بادر الزميل جبران خليل الى ضم مولود جديد ضمن صفحات جريدتنا «الاتحاد الاشتراكي» يتمثل في صفحة «الوسيط» التي يهدف من ورائها الى خلق تواصل مستمر بين أعضاء هيئة التحرير والقراء الأعزاء والمحترمين، وذلك بتبادلنا وجهات النظر حول مضمون الجريدة وشكلها حتى نستعين بملاحظاتكم ونسمع انتقاداتكم ونحاول قدر المستطاع الاستجابة لطلباتكم ورغباتكم في مجال الأخبار، والتعاليق والدراسات والاستطلاعات والثقافة والترفيه والتوجيه الإيجابي. مبادرة محمودة وإن عبر بعض الزملاء من هيئة التحرير عن تخوفهم من أن تتحول الصفحة الى مجال «لتصفية الحسابات» أو «للنقد اللاذع» المتجاوز لحدود وضوابط النقد، سواء من طرف الزملاء أو من طرف القراء. العدد الأول من الصفحة الصادر يومي السبت والأحد 24 و 25 يناير تضمن: الركن الأساسي: كلمة الوسيط: الدارجة وخطنا التحريري. مادة حول الصورة ودورها الإعلامي. ركن للقارىء رأي. كلمة العدد للجريدة ليوم 24 يناير 1984 حول نتائج المؤتمر الاسلامي المنعقد بالدارالبيضاء ونتائجه. الإشارة إلى بعض الأخطاء في العمل الصحفي اليومي. اليوم سأخصص هذه المادة لمناقشة الزميل جبران حول محتوى ما جاء في كلمة الوسيط بخصوص استعمال الدارجة في الصحافة بين الإيجابي والسلبي. ومن جهة أخرى، أود أن يفهم الأخ جبران وغيره ممن قد يكون لهم نفس الرأي بخصوص أنه «لا ينبغي اللجوء للدارجة إلا حين يكون استخدام التعبير أو الكلمة الدارجة من شأنه أن يمنح قيمة مضافة للمقال أو الخبر»، كما جاء في كلمة الوسيط الأولى، أنه لا خطر على اللغة العربية عند استعمال الدارجة بالصحافة المكتوبة، لكون عدد القراء اليوميين لمجموع ما ينشر لا يتجاوز 300 ألف قارىء من مستويات تعليمية مختلفة. بالطبع هذا الاختلاف في المستوى التعليمي، ولا أقول الثقافي، هو الذي يجعلنا كصحفيين نلجأ إلى استعمال بعض الكلمات أو الجمل بالدارجة، لأنها أولا سهلة الفهم، وتؤدي الى توحيد المعنى لدى كافة القراء رغم اختلاف مستواهم، لكونها متفق على مفهومها الاجتماعي أو السياسي أو الثقافي في الذاكرة الشعبية. إن تذرع الزميل جبران بعدم الإكثار من الدارجة، انطلاقاً من كون « المتعارف عليه لدى المدارس الصحفية أن لغة الصحافة تكون لغة وسيطة غرضها الأساسي هو إبلاغ الرسالة الى القارىء بأكثر ما يكون من الوضوح...» لا يصمد أمام نوعية ومستوى قراء الجرائد اليومية والأسبوعية المتكونة من شبان ورجال ونساء من مستويات تعليمية من قسم الشهادة الابتدائية، أو الثانوية أو الأقسام الإعدادية، فالتعليم العالي الذين عادة ما يقتنون المجلات المتخصصة، وخاصة منها الأجنبية. إن جولة سريعة، بالمقاهي أو بالقطار تكشف عن نوعية ومستوى القراء للصحافة المكتوبة. وإذا كان «... موضوع الكتابة بالدارجة... قد شكل في السنوات القليلة الماضية خطا تحريريا للعديد من الصحف ووسائط إعلامية اخرى بالمغرب...» كما كتب الزميل جبران، فإن ذلك يعود بالأساس إلى معرفتهم بنوعية القراء ومستواهم وهو ما جعل تلك الجرائد تختار هذا النوع من الأسلوب البسيط الذي لن يقتل أبدا لغة القرآن الكريم. وهذا يدفعني إلى التوقف عند الزجل الذي يكتب بالدارجة والذي يجد فيه القراء متعة، بل والذي كان إحدى الوسائل المحمسة لنا ونحن طلبة بالجامعة، حيث كانت مثل تلك القصائد تجد صداها ليس فقط عندنا كطلبة بل كذلك عند أفراد عائلاتنا. إن جريدة «الاتحاد الاشتراكي» لن تتحول إلى جريدة تكتب 100% بالدارجة، لكن لا أحد يمكنه أن يمنع استعمال كلمات أو جُملا بالدارجة لأن الواقع يفرض ذلك وليس فقط من الناحية التبليغية للخبر. وبالرجوع إلى ما يستقيه و يحرره من أخبار الزميل وحيد أبو أمين وأنت على حق أنه «... لا تعوزه اللغة الفصيحة إذ أنه يمتح من عربية جزلة وقوية وهو قادر على تحرير ركنه بالفصحى...» فإنه التحق مثل غيره من المتعاونين الذين يصرفون من مالهم الخاص ولا يتقاضون أي أجر من الجريدة - مؤخرا بصفحة الدارالبيضاء التي أصبحت مقالاته تحتل مركز الصدارة فيها وتغنيها ليس فقط من خلال الاخبار اليومية حول قضايا ومشاكل البيضاويين، ولكن كذلك من خلال ما ينجزه من تقارير وتحقيقات لقيت صدى ايجابيا لدى العديد من القراء الأوفياء للجريدة، كما حركت أوساطا وجهات مختلفة ومتعددة. وللحقيقة والانصاف فإن بعض الاصدقاء من قراء الجريدة يسألوني من حين لآخر عمن يكون هذا الصحفي وحيد أبو أمين لإعجابهم بما ينجز من أعمال صحفية.