحوز حيث تصل نسبة الهشاشة فيها في المعدل إلى حوالي 20?. فيما لا تتعدى هذه النسبة 8% بجهة الدار البيضاء الكبرى.
{ مدى تجاوب قانون المالية لسنة 2010مع اقتراحات المندوبية؟
> لقد قامت المندوبية السامية للتخطيط، كما هو معتاد قبيل انطلاق أشغال إعداد القانون المالي، بإصدار الميزانية الاقتصادية الاستشرافية لسنة 2010، التي تقدم تقديرات نمو الاقتصاد الوطني للسنة الجارية وتوقعاتنا بخصوص السنة المقبلة. وقد ارتكزت هذه التوقعات الاستشرافية على تطور الظرفية الاقتصادية الوطنية والدولية، بالإضافة إلى اعتماد فرضية نهج نفس السياسة المالية العمومية لسنة 2009، خاصة المتعلقة بنفقات الاستثمار والأجور ودعم الأسعار.
وقد أوضحت هذه الوثيقة بعض التباطؤ في النمو الاقتصادي الوطني المرتقب سنة 2010 مصحوبا بتفاقم عجز الحساب الجاري لميزان الأداءات.
وسنقوم بإصدار توقعاتنا المحينة لسنة 2010 خلال متم شهر يناير المقبل في إطار الميزانية الاقتصادية التوقعية بعد المصادقة على قانون المالية من طرف البرلمان واطلاعنا على مقتضياته، خاصة ما يتعلق منها بالسياسة الجبائية والتشغيل والاستثمار.
إطار 2: عدم تجانس الطبقة الوسطى
تتميز الطبقة الوسطى بعدم تجانسها:
- من حيث متوسط الدخل الشهري لكل أسرة:
> 28% من الطبقة الوسطى تشكل الفئة العليا، يفوق دخلها المتوسط الوطني (5308 درهم) ؛
> 42% تشكل الفئة المتوسطة، يتراوح دخلها بين الوسيط الحسابي والمتوسط المسجلين على المستوى الوطني.
> 30% تشكل الفئة الدنيا، يقل دخلها عن الوسيط الحسابي الوطني (3500 درهم).
- من حيث البنية السوسيومهنية تتشكل الطبقة الوسطى من :
> %29،4 من المستخدمين ومسيري التجهيزات والحرفيين والعمال المؤهلين في المهن الحرفية، منهم %42 في الفئة المتوسطة و%28 في الفئة العليا؛
> %26 من أصحاب الريع والمتقاعدين وغير النشيطين، منهم %27 في الفئة الدنيا و%32 في الفئة العليا؛
> %16,2 من المستغلين الفلاحيين، من بينهم %35 في الفئة الدنيا و%21 في الفئة العليا؛
> % 16,1 من العمال، منهم %38 في الفئة الدنيا و%18 في الفئة العليا؛
> 11,5% من الأطر المتوسطة والتجار والوسطاء الماليين، منهم %23 في الفئة الدنيا والباقي موزع بالتساوي بين الفئتين الأخريين؛
> %0,8 من الأطر العليا وأعضاء المهن الحرة، منهم ثلاثة أرباع في للفئة العليا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.