مطار الحسيمة يسجل رقم قياسي في عدد المسافرين سنة 2024    طقس السبت.. انخفاض في درجة الحرارة وامطار على الشمال الغربي    إعلان الرباط.. رؤساء برلمانات بلدان إفريقية يثمنون المبادرة الأطلسية للملك محمد السادس    موريتانيا تمنح السائقين المغاربة تأشيرة دخول متعدد لثلاثة أشهر    طفلة طنجاوية تفوز بجائزة أفضل طفلة مسالمة ومتسامحة في إسبانيا    "فيفا" يجمّد عضوية اتحاد الكونغو.. هل من تأثير على مجموعة المغرب في تصفيات المونديال؟    إعادة انتخاب المغرب في اللجنة التنفيذية للجمعية الدولية لهيئات مكافحة الفساد    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع التوازن    شرطة العرائش توقف رجلًا وامرأة متلبسين بترويج المخدرات    برلمانيو شفشاون: طيور الببغاء جزء من المشهد السياحي للمدينة وقرار الحجز عليها فيه حيف وظلم    أسعار المواد الغذائية تراجعت بنسبة 1,6 بالمائة في يناير    موريتانيا تتيح للسائقين المهنيين المغاربة الحصول على تأشيرة دخول متعدد صالحة لثلاثة أشهر    المستشفى المتنقل يحط رحاله بجماعة إملشيل في نسخته الثالثة (صور)    تفاصيل اختطاف سيدة بسيدي بنور.. محاولة فاشلة لسرقة 20 مليون سنتيم    متى يُسْقِطُ الإطار المسْمار !    «بيرسا كوموتسي» تترجم أعمالا فلسطينية إلى اليونانية    والأرض صليب الفلسطيني وهو مسيحها..    مشروع قانون يؤطر "التروتينيت" في المغرب ويلزم مستعمليها بالخوذة واحترام إشارات المرور    مقتل شخص في حادث إطلاق نار جديد ببروكسيل    كتابة الدولة المكلفة بالصناعة التقليدية تستهدف تكوين 30 ألف متدرج في مجال الصناعة التقليدية (لحسن السعدي)    المغرب يشارك بفريق قاري في عدد من السباقات الدولية بتركيا    إيمان غانمي ل "رسالة 24" : تمرير قانون الإضراب يعكس توجها استبداديا    طنجة تحتضن ندوة علمية حول مشروع قانون المسطرة المدنية: دعوات لتعزيز فعالية العدالة واستقلالية المهن القضائية    لسعد جردة: لم أكن أتوقع العودة بهذه السرعة لتدريب الرجاء البيضاوي    كاني ويست يعلن إصابته بمرض التوحد    الدوزي يشوق جمهوره لجديده الفني "آش هذا"    مجلس النواب يعقد جلسة عمومية تخصص لاختتام الدورة الأولى من السنة التشريعية 2024-2025    رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي يحذر من أن العقوبات الأميركية تهدد استقلالية المحكمة الجنائية الدولية    وزارة الصحة تؤكد تعليق العمل بإلزامية لقاح الحمى الشوكية بالنسبة للمعتمرين    إطلاق حملة تلقيح ضد الحصبة بالمدارس وتوزيع استمارة الموافقة على آباء التلاميذ    كأس العالم 2030.. فرصة مهمة للشباب المغربي (لقاء)    بنك المغرب: 78 في المائة من المقاولات تعتبر مناخ الأعمال "عاديا"    عقوبات أمريكية ضد المحكمة الجنائية    المغرب يوصي المعتمرين بأخذ اللقاح    طنجة.. اختتام منتدى "النكسوس" بالدعوة إلى تدبير مستدام للموارد    مجسّد شخصية زاكربرغ: رئيس "ميتا" تحول إلى "مهووس بالسلطة"    قرار جديد من السعودية يسهل أداء مناسك العمرة    تعليق العمل بإلزامية لقاح الحمى الشوكية بالنسبة للمعتمرين (وزارة)    رغم التوتر.. كندا تبدي استعدادها للانضمام إلى مشروع ترامب    فيدرالية اليسار بأزيلال ترفع شكاية بشأن خروقات في تدبير الجماعة    عمدة ميونخ يرفض استضافة دوري الأمم الأوروبية    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    تهجير الفلسطينيين: حملة تضليل مكشوفة.. كيف تُصنع الإشاعات لاستهداف المغرب؟    الولايات المتحدة تأمر بوقف عشرات المنح المقدمة لبرنامج الأغذية العالمي    كأس انجلترا: ليفربول يتأهل للمباراة النهائية بفوز عريض على توتنهام (4-0)    ‪ إلغاء لقاح الحمى الشوكية للمعتمرين    إنتخاب المستشارة الاستقلالية مينة مشبال نائبة سابعة لرئيس جماعة الجديدة    الزهراوي: خبر إمكانية استقبال المغرب للفلسطينيين المهجرين "شائعات مضللة"    لقجع: افتتاح مركب محمد الخامس بالدار البيضاء نهاية شهر مارس المقبل    غوغل تطور تقنيات ذكاء اصطناعي مبتكرة لتحدي "DeepSeek"    مسيرة عظيمة.. رونالدو يودّع مارسيلو برسالة مليئة بالمشاعر    "جامعيو الأحرار" يناقشون فرص وإكراهات جلب الاستثمارات إلى جهة الشرق    الشاب خالد، نجم الراي العالمي، يختار الاستقرار الدائم مع أسرته في طنجة    إنتاجات جديدة تهتم بالموروث الثقافي المغربي.. القناة الأولى تقدم برمجة استثنائية في رمضان (صور)    جامعة شيكاغو تحتضن شيخ الزاوية الكركرية    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قمة مجموعة العشرين : أية استراتيجية ؟

تنعقد قمة مجموعة العشرين في 2 أبريل في لندن لدراسة سبل مواجهة الأزمة العالمية التي ما فتئت تستفحل رغم الإجراءات التي اتخذتها مجموعة من الدول . فالسنة الحالية تعتبر سنة سوداء حيث إن الاقتصاد العالمي سيعرف انحسارا واضحا في وتيرة نموه لم يشهد مثيلا له منذ نهاية لحرب العالمية الثانية . مما سيزيد من ا لانعكاسات السلبية على المعاملات التجارية و على نسبة البطالة حيث من المنتظر أن يخسر ملايين الأشخاص مناصب شغلهم . و تتباين تحليلات المتخصصين حول مآلية الأزمة ومداها والنجاعة الفعلية للإجراءات المتخذة لعودة الانتعاش إلى الأسواق العالمية .
في أفق هذا اللقاء ، تتوالى الاتصالات و التحركات عبر العالم للخروج بإجراءات في مستوى هذه الأزمة . في الرسالة التي نشرها في مجموعة من الصحف العالمية أكد الرئيس الأمريكي على مسؤولية الولايات المتحدة عن هذه الأزمة ، لكنه أصر في نفس الوقت على قيادتها لمسلسل البحث عن حلول لها. وقد حدد مجموعة من الأولويات وهي أولا : مواصلة الإجراءات الهادفة إلى تنشيط النمو ، و هي المتمثلة في البرامج التدخلية للسلطات العمومية من أجل منع إفلاس بعض المؤسسات المالية و الصناعية وإعادة الاستثمار وذلك لإعادة تنشيط الطلب . أما الأولوية الثانية فتتمثل في استعادة الائتمان الذي تعتمد عليه الشركات و يعتمد عليه المستهلكون . ويتطلب ذلك التقييم الصارم لميزانيات البنوك الكبرى . وكذلك أعادة تنشيط الإقراض الذي يسمح للمواطنين بالاستهلاك من جديد . وأما الأولوية الثالثة فتكمن في مساعدة الدول الضعيفة الأكثر معاناة مع انعكاسات هذه الأزمة ، وتعبئة الموارد من أجل تحقيق الاستقرار في الأسواق الصاعدة . و أخيرا أقر الرئيس الأمريكي بضرورة إعادة النظر في آليات الضبط الدولي وذلك من خلال إقرار قواعد للشفافية تمكن من محاربة تبييض الأموال و ما يسمى بالملاذات الضربيية أو الجنات الضريبية . وهي المجالات التي تنامت على هامش النظام المالي ، و التي لا يعرف رسميا لا انتشارها ولا الموارد المالية الكبرى التي تجلبها و و التي قدرها البعض في سنة 2005 بأكثر من 11500 مليار دولار < انظر الملف الذي خصصته جريدة لومند الفرنسية للموضوع بتاريخ 25 مارس 2009.
إذا كان هناك اتفاق عام على عمق الأزمة ، فيبدو واضحا الاختلاف حول أولويات مواجهتها . و يمكن أن نفرز على الأقل ثلاث توجهات أساسية : التوجه الأول هو الذي تقوده الولايات المتحدة و الذي يستمر في الاعتقاد أن مواجهة الأزمة الحالية يتطلب بالدرجة الأولى كما لاحظنا من خلال رسالة اوباما اتخاذ إجراءات مشتركة لإرجاع الثقة الى المستهلك و إعادة إنعاش الطلب . ويبدو لحد لساعة أن البرامج المختلفة التي تبنتها سواء الولايات المتحدة أو الدول الأخرى مازالت غير كافية لإعادة انعاش الاقتصاد و استرجاع الثقة المفقودة ومن ثم لا مناص من الاستمرار في ضخ الاقتصاد بجرعات يطرح السؤال حول تداعياتها المستقبلية . أما التوجه الثاني ، فهو الذي يعتبر أن الأزمة في شموليتها تتطلب علاوة على ما سبق إعادة النظر في آليات الضبط الدولي و ذلك لمواجهة الإختلالات التي برزت على عدة مستويات منها المستوى الاخلاقي Ethique و هو يضع موضع سؤال في نفس الوقت سلوك السلطات العمومية و كذلك بعض مسيري المؤسسات الكبرى . فمن جهة في الوقت الذي تخصص فيه السلطات العمومية ملايير الدولارات لإنقاذ مؤسسات من الإفلاس كما هو الأمر في القطاعين البنكي و المالي ، فإنها لا تقوم بنفس الالتزام فيم يتعلق بحماية القدرة الشرائية للمستهلك ، بل أكثر من ذلك من منع الخطط الرامية الى طرد الآلاف من العمال . لكن أكثر من ذلك في الوقت الذي سجلت فيه بعض المؤسسات المالية و الصناعية صعوبات فرضت على الدولة التدخل لمساعدتها ، فإن مسؤوليها لم يترددوا في منح المساهمين و المدبرين تعويضات هائلة . و هو الأمر الذي أثار استنكار و سخط الكثيرين الذين لا يمكن أن يستوعبوا جشع هؤلاء المسيرين الذين يعطون الانطباع أنهم غير عابئين بمعاناة الآلاف من العمال و لا بتضحياتهم من أجل انقاد النظام الرأسمالي . في مواجهة هذه الممارسات اللاأخلاقية يتحول الأمر إلى نقاش سياسي للوجه الحقيقي للرأسمالية . وتنتصب ضرورة اتخاذ إجراءات تشريعية لردع مثل هذه الممارسات . لكن الليبراليين مازالوا مترددين في دفع الدولة نحو هذا الاتجاه لأن ذلك يعني إقرارا بفشل الاختيارات الليبرالية . وبالتالي لا مندوحة من المحافظة على انفتاح الأسواق ، مما يعني استمرار السوق في ممارسة جزء مهم من الضبط . بفعل التشابك الاقتصادي العالمي ، فإنه من الضروري تكريس الضبط على المستوى الكوني . وهو ما يتطلب وضع قواعد كونية لتأطير مجموعة من الممارسات تتعلق بوكالات التنقيط و التقويم التي تتحكم في المعلومات الاقتصادية و الصناديق المتخصصة في المضاربات ، علاوة على النظام البنكي الذي بات محتاجا إلى عملية تنظيف لتخليصه من الشوائب والأصول الفاسدة وتحويله الى مؤسسات مواطنة أكثر مراعاة لحاجيات و انشغالات المواطن الذي هو مبتغى كل عملية تنموية .
تتجه الأطروحة الثالثة منحى أكثر راديكالية عندما تعتبر أن الأزمة الحالية هي أزمة بنيوية و أن كل حلول ينبغي أن تكون شمولية و بنفس الدرجة من الصرامة . لكن القول ببنيوية الأزمة لا يعني مقاربة وحيدة . فنحن هنا أمام عدة مقاربات لهذه البنيوية . فهناك من يعتبر أن الوضعية الحالية هي راجعة الى الانحرافات التي أصابت الرأسمالية بفعل المغالاة في حب المال و الربح مما أدى الى ممارسات غير معقولة من قبل الأرباح الخيالية للبعض و تعمق اللامساواة سواء داخل نفس المجتمع أو بين المجتمعات المختلفة ، فضلا عن تنامي المخاطر البيئية التي تهدد مستقبل الكون برمته . في هذا السياق لا مخرج للإنسانية الا بالرجوع إلى نظام يعطي مكانة أكبر للإرادة السياسية و يسمح بضبط أكبر للأسواق لمحاربة التفاوتات و مظاهر الهشاشة و الإقصاء . وهناك من يعتبر أن هذه الأزمة ينبغي أن تشكل مرحلة انتقالية نحو نظام اقتصادي و اجتماعي أكثر أخذا بعين الاعتبار لحاجيات المواطن وذلك بالانخراط في مجتمع مستدام . و لن يتم ذلك من دون خلق نظام جديد تتداخل فيه أنظمة مالية و طاقية و إنتاجية خاضعة لحكامة أكثر شفافية و عدالة . قد يتطلب الأمر وقتا طويلا ، و لكن ذلك يبقى ضروريا لانقاد النظام العالمي من الانهيار الشامل. فالأمر يتعلق بهندسة جديدة للحكامة الدولية تعطي لكافة الدول و الشعوب إمكانيات أوسع للمساهمة في صنع القرار . و في هذا الإطار تنتصب ضرورة إصلاح المؤسسات المالية العالمية و في مقدمتها صندوق النقد الدولي الذي مازال خاضعا في تدبيره لبنية اوليغارشية . نفس الأمر ينطبق على البنك العالمي و المنظمة العالمية للتجارة ... علاوة على ذلك ، فإن هذه الأزمة ينبغي أن تشكل بالأساس فرصة للعمل الجدي من أجل التخفيف من حدة الفوارق على كافة المستويات . فلا تنمية مستدامة بدون عدالة إجتماعية .
من الواضح أن هذه القمة التي تجمع الدول الأكثر احتكارا للثروات العالمية لن تتمكن من إقرار حلول راديكالية . لكن قد تفلح في تحقيق بعض من أهدافها إذا تمكنت من الاتفاق حول إجراءات تمكن من وقف نزيف الكساد وإرجاع الثقة الى الفاعلين الاقتصاديين كذلك وضع إجراءات مناسبة لإصلاح الآثار الفاسدة للنظام الاقتصادي العالمي في انتظار الدخول في إصلاحات أكثر عمقا وأكثر جرأة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.