كلّ التفاصيل مملّة حتّى تلك التي لم تكن كذلك الرسائل والقرّاء والصباح الذي كان شهيّاً قبل أيّام صار مثل الحجارة القراءة أيضاً والكتبْ والأخبار الثقافيّة وحوارات الكتّاب والسياسيّين والصحفْ وكلّ ما يمتّ إلى هذا العالم المحفوف بالساعات الطويلة الاتصال مع الأصدقاء شغب الأطفال صبّ الشاي في الأكواب النظر إلى النساء الجميلات أيضاً مملّ لا هدف له أو لهنّ النظر إلى الجبل المسكون بالأشجار والأعشاب البريّة والسماء الملطخة ببعض الغيوم العشوائيّة الشكل القطّة التي استدعتها رائحة اللحم مواؤها مزعج للغاية لونها، نظرتها إليّ وأنا أحاورها كي تنتظر قليلاً ريثما أحضر لها ما تيسّر من بقايا وجبة الغداء نظرت إليّ بجفاءٍ واضح مليء باللّامبالاةْ وأنا تركتها دون اهتمام ولم أعد لأطمئنّ عليها لا شيء من حولنا له فائدة الخواء وحده هو السيّد الحيّ الذي يتحكّم فينا الملل يطردنا إلى خارج البيت إلى الفناء الخارجيّ والشمس بحرارتها المشاغبة تدفعنا لندخل ثانيةً ننسى الأمر ونعاود الكَرّة وفي كلّ مرّة نقع في الدوّامة ذاتها هواتفنا لا ترنّ إطلاقاً الكهرباء تأتي كسولة في المصابيح صفراء ميتة تحقن عيوننا بكمّيّة ضئيلة جدّاً من الضوءْ وخدمة الإنترنت تمطّ إشعاعاتها كامرأة كسيحة لا تحبّ الآخرين لا فرق في الوقت إلّا عندما تنبهنا وجبات الطعام أنّنا يجب أن نقتات ثلاث مرّات يوميّاً أصبح اليوم بساعاته الأربعة والعشرين كتلة من العجين الفاسد الطريّ ماذا سنفعل غداً أو بعد غدٍ إذا استمرّ هذا الذي نحن فيهْ وكلّ ما حولنا سوف تلتفّ ذرعاه حول أعناقنا ليقتلنا؟ هل تخيّلتم يوماً أن تكون البشريّة هاربة من العملْ عاطلة عن الأملْ ولا تنتظر إلّا الخلاص من المللْ؟ فلنمت إذاً لعلّ تلك الكائنات العفنة سترتاح من جنونها اليوميّ كي لا نظلّ هكذا عاجزين نشعر باليأسِ يأكلنا الخجلْ