رغم أننا نعيش في مجتمعات غربية ديمقراطية تحترم حرية التعبير وحتى ولو تجاوزت الحدود التي من الممكن أن تجر المذنب للقضاء، عادي جدا أن يتعرض المواطن صاحب مواقف ثابتة من قضايا تعتبر من الطابوهات التي لا يمكن أن يقبلها البعض من أبناء جلدتنا، خصوصا إذا كان لك مواقف ثابتة من التطرف والإرهاب ومن يموله، لا أستبعد أن يتعرض كل واحد يحمل موقفا وفكرا تنويريا ضد الغلو والتطرف الذي كانت تغذيه أنظمة خليجية بأموال البترودولار، إلى هجوم بكلام نابي لأن المسترزقين فقدوا كل أمل في استمرار التمويلات الخارجية، مادام أن معظم الدول الأوروبية وصلت إلى قناعة، مفادها أن وقف التطرف والغلو والإرهاب يبنى على قرارات حاسمة تتخذ في كل الدول الأوروبية، والذين كانوا يقتاتون على فتات الخليج، لم يعد لهم مورد، علينا جميعا كمسلمين متشبعين بفكر وثقافة تدعو للحوار في مجتمعات أوروبية، أن نغير من خطابنا ومن سلوكنا ومن تعاملنا مع بعضنا البعض، والاحترام يجب أن يسود خطابنا وحواراتنا، ولا داعي للجوء إلى خطاب تكفيري مبني على ثقافة التهديد وسفك الدماء. الإسلام منذ بداية الدعوة لم يبن على استعمال السيف بل على استعمال لغة الحوار مع من نختلف معه في الرأي، وشاورهم في الأمر، وعلى كل متطرف متمسك بخطاب الكراهية أن يعلم بأننا نعيش في دول حريصة على الالتزام بالقانون ومن يتجاوزه سينال العقاب . ما الفرق بين متطرف يميني يتبنى أسلوبا وفكرا يدعو للكراهية ولطرد كل من يحمل عقيدة الإسلام ويدافع عنها وفق قانون التعدد الثقافي والديني، الذي تضمنه القوانين، وبين متطرف إسلامي يتبنى أفكارا لا صلة بها بديننا وعقيدتنا التي تتبنى قيم التسامح والتعايش، أعتقد أن المجتمعات التي نعيش بينها ترفض الفريقين ولها موقف واضح من الغلو والتطرف، سواء كان إسلاميا أومسيحيا، لا علاقة له بالقيم التي يتبناها المجتمع الغربي بصفة عامة. ومن لا يقبل من أبناء جلدتنا الرأي الآخر وضرورة احترام القانون والدستور في البلدان التي نعيش فيها، فلا مكان له بيننا في المجتمعات الغربية وعليه أن يرحل إلى البلدان التي كانت تموله، خصوصا بعدما ألغت نظام الكفيل . لا أدري هل المسلم الذي اختار العيش في البلدان الغربية مطمئن على حياته عندما يسود خطاب تكفيري، يلمس منه استمرار التهديدات الإرهابية وسفك الدماء، أم أن المجتمعات التي نعيش بينها وفرت كل الظروف لحماية حرية التعبير، وأن الحبل بدأ يضيق على أعناق من فقدوا كل شيء ولم يبق لهم سوى النباح ويستمر الحديث والنضال، كما قال أحدهم، الذي تسرب خلسة لمجموعة تناقش قضايا الساعة بهدوء وبحرية وبوطنية ولا أحد يزايد عليهم أو يعطيهم دروسا في السياسة وفي العمل الجمعوي التطوعي وفي الوطنية.