أولمبيك أسفي يوجه شكاية لمديرية التحكيم ضد كربوبي ويطالب بعدم تعيينها لمبارياته    تصعيد جديد في صفوف الأطباء الداخليين يشلّ قطاع الصحة    هلال: تقييم دور الأمم المتحدة في الصحراء المغربية اختصاص حصري للأمين العام ولمجلس الأمن    زملاء وأصدقاء المدني يحتفون به "أستاذا عضويا" و"فقيها دستوريا" و"قامة علمية كبيرة" (فيديو)    أداء إيجابي يستهل تداولات بورصة الدار البيضاء    رغم ‬الجهود ‬الكبيرة ‬والأوراش ‬المهمة.. ‬معدلات ‬البطالة ‬ترتفع ‬في ‬المغرب ‬    فارق ضئيل بين ترامب وهاريس.. أمريكا تختار رئيسها ال47    الانتخابات الأمريكية.. نحو 83 مليون شخص أدلوا بأصواتهم مبكرا    هاريس في آخر خطاب لها: "كل صوت مهم في الانتخابات"    صاعقة برق تقتل لاعبا وتصيب آخرين أثناء مباراة كرة قدم في البيرو    القضاء يرفض تعليق "اليانصيب الانتخابي" لإيلون ماسك    المغرب ‬يحقق ‬فائض ‬المكتسبات ‬بالديناميةالإيجابية ‬للدبلوماسية    دقيقة صمت خلال المباريات الأوروبية على ضحايا فيضانات فالنسيا        آس الإسبانية تثني على أداء الدولي المغربي آدم أزنو مع بايرن ميوني    إلياس بنصغير: قرار لعبي مع المغرب أثار الكثير من النقاش لكنني لست نادما عليه على الإطلاق    القفطان المغربي يتألق خلال فعاليات الأسبوع العربي الأول في اليونسكو    وزيرة التضامن الجديدة: برنامج عمل الوزارة لسنة 2025 يرتكز على تثمين المكتسبات وتسريع تنفيذ إجراءات البرنامج الحكومي    حملة لتحرير الملك العام من الاستغلال غير المرخص في أكادير    كيوسك الثلاثاء | المغرب يواصل صدارته لدول شمال إفريقيا في حقوق الملكية        الفاطمي يسأل وزير التجهيز عن مصير الأسر المهددة بالإفراغ من المساكن المخزنية بالجديدة    ترامب أم هاريس؟.. إنطلاق انتخابات أمريكية حاسمة تهيمن عليها مخاوف كبيرة    بقيمة 400 مليون أورو.. المغرب يحصل على قرض لتوسيع ميناء طنجة المتوسط    استقرار أسعار النفط وسط غموض حول الانتخابات الأميركية    احتجاجا على الموقف السلبي للحكومة..نقابيو "سامير" يعتصمون أمام الشركة للمطالبة بإنقاذ المصفاة    ترامب يعد الأمريكيين ب"قمم جديدة"    هاريس تستهدف "الناخبين اللاتينيين"    استنفار أمني واسع بعد العثور على 38 قذيفة في ورش بناء    الهجوم على الملك والملكة ورئيس الحكومة: اليمين المتطرف يهدد الديمقراطية الإسبانية في منطقة الإعصار    تصفيات "كان" 2025.. تحكيم مغربي المباراة نيجيريا ورواندا بقيادة سمير الكزاز    على بعد ثلاثة أيام من المسيرة الخضراء ‮ .. ‬عندما أعلن بوعبيد ‬استعداد ‬الاتحاد ‬لإنشاء ‬جيش ‬التحرير ‬من ‬جديد‮!‬    افتتاح النسخة الثانية من القافلة السينمائية تحت شعار ''السينما للجميع''    «حوريات» الجزائري كمال داود تقوده الى جائزة الغونكور    نجم الكرة التشيلية فيدال متهم بالاعتداء الجنسي    ارتفاع درجات الحرارة في توقعات طقس الثلاثاء    مجلس النواب يصادق على مشروع القانون المتعلق بالصناعة السينمائية وإعادة تنظيم المركز السينمائي المغربي    دراسة: المغرب قد يجني 10 ملايير دولار من تنظيم "مونديال 2030"    نوح خليفة يرصد في مؤلف جديد عراقة العلاقات بين المغرب والبحرين    التساقطات المطرية الأخيرة تبعث الأمل في موسم فلاحي جيد    دروس وعِبر للمستقبل.. الكراوي يقارب 250 سنة من السلام بين المغرب والبرتغال‬    أخنوش: فقدنا 161 ألف منصب شغل في الفلاحة وإذا جاءت الأمطار سيعود الناس لشغلهم    "المعلم" تتخطى مليار مشاهدة.. وسعد لمجرد يحتفل        «بابو» المبروك للكاتب فيصل عبد الحسن    رحيل أسطورة الموسيقى كوينسي جونز عن 91 عاماً    إبراهيم دياز.. الحفاوة التي استقبلت بها في وجدة تركت في نفسي أثرا عميقا    أطباء العيون مغاربة يبتكرون تقنية جراحية جديدة    "فينوم: الرقصة الأخيرة" يواصل تصدر شباك التذاكر    الجينات سبب رئيسي لمرض النقرس (دراسة)        خلال أسبوع واحد.. تسجيل أزيد من 2700 حالة إصابة و34 وفاة بجدري القردة في إفريقيا    إطلاق الحملة الوطنية للمراجعة واستدراك تلقيح الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة بإقليم الجديدة    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشرق الأوسط .... المتاهة
نشر في العلم يوم 28 - 09 - 2009

في كتابه «جرأة الأمل» رسم باراك أوباما سيناريو ورديا لتغيير توجهات الولايات المتحدة باستعادة «قيمها» الدستورية ودورها «الأخلاقي». ولكنه لم يطرح سؤالا صريحا ومعلنا عما إذا كانت الولايات المتحدة مستعدة لأي تغيير جذري ؟. وهل في مقدرته هو بعد توليه السلطة أن يحدث هذا التحول ؟. فالرئيس الأمريكي إن كان يمسك بزمام أعلى سلطة تنفيذية في الولايات المتحدة، فإن التركيبة السياسية الاقتصادية بمراكز ضغطها وارتباطاتها العالمية تقيده وتجعل من الصعب تصور نجاحه في إحداث تحول بمقدار 180 درجة.
على طول تاريخ الولايات المتحدة ومنذ توجهها إلى لعب دور عالمي بدل الاقتصار على تركيز نفوذها في العالم الجديد وجواره، سجل أن تبدل الرؤساء في البيت الأبيض لم يحدث ثورة أو تحولا أساسيا في الخيارات الأساسية، كما ثبت أن كل من حاول تجاوز الخطوط الحمراء التي رسمتها مراكز تحديد القرار كان مصيره مأساويا.
العديد من المحللين أشاروا إلى أن الافتراض القائل أن باراك أوباما، سيمثل «تغييرا في الاتجاه» الذي تسلكه الولايات المتحدة، ليس سوى افتراض ساذج، إن لم يكن نوعا من الهلوسات الدعائية التي تزرعها ماكينة غسيل المخ الغربية الضخمة.
فحتى لو كان أوباما قديسا، فان الولايات المتحدة ستظل هي نفسها قوة التي لا تريد أن تتخلى عن مركزها كالقوة الأولي المسيطرة في العالم، وهو المركز الذي كرسته لنفسها بعد انهيار الاتحاد السوفيتي.
الاستفادة من الأخطاء
الذين دافعوا عن فكرة ان أوباما سيحدث تحولا جذريا في سياسة الولايات المتحدة، أشاروا إلى أنه سيستطيع ان يواجه معارضي التغيير معززا برصيد الفشل الضخم داخليا وخارجيا الذي تكرس خلال حكم الرئيس بوش، وأن الولايات المتحدة «تعبت» وفاض بها الكيل من سلطة المحافظين الجدد ومن عثرات ثماني سنوات تكاد حصيلتها تبدو وكأنها كارثة من جميع الوجوه.
الاقتصاد دخل في دورة ركود قد تدوم عدة سنوات وأسعار النفط خرجت عن نطاق التحكم الغربي، والمحافظون الجدد يرددون تحذيرات عن انتقال ثروات الغرب إلى منتجي المواد الأولية. وزيادة على ذلك الانهيار المتواصل في مكانة «القوة العظمى الوحيدة» على الصعيد الدولي، توجد ثقة وطنية متزايدة في روسيا، وتوسع اقتصادي ملموس للصين في الخارج، ونمو متسارع في الهند، وبروز قوى اقتصادية دولية فعالة مثل البرازيل وجنوب أفريقيا وهو ما يهدد أحلام بناة الإمبراطورية الذين تكبدوا مرارة الفشل في العراق وأفغانستان.
ويقول هؤلاء ان مراكز القرار في الولايات المتحدة وصلت الى قناعة أنه يجب إحداث تغيير حتى لا تكرس خسارتها وأنها لذلك ستقبل «ثورة» أوباما، وكل ما يمكن أن تفعله هو أن تضع بعض العراقيل أمامه في محاولة لجعل الثمن الذي عليها أن تدفعه عند الحد الأدنى.
القضية الفلسطينية
وعد الرئيس أوباما أن يكون حل القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي من أولوياته، وسعى لأن يبني إستراتيجيته على تقديرات مخالفة للتي تحرك على أساسها سلفه بوش.
المحللون في مركز «سابان» لسياسة الشرق الأوسط، وضعوا مشروعا للبحث عن إستراتيجية جديدة للتعامل مع قضايا المنطقة وقد اختار فريق أوباما هذا التقرير منارا يستدلوا به. المحللون أشاروا الى منطقة الشرق الأوسط هي التي تفرض نفسها على أجندة الرئيس الأمريكي، فما يحدث في منطقة الشرق الأوسط لا يقتصر على المنطقة، بل تكون له تبعاته دوليا، فالحرب على «الإرهاب» ومنع انتشار «أسلحة الدمار الشامل»، وأمن الطاقة، والتعامل مع التحديات الدولية المعاصرة، يتطلب التعامل مع تحديات منطقة الشرق الأوسط.
في الربع الأخير من سنة 2009 شرع البيت الأبيض في أهم تحرك من أجل زحزحة ملف الصراع العربي الإسرائيلي من حالة الجمود التي يرقد فيها منذ أشهر طويلة.
ولكسب تجاوب الجانب الفلسطيني والعربي جددت إدارة البيت الأبيض تعهداتها بالإصرار على وقف الاستيطان حتى لأغراض النمو الطبيعي كشرط لاستئناف المفاوضات.
في شهر سبتمبر 2009 أرسل المبعوث الأمريكي الخاص للشرق الأوسط جورج ميتشل الى المنطقة، وقبل أن يصل السناتور كما خطط يوم الخميس 10 سبتمبر الى القدس المحتلة، أفادت القناة العاشرة للتلفزيون الإسرائيلي بأن الولايات المتحدة أبلغت إسرائيل بأنها ألغت زيارة ميتشل في أعقاب إعلان نتنياهو خطة لبناء 500 وحدة سكنية جديدة، مصادر أخرى أفادت ان الزيارة أجلت يومين فقط.
وفي المقابل أفادت صحيفة هآرتس الإسرائيلية بأن نتنياهو سيوقع اتفاقا مع الولايات المتحدة خلال الزيارة بشأن الاستيطان في الضفة الغربية، وأنه أطلع حكومته على الاتفاق المقرر توقيعه خلال زيارة ميتشل لإسرائيل.
قبل ذلك بأيام أعرب المتحدث باسم البيت الأبيض روبرت غيبس عن استياء واشنطن مما تردد من أنباء عن عزم نتنياهو السماح ببناء مساكن جديدة في المستوطنات بالضفة الغربية، وشدد على أن هذه الخطوة تتناقض مع خطة خارطة الطريق.
كما أكد غيبس أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما يرفض شرعية التوسع المستمر لتلك المستوطنات ويطالب بوقف أعمال البناء باعتبارها تصرفات تضر الجهود المبذولة لتحقيق عملية السلام.
في نفس الوقت تقريبا استبعد الرئيس الفلسطيني محمود عباس إمكانية عقد اجتماع ثلاثي مع الرئيس الأمريكي أوباما ونتنياهو قبل طرح رؤية واضحة لوقف الاستيطان الإسرائيلي بالضفة الغربية. وشدد عباس على أن لا فائدة ترجى من أي لقاء مع نتنياهو طالما واصل الأخير التصديق على تسريع بناء المستوطنات، مؤكدا أن شرط وقف الاستيطان الذي ورد في خطة خارطة الطريق يجب أن يتحقق قبل الذهاب إلى المفاوضات -من حيث انتهت مع حكومة إيهود أولمرت- حول قضايا المرحلة النهائية.
تنازل
يوم الجمعة 18 سبتمبر غادر ميتشل المنطقة خالي الوفاض، من دون ان يتوصل على ما يبدو الى اتفاق على تجميد الاستيطان اليهودي واستئناف المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين. وقالت وسائل الاعلام الاسرائيلية ان الموفد الأمريكي الذي قام بجولات مكوكية في الساعات ال48 الاخيرة بين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام الله بالضفة الغربية، لم ينجح في إقناع نتنياهو بتقديم تنازلات في ملف الاستيطان.
وقال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات للصحافيين في ختام لقاء بين ميتشل وعباس ان «السناتور ميتشل ابلغنا بانه لم يتوصل الى اتفاق مع الاسرائيليين حول وقف الاستيطان». وأضاف ان «جهودا لا تزال تبذل من اجل تخطي العقبات». وأوضح عريقات أن «الرئيس عباس جدد التأكيد على انه لا حلول وسط بخصوص الاستيطان».
في هذه المرحلة اعتبر أغلب الملاحظين ان محاولة حلحلة ملف الصراع جمدت حتى إشعار آخر وأنه على البيت الأبيض ان يختار بين الضغط على إسرائيل أو سلطة رام الله لتحريك الملف وأن الأمر سيتطلب مدة. الذي حدث خالف هذه التوقعات فيوم الثلاثاء 22 سبتمبر جمع الرئيس باراك أوباما فى نيويورك محمود عباس وبنيامين نتنياهو.
في هذه الأثناء أوضح مسئول فلسطينى كبير طلب عدم كشف هويته من وكالة فرانس برس، أن اللقاء يعقد فقط من باب مراعاة الإدارة الأمريكية. وشدد على أن المفاوضات المتوقفة منذ نهاية 2008 لن تستأنف ما لم يوقف نتنياهو تماما الاستيطان فى الضفة الغربية المحتلة.
بعد القمة شدد الرئيس الفلسطيني محمود عباس على ضرورة أن توقف إسرائيل الاستيطان في الضفة الغربية.
وقال «أكدنا (خلال القمة) على ضرورة ان ينفذ الجانب الإسرائيلي التزاماته وبشكل خاص وقف كل أشكال الاستيطان بما في ذلك النمو الطبيعي». وحول استئناف المفاوضات، أوضح عباس «أنها تتوقف أيضا على ان يكون هناك تحديد كامل لمرجعية العملية التفاوضية بمعنى أوضح ان يكون هناك أساس لهذه العملية بالاعتراف بالانسحاب الى حدود الرابع من يونيو 1967 وإنهاء الاحتلال».
وتابع الرئيس الفلسطيني ان ذلك جاء «لاننا سبق وتفاوضنا عليه مع الحكومة السابقة عندما وصلنا الى تحديد حدود الاراضي المحتلة بانها الضفة الغربية وغزة بما في ذلك القدس الشريف بما فيها البحر الميت بما فيها حوض نهر الاردن بما فيها الارض التي تسمى الارض الحرام».
وأكد عباس انه «في اعتقادنا الإدارة الأمريكية ستقوم باستطلاع موقف الجانبين في الأسابيع القادمة للوصول إلى النتيجة التي تتيح لنا استئناف المفاوضات على الأسس التي ذكرتها الآن».
المرونة
أوباما سار في اتجاه آخر وصفه العديد من المراقبين بأنه خضوع لإملاءات نتنياهو، حيث شدد الرئيس الامريكي على ان مفاوضات الوضع النهائي للاراضي الفلسطينية «يجب ان تبدأ قريبا». وأضاف اوباما في فندق والدورف استوريا انه «ببساطة فقد تجاوزنا وقت الحديث عن بدء مفاوضات».
واضاف «لقد حان الوقت للمضي قدما ولابداء المرونة والمنطق وروح التسوية اللازمة لتحقيق اهدافنا» مشددا ان «مفاوضات الوضع النهائي يجب ان تبدأ وأن تبدأ سريعا».
واعلن اوباما انه طلب من الجانبين ارسال مفاوضيهما الى واشنطن الاسبوع الأخير من سبتمبر لاجراء مزيد من المباحثات لاعادة اطلاق عملية السلام تحت رعاية المبعوث الامريكي للشرق الاوسط جورج ميتشل.
كما قال انه طلب من وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون تقديم تقرير عن وضع المفاوضات في منتصف اكتوبر 2009. وقال ان «رسالتي الى هذين الزعيمين واضحة. فعلى الرغم من جميع العقبات وكل ثقل التاريخ وعدم الثقة يجب ان نجد الطريق للمضي قدما. يجب ان نجد الارادة لكسر الجمود الذي ادخل اجيالا من الاسرائيليين والفلسطينيين في دوامة مستمرة من النزاعات والمعاناة».
على الجانب الإسرائيلي عبر مسؤولون صهاينة عن ارتياحهم لاستئناف الحوار مع الفلسطينيين بدون «شروط مسبقة» على حد قولهم لكنهم شككوا الوقت نفسه بنتيجته. واشاد وزير الخارجية الاسرائيلي افيغدور ليبرمان بالقمة الثلاثية. وقال زعيم حزب «اسرائيل بيتنا» اليميني المتطرف للاذاعة الاسرائيلية «اشعر بالارتياح لحدوث اللقاء بحد ذاته وان يستأنف حوار بدون شروط مسبقة». واضاف «المهم هو ان تحترم الحكومة الاسرائيلية تعهداتها تجاه الناخبين والا ترضخ للضغوط».
ورأى ليبرمان انه من غير المرجح التوصل الى اتفاق سلام مع الفلسطينيين في السنوات القادمة معتبرا انه يمكن التوصل في افضل الحالات الى تسوية وقتية مشيرا الى ان «عشرات النزاعات مستمرة في العالم دون اتفاق نهائي على تسويتها».
نافذة قد تغلق
على عكس الارتياح الإسرائيلي عكست الصحف الفلسطينية خيبة الأمل ورأت ان هناك تراجعا في الموقف الامريكي ازاء دعم الفلسطينيين، داعية الشعب الفلسطيني الى التوحد ومراجعة استراتيجية جادة وشاملة لهذه المرحلة. وعنونت صحيفة «القدس» الصادرة في مدينة القدس افتتاحيتها «ماذا بعد تراجع اوباما؟».
وكتبت الصحيفة «كان الرئيس الاميركي باراك اوباما بعد فترة قصيرة من توليه الرئاسة متحمسا واضحا وقويا في نبرته، وقال يجب تجميد الاستيطان بكل اشكاله وفي القدس ايضا».
واضافت ان «فرصة انتصار نتانياهو وكل قوى التطرف الاسرائيلي تبدو واضحة من الموقف الامريكي الجديد الذي يميل تراجعا واضحا عن المواقف السابقة».
وتابعت ان ذلك عزز «قناعة هؤلاء بان الاستيطان لم يعد عائقا امام استئناف المفاوضات اي العودة الى الوضع الذي ساد خلال السنوات ال16 السابقة حين كانت المفاوضات غطاء شرعيا للاستيطان والتهويد»
وتساءلت الصحيفة «اذا استغرق الادارة الامريكية اكثر من ستة اشهر للحديث عن تجميد الاستيطان ولم تفلح وتراجعت فكم من الوقت الذي تستغرقه عملية الحل النهائي وأي قوة ستكون قادرة على اجبار اسرائيل للتخلي عن اطماعها التوسعية من اجل السلام؟».
وبدت صحيفة «الحياة الجديدة المقربة من السلطة» أكثر تشاؤما.
وكتبت ان «الرئيس الامريكي باراك اوباما كرر المعنى ذاته الذي قاله الرئيس الامريكي الاسبق بيل كلينتون في مفاوضات كامب ديفيد» حيث اكد ان «ثمة نافذة فرصة لانهاء الصراع ولكنها قد تغلق».
وقالت الصحيفة «في كامب ديفيد تم تحميل الرئيس الراحل ياسر عرفات مسؤولية الفشل لانه لم يساوم على القدس». وتابعت «الآن يتكرر المشهد المأساوي نفسه ونسمع المبعوث ميتشل والوزيرة كلينتون يتحدثان بخبث عن انه لا ضرورة لوقف الاستيطان لاستئناف المفاوضات.. واعتبرا وقف الاستيطان شرطا فلسطينيا مسبقا بينما هي من التزامات خارطة الطريق».
وقالت الصحيفة ان «المفاوضات يجب ان تتم وفق مراحل خارطة الطريق وليس وفق خارطة المستوطنين وبعد قلب الحقائق من قبل وزيرة ومبعوث يعني انحيازا تاما».
واكدت انه «يجب الا يسمح الشعب الفلسطيني بالقفز عن اي التزامات لا تلتزم بها اسرائيل طالما ان الجانب الفلسطيني التزم بما فرضته عليه خارطة الطريق ونفذ كل التزاماته بدقة».
وحذرت الصحيفة من ان يتم تحميل الرئيس الفلسطيني محمود عباس مسؤولية عدم استئناف المفاوضات وبدء حملة لتجريده من صفة الشريك تمهيدا لحصاره او عزله.
وقالت ان «الرئيس إن استأنف المفاوضات العبثية في ظل الاستيطان، فقد مصداقيته الداخلية، وإن صمد في وجه الضغوط الظالمة، فقد الدعم الامريكي».
ودعت الفلسطينيين الى «التوحد خلف القيادة في التزامها بشروط العملية التفاوضية ودعمها لمواجهة الضغوط الجديدة وايجاد معادلة صمود جديدة وآلية دعم شعبية للموقف الفلسطيني».
سياسة لم تتغير
المحلل السياسي الدكتور عبد الستار قاسم قال بعد تولى أوباما السلطة في البيت الأبيض: «إن السياسة الأمريكية -ورغم تعاقب إداراتها- لم تتغير تجاه القضية الفلسطينية منذ قامت «إسرائيل» حتى الآن»، أن «هناك شروطا أمريكية لن تتغير بتغير الوجوه»، مشيرا إلى أنه وحتى التوافق الفلسطيني الداخلي «يجب أن يكون على قاعدة الاعتراف ب»إسرائيل» ونبذ ما تسميه واشنطن الإرهاب».
وأكد الدكتور عبد الستار قاسم أن أي اتفاق فلسطيني داخلي يكون خارج الشرطين المذكورين ستكون نتيجته حرمان الفلسطينيين من الأموال الأمريكية ومحاصرتهم».
مرحليا يمكن للمحللين أن يقدروا ان أوباما تعثر في محاولته للظهور أمام العالم بشكل عام والعرب بشكل خاص كرئيس مختلف عن سلفه في التعامل مع أحد أهم قضايا الصراع في العالم، حيث أنه خالف على الأقل مرحليا توصيات هؤلاء الذين طلب متهم أن يخطوا طريقا جديدا لسياسة الولايات المتحدة.
ففي إطار سعي مراكز الأبحاث الأمريكية لصياغة استراتيجية جديدة للولايات المتحدة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، دشن مركزان بحثيان أمريكيان مهتمان بقضايا المنطقة، وهما: مجلس الأمن للعلاقات الخارجية، ومركز «سابان» لسياسة الشرق الأوسط، مشروعا شارك في وضعه ما يقرب من خمسة عشر محللا من المركزين، للبحث عن استراتيجية جديدة للتعامل مع قضايا منطقة الشرق الأوسط.
البحث دعى الإدارة الجديدة إلى بذل مزيد من الجهود للتوصل إلى اتفاق سلام كامل.
وعن الاستراتيجية الأمريكية في الصراع العربي الإسرائيلي، يقول البحث إن على إدارة أوباما الاستفادة من الإطار الذي تمخض عن مؤتمر أنابوليس. وتقوم تلك الاستراتيجية، التي تسعى إلى التوصل إلى حل نهائي للصراع العربي الإسرائيلي، على ما يلي:
أولا: ضرورة استمرار المفاوضات وضرورة التوصل إلى اتفاق نهائي وليس فرضه في أسرع وقت ممكن، بينما يتم تنفيذه على أرض الواقع على مراحل، وأن على الإدارة التوفيق بين طرفي الصراع. ولتشجيع التقدم في المفاوضات على الإدارة صياغة الخطوط العريضة لرؤيتها لاتفاق الحل النهائي.
ثانيا: على الإدارة تشجيع السلطة الفلسطينية على محاربة ما تطلق عليه الدراسات الأمريكية «الإرهاب»، وذلك بتقديم الدعم إلى هذه السلطة لبناء قوات أمن قادرة على مواجهة القوى التي تتبنى العنف ضد إسرائيل. ولكن البحث يرى أن هذا يحتاج إلى وقت، لذا يدعو إلى نشر قوات دولية من العالم العربي أو الإسلامي، أو منهما معا، كجزء من اتفاق الحل النهائي لمساعدة القوات الفلسطينية للسيطرة على الأراضي الفلسطينية.
ويدعو الباحثون الإدارة الأمريكية الجديدة إلى تشجيع الجانب الإسرائيلي لتجميد بناء المستوطنات، ولكنهم يرون أن على الإدارة السماح ببناء مئات الوحدات السكنية في الكتل الاستيطانية الموجودة في القدس، ويدعون الرئيس الأمريكي إلى التوصل مع الحكومة الإسرائيلية الجديدة إلى توقّف بناء المستوطنات لفترة تتراوح ما بين ستة إلى اثني عشر شهرا إلى حين التوصل إلى الحدود النهائية للدولة الفلسطينية، وبعد التوصل إلى الحدود النهائية يرى الباحثون إمكانية استعادة بناء المستوطنات في الأراضي التي ستلحق بإسرائيل بعد حل قضايا الحل النهائي الأخرى.
ثالثاً: على الإدارة الجديدة تحسين الأحوال في قطاع غزة، بزيادة المساعدات، وتدعيم جهود التدفق السهل للبضائع والأفراد، ودفع الدول العربية وإسرائيل إلى تدعيم محاولات تدشين مشروع اقتصادي وطني، وإزالة عدد من نقاط التفتيش.
رابعا: مشاركة الدول العربية في عملية السلام، وذلك لا يتحقق إلا بعد تجميد بناء المستوطنات الإسرائيلية، وأن يكون هناك دعم عربي مالي للسلطة الفلسطينية، وتعاون عربي مع الجانب الإسرائيلي من خلال عملية السلام، وليس التعاون المشروط بإنهاء المفاوضات والتوصل إلى حل نهائي للصراع.
تحويل مركز الثقل
هناك جانب من تقرير المركزين البحثيين الأمريكيين ربما استغله هؤلاء الذين يريدون كما قال ليبرمان ترك الحل مع الفلسطينيين في الانتظار لسنوات أخرى.
حيث يدعو إلى بذل مزيد من الجهود للتوصل إلى اتفاق سلام بين إسرائيل وجيرانها العرب، لاسيما على الجانب السوري، ويؤكد التقرير على أهمية السلام مع الجانب السوري انطلاقا من أنه سوف يحد من الدور الإيراني إقليميا، فالسلام بين تل أبيب ودمشق سيعمل على إحداث انفصال في الشراكة الاستراتيجية بين طهران ودمشق. فضلا عن أن من شأن السلام بين الجانبين السوري والإسرائيلي أن يدعم استقرار الأمور في لبنان. ويرى البحث أن الانخراط الأمريكي في الصراع العربي الإسرائيلي، لاسيما على الجانب السوري سيكون عاملا رئيسا في التوصل إلي حلٍ للأزمة النووية الإيرانية.
ولا يهمل الباحثون دور تركيا المتزايد في المفاوضات الإسرائيلية السورية، ومشاركتها بقوة حفظ السلام في لبنان، ورغبتها في المشاركة بمثل تلك القوات المطلوبة لقطاع غزة أو الضفة الغربية، ويدعون إلى التشارك الأمريكي التركي في الدفع بمفاوضات السلام السورية الإسرائيلية إلى الأمام، وكذلك في صيغة الحل للأزمة النووية الإيرانية.
المخرج من متاهة الصراع العربي الإسرائيلي بالنسبة للولايات المتحدة والغرب صعب ومحكوم بولاءات وتبعية لم يتجرأ أي سياسي وصل إلى دفة الحكم على التحرك في عكس اتجاهها، رغم أن هناك سوابق تاريخية في نفس المنطقة أكدت ان هناك أساليب أخرى للوصول الى أهداف شعب الأرض المقدسة غير الحلول السلمية، وربما يكون ذلك انتصارا لوضع تحكمه حتمية تاريخية في أنه لا يمكن تبديل وضع أرض ترعرعت عليها أقدم الحضارات الإنسانية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.