تباينت تقديرات المحللين الفلسطينيين حول طبيعة تعامل الحكومة الإسرائيلية المقبلة مع عدد من الملفات خاصة الملفين الفلسطيني والإيراني، لكنهم اعتبروا نتيجة الإنتخابات الإسرائيلية مؤشرا قويا على حكومة أكثر عدوانية وتطرفا في تعاملها مع هذه الملفات. ففي حين يرى البعض إمكانية لتمسك الجانب الفلسطيني بالمفاوضات وإن كانت غير مجدية ، استبعد آخرون ذلك وتحدثوا عن مواجهة أميركية إسرائيلية محتملة إذا حاولت الإدارة الأميركية وقف الاستيطان وفرض التهدئة. ولم يستبعد بعض المحللين شن عدوان جديد على قطاع غزة لإسقاط حركة حماس ، كما لم يستبعدوا استمرار الضغط العربي بشكل أو بآخر على قطاع غزة للهدف نفسه. رئيس الأكاديمية الفلسطينية للشؤون الدولية مهدي عبد الهادي توقع تصاعد الأزمة السياسية في إسرائيل، ليس فقط بين الأحزاب الرئيسة الأربعة الآن، وإنما بين العسكر والنخب السياسية وأيضا أصحاب المصالح في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية. وأوضح أن هذه الأزمة تعني مخاضا سياسيا عسيرا لتشكيل حكومة جديدة ستكون - مهما تعددت الاجتهادات حول تركيبتها- يمينية من الدرجة الأولى «مما يعني أن المفاوضات لن تكون مع الجانب الفلسطيني، وإنما مفاوضات إسرائيلية-إسرائيلية حول القدس والاستيطان، وأيضا التعامل مع الفلسطينيين كخطر إستراتيجي ضد يهودية الدولة». إضافة لما سبق، توقع عبد الهادي «رياح تغيير» أميركية من أولياتها وقف الاستيطان ووقف الاعتداءات (برنامج التهدئة والهدنة) وأيضا حقوق الإنسان وقضايا جرائم الحرب «مما يعني أن المجابهة القادمة ستكون بين واشنطن وتل أبيب». وعن الطرف الفلسطيني قال إن أمامه ستة ملفات، ثلاثة تتعلق بالجانب الإسرائيلي والأخرى فلسطينية، وجميعها يتم التعامل معها كصفقة متكاملة وتقدّم أحدها شرط لتقدم الآخر، وهي «التهدئة وفتح المعابر وتبادل الأسرى، وفي المقابل تشكيل حكومة وحدة وطنية وإعادة صياغة منظمة التحرير وبرنامج وطني وقومي ودولي لإعمار غزة». من جهته توقع المحلل السياسي هاني المصري «حكومة أكثر عدوانية وتطرفا ضد الفلسطينيين والعرب وإيران»، رغم اعتقاده بأن الوضع في الداخل الإسرائيلي لا زال غير مستقر. وأضاف أن الفلسطينيين سيواجهون صعوبة في التفاوض مع إسرائيل في ظل حكومة لا تؤمن بعملية السلام ولا بالدولة الفلسطينية ولا حتى بخريطة الطريق. لكنه مع ذلك قال «لا مستحيل لدى القيادة الفلسطينية». وشدد على أن تشكيل زعيمة حزب كاديما تسيبي ليفني للحكومة يحتاج إلى حزب يميني يفرض شروطه، ومن هنا توقع أن تكون القوى اليمينية «أشد تطرفا في ذهابها للحرب ضد غزة، لأن خسائر الحرب الأخيرة ليست كبيرة ما يفتح شهيتهم للحروب». إلى ذلك لم يستبعد المحلل السياسي عادل سمارة استمرار الفلسطينيين في المفاوضات مع إسرائيل «إلى أن يتجرأ أحد الفلسطينيين على تسليم كل شيء والقبول بإقامة دولة ولو في أريحا أو رام الله». أما على مستوى تعامل الحكومة المقبلة مع المحيط العربي، فتوقع «اصطفافا عربيا أكثر إلى جانب إسرائيل» وأن يخوض العرب المعركة ضد الوضع الفلسطيني وحماس وغزة «نيابة عن إسرائيل». وذهب إلى أبعد من ذلك، بقوله إن إسرائيل ستدفع إلى هجوم عربي على إيران، ولو بشكل غير مباشر من خلال «حشد الأنظمة العربية بشكل أكبر ضد إيران لتكون حربا طائفية إن لم تكن مباشرة». وفيما إذا كانت نتيجة الانتخابات الإسرائيلية كافية لإقناع الفلسطينيين باستئناف الحوار الوطني قال سمارة إن«الوحدة إن حصلت ستكون لطرف على حساب الآخر، فإما تجويع في غزة والضغط على حماس لإسقاطها وتذويب وضعها، وإما الإعلان بشكل أخلاقي أن السلطة هي سلطة مقاومة، لكن الأخيرة تعلن صراحة أنها ليست سلطة مقاومة».