أقرت الحكومة الفرنسية خطة للخروج التدريجي من العزل الصحي، تهدف إلى تحقيق توازن دقيق بين إنعاش الاقتصاد والحد من الوباء في آن واحد، وفرض الكمامات الواقية في وسائل النقل العمومي وفتح المدارس والمقاولات، لكن خطة الحكومة تعرضت للنقد وشككت أحزاب المعارضة وعمداء بعض البلديات في قدرة الحكومة على إنجاح خطتها لعدم توفر الوسائل، منها النقص الكبير في الكمامات وصعوبة فرض مسافة الأمان في وسائل النقل والمدارس، مما يطرح تساؤلات حول الخطة المتعلقة بالخروج من الحجر الصحي المقررة ابتداء من 11 ماي الجاري، في حين لا تزال العديد من الشكوك قائمة، لاسيما بشأن مسألة العودة إلى المدارس، والانتعاش الاقتصادي أو فحص وتتبع المرضى. الحكومة تؤكد أنه ستكون هناك “كمامات كافية في البلاد لتلبية الاحتياجات” في فرنسا، وهي إحدى الدول الأكثر تضررا بالجائحة.وقال رئيس الحكومة “نحن بصدد تسلم نحو 100 مليون قناع جراحي في الأسبوع حاليا، وسوف نتلقى ما يقرب من 20 مليون قناع للاستخدام العام قابلة للغسل اعتبارا من مايو”، مضيف أن العاملين في المدارس والتلامذة سيحصلون على حاجياتهم منها . وسعيا لاحتواء الوباء، قال فيليب إنه سيتم أسبوعيا إجراء 700 ألف اختبار للأشخاص الذين يعانون من أعراض فيروس كورونا المستجد. وقال “سنترك الخيار للشخص الذي أعطى اختباره نتيجة إيجابية لعزل نفسه في المنزل، مما سيؤدي إلى عزل كل من في المنزل لمدة 14 يوما، أو عزل نفسه في مكان متاح له، لا سيما في فنادق” ستخصصها الدولة لهذا الغرض. وأكدت وزارة الاقتصاد أنه بحلول نهاية أبريل سيتم توفير 26 مليون كمامة أسبوعيا للعامة بالإضافة إلى 20 مليون كمامة صحية للمهنيين في نهاية ماي. لكن الجميع يشك في إمكانية توفير الحكومة للكمامات لجميع الفرنسيين يوم 11 من ماي المقبل ، وهو التاريخ الذي حددته الحكومة من أجل بداية رفع الحجر الصحي بفرنسا . كما أن جزءا من الرأي العام الفرنسي لم يعد يثق في الطريقة التي تدير بها الحكومة هذه الأزمة الصحية وخطتها للخروج من الحجر الاجتماعي. خاصة خطة إعادة فتح المدارس التي قدمتها أمام البرلمان التي يرى الجميع استحالة تطبيقها . وهو الموقف الذي عبر عنه العديد من عمداء المدن، حوالي 300 منهم عمدة مدينة باريس ان ايدالغو الذين بعثوا برسالة في هذا الشأن إلى رئيس الجمهورية ايمانييل ماكرون. فأغلب عمداء المدن يعتبرون أن فتح المدارس امر صعب دون المخاطرة بالتلاميذ، خاصة أن هناك خطورة المتابعة القضائية لمسؤولي المدن في حالة تفشي المرض بين التلاميذ. لهذا فإن فتح المدارس لن يكون إجباريا، كما كانت ترغب في ذلك الحكومة، بل اختياريا حسب إمكانيات كل مدينة، و كل مدينة أعلنت عن تاريخ خاص بها لفتح المدارس أمام الأطفال. وأغلب المدارس لا يمكن أن تستقبل إلا ربع التلاميذ الذين يدرسون في الوقت العادي، وهو ما يطرح مشكلا آخر، هل سيتم التناوب على الفصول؟ هل سيتم تقسيم التلاميذ إلى مجموعات صغيرة كل واحدة تأتي في وقت مختلف، وهل تتوفر المدارس على الإمكانيات البشرية التي يتطلبها استقبال التلاميذ في ظل هذه الجائحة. المشكل المطروح في المدارس هو نفس المشكل المطروح في وسائل النقل العمومية في المدن الكبرى مثل باريس، كيف سيتم احترام مسافة التباعد في وسائل النقل خاصة في أوقات الذروة حيث يريد الجميع أن يعود إلى مقر سكناه. المسؤولون عن النقل عبروا عن عدم قدرتهم وبالوسائل التي يتوفرون عليها الآن على فرض احترام هذه المسافة على مستعملي النقل. وهو ما دفع العديد منهم إلى مطالبة المقاولات بالاستمرار في اعتماد العمل عن بعد وإقرار مواقيت مختلفة للعمل من أجل تجنب الازدحام والتكدس في وسائل النقل. لهذا فإن كل الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الفرنسية من أجل رفع الحجر الصحي في 11 من ماي المقبل هي مهددة، وهو ما يوحي بأن الحجر الاجتماعي سوف يستمر إلى فترة زمنية اضافية، في انتظار توفير الوسائل من أجل رفع الحجر في ظروف لا تشكل خطورة على صحة المواطنين. المعارضة الفرنسية تشكك في قدرة حكومة بلدها على حل هذه القضايا العالقة سواء في النقل العمومي أو فتح المدارس، وهما شرطان أساسيان من أجل فتح المقاولات هي الأخرى. وعدد كبير من هؤلاء السياسيين يتساءل عن عجز بلده في توفير الكمامات لكل السكان وكذلك توفير وسائل الفحص لمحاصرة الوباء. وحول توفير الكمامات الصحية، فقد أعطى عدد من السياسيين مثال المغرب في توفير حاجيات السكان من الكمامات الواقية وبأثمنة في متناول الجميع، وهو الأمر الذي تناولته أيضا العديد من وسائل الإعلام الفرنسية سواء المكتوبة أو المرئية. ويشكل موعد عودة الأطفال إلى المدرسة، أبرز مواضيع النقاش الرئيسية، وهو ما سيسمح لبعض الآباء باستئناف نشاطهم المهني. لكن هناك معارضة من بعض الأحزاب السياسية في البرلمان ومن عدد كبير من عمداء المدن لهذا الخروج وإنهاء العزل الذي أقرته الحكومة الفرنسية، وترى ضرورة تأجيله من أجل توفير الشروط اللازمة، لعدم جاهزية فرنسا لهذه العملية، وهو الخروج التدريجي من العزل الاجتماعي، سواء في وسائل النقل العمومي أو في المدارس أو المقاولات و مختلف المصالح التي تريد الدولة فتحها أمام العموم.