أصدرت جمعيات من المجتمع المدني ببني ملال بيانا عنونته ب «السقايات بين سخاء وجمالية الماضي وتهميش الحاضر»، تحدثت فيه عما وصفته ب «الضياع الذي آلت إليه مقومات ثقافية و معمارية بالمدينة منذ عقود»، وذلك «رغم تعالي الصيحات والنداءات المتكررة لإيقاف هذا النزيف والحد من التراكمات السلبية في مجال البناء والتعمير، الناتج عن الإجهاز على المحيط البيئي والطبيعي وكافة الفضاءات ذات الارتباط بالتاريخ الحضاري للمدينة» بسبب ما نعتته ب «الجشع العمراني غير المبرر الذي استهدف الجزء الأوفر من التراث اللامادي للمدينة، والذي لم تسلم منه السقايات العمومية التي كانت تعتبر كنزا من الكنوز التي جادت بها حضارة مدينة بني ملال قبل عقود من الزمن، هذا الإرث التاريخي والعمراني المرتبط بالزمان والمكان والساكنة على حد سواء». وحسب البيان «فهذه السقايات لم تكن مجرد منشآت مائية لإرواء ظمأ الساكنة»، فهي «تتميز بالتنوع الجمالي» المؤشر على «بصمة الصانع التقليدي من زخارف ونقوش ومواد البناء المشكلة لهذه المعالم الهندسية … وتظل العلاقة القائمة بين الساقيات والإرث التاريخي للمدينة على المستوى المعماري، علاقة منقوشة في الافئدة كهبة إنسانية وتاريخية يصعب محوها من الذاكرة الملالية، وبصمة معمارية عصية على الإندثار». ودعا البيان «المسؤولين عن تدبير الشأن المحلي إلى رد الإعتبار» لهذا الإرث التاريخي، مطالبا ب «الوقف الآني لإجراء نزع العدادات المائية من السقايات العمومية باعتباره قرارا ارتجاليا وجائرا – إنصاف الذاكرة الملالية ووقف مظاهر التخريب والتشويه التي طالت معالم السقايات العمومية – إحداث سقايات جديدة، والعمل على ترميم السقايات القديمة بحلة تلائم طبيعتها التاريخية والحضارية واعتماد النمط الأصيل في الزخارف والأسلوب وأصالة الإبداع.. مع احترام خصوصية المدينة التي تتميز بها في كل التجمعات السكانية والأسواق والساحات العريقة – جعل هذه المنشأت المائية العمومية محط عناية واهتمام، واعتماد صنابير حديثة ذات استعمال فوري يعزز ترشيد استعمال الثروة المائية بمدينة الماء»، معتبرا أن «جزءا كبيرا من السقايات ذات الحلة الأصلية، جزء لا يتجزأ من الذاكرة الملالية وتاريخها ولا يمكن القبول بإقبارها». وارتباطا بالسياق ذاته ، فقد علمنا «أن المجلس البلدي قام بتوقيف 36 سقاية ووثق ربطها بالشبكة المائية من أصل 58 الموجودة بالمدينة، بالإضافة إلى إزالة الحدائق بسبب التكلفة المالية، والتي بلغت 900 مليون سنتيم لفائدة الوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء، ما يشكل إثقالا لميزانية الجماعة».