الانفلات والانعتاق من قبضة «مارشي السلك» بالمعاريف، هرباً من الضوضاء والضجيج ومن الأزبال والنفايات، حتَّم إخراج «سوق المركب»، وهو سوق تحت أرضي بمدخلين أحدهما يطل على المركب الرياضي محمد الخامس والآخر على امتداد زنقة نورماندي، تم إحداثه سنة 2003 في مطلع الولاية الجماعية الحالية التي تشرف على نهايتها، وهو عبارة عن مربعات منح حق استغلال كل مربع لكل مستفيد من أجل عرض بضائعه وسلعه بشكل منظم، إلا أن العكس هو الذي سيسود وسيغرق السوق في جو من الفوضى والتسيب! التصور الذي وفقه تم تصميم السوق وتم إخراجه إلى حيز الوجود لم يحترم مع مرور الأيام، إذ عوض أن يبقى السوق فضاء مفتوحاً وتبقى المربعات/ الدكاكين المستغلة مرئية ، سيعمل بعض المستغلين/ الباعة على وضع حد لمرمى البصر من خلال تعلية ركني مربعاتهم بالسلع المتنوعة التي لم تعد تقتصر على الخضراوات والفواكه، بل أصبحت تروج بالسوق كل المنتوجات الغذائية وغير الغذائية، ولم تحترم الأروقة مسألة الرؤية، باستثناء رواق الأسماك، الذي ، وبكل أسف، تجاوره مربعات حبلى بالصناديق التي تحتضن بداخلها الديكة والدجاج المختلف، ليتعايش الجميع رغم عدم التجانس، وإن استهدفت في ذلك صحة وسلامة المستهلكين والمتبضعين من زبناء السوق! مشاكل السوق لم تقف عند هذا الحد، بل قام بعض المستفيدين «بالاستيلاء» على مربعات فارغة مجاورة لعرض سلع أخرى من مواد التنظيف وغيرها، بل إن منهم من حول الفضاء إلى مطاعم شعبية لإعداد «الطواجين» وقلي الأسماك ، وحتى صنع ورقة البسطيلة وغيرها من الأنشطة غير المرخص بها المفتوحة على العموم، إذ لم يقتصر المستفيدون منها على تجار السوق، وإنما أصبحت تستقطب زبائن من خارجه من شبان يمتهنون مختلف المهن خارج أسوار «المارشي»، منهم من يتحرش ويضايق الزبونات ومرتادات السوق دون أدنى حرج، وهو ما استنكره عدد من الزبناء ومن التجار أنفسهم الذين عبر عدد منهم عن تخوفهم من تواجد قنينات غاز البوطان بشكل كبير والنتائج التي من الممكن أن تترتب عن وقوع حوادث لا قدَّر الله! تواجد عدد من المستفيدين/ التجار يعتبر نشازاً لعدم تأديتهم للمستحقات المفروضة عليهم نظير استغلال المربعات/ المحلات، وهو ما دفع مجلس مقاطعة المعاريف إلى تشكيل لجنة يتكون أعضاؤها من مستشارين من المجلس والمكتب وترأسها عضو بالمكتب المسير، وذلك بهدف النظر في مسألة التجاوزات وأداء الأكرية، وحتى يتسنى تنظيم السوق والوقوف على كل الاختلالات والتجاوزات التي يعرفها، إلا أن المثير أن اللجنة لم تُفعّل ولم تشتغل إلا مرة واحدة في خرجة يتيمة خلال سنة 2004، وعند تغيير رئيس الدائرة تم تقديم وعود حول إعادة تصميم المربعات، مع ضمان احترام كل مستغل للمساحة المحددة له، والقيام بجرد للمربعات الفارغة بهدف منح أصحابها آجالا لإعادة استغلالها أو سحب هذا الحق منهم ومنحه لغيرهم، إلا أن ذلك كله ، وفقا لشهادات عدد من المعنيين، لم يكن سوى «جعجعة»، بدون غاية، إذ استغرب واستنكر عدد من التجار الرافضين لهذه الوضعية استمرار تغاضي الجهات المعنية عما يقع أسفل سوق المركب ورفض رئاسة المقاطعة الجلوس والحوار معهم ، حتى يتسنى التوصل إلى اتفاق يمنح للسوق قيمته المضافة التي لأجلها تم إحداثه!