أكد خبراء دوليون، أمس الخميس، على ضرورة تبني نهج قوي ومنسق لمكافحة الفساد على المستوى العالمي، لضمان وصول الدعم والتحفيز الاقتصادي في حالة الطوارئ إلى الفئات المعنية بطريقة شفافة وشاملة وفعالة. وأبرز المتدخلون، في ندوة علمية نظمتها عن بعد الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، بصفتها رئيسة الدورة الثالثة لمؤتمر الدول الأطراف في الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد عبر تقنية المناظرة المرئية، حول موضوع « تعزيز النزاهة والوقاية من مخاطر الفساد في ظل جائحة كورونا»، أهمية تحقيق التوازن بين النجاعة والراهنية في مواجهة الجائحة والوقاية والاحتراس من اتساع مساحات انفلات مظاهر الفساد. واعتبروا أنه يمكن للإجراءات الاستثنائية لتدبير جائحة فيروس كورونا المستجد أن تسهم في اتساع رقعة الفساد، مستعرضين، في هذا الإطار، المخاطر التي تمثلها الإجراءات الاستثنائية لتدبير جائحة كورونا وما يمكن أن يترتب عنها من استفحال للفساد وآثاره على التنمية وتغطية حاجيات المواطنين، سواء تلك المرتبطة مباشرة بالجائحة، من خدمات طبية ومواكبة اجتماعية ودعم للاقتصاد، أو تلك المتعلقة بحاجياتهم اليومية وضمان الخدمات العمومية والرفاهية لكل المواطنين. وفي هذا الصدد، أكد رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، محمد بشير الراشدي، الحاجة الملحة لإرساء رؤية ناضجة للتوازن المطلوب بين النجاعة والراهنية في مواجهة الجائحة، من جهة، والوقاية والاحتراس من اتساع مساحات انفلات مظاهر الفساد، من جهة ثانية، مشددا على ضرورة استنهاض القدرات وتعميق التفكير حول أنجع السبل التي تضمن التوفيق بين الإجراءات الاستعجالية والمساطر الخاصة لمواجهة الجائحة، من جهة، وضمانات الشفافية والحكامة الجيدة والمسؤولة، من جهة ثانية. واعتبر أن تأثير الجائحة في إفراز مظاهر الفساد يبدو أمرا محتملا في انتظار تأكيده أو نفيه بمعطيات ميدانية مثبتة، مستطردا بالقول «إنه من السابق لأوانه الحديث عن معطيات كمية ونوعية مضبوطة كفيلة بتأكيد المنحى التصاعدي لمظاهر الفساد بسبب جائحة كورونا، لكن الأمر الأكيد هو أن الجائحة نزلت بثقلها الأكبر على الفئات الأكثر هشاشة، وضاعفت بالتالي احتياجاتها إلى الحقوق الأساسية». من جهتها، شددت نائبة الممثل الإقليمي لمكتب الأممالمتحدة المعني بالمخدرات والجريمة للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ميرنا بوحبيب، على الحاجة إلى نهج قوي ومنسق لمكافحة الفساد على المستوى العالمي للمساعدة في ضمان وصول الدعم والتحفيز الاقتصادي في حالة الطوارئ إلى المستفيدين المقصودين، بطريقة شفافة وشاملة وفعالة، وعلى هيئات الرقابة لتحقيق هذه الأهداف، من خلال آليات المراقبة والمساءلة المستمرة. وسجلت أن الدول قامت، ومن أجل تفعيل الإجراءات والتدابير الواسعة التي اتخذتها لاحتواء وتخفيف انتشار فيروس كورونا، بالتخفيف من الضوابط والرقابة والمساءلة من أجل الاستجابة السريعة والتأثير الفوري، مما نتج عن ذلك خلق فرص لانتشار الممارسات الفاسدة. من جانبه، أبرز مدير إدارة الشؤون القانونية بالأمانة العامة لجامعة الدول العربية، ياسر عبد المنعم عبد العظيم، أن جامعة الدول العربية تضع في مقدمة أولوياتها مكافحة الفساد نظرا لما تشكله الظاهرة الخطيرة من تهديد للتنمية والأمن والاستقرار وسيادة القانون، مشيرا إلى أن الجامعة تدرك، أيضا، أن التصدي للفساد لا يقتصر على الدول فحسب، بل يشمل المنظمات الدولية والإقليمية، إلى جانب الأفراد ومؤسسات المجتمع المدني. بدوره، اعتبر ممثل برنامج الأممالمتحدة الإنمائي، أركان السيبلاني، أن جائحة كورونا جاءت لتثبت أن الجهود المبذولة لتحقيق التنمية على أهميتها، لم تحقق التقدم المطلوب بسبب ممارسات الفساد، مضيفا أن برنامج الأم المتحدة الإنمائي يفرد على مستوى المنطقة العربية وعلى مستوى العالم، مساحة خاصة هذه السنة، لمواكبة الجهود التي تبذلها هيئات مكافحة الفساد والمنظمات الإقليمية في جامعة الدول العربية وغيرها من الأطراف المعنية، من أجل تعزيز القدرة على الوقاية من الفساد في هذه المرحلة الهامة.