ذكرى وفاة المغفور له محمد الخامس: مناسبة لاستحضار التضحيات الجسام التي بذلها محرر الأمة من أجل الحرية والاستقلال    أوضاع كارثية وأدوية منتهية الصلاحية.. طلبة طب الأسنان بالبيضاء يقاطعون التداريب احتجاجا على ضعف التكوين    انتعاش السدود بفضل التساقطات الأخيرة ونسبة الملء الإجمالية في حدود 29%    المغرب – سوريا إلى أين؟    الغلوسي: المخدرات اخترقت المجال السياسي والمؤسساتي وعمقت بنية الفساد    الوزير عبد الصمد قيوح يعلن إدخال تحسينات جديدة على مطاري البيضاء ومراكش لتسهيل حركة المسافرين    "البيجيدي" يطلب رأي مجلس المنافسة في منافسة "الأسواق الكبرى" ل "مول الحانوت"    تجار وموزعو البيض بالمغرب يكشفون أسباب الغلاء.. تفاصيل صادمة    "بلوكاج" في لجنة المالية بمجلس النواب بسبب خلافات.. والبرلماني الحموني يقسم ألا يعقد الاجتماع "ولو على جثتي"    الجيوش الأوروبية تصل إلى 60% في نسبة الاعتماد على الأسلحة الأميركية    من وهم الاكتفاء الذاتي إلى استيراد مليون رأس غنم بشكل مستعجل! أين اختفت السيادة الغذائية يا تبون؟    إدارة السجن بني ملال تنفي ما تم تداوله حول وفاة سجين مصاب بمرض معدي    توقعات أحوال الطقس لليوم الاثنين    تعليق الدراسة بسبب سوء الأجواء الجوية بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    فاس: توقيف سائق سيارة أجرة في قضية سب وشتم وإخلال علني بالحياء العام    "نساء متوسطيات" يمنحن مراكش أمسية موسيقية ساحرة    حقيبة رمضانية.. فطور صحي ومتوازن وسحور مفيد مع أخصائي التغذية محمد أدهشور(فيديو)    كيف يتجنب الصائم أعراض الخمول بعد الإفطار؟    قلة النوم لدى المراهقين تؤدي إلى مشاكل لاحقة في القلب    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    في رثاء سيدة الطرب المغاربي نعيمة سميح    هَل المَرأةُ إنْسَان؟... عَلَيْكُنَّ "الثَّامِن مِنْ مَارِسْ" إلَى يَوْمِ الدِّينْ    غاستون باشلار وصور الخيال الهوائي :''من لايصعد يسقط !''    "أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ..؟" !!(1)    الكوكب يبسط سيطرته على الصدارة و"سطاد" يستعد له بثنائية في شباك اليوسفية    200 مباراة في الليغا.. فالفيردي يعزز أرقامه مع ريال مدريد    أدت ‬ببعضها ‬إلى ‬الانسحاب.. شركات مالية ‬مغربية ‬تواجه ‬أوضاعا ‬صعبة ‬بموريتانيا    كل «التَّلْفات» تؤدي إلى روما: عندما يسعى نظام الجزائر إلى لعب ورقة إيطاليا في خصوماته مع الشركاء الأوروبيين!    ترامب: التعليم في أمريكا هو الأسوأ في العالم    المرأة المغربية في عيدها العالمي وقفة سريعة مع سنة 2024    التطوع من أجل نشر القراءة.. حملة ينظمها حزب الاستقلال بالقصر الكبير    وفد إسرائيلي يتوجه الى الدوحة الإثنين لمباحثات بشأن الهدنة في غزة    كندا.. المصرفي السابق مارك كارني سيخلف جاستن ترودو في منصب رئيس الوزراء    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    الحوار السياسي في موريتانيا خطوة نحو التوافق أم مناورة لاحتواء المعارضة    نهضة بركان على بعد خطوة من تحقيق أول لقب له بالبطولة    عمر هلالي يعلق على أنباء اهتمام برشلونة    كوريا الجنوبية/الولايات المتحدة: انطلاق التدريبات العسكرية المشتركة "درع الحرية"    الصين تعزز الحماية القضائية لحقوق الملكية الفكرية لدعم التكنولوجيات والصناعات الرئيسية    دراسة: الكوابيس علامة مبكرة لخطر الإصابة بالخرف    أبطال أوروبا .. موعد مباراة برشلونة ضد بنفيكا والقنوات الناقلة    رجاء القاسمي.. الخبرة السينوتقنية بلمسة نسائية في ميناء طنجة المدينة    إسرائيلي من أصول مغربية يتولى منصب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي    بطل في الملاكمة وبتدخله البطولي ينقذ امرأة من الموت المحقق … !    الشركة متعددة الخدمات الدار البيضاء سطات.. جهود مكثفة لتفادي تجمعات مياه الأمطار وتيسير حركة المرور    جثة امرأة تنتظر التشريح في سطات    نهضة بركان تفوز بثنائية في تطوان    8 مارس ... تكريم حقيقي للمرأة أم مجرد شعارات زائفة؟    القول الفصل فيما يقال في عقوبة الإعدام عقلا وشرعا    الأمازِيغ أخْوالٌ لأئِمّة أهْلِ البيْت    السمنة .. وباء عالمي    اتحاد طنجة يخطف تعادلا من العاصمة العلمية    ملاعب للقرب تفتح أبوابها للشباب بمقاطعة سيدي البرنوصي    نورة الولتيتي.. مسار فني متألق في السينما الأمازيغية    أمسية رمضانية أدبية احتفالا بإبداع الكاتب جمال الفقير    رحلت عنا مولات "جريت وجاريت"    مقاصد الصيام.. من تحقيق التقوى إلى بناء التوازن الروحي والاجتماعي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«النثرات» عين الدهشة التي لا تنام

عن منشورات بيت الشعر( دجنبر2023 )، صدرت للصديق المبدع سعيد السوقايلي مجموعة شعرية / نثرية في طبعة أنيقة اختار لها عنوان : النثرات وتليها نصوص» صورة الغلاف للفنان عادل أزماط في 74صفحة، يتضمن فهرس النثرات (النثرات من ص5إلى ص61 )تتضمن 327نثرة ونصوص بعناوين: (الباب، نافذة، المرآة، الكرسي1، الكرسي2، الشجرة) من ص64إلى ص70.
المبدع سعيد السوقايلي شاعر وقاص وناثر من الجيل التسعيني المغربي الحالم بلغة وغد جديدين، صدرت له المؤلفات التالية:
– ورقة عصية (القصة القصيرة جدا) 2013
– نيرفانا (القصة القصيرة جدا) 2016
– قسمة ضيزى (القصة القصيرة جدا) 2019
– النهر لا يعيد نفسه (شعر) 2005
– مثل وقع قدميك (شعر)2012
– القطرة حَلَمَة الماء (شعر)2012
– لم تلدني أمي بجناحين (شعر) 2020
– النثرات (نثر) 2023، وهذه الأخيرة تجمع بين الحلم والحكمة والتحليق بأجنحة الخيال الذي ينتج الجمال المشُوب بروح التفكير العقلاني والتأمل المتمنطق بشفرة السخرية…
إنه سعيد البهي، الجميل في سرده وشعره وانزياح كتاباته إلى الايحاء والتكثيف والاقتصاد في بساطة الجملة والتقاط الفكرة التي تولد الدهشة والصورة وعمق المعنى والتأويل..
(لكي تكون طفلا تحتاج فقط إلى لعبة تتحاور معها) (نث3)، يعيدنا للتحاور مع منبع طفولتنا وأحلامنا الأولى بارتياح وجمال روحي وتذكر دون نسيان خطونا، أليست الكتابة لعبة تذكر؟
) نحن عبيد الأحلام ونحن بالمقابل نصنع سلطة تعتقلنا بسبب حلم بسيط)(نث5)، تلك هي الأحلام المتأرجحة بين حرية التحقيق وسلطة الاعتقال.
و» لأنّ الكلام يخفي ما نريد قوله فعلا» كما تشيرُ إلى ذلك الفلسفة، فإشراك المتلقي ضروري بحثا عن روح المعنى أو روح النص أو التأويل، في قليل من القول، في عصر أضحى سريعا كقطعة سندويش. كل شيء أصبح مختزلا، مخزونًا في خرطوشة رصاص والكتابة أيضا أصبحت تتميز بالتجاوز وخلق الابتكار للتطور وركوب المغامرة، من الضروري أن يتطور ويتجاوز المبدع ذاته والآخر، أن يكون الكلام على قدر المعنى، لا يزيد ولا ينقص ولا إطالة ولا إطناب بل اختزالا وتكثيفا..
النثرات من نثر ينثر، تناثر، غبار متناثر في ومن كل صوب وجهة..
يسعى للتعبير عن حالة أو حالات اجتماعية إنسانية بأوجز كلام في سطر أو سطرين يختزل المسافات، رشق رصاص يصل الهدف في أقل من ثانية يتضمن عنصري التقتير والتقطير. في عصر السرعة واختصار الزمن، في كبسولة شعارها التمرد والمغامرة والتعبير ورفض الانصياع أو الارتباط ومن ثمة «تتخذ مسارًا فاعلا بالثورة الرقمية». هذا الانزياح الشعري الذي ينحو الدلالة والتوليد يولد اللعب (الشعر قيدٌ والنثر مفتاح) (نث197)ولأن الشاعر يعلم أن الكتابة لعبٌ ف(أن تكتب، عليك أن تمشي على حدّ السكاكين) (نث 143). ف( لعب الأطفال، درس ينساه الكبارُ كلما فكروا في تجميل العالم)(نث93). و(السمكة التي تقفز فوق الماء، تبحث عن أعماق أخرى)(نث87) والجميل أن (أسئلتنا تشيخ كلما ابتعدنا عن الطفولة) (نث81)، اللعب هو فنّ القفز وكتابة المراوغة هكذا تشخص أحلامنا طفولتنا وينتهي لعبنا وتشيخ أسئلتنا كلما ابتعدنا؛ هو لعب السخرية والتهكم في (النثرة104)، يكتب: (يبقى الخطأ صحيحا ما لم نُصوبْه) و( الشيء الوحيد الذي تهابه الحيوانات وتفرّ منه هو النار. الإنسان يلعب بها)(نث 109).
في النثرات متعة تسبح بك جهة التفكير والتأمل وتحملك في دهشة الاشراقات والتجليات وسخرية مكثفة مقطرة (يغار الطاووس على الطاووس من الطاووس)(نث170).و(كل سيارات الشارع مُلكا له، لكنه للأسف لا يملك مفاتيحها) (نث165).
هي نثراتٌ تستحضر وتستدمجُ كلّ عناصر الشعر والسرد والفلسفة والتصوف والتأمل الحر.. كتابة مفتوحة وحُرّة ضمن الأدب الوجيز..)، يمكن أن تراه بوضوح وهو يرقص الكلمات بوجع لأن الكتابة لديه مخاض شاق، وتفجير طاقات النثر الجمالية برؤية عصرية (أثقل ما يحمله الإنسان هو أناه) (نث201)، فلا تصدق أبدا المدن والقرى التي تنزاح من الذاكرة وتبحث عن منبع الدهشة « الدهشة عين ثالثة» (نث 273).
كلّ ما يجعل القلب يخفق ويبتهج يبقى خالدا كانسياب الماء فوق الماء.
يكتب السي سعيد للخلاص من المحن التي تتراكم علينا (مواقف كثيرة في هذه الحياة، تحتاج معها إلى تقنية ال (VAR) (نث164) ولتشريح جزئيات ذاتنا وتحليلها وتفكيكها تفكيكا كيميائيا والتحديق الجمالي المباشر في الأشياء.( الظل صلاة الشجرة) (نث162)،و(متعة الجمال الصباح وجه النهار) ( نث159)، بطريقة وطبخة سعيد وأسلوب واحد ووحيد كحبات البرقوق تصل القلب تباعا للتذوق والإفادة. ( لكي تكون سعيدا، لابد لك من جهل حادّ بالحقيقة)(نث17).
له قدرة على تخطي الصعاب وتفتيت الصخر ورسم معمار اللفظة الصالحة في اللحظة المقتضبة بنشوة، قلمٌ يصف اللحظة والرغبة المستعارة بيقينية كبرى مثل شغف الرمال بالبحر وسكون الليل بالموسيقى والغناء.
في روحه همس كما أصوات غيمة في قبضة ريشة فنان، ومن صرخته الأولى تتكون أسرار وملامح طفولة وأحلام، روحه الطيبة البهية تعصى على القبض كرغبة عين ثالثة لا تنام وهو يرسم خطو الانطلاق ودوائر الانفلات، يجازف بالمشي فوق حقول الألغام، يرسم بريشة الانعتاق نثرات البوح والحرية والانعتاق كما مُقل الطيور في محراب صلاتها وتأملاتها، لأنه شجرة تمنحك الظل؛ ظل الجمال وطيب الثمار، ثمة من يخبرنا أنّ: (المثقف الحقيقي ليس بكثرة اطلاعه، ولكن بمواقفه إزاء ما يقرأ) (نثرة 20).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.