طنجة.. توقيف شقيقين بسبب السياقة الاستعراضية وتعريض سلامة المواطنين للخطر    بنعبد الله: الأرقام الحكومية تؤكد أن 277 مستوردا للأبقار والأغنام استفادوا من 13,3 مليار درهم (تدوينة)    حفلة دموية في واشنطن.. قتيلان وأربعة جرحى في إطلاق نار خلال شجار عنيف    الاستقالات تبدأ بالتقاطر على مكتب لشكر بعد تصريحاته حول مسؤولية "حماس" في جرائم غزة    ميانمار تحت الصدمة.. هزات ارتدادية قوية تفاقم الكارثة الإنسانية    إفطار رمضاني بأمستردام يجمع مغاربة هولندا    اتحاد تواركة يتأهل إلى ثمن النهائي بالفوز على شباب المحمدية    توقعات أحوال الطقس لليوم الأحد    كأس العرش لكرة القدم (موسم 2023 -2024).. نهضة الزمامرة يتأهل إلى ثمن النهائي بالفوز على الدفاع الحسني الجديدي (4-0)    لقجع يحث منتخب أقل من 17 سنة على تشريف الكرة المغربية في كأس إفريقيا    صيباري: أتمنى المشاركة في مونديال 2026 وأحلم بالاحتراف في الدوري الإنجليزي    زلزال بورما.. تواصل جهود الإغاثة والإنقاذ والأمم المتحدة تحذر من "نقص حاد" في الإمدادات الطبية    كأس الكونفدرالية... تحكيم جنوب إفريقي لمباراة الإياب بين نهضة بركان وأسسك ميموزا الإيفواري    مدينة المحمدية تحتضن لأول مرة بطولة المغرب للمواي طاي لأقل من 23 سنة وللنخبة وكذا كأس سفير مملكة التايلاند بالمغرب    نتنياهو يزور المجر رغم مذكرة توقيف    تتويج فريق جيل المستقبل بطلاً للدوري الرمضاني لبراعم المدارس الكروية بإقليم الدريوش    وزارة الداخلية تؤكد على الرفع من درجات اليقظة والتعبئة والتأهب لمواجهة كل التحديات المتعلقة بانتشار الجراد    السغروشني تكشف دعم "البنود" لإنشاء مركز ثانٍ للذكاء الاصطناعي بالمغرب    دوافع ودلالات صفعة قائد تمارة    أوراق من برلين .. الحياة اليومية للسجناء في ألمانيا تحت المجهر    سطات تطالب بوقف "حرب الإبادة"    جمعية تطلب مؤازرة مؤسسات رسمية لاستخدام الأمازيغية في القضاء    عميد الكلية المتعددة التخصصات بالعرائش يؤكد انخراط الكلية في تشجيع الشباب والأطفال على القيم الدينية والثقافية والإستمرارية في دعم مسابقة القرأن الكريم لجمعية نادي إقرأ الثقافي    حبس رئيس جماعة سابق بالبيضاء    30 مارس ذكرى يوم الأرض من أجل أصحاب الأرض    مراهقون خارج السيطرة    يقترب الدولي المغربي " إلياس أخوماش " من العودة إلى الملاعب    المعطيات الفلكية ترجّح موعد عيد الفطر لعام 1446 هجرية في المغرب    انعقاد الدورة الحادية عشر من مهرجان رأس سبارطيل الدولي للفيلم بطنجة    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    بوصوف: هكذا التف المغاربة حول أمير المؤمنين في ليلة القدر المباركة    ارتفاع الدرهم مقابل الدولار والأورو وسط استقرار الاحتياطات وضخ سيولة كبيرة من بنك المغرب    في انتظار قبول إسرائيل.. حماس توافق على مقترح هدنة جديد    تعزيز التعاون المغربي الفرنسي في التعليم العالي والبحث العلمي شراكة استراتيجية لمستقبل أكاديمي متطور    دراسة: النساء يتمتعن بحساسية سمع أعلى من الرجال    نقاش "النقد والعين" في طريقة إخراج زكاة الفطر يتجدد بالمغرب    نقابات تطالب بحماية الموظفين خلال عملية توزيع الأعلاف.. وإشادة بمجهودات المديرة الإقليمية لوزارة الفلاحة بطنجة    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    في الفرق الدلالي والسياقي بين مشهدية الناس ومنظورية العالم    أنبياء على الورق..    اتحاد جمعيات حماية المستهلكين يناشد الملك توجيه الحكومة لتسقيف الأسعار ومراجعتها    هيئة السلامة الصحية تدعو إلى الإلتزام بالممارسات الصحية الجيدة عند شراء أو تحضير حلويات العيد    على قلق كأن الريح تحتي!    أكاديمية الأوسكار تعتذر لعدم دفاعها وصمتها عن إعتقال المخرج الفلسطيني حمدان بلال    رقمنة الإستفادة من تعويضات العلاج ل"CNSS".. هذه هي الخطوات الجديدة التي يجب اتباعها من قبل المؤمن لهم    الطالبي العلمي يرد على بركة: "ليس هناك 18 مستوردا وإنما 100 مستثمر في مجال استيراد الأغنام والمبلغ لا يصل إلى مليار و300 وإنما 300 مليون"    الصين تعتمد مخططا للتحول الرقمي للصناعة الخفيفة    تحذير طبي.. خطأ شائع في تناول الأدوية قد يزيد خطر الوفاة    معنينو يكشف "وثيقة سرية" عن مخاوف الاستعمار من "وطنيّة محمد الخامس"    أوراق من برلين.. أوقات العزلة المعاصرة: اكتشاف الشعور الكوني    ترجمة "نساء الفراولة" إلى العربية    لائحة الشركات التي تقدمت للإستفادة من الدعم المخصص لأضاحي العيد العام الماضي    الرميد يرد على لشكر: مهاجمة حماس وتجاهل إسرائيل سقوط أخلاقي وتصهين مرفوض    رحلة رمضانية في أعماق النفس البشرية    العامل المنصوري يبشر بمشروع "مدينة الترفيه والتنشيط" لتطوير إقليم تطوان وخلق فرص للشغل    عمرو خالد: هذه تفاصيل يوم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.. مشاهد مؤثرة ووصايا خالدة    مباريات كرة القدم للتأهل إلى المونديال إصابة أكرد تدمي قلب مشجع ستيني    "الرزيزة" .. خيوط عجين ذهبية تزين موائد ساكنة القصر الكبير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف تصبح كاتبًا؟ آذار نفيسي: الكتب بالنسبة لي عشق حقيقي (2)

بالرغم من الاهتمام الكبير الذي صاحب صدور كتاب «أن تقرأ لوليتا في طهران»، للكاتبة الإيرانية الأمريكية آذر نفيسي، فور صدوره في العام 2005، إلا أنني لم أقرأه إلا لاحقا بعد صدور الترجمة العربية له، ثم قرأت مذكراتها عن أبيها وعائلتها في كتابها اللاحق «أشياء كنت ساكتة عنها»، وقد استفزني الكتابان منذ قراءتهما. الاستفزاز، بالمعنى الإيجابي، لأسباب عديدة أولها الفكرة التي تأسس عليها بناء «أن تقرأ لوليتا»، والتي تمثلت فيما يشبه يوميات مجموعة قراءة سرية تشكلت من نفيسي، بوصفها أستاذة أدب، ومجموعة من طالباتها في الجامعة، بعد أن أوقفتها الجامعة عن التدريس لإصرار الإدارة لأن تخضع كل عضوات هيئة التدريس لوضع الحجاب، ورفضها لذلك وتفاصيل أخرى كثيرة لها علاقة بطبيعة الفترة التي أعقبت وصول الخميني للحكم.
p في كتابك الثالث جمهورية الخيال..تشيرين فيه أن المجتمعات التي تفتقد للخيال هي التي تحتاج للأدب أكثر من الدول التي تقدم هذا الأدب؟
في الحقيقة حين كتبت هذه الكتاب كنت قد انتبهت لظاهرة أمريكية غريبة وهي عدم تقديرهم لثقافتهم وأدبهم. وقد كنت في بداية قدومي للولايات المتحدة أشعر بالغضب الشديد لأنهم لا يعرفون شيئا عن الشرق الأوسط. صحيح أنهم يتحدثون عن الشرق الأوسط لكنهم لا يعرفون شيئا. ثم انتبهت لاحقا أنهم لا يقدرون حتى ثقافتهم. وهذا الأمر بدا لي غريبا؛ لأن أمريكا بلاد تأسست على فكرة في الأساس، وعلى أنواع من الفنون، وعلى الأفكار التقدمية والحرية، والآن حين يرى المرء المجتمع الأمريكي لا يهتم بهذا كله، فيبدو الأمر كأنهم فقدوا ذاكرة تخص تاريخا ليس هينا، مروا خلاله بمراحل من الحرب الأهلية التي دفعوا ثمنا غاليا لها، ولكي يأسسوا لاحقا أهم الحركات حقوق المواطنة المدنية التي جعلت هذا المجتمع منفتحا على الثقافات والفنون والأفكار، وحلما للجميع، بينما الآن يبدو المجتمع الأمريكي في حالة انغلاق ومحدودية.
وبالمناسبة فقد أذهلتني النقاشات التي دارت بيني هنا وبين مثقفين وأفراد ممن أتيح لي القاء بهم في الكويت، حول الأدب والروايات وتاريخ الأدب.
p ذكرت أنك كتبت كتابك أن تقرأ لوليتا في طهران في أحد المقاهي الأمريكية في واشنطن، واسمه بوردرز، وأشرت أيضا إلى ما أسميتيه المكتبات الكهفية؟ ما هي طبيعة هذه الأماكن ولماذا تفضلين الكتابة فيها؟
«بوردرز» أحد المقاهي- المكتبات. لكن للأسف لم يعد لها وجود الآن في واشنطن حيث أسكن، وعادة ما كنت أذهب لتلك المكتبة لشراء الكتب وتصفحها ثم أجلس بعد ذلك للكتابة، تروق لي الكتابة بين أناس لا أعرفهم، لكن تجمع بيننا الاهتمامات أو حب الكتب على الأقل، لكني أيضا أفضل الجلوس للكتابة في مقاهي المتاحف حيث أختار موضعا قريبا للوحة من اللوحات التي أحبها وأكتب بالقرب منها وكأنها تلهمني.
p ولماذا تختفي المكتبات؟
الإنترنت في اعتقادي أحد أهم الأسباب، الناس الآن أتاح لهم الإنترنت شراء أي شيء، لكن أعتقد أن السبب الأهم في تراجع المكتبات واغلاق الكثير منها أن الناس بدأوا يفقدون الاهتمام بالواقع من حولهم. هم مهتمون بالفضاء الافتراضي على حساب الواقع. أما بالنسبة لي فالأمر بطبيعة الحال على النقيض تماما، فالكتب بالنسبة لي عشق حقيقي، وأحب أجواء المكتبات ورائحتها وملمس الكتب. أفكر بنوع من الحزن في أن التقنيات الحديثة تعمل على أن تسلب الناس ذاكرتهم. لهذا أتمنى أن يعود الناس للقراءة وللكتب مرة أخرى. وفي الحقيقة فقد شهدت أمريكا خلال السنوات الأربع أو الخمس الماضية موجة جديدة من المكتبات المستقلة التي تبيع الكتب الورقية الأمر الذي أظنه جيد جدا.
p بفضل خبرتك الأكاديمية بالتدريس في إيران ثم في الولايات المتحدة، هل ثمة اختلاف بين الطلبة هنا وهناك؟
الحقيقة أن خبرة التعليم بشكل عام بها شيء جميل بالنسبة لي وهو الشغف والتعلم المتبادل، فخبرتي في تعليم الأدب قدمت لي الكثير من الخبرات، وتعلمت بدوري من طلبتي الكثير. لكني كنت ألاحظ أن الطلبة في إيران كان لديهم حماسا وشغفا استثنائيين، والكثير منهم لم يكونوا من سكان طهران وكانوا يأتون من ضواحي ومدن أخرى قريبة لكي يدرسوا الأدب بشغف. لكن في أمريكا الوضع مختلف، فالأدب الكلاسيكي بالنسبة لهم يعد أدبا له طابع مدرسي لأنهم درسوه في التعليم الثانوي، ولا يجدون ما يحفزهم لإعادة قراءته. لكن ما أحببته في الطلبة الأمريكيين أنهم كانوا شديدي التفتح، ويتمتعون بعقليات حداثية ولا يتعاملون معي كسلطة، أو يرهبونني. بينما في إيران كنت أبذل جهدا خارقا لكي أمنح طلبتي الإحساس بأنني لا أمثل سلطة من أي نوع، لأن المعلم بالنسبة لهم بشكل عام يمثل سلطة ما، ولو حتى ضمنيا. وهم يشعرون بالرهبة من أي سلطة، كانوا يخافون من انتقاد الكتب التي أختارها لهم، ولهذا بذلت جهدا ووقتا طويلا حتى تمكنت من إقناعهم أنني مهتمة بما يرونه هم في الأدب والنصوص التي نقرأها أو ندرسها، وقد حدث ذلك بعد وقت طويل.
p هل اختلفت المعايير التي اخترت على أساسها الروايات التي تناولتها في "أن تقرأ لوليتا في طهران" اختلفت عن تلك التي درستها وقرأتها للطلبة في أمريكا؟
في أن تقرأ لوليتا اخترت كتبا تشرح كيف كنا نشعر خلال الفترة التي كنا نعيشها في إيران خلال الثورة. في "جمهورية الخيال" أوضحت أنني أحببت أمريكا قبل أن أراها بسبب أدبها وروايات كتابها، والأمر المثير للانتباه أن روايات أمريكا وخصوصا الكلاسيكية أغلبها كانت لها روح ثورية؛ فإذا قرأت على سبيل المثال مغامرات "هكلبري فين" لمارك توين، والتي تعود لعام 1884، ستجد بطلي العمل "جيم" و"هاك" من أفقر وأكثر فئات الشعب انتماء للهامش، لكن مارك توين وضعهما في موقع الأحداث الرئيسة، وكانا يمثلان الطبيعة الإنسانية. وأردت أن أناقش ذلك مع الأمريكيين، وهي الكيفية التي طرح بها الأدب الأمريكي التناقضات الاجتماعية، بعيدا عن السياسة، وكيف قدم أسئلة عميقة جدا حول هذه الظروف والتغيرات الاجتماعية. كما أن الروايات الأمريكية تعلمنا معنى الديمقراطية، ولو أن هذه سمة عامة لكل الروايات في الأساس، لأنها تتضمن فكرة تعدد الأصوات. وربما تسمح الروايات العادية لأصوات عديدة أن تعبر عن ذاتها، لكن الرواية الجيدة هي التي تسمح للجميع، بما فيهم صوت ممثل الشر، أو الشخصيات ذات الدوافع الشريرة في العمل، لأن يسمع الآخرون صوته من منطق روائي. ولهذا السبب أدعو دائما الناس للقراءة لأنها تتيح الإنصات لكل تلك الأصوات التي قد لا تتوفر لنا فرصة الإنصات إليها في وسيلة أخرى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.