انعكاسها على احتياطي العملات والسيولة البنكية يعيد للواجهة شعار الوطنية الاقتصادية تقدر الخسارة التي تكبدها الاقتصاد الوطني جراء توقف الرواج السياحي وتحويلات المهاجرين بسبب حالة العزلة التي فرضتها مكافحة انتشار جائحة كورونا بنحو 2.5 مليار دولار خلال شهري مارس وأبريل. وتم تقدير هذا الرقم على أساس متوسط مداخيل السياحة وتحويلات المغاربة المقيمين بالخارج خلال هذين الشهرين على مدى الخمسة أعوام الماضية. وإذا أصيفت إلى هذا الرقم تداعيات كورونا على حجم مداخيل الاستثمارات الخارجية المباشرة، التي توقفت بدورها بشكل نهائي، وموارد الصادرات التي ستعرف انخفاضا ملحوظا بسبب الظرفية التي فرضها الوباء رغم أن إعلاق الحدود لا يشمل تدفقات السلع والبضائع، فإن احتياطي العملات الصعبة التي تتوفر عليها البلاد سيعرف تراجعا كبيرا خلال هذين الشهرين. علما بأن هذا الاحتياطي قدر بما يعادل 26 مليار دولار مع اندلاع الأزمة في بداية شهر مارس، وهو ما يعادل 5 أشهر من الواردات. ومن شأن هذا التراجع أن يؤثر سلبا في سيولة القطاع البنكي، ويفرض على بنك المغرب منح المزيد من التسهيلات للبنك في إطار سياسته لدعم السيولة تفاديا لاختناق الاقتصاد الوطني. غير أن الأمر يتطلب مقاربة خاصة بالنسبة للواردات، علما أن الحظر وإغلاق الحدود لا يشمل رواج السلع والبضائع. فمن جانب يتوجب تدخل الحكومة من أجل توقيف الواردات من السلع الفاخرة والكماليات، أو على الأقل تأجيل الصفقات المبرمة حاليا من طرف الشركات المستوردة إلى ما بعد انجلاء الأزمة وعودة الأمور إلى طبيعتها. كما تفترض الظرفية تحليلا دقيقا للبند المتعلق بواردات السلع الاستهلاكية المنتهية الصنع، والتي تلكف البلاد سنويا نحو 110 ملايير درهم. فهي قد تتضمن العديد من المنتجات الاستهلاكية الزائدة غير الضرورية، كما تتضمن الكثير من المنتجات التي توجد لها منتجات محلية بديلة يمكن أن تعوضها. ومن أبرز المنتجات التي يجب توقيف استيرادها خلال هذه الفترة السيارات الشخصية المنتهية التركيب، التي تناهز قيمة وارداتها السنوية نحو 20 مليار درهم. من جانب آخر تفترض الظرفية الصعبة تحسيس المواطنين بضرورة اعتماد المنتجات الوطنية بدل المنتجات المستوردة. ويشكل الزخم الوطني والتضامني السائد هذه الأيام فرصة لتغيير العديد من العادات وترسيخ عادات استهلاكية جديدة، وإعادة شعار الوطنية الاقتصادية للواجهة.