توصلنا برسالة من الزميل رمضان بنسعدون من عين بني مطهر بالمغرب الشرقي، يبدي من خلالها إعجابه بمسيرة الصحافة الإتحادية عموما و بتجربة «الاتحاد الاشتراكي» على وجه الخصوص. و على غرار الرسائل السابقة التي تضمنت نقدا صريحا و لاذعا في كثير من الأحيان ، ننشر اليوم رسالة السيد بنسعدون رغم ما فيها من «إعجاب» كبير و إطراء في حق جريدته، آملين أن نتوصل بالمزيد من الرسائل المعبرة عن آراء القراء في جريدتهم كيفما كانت هذه الآراء. الوسيط لقد احتلت جريدة «المحرر» مكانا في قلبي و أنا ابن أربعة عشر ربيعا،أدرس بثانوية البكري بوجدة، أُعجبت بحلتها أيم إعجاب خاصة رسالة المرحوم محمد باهي الأسبوعية من فرنسا، لا زلت أقدِّر المجهودات التي بذلها إبن بلدتي عين بني مطهر الشهيد عمر بنجلون و الذين حملوا المشعل من بعده؛ محمد اليازغي، محمد البريني،عبد الرحمان اليوسفي، فخالد عليوة ثم محمد الصديقي، و يبذلها حاليا عبد الهادي خيرات لجعل الجريدة منارة إعلامية فريدة . هذه الأمور هي ما دفعني لامتطاء صهوة مهنة المتاعب. و لعل الدافع الأكبر لكتابة هذا المقال هو أن المشرفين على الجريدة أفصحوا قبل فترة أن قفزة إعلامية ستُقدم عليها «الاتحاد الاشتراكي» مستقبلا و ربما العودة إلى الإسم الأول «المحرر» الذي طالما متحتُ من معينه و أنا لا أزال طفلا صغيرا و فيها نشأت تربيتي الصحفية... و فجأة خمدت جذوة الجريدة فاحتجبت مرغمة عن الصدور عام 1981 على إثر أحداث الخبز بالدار البيضاء، فشكل أفولها انتكاسة كبيرة و خسارة لا تعوض لأنها كانت تسعد الملايين من المغاربة بسياسة أسلوب المكاشفة و المصارحة و الصدق كشعار دائم.. فانتظرنا عودتها بشوق ولهفة. و بعد عامين هبت رياح العودة فحركت النار من تحت الرماد فعاد للشعلة وهجها، و سرعان ما استعادت آنذاك مكانتها باسم «الاتحاد الاشتراكي» و تفاعل الجميع مع أبواب جديدة و أفكار ما كانت لتقبل سوى السبق الصحفي ، و ظل التطوير و التغيير للأفضل ديدناً و بات ممارسة إلى يومنا هذا بفضل الشلال المتدفق حماسا و الثري عطاء عبد الحميد اجماهري. فلا يماري أحد كون الساحة الإعلامية ببلادنا شهدت طفرة نوعية نظرا للانتشار الواسع للصحف الوطنية و الجهوية، لكن بالرغم من الزخم الهائل من الصحف، خاصة البعض ممن تسمي نفسها مستقلة ، تحسب بأنها ملكت قلوب كل المغاربة و أنها تحظى بأعلى المبيعات ببلادنا، لكن ذلك يعتبره نقاد و مهتمون هراء و افتراء و قد صرح مواطنون و صحفيون من شرق المملكة أن صحيفة تعتبر نفسها رائدة، غضت الطرف عن مساعدتهم و الوقوف إلى جانبهم هم المظلومين، بهدف مؤازرتهم في محنتهم بما يقتضيه التضامن في حالات المتابعة و الملاحقة الناشئة عن ممارسة المهنة بشرف. إنني أشيد بالطفرة التي حققها «الاتحاد الاشتراكي» على الصعيد الإعلامي لأنها ولدت عملاقة و أصبحت مدرسة إعلامية متفردة، لا يسعني إلا أن أقدر حرص الزملاء الصحفيين بالجريدة على الصورة الزاهية ل«لاتحاد الاشتراكي» ، سلاحهم العلم و زادهم المعرفة و وسيلتهم المزيد من الفقرات النوعية المميزة المتوالية التي تتحفنا بها الجريدة بين الفينة و الأخرى كركن «رأي» سعيا لكسب ثقة القراء و الارتباط بهم و هو غاية أي منبر إعلامي مكتوب لتحقيق المبدأ المعلن في جريدتنا والمتمثل في المحاولات الجادة لخلق إعلام متطور، مُواكب يساهم في المزيد من الارتقاء و التقدم . و ما حرص و تضحية الطاقم الصحفي بما فيه المراسلين إلا دليلا ساطعا على أن مبادئهم المعلنة ما زالت منهجا راسخا يخطون عليه و ليست كلمات يذروها الهواء أو شعارات جوفاء. وبالرغم من منافسة من تسمي نفسها جرائد مستقلة، يبدو أن جريدة «الاتحاد الاشتراكي» تتطور كما ألفناها نحو الأفضل، ولا أدل على ذلك أن الأقلام التي تؤثت فضاء الجريدة بمواضيعها هي نفسها التي تساهم في التطور المنشود مما يعني أن انتقاء الجريدة لهذه الثلة من المراسلين و الصحفيين منذ البداية يدل على عمق و بعد النظر الثاقب ما جعل الأداء الجيد متناغما و حتميا. و من هنا فإن حبي للجريدة تعبير عفوي عن فرحتي و امتناني الممزوج بالعرفان و الإقرار بالريادة ل«لاتحاد الاشتراكي» التي خرجت من رحم الحركة الوطنية برجالاتها آنذاك القادة التاريخيين أمثال عبد الرحيم بوعبيد، المهدي بنبركة، عمر بنجلون و عبد الرحمان اليوسفي. و يعلم الله أنني لست مادحا بقدر ما أني أُقر بأحقية الجريدة في تبوإ أعلى المراتب الإعلامية ببلادنا بالرغم ،كما أسلفت ، من منافسة بعض الجرائد التي أتت مؤخرا، لا يهمها إلا الربح المادي على حساب القارئ و ليس للدفاع عن مصالح المواطنين بل تبيع الوهم و الدجل للقراء المغفلين من خلال أعمدة ثرثارة ومُطنبة و تيئيسية في وقت لا ترى فيه إلا ما هو سلبي تجاه الوطن و لا تدافع حتى على الأمن القومي عكس جريدة «الاتحاد الاشتراكي» التي توقظ و عي المواطنين و تزرع فيهم بذرة العطاء و المواطنة باستنهاض هممهم لخدمة هذا الوطن. فهل سيجد المصريون جريدة كالأهرام و اللبنانيون كالنهار والجزائريون كالمجاهد و الفرنسيون كلوموند و الأمريكيون كنيويورك تايمز و الأمر ذاته يتعلق ب«الاتحاد الاشتراكي» مع المغاربة. فنحن المراسلون تجََمَّعْنا بواحة الجريدة من أجل مناقشة قضايا الوطن و أحداث الساعة المستجدة بين الحين و الآخر في عالم يمر بتحولات جذرية و تغييرات عاصفة. فمنبر «الاتحاد الاشتراكي» يعتبر بالنسبة لنا كالجامعة، نكتب فيه و نتناقش ونتبادل الآراء حول الأحداث و قضايا المجتمع و نتبادل مع بعضنا البعض عصارة الفكر و حصاد تراكم الخبرة و التجربة الشخصية لكل صحفي منا، رغم أننا لم نلتق رأسا لرأس و لم نتقابل بأجسادنا. لكن التقاءنا الفكري و عطاءنا الإبداعي عبر صفحات الجريدة هو ما جعلنا نتناغم و نتلاحم روحيا و نتواصل معنويا فيما بيننا، فعن طريق «الاتحاد الاشتراكي»، تيسرت لنا سبل معرفة أخبار و أسرار المناطق المغربية. ومنذ البداية، ما فتئت الجريدة على وعد رجالاتها سائرة. هي الرئة التي يتنفس من خلالها قراؤها و لا زالت تحتل مكانة كبيرة في قلوبهم. و يتطلب منا أن لا نكتفي بالإشادة بها و أن نرشها برياحين المديح و التغزل بشكلها و مضمونها، بل الأهم من ذلك هو أن نجتهد لنرتقي بها إلى مستوى المواكبة للإسهام بتطويرها و الوصول بها إلى مستوى الطموحات الكبيرة لإسكات أصوات الحاقدين، في وقت يتعين أن يشكل هاجس التطوير وقود مسيرة الجريدة و البحث عن الجديد و المفيد هو معيار النجاح و الإيمان بأن الجريدة الناجحة هي التي تسعى لمواجهة المتاعب و تخطي الصعاب كما هو الشأن بالنسبة لهذ ا الصرح الإعلامي الشامخ.