تركت تجربة حكم حركة النهضة ألغاما كثيرة قابلة للانفجار بوجه حكومة الحبيب الصيد، ومن هذه الألغام لغم حزب التحرير المعترف به قانونيا والذي يشترك مع داعش في الدعوة إلى الخلافة وتكفير النظام والقوانين المدنية، وهما برأي الكثيرين وجهان لعملة واحدة. وإذا كان أنصار داعش قد حملوا السلاح وهربوا إلى الجبال لمواجهة الدولة، فإن حزب التحرير يستعد حثيثا لمواجهة الدولة أمام أنظار الجميع، ويعلن أمام الملأ أنه ضد الديمقراطية وأنه لو وصل إلى الحكم سيحظر الأحزاب والجمعيات ويلغي الأحكام المدنية التي تتعارض مع دستوره المستمد من الشريعة. وأصدر حزب التحرير فرع تونس «دستور الخلافة» وطبعه ووزعه في الساحات العامة والأحياء الفقيرة خلال الجدل الدائر منذ عام حول طبيعة وملامح الدستور الجديد. ويتخوف التونسيون من خطط هذا الحزب الهادفة إلى تغيير طبيعة المجتمع وقيمه الحديثة خاصة أن الحزب المتشدد يعمل بعيدا عن الأنظار في ظل تركيز إعلامي وسياسي وأمني على أنشطة المجموعات المتشددة التابعة لداعش أو القاعدة، وفي ظل صراع سياسي حام بين الأحزاب المدنية وحركة النهضة. ويتخفى حزب التحرير وراء هذه المعارك ويظهر أحيانا على الفضائيات، أو يقيم مؤتمرات صحفية، يجدد التأكيد فيها على أفكاره وبرامجه المتطرفة، لكن الخطر الأكبر في برامجه هو اختراق المؤسسة العسكرية والأمنية استعدادا لانقلاب يفضي إلى إقامة دولة الخلافة، وقد أطاحت السلطات التونسية بعدة خلايا عسكرية وأمنية تابعة له في عهدي الرئيسين السابقين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي. ولا يخفي الحزب امتداده الخارجي، ويعترف أنه فرع لحزب التحرير المحظور في بلدان عربية وأوروبية، ما يجعل مهمة تونسته أمرا صعبا مثلما هو حاصل مع حركة النهضة التي تحاول أن تتبرأ من انتمائها للتنظيم الدولي للإخوان، لكنها تعمل لإنجاح أجندته في المنطقة. وقد أثار الحزب الكثير من الجدل بمشاركته في أغلب التظاهرات التي نظمها التيار الجهادي في الأشهر الأولى للثورة، حيث كان رضا بالحاج الناطق الرسمي للحزب حاضرا في الصفوف الأولى خلال المؤتمر الثاني لتيار أنصار الشريعة. كما كان الحزب من بين المشاركين في وقفة المطالبة بالتنصيص على الشريعة في الدستور جنبا إلى جنب مع السلفيين وقيادات من حركة النهضة التي يتهمها الحزب بالكفر وأحيانا بالردة لكونها تنازلت عن مطلب تضمين الشريعة في الدستور. ونشط الحزب خلال الحملات الانتخابية في 2011 و2014 في الدعوة إلى عدم المشاركة في الانتخابات باعتبارها عملية غير مطابقة للشريعة وستجلب حكومات لا تؤمن بمبدأ الخلافة، وهو الموقف الذي أثار غضبا في الشارع التونسي ولدى الطبقة السياسية على حكومة حركة النهضة التي أعطته التأشيرة القانونية في 17 يوليو 2012. واعتبر سليم اللغماني، أستاذ القانون في الجامعة التونسية، أن منح تأشيرة العمل لحزب التحرير ليس قانونيا، لأن القانون المنظم للأحزاب يضع جملة من الشروط على الأحزاب احترامها، وبينها احترام مبادئ الجمهورية وعلوية القانون، وحزب التحرير لا يستجيب للقواعد الأساسية التي وضعها القانون. وقال الباحث في الجماعات الإسلامية عليّة العلاني إن الاعتراف بحزب التحرير خطأ قانوني وسياسي لأن هذا الحزب لا يؤمن بالعملية السياسية، وله برنامج يتعارض مع مشروع الدولة الديمقراطية. وأشار سمير بالطيب الأمين العام لحزب المسار (يسار) إلى أن اعتراف حكومة الجبالي (أمين عام سابق لحركة النهضة) بحزب التحرير خطأ كبير، مضيفا «بودّنا أن يطبّق رئيس الحكومة بنود المرسوم الخاص بالأحزاب، وسيتم بصفة آلية سحب الرخصة من حزب التحرير». وقد صبح حزب التحرير في تونس ثالث حزب إسلامي ينشط بشكل قانوني بعد الثورة، على غرارحركة النهضة، التي تقود الائتلاف الحاكم في البلاد وحزب جبهة الإصلاح السلفي، الحديث التأسيس. وظهر حزب التحرير في تونس عام 1978، كامتداد للحزب الذي أسسه الفقيه الراحل تقي الدين النبهاني بالقدس عام 1953، ثمّ أسس فروعا له في كل من سورياولبنانوالأردنوالعراق ومصر. وهو محظور في عدد من الدول العربية والغربية. ورغم أنه ليس حديث النشأة، عكس حزب جبهة الإصلاح الذي حصل على ترخيص في ماي 2012، فإنّ حزب التحرير لم حصل على ترخيص في يوليوز من السنة نفسها. ويقول عضو المكتب الإعلامي بحزب التحرير عماد الزواري إن رئيس قايد السبسي "رفض شخصيا" منح التأشيرة لحزبه، الذي يسعى لإعادة العمل بالخلافة الإسلامية والنهوض بالإسلام والمسلمين. وكشف الزواري أن الحكومة التونسية وافقت على منح حزب التحرير التأشيرة بعد "مماطلة"، نافيا أن يكون حزبه قام بأي تنازل عن مبادئه مقابل الحصول على الترخيص. ويقول "الحصول على ترخيص للعمل السياسي لم يكن هاجسنا. نحن حصلنا على تأشيرتنا من الله"، مشيرا إلى أن حزبه لم يتوقف عن العمل "يوما" رغم المضايقات بالعهد السابق. تاريخ من المنع تعرّضت قيادات حزب التحرير إلى اعتقالات ومحاكمات عام 1983 في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، وإلى موجة ثانية من الملاحقات ضدّ الإسلاميين بعد صعود زين العابدين بن علي إلى الحكم، لا سيما عام 1991. ومنع الحزب من العمل بسبب توجهاته التي تهدف لإقامة الخلافة الإسلامية ، وهو مبدأ يرفضه حتى القانون الحالي للأحزاب الذي يتمسّك بمدنية الدولة والنظام الجمهوري. ويرى عماد الزواري أنّ الثورة "لم تكتمل" بتغيير المسؤولين والأشخاص والإبقاء على نفس النظام العلماني في تونس، مشيرا إلى أن "الحل الوحيد" يكمن في العودة إلى "الحكم الإسلامي العادل". وأضاف أن فصل الدين عن الدولة مبدأ نشأ في أوروبا التي كانت تعاني من اضطهاد الكنيسة في العصور الوسطى، معتبرا أنه "لا يمكن" بأي مجتمع مسلم فصل الدين عن الحياة السياسية والاقتصادية. ويعتبر حزب التحرير التونسي نفسه قادرا على تنظيم الحياة المعاصرة ضمن إطار إسلاميِ محض، بعيدا عن أفكار العصر التي يعتبرها دخيلة على الفكر الإسلامي. وصاغ حزب التحرير التونسي مشروع دستور ينظم الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، استمدّت جميع فصوله من الأحكام الإسلامية، وفق قول الزواري. ورغم أن مبادئه ترتكز على أحكام الشرع الإسلامي، فإنّ حزب التحرير الإسلامي ينفي أن يكون حزبا سلفيا مثلما تصفه بذلك بعض الأطراف السياسية والإعلامية. ويقول الزواري"حزب التحرير هو حزب سياسي منظم عكس الحركة السلفية التي ليست منظمة أو مؤطرة ولا تملك برنامجا واضحا لتغيير الأوضاع". وأثار إصرار الحزب على الفكر الديني وعدم تقبله لمبادئ الديمقراطية انتقادات كبيرة لدى الأوساط العلمانية التي تتزايد مخاوفها من ظهور هذه الحركات بعد الثورة. ومعلوم أن حزب التحرير ظهر في الساحة التونسية، بشكل جلي، بعد سقوط النظام السابق في تونس يوم 14 يناير 2011، حيث ظهرت التيارات السلفية المتشددة ، التي طفت على السطح للمرّة الأولى مُكرسةً تعدديّة في الطيف الإسلامي، ومنها «حزب التحرير» الذي قاد ما لا يقلّ عن مظاهرتين تأييداً للثورة، رغم أن مبادئه تُكفِّر الديموقراطية وترفض حكم الشعب. وفي ظل الفراغ السلطوي الذي كان قائما في تونس طيلة المرحلة الماضية، إضافة إلى هشاشة الحكومة المؤقتة، يقول مراقبون: « ظهر السلفيون بلباسهم المميز ولحاهم الطويلة في العديد من المدن التونسية ، لا سيما في العاصمة، و بنزرت، وسوسة، رغم أنهم لا يشكلون سوى أقلية ضئيلة في الطيف الإسلامي الواسع ،لكنهم يريدون فرض منظومتهم العقدية التي يؤمنون بها، ويقدسونها ويتمسكون بها ولا يقبلون فيها نقاشاً ولا حواراً بواسطة العنف المنهجي على مجتمع تونسي يغلب عليه الإسلام السني المالكي المعتدل ، و التقاليد و القيم العلمانية في شكل واسع.وقد ترجم السلفيون المتشددون ظهورهم في الفضاء السياسي التونسي من خلال المواجهات المتفاوتة في حدتها: ففي مدينة سوسة، اقتحم نحو 200 إسلامي متشدد إحدى المؤسسات الجامعية، إثر رفض إدارتها تسجيل طالبة منقبة». وفي 9 أكتوبر 2011، حاول السلفيون المتشددون، يضيف متابعون لأنشطة الحزب، مهاجمة قناة نسمة الخاصة، بعدما بثت فيلماً فرنسيا -إيرانيا، تم فيه تجسيد الذات الإلهية.و مؤخرا ، قام السلفيون المتشددون باحتلال جامعة منوبة التي يطالبون فيها بفصل الذكور عن الإناث وبناء مصلى والسماح للمنقبات بتقديم الامتحانات، بعد اعتدائهم على عميد الكلية، ما أثار ردود فعل من عدد من الجهات الحزبية والنقابية التونسية، وزاد أيضاً من الضغوط على حركة »النهضة«، على خلفية الاتهامات لها بتغذية خطاب مزدوج، أكثر تطرفا من المعلن في تعامله مع القواعد الشعبية. ويمكن تقسيم التيارات السلفية بحسب مواقفها السياسية في تونس إلى تيارين رئيسيين، تيار »السلفية الجهادية « الذي فرض نفسه ،عددياً و عملياً في الطيف الإسلامي السلفي بعد التجربة الأفغانية، وبعد المواجهات المسلحة التي حصلت بين هذا التيار وعدد من الأنظمة العربية: المصرية، و السورية ، والجزائرية، في عقدي الثمانينيات و التسعينيات من القرن الماضي. إنه التيار السلفي الجهادي المرتبط بتنظيم «القاعدة»، حيث يصرح هذا التيار برفض الأنظمة الحاكمة المحددة بالإسم، ويقطع بعدم شرعيتها علنا، ويدعو لمقاومتها وإزالتها بالقوة. وقد مارس هذا التيار «الجهادي الإسلامي» التونسي، والمرتبط بتنظيم »القاعدة« عدة عمليات عنفية في داخل تونس، لعل أبرزها :التفجير الذي استهدف كنيس «الغريبة» في جزيرة جربة (جنوبتونس) (21 قتيلا) في العام 2003. وبعد الغزو الأميركي للعراق في مارس 2003، قدرت الإحصاءات نسبة المشاركين المغاربيين في العمليات التي تنفذها المقاومة ضد القوات الأميركية ب20 في المئة. وعلى رغم أن الجزائريين يشكلون نصف الانتحاريين المتحدرين من البلدان المغاربية فإن »حصتي« تونس والمغرب ارتفعتا إلى 5 في المئة لكل واحدة منهما. وكان لافتاً أن أجهزة الأمن الأمريكيةوالعراقية رجحت أن تونسياً نفذ عملية تفجير قبتي الإمامين العسكريين في سامراء والتي أثارت موجة استياء واسع وزادت من الاحتقان الطائفي في العراق. وقضت محكمة الجنايات المركزية في بغداد بإعدام التونسي يسري فاخر محمد علي التريكي الملقب ب »أبو قدامة التونسي« للاشتباه بضلوعه في اغتيال الإعلامية أطوار بهجت. ونسبت المحكمة للتريكي أنه متورط في تفجير مرقدي الإمامين علي الهادي والحسن العسكري في سامراء إضافة الى اغتيال مراسلة قناة «العربية» أطوار بهجت. وكان مستشار الأمن القومي العراقي موفق الربيعي أعلن في وقت سابق أن »عراقيين اثنين وأربعة سعوديين وتونسياً واحداً من تنظيم «القاعدة» في العراق هم من قاموا بتنفيذ تفجير المرقدين في مدينة سامراء واغتيال بهجت«.وبحسب الربيعي فإن أبو قدامة التونسي الذي دخل العراق في تشرين الثاني (نوفمبر) 2003 هو المنفذ الرئيسي لتفجير سامراء، واعتقلته القوات العراقية أواخر حزيران (يونيو) العام 2005 عندما كان يحاول هو وخمسة عشر مسلحاً أجنبياً اقتحام نقطة تفتيش في الضلوعية الواقعة على بعد نحو 30 كيلومتراً الى الشمال من بغداد. وقد قام هذا التيار »الجهادي « بالهجوم على مدينة سليمان (جنوب العاصمة التونسية) في نهاية سنة 2006، و بداية سنة 2007، الذي ذهب ضحيته 14 قتيلا. وتم توقيف أكثر من 15 عنصر من هؤلاء السلفيين الجهاديين ، ومحاكمتهم في العام عينه. ولدى تيار «السلفية الجهادية» هذا أنصار يعد بالمئات في كامل تراب الجمهورية ، لا سيما بين الشباب التي تتراوح اعمارهم بين 20 و 30 عاماً. أما التيار الثاني من السلفية، فهو الذي يدعو إلى إسلام لا سياسي محافظ وغير عنيف، مثل ما يدعيه جماعة »حزب التحرير« في تونس، الذي يمثل الجناح السياسي لتيار »السلفية الجهادية«. ويعتبر حزب التحرير الإسلامي في تونس، فرعاً لحزب التحرير المحظور في بلدان عربية وأوروبية عدة. تقي الدين النبهاني ويعتبر الشيخ محمد تقي الدين النبهاني هو المؤسس الفعلي للحزب في سنة 1952 بالأردن. فقد تقدم في آواخر العام عينه، خمسة أعضاء من الحزب: تقي الدين النبهاني،وداود حمدان ،و منير شقير، و عادل النابلسي ، و غانم عبده، بطلب رسمي على الحكومة الأردنية ، للترخيص للحزب بمزاولة نشاطه السياسي. لكن الحكومة الأردنية رفضت الطلب، بناء على البرنامج المقترح للحزب،بحجة أنه مخالف للدستور، لكن الحزب استمر بممارسة نشاطه السرّي. وفضلا عن الأسماء المذكورة أعلاه، عرف من مؤسسي الحزب أيضاً: عبد القديم زلوم، وهو فلسطيني من الخليل، من أصل كردي، وقد ترأس الحزب إثر وفاة النبهاني. والشيخ اسعد بيوض التميمي الذي سيصبح «الزعيم الروحي» لحركة الجهاد الإسلامي (كتائب القدس) في فلسطين، والشيخ رجب بيوض التميمي، وخالد الحسن، الذي سيصبح عضواً للجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح). والشيخ أحمد الداعور، الذي نجح في الانتخابات النيابية الأردنية لعامي 1954-1956، ليصبح بذلك النائب الوحيد في تاريخ الحزب ضمن أي برلمان عربي. إضافة إلى أعضاء سابقين في حركة الإخوان المسلمين ، تركوا الحركة وانضموا إلى الحزب منذ مراحل تأسيسه الأولى، كعبد العزيز الخياط، وهذا ما دعا بعض الباحثين على اعتبار حزب التحرير -خطأ- انشقاقاً عن جماعة الإخوان المسلمين. والشيخ تقي الدين النبهاني من مواليد قرية إجزم بقضاء حيفا، في عام 1909، حيث استوطن أجداده من عرب البادية،و حفظ القرآن الكريم، وتعلم مبادىء اللغة العربية، و الفقه، عن طريق والده الشيخ إبراهيم النبهاني، ثم غادر القرية إلى مصر للدراسة في الجامع الأزهر، وحصل على شهادة العالِمية .و بدأ النبهاني حياته العملية مدرساًفي حيفا فالخليل في فلسطين، ثم التحق بسلك القضاء الشرعي ، وتدرج في وظائف الكتابية في المحاكم الشرعية في حيفا، ويافا، والقدس، ثم عين قاضياً شرعياً في المحكمة الشرعية في بيسان ، فالخليل،فالرملة، واللّد حتى سنة 1948، عندما غادر فلسطين إبّان النكبة إلى بيروت حيث استقرت أسرته. وإثر إلحاق الضفة الغربية بالمملكة الأردنية الهاشمية عام 1950، عُيِّن تقي الدين النبهاني عضوا ً في محكمة الاستئناف الشرعية في بيت المقدس، ثم استقال من عمله في سلك القضاء الشرعي، وعمل مدرساً في كلية الشريعة الإسلامية في عمان. وعندما أسس حزب التحرير عام 1952، تفرغ لقيادته فاستقال من التعليم.و انتقل من الأردن، إلى سوريافلبنان ، حيث أقام أكثر أيامه إلى أن توفي بير وت أواخر عام 1977. كما يعتبرالشيخ تقي الدين النبهاني المنظر الرئيس لحزب التحرير،من خلال الكتب التي ألفها،ولعل أبرزها،كتاب «نظام الإسلام»، الذي ربما صدرلأول مرة تحت اسم «طريق الإيمان»، وهو من أهم كتب الحزب، حيث يستغرق تدريسه للأعضاء الجدد في الحزب قرابة العامين، إضافة إلى كتب «النظام الاقتصادي في الإسلام»،و «نظام الحكم في الإسلام»، و«النظام الاجتماعي في الإسلام» و «الدولة الإسلامية»، و«أسس النهضة»، و«الشخصية الإسلامية». وقد أسس حزب التحرير فروعا له في عدد من البلدان العربية، منها سوريا في سنة 1954، ، وفي لبنان سنة 1959، و في العراق في النصف الأول من الخمسينيات،و في مصر سنة 1974. وينتشر حزب التحرير في مختلف بلدان العالم تقريبا، وينشط بين الأقليات المسلمة في الدول الأجنبية، لكنه محظورا ومطاردا من قبل معظم أنظمة الحكم في البلدان العربية والإسلامية.غير أن أدبيات و أفكار »حزب التحرير « بدأت تصل إلى بلدان المغرب العربي في أوائل الثمانينات، من خلال بعض الطلبة الدارسين في جامعات ومعاهد أوروبا فضلا عن بعض المغاربة الذين ذهبوا إلى أفغانستان وباكستان. وتعد تونس من أوائل بلدان المغرب العربي التي وصل إليها حزب التحرير وبدأ نشاطه فيها. نشأة حزب التحرير في تونس تأخر تأسيس فرع لحزب التحرير في تونس حتى أوائل الثمانينيات من القرن الماضي، على يد الداعية محمد فاضل شطارة الذي انتمى للحزب إبان دراسته في كولونيا بألمانيا الغربية- وعندما عاد إلى تونس، بدا سلسلة اتصالات سرية مع بعض الشخصيات الإسلامية لضمها إلى الحزب، حتى عقد الاجتماع التأسيسي للجنة المحلية في يناير 1983، وانتخبت اللجنة محمد جربي ، وهو أستاذ تربية بدنية في تونس العاصمة، رئيساً لها. وعقب تأسيس الفرع التونسي لحزب التحرير، أصدرت اللجنة القيادية للحزب دورية سرية أطلقت عليها اسم «الخلافة» ووزعتها داخل المساجد للتعريف بأفكارالحزب.وينسب إلى هذه النشرة السرية دور كبير في بث أفكار »حزب التحرير«ليس في تونس وحدها بل في كافة دول المغرب العربي تقريبا. عمل حزب التحرير في تونس على اختراق المؤسسة العسكرية ، بهدف غرس خلايا تنظيمية في صفوف الجيش، و استقطاب عناصر من الضباط الكبار لتكوينهم تكوينا إسلاميا.ولما كانت استراتيجية الحزب تقوم على استلام السلطة بوساطة القوة العسكرية بهدف تأسيس الدولة الإسلامية ، فقد تمكنت قيادة حزب التحرير من استقطاب عشرات الضباط ، الذين أمدوهم بالذخائر الحربية والأسلحة الخفيفة استعدادا لقلب نظام الحكم، إلا أن السلطات التونسية تمكنت من الوصول إليهم وتصفية مخططهم في وقت مبكر. و كانت السلطات التونسية في عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة قد شعرت بتحرك عناصر من حزب التحرير ، داخل الأكاديمية العسكرية،و الجيش عامة ، فقد بحملة مداهمات و اعتقالات في مدن تونسية عديدة، استمرت ثلاثة أشهر، خلال النصف الثاني من عام 1983. كان من جرائها اعتقال نحو ستين متهماً، من بينهم عدد من العسكريين العاملين في قاعدة »سيدي ثابت الجوية« قرب مدينة بنزرت، وفي قاعدة الخروبة العسكرية، ومعظمهم من ذوي الرتب الدنيا في الجيش. وتم تقديم عناصر حزب التحرير إلى المحكمة العسكرية التي حكمت بالسجن 8 سنوات على عدد من المتهمين العسكريين ، و5سنوات على إحدى عشر متهماً مدنياً، من بينهم محمد جربي زعيم حزب التحرير في تونس.و في مارسر1990 تمّ تقديم مجموعة كبيرة من أعضاء الحزب ضمت 228 عضوا إلى المحاكمة بتهمة توزيع منشورات في المساجد.كما اعتقلت السلطات التونسية في صيف 1991 حوالي 80 ناشطاً ومسؤولاً في حزب التحرير ، الذي كان قائده التونسي في ذلك الوقت مصطفى توفيق، الذي يقيم في ألمانيا، وأعقبها محاكمات أخرى في الأعوام 1994 و1996. وبعد صدور قانون مكافحة الإرهاب عام 2003 قدر حقوقيون ومحامون معدل الإحالات التي طالت الإسلاميين أسبوعيًا على القضاء بهذه التهم في حدود 10 إحالات أسبوعيا.وفي سبتمبر 2006 قضت محكمة الدرجة الأولى في تونس العاصمة بسجن ثمانية أشخاص أربع سنوات وأربعة شهور بعد إدانتهم بالانتماء إلى منظمة محظورة (حزب التحرير) وعقد اجتماعات من دون الحصول على ترخيص، فيما قررت إخلاء سبيل خمسة معتقلين، لعدم وجود أدلة كافية على علاقتهم بالتنظيم. وقال أقرباء للمتهمين إن السلطات صادرت كتباً ونصوصاً لدى تفتيش بيوتهم في »حي التحرير« و»حي التضامن«.وفي مارس 2007 جرت محاكمة 8 من أفراد الحزب. لكن شهد العام 2008 عدد كبير من المحاكمات بحق عشرات من أعضاء حزب التحرير، ومنها القضايا التي حملت أرقام (10890 ، 4148) وأحيل في كل واحدة منها العشرات من شباب التحرير، بتهم: المشاركة في إعادة تكوين جمعية لم يعترف بوجودها، وعقد اجتماعات غير مرخص بها، وإعداد محل بقصد عقد اجتماع غير مرخص، وحمل نشرة من شأنها تعكير صفو النظام العام .وفي أواخر مارس 2008 تم إلقاء القبض على مجموعة من 12 عضوا بالحزب تتراوح أعمارهم بين 18 و56 وجرى احتجازهم في حالة تحفظ بإدارة أمن الدولة بوزارة الداخلية دون إحالتهم إلى المحاكمة، وأوردت منظمة «حرية و إنصاف» أسماءهم.وفي يوليو 2009 قضت محكمة تونس الابتدائية بسجن 19 من أعضاء الحزب، تراوحت أعمارهم بين 30 و45 عاما، لفترات بين 11 و14 شهرا نافذة. حزب التحرير يكشف عن برنامجه بعد إنجاز الثورة التونسية ، بدا حزب التحرير يظهر بصورة علنية في تونس، وقد كشفت قيادة هذا الحزب عن برنامجها قبل حصول الانتخابات التي جرت في تونس يوم 23 أكتوبر 2011 ، إذ نوه الناطق الرسمي باسم حزب التحرير رضا بالحاج في ندوة صحفية بمعية الأمين العام للحزب عبد المجيد الحبيبي، إلى أن التوجهات السياسية لحزبه تقوم على مبدأ »السلطان للآمة« التي لها حرية اختيار حاكمها وان نظام »الخلافة هو النظام الأنسب للبلاد وأن الشرع هو أفضل دستور للأمة«، ملفتاً إلى أن مشاركة الحزب في الانتخابات التشريعية ستكون بهدف ?إبداء الرأي والمحاسبة?، حسب تعبيره. أما الأمين العام للحزب عبد المجيد الحبيبي فأشار إلى وجود اختلافات بين حزبه وبقية التيارات الإسلامية التونسية، و قال إن توجهات حزب التحرير ورؤيته للمرحلة السياسية الراهنة »تقوم على أفكار خاصة لا علاقة لها بأفكار بقية الأحزاب الإسلامية الأخرى الناشطة في تونس« مُنوهاً إلى أن »الحلول المقترحة لمساعدة الأمة على الخروج من وضعها المتردي تنبني على الشرع الإسلامي«، وفق تعبيره وطالب القياديان الأوساط السياسية والإعلامية في تونس بعدم الالتفاف على ثورة الرابع عشر من يناير 2011 التي أطاحت بنظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي وقالا إن »الإسلام هو الحل الأنسب لوضعية الأمة لأنه منهج حياة متكامل يفي بحاجيات بناء مجتمع متوازن«، على حد وصفهما. وقال بلحاج أن لحزب التحرير»مشروع دستور بديل للبلاد سيتم عرضه على المجلس الوطني التأسيسي لإبداء الرأي فيه« ملاحظا ان »الديمقراطية قضية مفتعلة لا يجوز الانشغال بها«، وفق تعبيرهو لدى تطرقه لبرنامج حزب الاقتصادي قال بلحاج »إن الاقتصاد الناجح ينبني على تلبية الحاجيات الأساسية لكل أفراد الأمة وتوزيع المنافع والثروة بالعدل على الجميع« مبينا »أن سن الضرائب لا يكون إلا عند الضرورة وأن قاعدة المبادلات المالية يجب أن تقوم على الذهب والفضة«، على حد تقديره.