تهدف هذه المشاورات الإقليمية، حسب المنظمين، إلى تمكين المشاركين من استعراض الإنجازات المتحققة والتحديات القائمة بالنسبة لمكافحة الفساد وتعزيز النزاهة في البلدان العربية، في إطار المرحلة الأولى من المشروع الإقليمي الخاص بالبرنامج الإنمائي، والمساهمة في تحديد توجهاته المستقبلية في 2015 وما بعدها. وقال محمد الوفا، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة، المكلف بالشؤون العامة والحكامة، إن "الفساد لا يهم فقط الدول العربية، لكنه يوجد في الدواليب الاقتصادية والاجتماعية لكل الشعوب"، داعيا إلى تحديد معنى للفساد. وأضاف الوزير، في الجلسة الافتتاحية لهذا اللقاء، أن الفساد يعطل قاطرة التنمية الاقتصادية في دول العالم الثالث، مشيرا إلى وجود فساد إداري على مستوى الإدارة وفساد في القطاع الخاص. وعن المغرب، قال إن الأوضاع "بدأت تتحسن، لأنه أصبح هناك وعي جماهيري بإشكالية الفساد"، مشيرا إلى أن جلسة ثانية ستقعد بالبرلمان لدراسة موضوع الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة التي أصبحت هيئة دستورية. وأضاف أن للتعليم دورا أساسيا في مكافحة الفساد، من خلال تحسيس الأطفال والشباب في المدارس بأخطار هذه الآفة على المجتمع. من جهته، ذكر عبد السلام أبودرار، رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، في الجلسة الافتتاحية، بأن المغرب قام بخطوات عديدة في مجالات الحكامة الجيدة وتعزيز الشفافية والنزاهة ومكافحة الفساد منذ سنة 2011، تتجسد في تنصيص الدستور على مبادئ الحكامة الجيدة، بما في ذلك تخصيص باب كامل لهذا الموضوع، مع الارتقاء بعدد من هيئات الحكامة إلى مؤسسات دستورية، وإحداث أخرى، وتمتيعها بالاستقلالية، وتمكينها من صلاحيات واسعة لضمان نجاعتها وفعاليتها. وأضاف رئيس الهيئة أن المغرب انخرط في إعداد استراتيجية وطنية للوقاية من الفساد ومحاربته، ينتظر أن تأخذ في اعتبارها الكثير من توصيات الهيئة المركزية في تقاريرها المختلفة، وكذلك أهم نتائج البحث الوطني حول الرشوة، الذي أنجزته الهيئة، التي ستنشر قريبا. أما أيشاني لابي، الممثلة المساعدة ببرنامج الأممالمتحدة الإنمائي في المغرب، فثمنت جهود المغرب على مستوى الالتزامات في تطبيق اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد، بترجمتها على أرض الواقع، كما ثمنت فرصة عمل البرنامج جنبا إلى جنب مع المغرب. وأكدت أيشاني التزام المكتب وبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي بتتبع مسارات مكافحة الفساد، وتعزيز النزاهة، لاستعراض الحاجيات حسب المنطقة، مشيرة إلى أن البرنامج تمكن، العام الماضي، من مساعدة ست دول في مكافحة الفساد وتعزيز النزاهة، كما قدم مساعدات تقنية لست منظمات غير حكومية لدعم النزاهة، وساعد 36 دولة في رفع التحديات بهذا الخصوص. وأضافت أن البرنامج وقف إلى جانب المرأة الإفريقية في إطار إعادة توزيع الثروات، مؤكدة أنه رغم هذه الجهود تبين من خلال البحوث أن أهداف تحقيق التنمية تتغير بسبب الفساد في العديد من المناطق، ما جعل برنامج الأممالمتحدة الإنمائي يوافق على الخطة الاستراتيجية (2014-2017). وفي مداخلة له، قال يعقوب بيريس، مستشار برنامج إقليمي بالمكتب الإقليمي للدول العربية برنامج الأممالمتحدة، إن تعزيز النزاهة مرتبط بالخطة الاستراتيجية لبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي 2014-2017 وأهدافها، مشيرا إلى أن الهدف هو تجميع المعلومات والعمل على أساسها، من أجل تقوية الحكومات في مواجهة الفساد في المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، وأن المشروع الإقليمي لمحاربة الفساد اشتغل على مساعدة الهيئات للوقاية من الرشوة. وثمن بيريس دور المغرب ولبنان على لعب دور الريادة خلال هذه السنوات، وقال إنه من خلال مجهوداتهما في المنطقة أصبحت الشبكة العربية لتعزيز النزاهة بوابة لتقاسم المعلومات والمؤشرات داخل المنطقة. وستصب نتائج المشاورات رفيعة المستوى، المنظمة على مدى يومين، في بلورة المرحلة الثانية من "المشروع الإقليمي لمكافحة الفساد وتعزيز النزاهة في البلدان العربية" الذي يشكل، حسب المنظمين، عنصرا أساسيا في البرنامج الإقليمي الجديد للدول العربية المنبثق عن الخطة الاستراتيجية لبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي(2014-2017). ويتوقع إنجاز الخطوات الداخلية اللازمة لاعتماد وثيقة المشروع الإقليمي قبل نهاية 2014، على أن يبدأ تنفيذه في 2015، مع إعطاء الأولوية في الدعم للدول العربية، التي تعبر عن رغبتها في الانخراط في نشاطاته والاستفادة من خدماته.