عند مدخل المركز الحدودي الكركرات، يتراءى للزائر منظر صومعة مسجد ينتصب شامخا وسط سلسلة من مشاريع كبرى قيد الإنجاز، تجسد الدينامية التنموية المتسارعة التي تشهدها الكركرات، بوابة المغرب نحو عمقه الإفريقي. هذه المعلمة الدينية الجديدة، أطلق عليها اسم "مسجد الخير" تيمنا بالخير الذي أضحى يعم الكركرات منذ التدخل البطولي للقوات المسلحة الملكية، بأمر سام من قائدها الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة جلالة الملك محمد السادس، من أجل تأمين هذا المعبر الحدودي وإعادة فتحه أمام حركة المرور. فالمسجد الجديد، الذي تم بناؤه على مقربة من نقطة حدودية ومحور طرقي استراتيجي يعرف تدفقا يوميا لحركة المرور وتنقل الأشخاص والبضائع والخدمات، يعد جزء من مشاريع تنموية كبرى بالمنطقة تشمل، على الخصوص، تهيئة منطقة للتوزيع والتجارة، وكهربة المركز الحدودي، وتزويده بالماء الشروب، وتشييد مركز للاستقبال لفائدة الفئات الاجتماعية الهشة، وتهيئة ملعب لكرة القدم. ويندرج تشييد هذا الصرح الديني، الذي أعطيت انطلاقة أشغال إنجازه يوم 18 نونبر 2020، بمناسبة تخليد الذكرى الخامسة والستين لاستقلال المملكة، في سياق الجهود الرامية إلى تلبية الاحتياجات الروحية المتزايدة للمواطنين والعابرين على حد سواء، وتمكينهم من ممارسة شعائرهم الدينية في أحسن الظروف. وتضم هذه المعلمة الدينية، التي شيدتها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بكلفة مالية ناهزت 8 ملايين و800 ألف درهم على مساحة إجمالية بلغت 3776 متر مربع وبقدرة استيعابية تشمل 520 مصليا ومصلية، قاعة للصلاة خاصة بالرجال، وأخرى خاصة بالنساء، وقاعات للوضوء وصومعة وسكنا للإمام. وتم بناء هذا المسجد وفق تصميم معماري إسلامي ذي طابع مغربي أصيل يلتزم بمعايير بناء مساجد المملكة، تنفيذا للتعليمات السامية لأمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس، ليشكل منارة للإسلام الوسطي، ويساهم في نشر تعاليم الدين الحنيف ومبادئ الشرع القويم، ويحافظ على الأمن الروحي للمغرب ووحدة المذهب المالكي. وقال المندوب الجهوي للشؤون الإسلامية بالداخلة – وادي الذهب، عبد القادر العليوي، إن تشييد مسجد "الخير" بالكركرات، الذي افتتح في وجه المصلين مع بداية شهر رمضان 1444 ه، يندرج في إطار العناية السامية التي يوليها أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس للمساجد بناء وتجهيزا. وأضاف، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء وقناتها الإخبارية (M24)، أن هذا المسجد يمتاز بخصوصية تتمثل في تواجده بنقطة مهمة تعد بوابة للمغرب نحو إفريقيا، مما يجعل منه ق بلة لإقامة الشعائر الدينية على أكمل وجه، سواء بالنسبة للعاملين بالمعبر الحدودي أو السائقين المتواجدين بكثرة في المعبر. وبعدما نوه بالمجهودات الكبيرة التي تبذلها المملكة في ما يخص تشييد المساجد، أكد العليوي أن بناء مسجد الكركرات، الذي تقام به الصلوات الخمس وصلاة الجمعة والتراويح، يشكل إضافة نوعية للمساجد التي يعرفها إقليم أوسرد، سواء تلك المشيدة في جماعة بئر كندوز أو جماعة أوسرد. وفي تصريح مماثل، أكد عضو المجلس العلمي المحلي لأوسرد وخطيب الجمعة بمسجد "الخير"، أحمد حران، أن هذه المعلمة الدينية تأسست لتشكل منارة للعلم، ولتمكن المواطنين والعابرين من أداء شعائرهم الدينية في جو من الطمأنينة والسكينة والخشوع. وأضاف حران أن تشييد هذه المعلمة الدينية يندرج في سياق العناية الفائقة التي يخصصها أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس لبناء وتجهيز بيوت الله، مشيرا إلى أن المسجد سيحتضن دروسا دينية ومحاضرات وندوات علمية ومسابقات ثقافية، ليضطلع بدوره كاملا في التأطير الديني. وعبر العديد من المصلين، مغاربة وأجانب، عن إعجابهم بهذا الفضاء الديني الجديد الذي سيتيح لهم الفرصة لممارسة شعائرهم الدينية وأداء الصلوات بشكل جماعي، بتأطير ديني محكم، وفي أجواء من الأمن والسكينة والخشوع، بعيدا عن صخب عشرات الشاحنات التي تصطف يوميا أمام المعبر الحدودي. ويأتي افتتاح مسجد "الخير" بالكركرات في سياق تعزيز البنيات التحتية والمؤسسات الدينية بإقليم أوسرد، لينضاف بذلك إلى عدد من المساجد التي يتوفر عليها الإقليم، والتي تشمل كلا من مسجدي "الفتح" و"أبو بكر الصديق" بجماعة بئر كندوز، ومسجدي "الوحدة" و"الكلات" بجماعة أوسرد. وعرف المركز الحدودي الكركرات، التابع لجماعة بئر كندوز (إقليم أوسرد)، تطورا اجتماعيا واقتصاديا مهما خلال السنوات الأخيرة، بفضل موقعه الجغرافي الاستراتيجي على الحدود المغربية – الموريتانية، وتزايد أعداد الشاحنات التي تعبره بشكل يومي من وإلى موريتانيا وباقي بلدان غرب إفريقيا.