ترأس محمد عامر الوزير المنتدب المكلف بالجالية المغربية المقيمة بالخارج، يوم الجمعة بمقر سفارة المملكة بروما، جلسة عمل تمت خلالها بلورة خريطة طريق للنهوض بأفراد الجالية المقيمة بإيطاليا، طبقا للتوجيهات الملكية السامية بهذا الخصوص. وشدد عامر خلال هذه الجلسة التي حضرها سفير المغرب بروما، محمد نبيل بنعبد الله والقناصلة العامون للمملكة بإيطاليا على أن تدبير ملف الجالية المغربية المقيمة بالخارج بصدد تدشين عهد جديد بفضل التوجيهات التي ما فتئ جلالة الملك محمد السادس يصدرها منذ اعتلائه العرش، بالإضافة إلى الإرادة والوعي المتناميين لدى المسؤولين. وعبر عن ارتياحه لكون تصور الوزارة بخصوص الجالية المقيمة بإيطاليا، يتطابق في مجمله مع مخطط العمل المشترك الذي أعدته السفارة والقنصليات العامة بهذا البلد. وأوضح أن التصور الأولي للوزارة، والذي يهم جميع بلدان المهجر، يقوم على خمسة ركائز تتمثل أولاها في المسألة الثقافية التي تعد رهانا استراتيجيا خاصة بالنسبة للأجيال الجديدة من أبناء الجالية التي أصبحت تطرح أسئلة ملحة حول جذورها وهويتها الوطنية، رافضة اختزال القضية في بعدها الديني فقط. وشدد على أن حضور المملكة على المستوى الثقافي بكل مكوناته في إيطاليا لا يرقى إلى مستوى المغرب كأمة ذات تنوع وغنى ثقافي كبير، معتبرا أن هذا الحضور أصبح يشكل مسألة حيوية. وتتضمن خارطة الطريق المعدة، إنشاء مركز ثقافي يشكل فضاء لإشعاع الثقافة المغربية بإحدى المدن الإيطالية الكبرى، وذلك ضمن برنامج لفتح عشرة مراكز ثقافية مغربية بالخارج في أفق الثلاث سنوات المقبلة. كما تتضمن الخارطة تنظيم أسابيع ثقافية مغربية بشكل متواصل، وتدعيم جميع المبادرات التي تقوم بها جمعيات المغاربة بإيطاليا. ومن بين المحاور التي تقوم عليها خارطة الطريق، النهوض بأوضاع الفئات في وضعية اجتماعية هشة من المهاجرين كنزلاء المؤسسات السجنية والنساء والمتقاعدين والأطفال غير المرفوقين، مما يتطلب دعم المصالح الاجتماعية بالقنصليات بموارد بشرية ومادية إضافية للقيام بدورها على أكمل وجه، معلنا بهذا الخصوص عن قرب إحداث «صندوق التضامن». ومن بين الإجراءات التي تم إعدادها لبلوغ هذه الأهداف، تعميم الاستشارة القانونية على القنصليات واعتماد محامين لديها لحل جميع المشاكل التي تواجه أفراد الجالية. ومن بين الركائز الأساسية لهذه الخطة دعم ومواكبة العمل الجمعوي لمغاربة إيطاليا، وخصوصا تنفيذ برنامج تكوين لهم لتحسين معارفهم في هذا المضمار، وفتح دورات تكوينية لفائدة الشباب في وضعية صعبة في مجال الحرف التقليدية، وذلك بشراكة مع كتابة الدولة المكلفة بالصناعة التقليدية. وبخصوص إقامة المغاربة ببلدهم خلال العطلة الصيفية، تم اتخاذ العديد من التدابير مثل اعتماد نظام المداومة لتسهيل المصادقة على الوثائق الإدارية، وفتح أكشاك لهذا الغرض ببعضالمراكز التجارية، بالإضافة إلى إحداث آلية مع الجهات المعنية لتلقي شكايات وتظلمات المهاجرين، والقيام بجرد هذه الملفات وتقديم الأجوبة النهائية حولها. كما تتضمن هذه التدابير في مجال التعليم والثقافة والترفيه، تنظيم قافلة مغاربة العالم تجوب العديد من جهات المملكة من17 يوليوز إلى15 غشت المقبلين وفتح جامعة صيفية. وفي ما يتعلق بالجانب الاقتصادي، تعتزم الوزارة تنظيم منتدى حول التنمية المشتركة وأيام مفتوحة لبحث الإمكانيات في مجال الاستثمار بالمغرب، ومساعدة المهاجرين على استثمار مدخراتهم. وتشدد خارطة الطريق على تغيير التعاطي مع قضايا الهجرة والمهاجرين من طرف وسائل الإعلام الوطنية، وعلى ضرورة إسماع صوت هذه الجالية من خلال برامج حوارية وتنظيم لقاءات تواصلية خلال العطلة. ولمعرفة الانتظارات الحقيقية لمغاربة الخارج، وخصوصا الأجيال الجديدة، تنص الخطة على القيام بتحقيقات واستطلاعات للرأي، بالإضافة إلى تعبئة الكفاءات الهائلة التي تزخر بها الجالية، وإنجاز دراسة لتحديد العرض والطلب في جميع المجالات. وتجدر الإشارة إلى أن مخطط العمل الذي أعدته سفارة المملكة بروما يرمي إلى تدعيم وتوطيد العلاقات مع إيطاليا على جميع الأصعدة والمستويات، والنهوض بالعلاقات الثقافية والاجتماعية والسياحية بين الجانبين إلى مستوى أرقى، يسهم في تحسين المعرفة المتبادلة والتعريف بالبعد الإصلاحي والتحديثي القوي الذي يعرفه المغرب. كما يتوخى المخطط العمل على اندماج الجالية المغربية بالمجتمع الإيطالي، وفي تحسين توطيد علاقاتها مع بلدها الأصلي. وأكد محمد نبيل بنعبد الله أن السفارة ستسعى لتنفيذ هذه المرامي على هدي الاستراتيجية التي أعدتها الوزارة، والتي تعتبر مقاربة شمولية لقضايا مغاربة المهجر. وأعرب بنعبد الله عن الإرادة التي تحدو السفارة والمراكز القنصلية للتعاون مع الوزارة على تحقيق الأهداف التي رسمتها الحكومة.