فعاليات مؤتمر الاتحاد العام للفلاحين بجهة طنجة    زلزال بقوة 6.2 درجة يضرب تركيا    إصابة الحوامل بفقر الدم قد ترفع خطر إصابة الأجنة بأمراض القلب (دراسة)    المغرب يعزز منظومته الصحية للحفاظ على معدلات تغطية تلقيحية عالية    التجارة الثنائية بين المغرب والاتحاد الأوروبي تجاوزت 60 مليار يورو خلال 2024    سموتريتش يهدد بإسقاط حكومة نتنياهو إن لم يتم احتلال غزة وحكمها عسكريا    سكتة قلبية تنهي حياة الإعلامي صبحي عطري    طائرة تنقل سيدة إيفوارية في حالة حرجة من الداخلة إلى مراكش    في الحاجة إلى مغربة دراسات الهجرة..    جولة أبريل من الحوار الاجتماعي: النقابات تؤكد على ضرورة الاستجابة لمطالبها المختلفة لفائدة شغيلة القطاعين العام والخاص    فاس ومونبليي تفتحان فصلا جديدا في تعاونهما اللامركزي    العدالة والتنمية يفتح أبواب مؤتمره ل"حماس" متجاهلا كل هذه الأصوات    تونس.. استقالة جماعية لأطباء الجامعات احتجاجاً على تردي أوضاع المستشفيات    تتبع السفن يكشف مسارا صادما.. سفينة تبحر الجزائر ترسو مباشرة في إسرائيل    حين يُهدر الوطن من الداخل: مغاربة يسلمون أوراق المغرب لخصومه    موانئ المغرب... من بوابة طنجة إلى آفاق الناظور والداخلة: طموح بحري يربك الموازين الإقليمية    وكالة التنمية الفلاحية تستعرض فرص الاستثمار الفلاحي خلال ندوة دولية بمعرض مكناس    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    "البام" يحافظ على مقعد بنعيسى بأصيلة    "سفينة النفاق": من بجاية إلى أشدود... حين تسقط شعارات "الممانعة" في بحر المصالح    الصين تطلق سفينة الفضاء المأهولة "شنتشو-20" في 24 أبريل الجاري    منظمة الصحة العالمية تستعد لخفض برامجها وتسريح موظفين عقب وقف التمويل الأمريكي    صندوق النقد الدولي: رسوم ترامب قد تؤثر على الاقتصاد العالمي    عقوبات وغرامات تطال ثلاثي "الكاك"    توقيع شراكة استراتيجية ومذكرة تفاهم لبحث الفرصة الواعدة في إفريقيا بين فيزا ومجموعة اتصالات المغرب    الجهوية والإمكانيات المتاحة لتنمية الجهات: نموذج 'جهة العيون الساقية الحمراء' موضوع ندوة دولية بالعيون    طقس الأربعاء .. قطرات مطرية ورعد محلي في بعض المناطق    كيوسك الأربعاء | توقع إنتاج 44 مليون قنطار من الحبوب    وزارة التعليم العالي تدرس إمكانية صرف منحة الطلبة شهريا    مسؤولو الأمن الإقليمي بالجديدة يشهرون سلاح الحزم في وجه الجريمة: تعيين فرق أمنية متخصصة يعيد الطمأنينة للسكان    التقدم والاشتراكية: سبب الخوف من مبادرة تشكيل لجنة لتقصي الحقائق سيظل سؤالاً شعبيًّا يُطاردُ الحكومة ورئيسها    في جولة أبريل من الحوار الاجتماعي.. الاتحاد العام لمقاولات المغرب يؤكد على تجديد مدونة الشغل والتكوين    تراجع أسعار الذهب    المنتخب المغربي للتايكواندو يشارك في كأس رئيس الاتحاد الدولي للتايكوندو بأديس أبابا    خبراء يدعون إلى تعزيز الابتكار والحكامة لتقليص تأثيرات التغيرات المناخية    من احتلال الأرصفة إلى غزو الشوارع.. فوضى الملك العمومي تتوسع بطنجة    "الإيقاع المتسارع للتاريخ" يشغل أكاديمية المملكة المغربية في الدورة الخمسين    ندوة علمية حول موضوع العرائش والدفاع عن السيادة المغربية عبر التاريخ: نماذج ومحطات    الغربة بين الواقع والوهم: تأملات فلسفية في رحلة الهجرة    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات.. المنتخب المغربي يحقق فوزا عريضا على نظيره الناميبي (8-1)    صحيفة ماركا : فينيسيوس قد يتعرض لعقوبة قاسية (إيقاف لمدة عامين    بنيس: الرواية أبرزت هوية الفلسطيني.. بلقزيز: المشروع الصهيوني همجي    لبؤات الفوتسال يحققن فوزا عريضا على ناميبيا في افتتاح المشوار بكأس أمم إفريقيا    من تداعيات شد الحبل بينها وبين الوزارة الوصية .. جامعة كرة السلة توقف البطولة الوطنية بكل فئاتها بسبب العوز المالي    تكريم الدراسات الأمازيغية في شخص عبد الله بونفور    تأييد الحكم الابتدائي وتغليظ التهم رغم التنازلات في حق الرابور «طوطو»    الجولة 27 من الدوري الاحترافي الأول .. الوداد ينتظر هدية من السوالم وأندية الأسفل تمر إلى السرعة القصوى    أخبار الساحة    بسبب تكريم باسم والدته.. نجل نعيمة سميح يهدد باللجوء إلى القضاء    باحثون: الحليب بدون دسم أفضل لمرضى الصداع النصفي    معهد الدراسات الإستراتيجية يغوص في العلاقات المتينة بين المغرب والإمارات    مندوبية الصحة بتنغير تطمئن المواطنين بخصوص انتشار داء السل    المغرب يخلد الأسبوع العالمي للتلقيح    مغرب الحضارة: حتى لا نكون من المفلسين    لماذا يصوم الفقير وهو جائع طوال العام؟    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفلسطينيون ملعونون أينما ثقفوا محرومون أينما وجدوا

هل بدل بعض العرب والمسلمين كلام الله سبحانه وتعالى وحرفوا كتابه، وقلبوا مفاهيمه وغيروا معانيه، وأبطلوا أحكامه وعطلوا سننه، فأصبح الفلسطينيون في قاموسهم هم الملعونين والمغضوب عليهم، وهم الذين يجب أن يطردوا من بلادهم، وينفوا من أرضهم، ويشردوا بعيداً عن وطنهم، ويعذبوا في حياتهم، ويعانوا طيلة عمرهم، ويقاسوا في حلهم وترحالهم، ويسجنوا ويعتقلوا ويسحلوا، ويعذبوا ويهانوا ويضطهدوا، ويؤخذوا بالقوة والعنف ويقتلوا تقتيلاً، فهذا هو جزاؤهم الذي يعتقدون، وعاقبتهم التي يريدون، وكأنهم هم اليهود والذين أشركوا، الذين ذكرهم لله عز وجل في كتابه، وأكد عليه رسوله الأمين محمد صلى لله عليه وسلم "مَّلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلا سُنَّةَ للهِ فِى الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ للهِ تَبْدِيلاً ".
ويكأنهم لم يقرأوا كتاب لله عز وجل ولم يعرفوه، أو طمس على قلوبهم فلم يفهموا مراده ولم يفقهوا أحكامه، أو أن في آذانهم وقراً فلا يسمعونه ولا يستجيبون إلى أمره، أو أنهم علموا كلامه سبحانه وتعالى وخالفوه، وفهموا أوامره وعصوه، أو آمنوا بكتابٍ غيره وأشركوا معه سواه، ونسوا بأن كلمة الله هي العليا، وأن كلامه الخالد لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولكنهم ضلوا الطريق وعُميَّت عليهم الحقيقة، وغاب عن ضمائرهم الحق، فغدوا لا يعون شيئاً ولا يفقهون أمراً، وأخشى أن يكونوا ممن ذكرهم لله في كتابه "أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ".
أم أن لهم كتاباً آخر تَنزَّلَ عليهم أو أوحيَّ به إليهم، منه يقرأون وفيه يدرسون، ومنه يستقون الأوامر ويشرعون الأحكام، فوجدوا فيه أن اليهود إخوانهم، وأنهم أقرب إليهم مودةً ورحمةً، وأنه يحق له مساكنتهم ومجاورتهم، والاعتراف بهم والتعاون معهم، وزيارتهم واستقبالهم، والعمل معهم وتبادل الخبرات وإياهم، وأنه لا يجوز مقاتلتهم أو إعلان الحرب عليهم، بل ينبغي وفق زعمهم مسالمتهم وتصديق روايتهم والإيمان بمظلوميتهم، والاعتراف بدولتهم وتطبيع العلاقات مع شعبهم، والعمل معهم على رفع الظلم عنهم، ووقف الإساءة إليهم، ومساعدتهم في العودة إلى الأرض المباركة التي وعد الله لهم، فقد آمنوا أن فلسطين هي إسرائيل، وأنها للإسرائيليين وحدهم، وهي أرضهم المشروعة، وبلادهم الخاصة، ومملكتهم القديمة، وموطن أنبيائهم الأوائل ورسلهم السابقين، وفيها هيكلهم العتيد وعزهم التليد ومجدهم القديم، وإليها تهفو قلوبهم وتحن نفوسهم، وتتطلع إلى العيش فيها أجيالهم.
وكأنهم في كتابهم الجديد يدرسون أن الفلسطينيين أعداؤهم، وأنهم ليسوا إخوانهم، ولا تربطهم بهم أواصر قربى ودمٍ ولسانٍ ودينٍ، ولا حقوق لهم عندهم، ويصفونهم بأنهم عاقون لا يحفظون الفضل ولا يعترفون به، وأنهم ينكرون الجميل ويعضون اليد التي تمتد إليهم بالمساعدة والعون، ويسيئون إلى البلاد التي آوتهم وأكرمتهم، ولهذا فإنهم لا يستحقون الاعتراف بهم والتضحية في سبيلهم، بل لا ينبغي رحمتهم أو الرأفة بهم، ولا يجوز نصرتهم أو التضامن معهم، ولا تصح مساندتهم أو الوقوف إلى جانبهم، وليس من العدالة والإنصاف الإصغاء إلى روايتهم أو تصديق حكايتهم، فهم الذين أضاعوا بلادهم، وفرطوا في أوطانهم، وتنازعوا فيما بينهم، وأضروا بأنفسهم وبقضيتهم، وأساؤوا إلى شعبهم وأهلهم. فرح اليهود بكتاب العرب الجديد وهللوا له وابتهجوا به، وارتسمت على شفاههم ابتسامةٌ عريضة وسكنت قلوبهم فرحة كبيرة، فقد فتحت بلادٌ كانت موصدة أمامهم، وممنوعةً عليهم، وغير مسموحٍ لهم الاقتراب منها أو المرور فيها، لكنها اليوم أصبحت أمامهم مفتوحة ولهم مشروعة، يزورونها علناً، ويتجولون في شوارعها ليلاً ونهاراً، ويشترون ومنها ويبيعون إليها ويتجارون معها، وقوانين البلاد معهم تؤيدهم وتساعدهم، وتحرسهم وتحميهم، وتضمن أمنهم وتسهر على سلامتهم، رغم أنهم في أغلبهم جواسيسٌ وعملاءٌ، ومفسدون ومخربون، يتآمرون على بلادنا، ويطمعون في خيرات أوطاننا، ويتربصون شراً بشعوبنا، ويتطلعون إلى الكيد بنا والإساءة إلينا.
غريبٌ أمر هؤلاء العرب المطبعين، وهم في حقيقتهم شرذمةٌ قليلون، لا يشكلون في مجتمعاتهم أكثرية، ولكنهم السلطة الحاكمة والمتحكمون في وسائل الإعلام ورؤوس الأموال، فيفرضون رأيهم قهراً بالسيف أو إرغاماً بالمال، أو تهديداً بالفقر والجوع أو السجن والقتل.
إنهم لشعوبهم غائظون، ولهم مستفزون، ولقناعاتهم مخالفون، إذ لا يعبرون عنهم، ولا ينطقون باسمهم، ولا يعكسون حقيقة مواقفهم وعمق إيمانهم بالقضية الفلسطينية، التي هي بالنسبة لهم كالقلب من الجسد، توازي بلادهم قدراً، وتتساوى مع أوطانهم عزاً.
وكذا القدس والمسجد الأقصى المبارك، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، فهو بالنسبة لشعوبهم آيةٌ في كتاب لله، وجزءٌ من عقيدتهم، وأساسٌ في دينهم، لا يفرطون فيها ولا يتنازلون عنها، ولا يساومون أحداً عليها، ولكن حكامهم اشتروا بآيات لله عز وجل ثمناً بخساً، وبدلوا دينهم بوعدٍ مكذوبٍ وأجرٍ غير مضمونٍ وبدلٍ أثيم ملعونٍ، وغضبٍ من لله عليهم دائمٍ، فاستحقوا لعنة لله ورسوله والناس أجمعين.
يظن الإسرائيليون أنهم بما نالته رماحهم استطاعوا كسر إرادة الفلسطينيين وفل عزيمتهم وإضعاف قوتهم، وأنهم سيستطيعون بعد التهافت الذي حدث، والتساقط الذي قد يقع، ابتلاع فلسطين إلى الأبد، وشطب اسمها من التاريخ والمستقبل، وأن الفلسطينيين سيشعرون بأنفسهم وحدهم في الميدان، لا ناصر لهم ولا معين، ولا سند لهم ولا ظهير، مما سيضطرهم إلى التنازل والتفريط، والتخلي والنسيان، والرحيل والمغادرة، والقبول بالبدل والتعويض، وبالتوطين والتجنيس، وما علموا أن الفلسطينيون سيقاتلون ولو كانوا وحدهم، وسيصمدون ولو تخلى الجميع عنهم، فكيف بهم وهم يشعرون بمعية الله عز وجل معهم، وأنه يكلأهم ويرعاهم، ويحفظهم ويثبتهم، وأن شعوب الأمة كلها تقف معهم وإلى جانبهم، وهم يعارضون إرادة حكامهم وسياسات بلادهم، التي يرون فيها كفراً وردةً، وخيانةً وغدراً.
بيروت في 2020/08/22
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.