خلد الشعب المغربي ومعه أسرة المقاومة وجيش التحرير، يوم الثلاثاء، الذكرى التاسعة والتسعين لمعركة أنوال المجيدة، التي حقق فيها المقاومون والمجاهدون المغاربة الأفذاذ بقيادة البطل محمد بن عبد الكريم الخطابي انتصارا كبيرا على قوات الاحتلال الأجنبي. وأوضحت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، في بلاغ لها، أنه منذ مطلع القرن العشرين، وتحديدا خلال الفترة ما بين 1907 و 1912، قاد المقاوم الشريف محمد امزيان حركة ثورية بطولية في مواجهة الغزاة، وخاض غمار عدة معارك ضارية ضد قوات الغزو الأجنبي حقق فيها انتصارات باهرة، وظل صامدا في وجه الاحتلال الأجنبي إلى أن سقط شهيدا في ساحة الشرف والكرامة يوم 15 ماي 1912. وجاءت مقاومة البطل محمد بن عبد الكريم الخطابي كامتداد لهذه المقاومة الريفية في الزمان والمكان، حيث استطاع بفضل كاريزميته وشخصيته القوية هيكلة حركة المقاومة وتنظيمها سياسيا واستراتيجيا وعسكريا ولوجيستيكيا، لتشمل مناطق الشمال بكاملها. لقد تميزت حركة محمد بن عبد الكريم الخطابي التحريرية بدقة وإحكام التنظيم، وبالقدرة على الاستقطاب وبالتخطيط المتقن وجودة الأداء كما جسدت ذلك معركة أنوال في 21 يوليوز 1921 التي اعتبرت بمثابة ضربة قاضية لقوات الاحتلال الأجنبي. وبفضل أسلوب حرب العصابات الذي انتهجه رجال عبد الكريم الخطابي، اضطرت قوات الاحتلال الإسباني بقيادة الجنرال "سيلفستر" إلى الانسحاب والتراجع وتوجت هذه المعركة بانتصار ساحق للمجاهدين الأشاوس الذين كبدوا خسائر فادحة للمحتل الإيبيري. وبعدما تكبدت أفدح الهزائم، تراجعت القوات الاستعمارية وتمركزت بمدينة مليلية بينما حظيت حركة التحرير الوطني بتأييد وإعجاب العديد من حركات التحرر الوطني في العالم. ولم يكن أمام القوات الإسبانية، التي تكبدت خسائر بشرية ومادية خلال هذه المعركة، خيار سوى التفاوض مع المقاومين المغاربة لتقليص حجم الخسائر وحفظ ماء الوجه. وبالرغم من تحالف قوات الاستعمارين الاسباني والفرنسي، استطاع البطل محمد بن عبد الكريم الخطابي وأنصاره الصمود في وجه قوات الظلم والطغيان لمدة سنة كاملة، دخل خلالها في مفاوضات مع قيادتيهما، أسفرت عن وقف القتال المسلح دون تسليم الأسلحة. وبعدما تبين للقائد البطل محمد بن عبد الكريم الخطابي أن هذه الحرب غير متكافئة بين الجانبين، فضل تسليم نفسه للمحتل الفرنسي مساهما بالتالي في حقن دماء العديد من الجنود يوم 26 ماي 1926. وتواصل مسلسل كفاح أبناء شمال المملكة وساكنة الريف إلى حين تأسيس حركة التحرير الوطني بدعم من جلالة المغفور له محمد الخامس الذي اعتلى العرش في 18 نونبر 1927. وأكدت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير أن أسرة المقاومة وجيش التحرير تغتنم مناسبة تخليد الذكرى ال 99 لمعركة أنوال المجيدة لتجديد ولائها وإخلاصها للعرش العلوي المجيد، وتجديد التأكيد على استعدادها التام وتعبئتها المستمرة تحت القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس من أجل الدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة وتثبيت المكاسب الوطنية بالأقاليم الجنوبية. وتابع البلاغ أن أسرة المقاومة وجيش التحرير تعرب أيضا عن دعمها اللامشروط للمبادرة المغربية القاضية بمنح حكم ذاتي موسع للأقاليم الجنوبية، باعتبار هذا المشروع ينسجم مع الشرعية الدولية ويحظى بدعم المنتظم الأممي. وتعتبر هذه المبادرة على المستوى الدولي آلية ديمقراطية من شأنها إنهاء النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية. وأضاف المصدر ذاته أن الشعب المغربي وفي مقدمته أسرة المقاومة وجيش التحرير يستحضر، من خلال تخليد هذه الذكرى المجيدة التي أصبحت مرجعا في سجلات الاستراتيجية العسكرية، ملاحم هذه الحقبة الرائعة من النضال من أجل التحرير، لتشجيع الأجيال الصاعدة على الاهتمام أكثر بتاريخنا المجيد واستخلاص الدروس والعبر من هذه الأحداث.