احتضنت لندن الاثنين الماضي أشغال “حوار الأعمال بين المغرب والمملكة المتحدة” والذي يعيد تحديد معالم السياسة الخارجية البريطانية غداة البريكسيت، وذلك بحضور وفد مغربي رفيع المستوى. وتميز منتدى الأعمال، الذي نظم بشكل مشترك من قبل وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج والاتحاد العام لمقاولات المغرب، بالتوقيع على مذكرة تفاهم بين الجزولي وبورنس تتوخى تشكيل فريق عمل مشترك مكلف بدراسة السبل الكفيلة بالارتقاء بالاستثمارات بين المملكة المتحدة والمغرب. وبحسب الوزارة المنتدبة المكلفة بالتعاون الإفريقي وبالمغاربة المقيمين بالخارج فإن المبادلات التجارية السنوية بين المغرب والمملكة المتحدة تبلغ أزيد من 18,3 مليار درهم. ويصدر المغرب ما قيمته حوالي 8 ملايير درهم نحو هذ البلد، مما يجعل هذا الأخير الزبون السابع والمزود ال11 في إطار اتفاق التبادل الحر مع الاتحاد الأوروبي. واستعرض الجانب البريطاني، الذي ترأسه وزير الدولة بالمملكة المتحدة المكلف بالتجارة الدولية كونور بورنس وكاتب الدولة البريطاني لدى وزارة الشؤون الخارجية المكلف بشمال إفريقيا والشرق الأوسط أندرو موريسون، مختلف فرص التبادل بين البلدين في مجال الاستثمار. وقال الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين في الخارج، محسن الجزولي إن المملكة المتحدة تعتزم جعل المغرب قطبا وبوابة لإفريقيا بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وأكد الجزولي أن المغرب والمملكة المتحدة بصدد “كتابة صفحة جديدة في تاريخ” علاقاتهما الاقتصادية، مضيف أن “بريطانيا التي تغادر الاتحاد الأوروبي، بعد أن وقعت مع المملكة اتفاقية شراكة للاستمرارية الاقتصادية، تعتزم جعل المغرب دولة محورية وبوابة إلى إفريقيا لتعزيز استثماراتها وصادراتها إلى القارة”. وأشار الوزير إلى أن حوار الأعمال بين المغرب والمملكة المتحدة، يهدف إلى تسهيل اللقاءات بين رجال الأعمال المغاربة والبريطانيين، مضيفا أن البلدين “بحاجة إلى زيادة حجم أعمالهما”، سواء من حيث المبادلات التجارية أو من حيث الاستثمارات. وبخصوص مجالات الاستثمار المحتملة، أكد الجزولي أن “التركيز ينصب على القطاع المالي طالما أن هناك عمليات جيدة تم إجراؤها” ، مشيرا إلى أن بنكا مغربيا اشترى لأول مرة جزءا من بنك إنجليزي في إفريقيا، بينما هناك صندوق بريطاني يستثمر في بنك مغربي للتطور في إفريقيا. وأبرز الجزولي أن هناك قطاعات “تحظى باهتمام كبير من جانب المجتمع الاقتصادي البريطاني، لا سيما الطاقات المتجددة مع التجربة الناجحة لمازن” والمشاريع المغربية الأخرى في نفس المجال. وأضاف “من الواضح أن المغرب يتموقع كشريك إفريقي (بالنسبة للمملكة المتحدة) وبالتالي فإن تعاونا ثلاثي الأطراف بين بريطانيا والمغرب وإفريقيا” ممكن تماما. ومن جانبه قال كونور بورنز، وزير الدولة في المملكة المتحدة المكلف بالتجارة الدولية إن المغرب والمملكة المتحدة يتطلعان إلى بناء شراكة استراتيجية في مجال الاستثمار . وأضاف كونور بورنز أن المملكة المتحدة تأمل في أن ترى فيها القارة الإفريقية ” شريكا متميزا في مجال الاستثمار والتجارة ” مضيفا أن المملكة المتحدة “ترغب في إقامة علاقة خاصة مع المغرب في شمال إفريقيا ” . وردا على سؤال حول ما إذا كان البلدان بصدد بناء شراكة استراتيجية في مجال الاستثمار قال كونور بورنز ” بالفعل هذا هو طموحنا ” مشيرا إلى أن خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي يشكل فرصة من أجل رؤية كيف يمكن لهذا البلد ” أن يقوم بالأشياء بشكل مختلف” و” أن يلتزم مع جهات أخرى من العالم ربما كانت في السابق لا تحظى إلى حد ما بالاهتمام عندما كانت بريطانيا عضوا في الاتحاد الأوروبي ” . وأكد الوزير البريطاني أن ” إفريقيا هي قارة تكتسي أهمية بالغة باعتبارها تشهد نموا متواصلا وتتوفر على ساكنة شابة كما أن اقتصادها يعرف نموا مستمرا ” مضيفا أن ” المغرب يشكل بلدا محوريا وبوابة ولوج لإفريقيا ” . وقال إنه إضافة إلى كل هذا فإن البلدين يتقاسمان العديد من الطموحات والتطلعات خاصة في ما يتعلق بالاقتصاد الأخضر والطاقات المتجددة . وأوضح الوزير البريطاني أن البلدين ” يمكنهما أن يعملا بشكل أفضل ” بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مشيرا إلى أن ” الحماس المعبر عنه خلال هذا المنتدى ” من قبل الشركات المغربية والبريطانية يمكن أن يساعد الطرفين على تحقيق طموحاتهما. ونظم حوار الأعمال بين المغرب والمملكة المتحدة الذي أطلق، أول أمس الثلاثاء في لندن، بشكل مشترك من قبل وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج والاتحاد العام لمقاولات المغرب على هامش القمة الإفريقية البريطانية حول الاستثمار التي جاءت لتعيد تحديد معالم السياسة الخارجية البريطانية غداة البريكست. وقد مثل الجانب المغربي في هذا الحدث محسن الجزولي وممثلون عن الاتحاد العام لمقاولات المغرب والوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات والمكتب الشريف للفوسفاط والوكالة المغربية للطاقة الشمسية والمركب المينائي (طنجة المتوسط) وكذا القطب المالي للدار البيضاء والبنك المغربي للتجارة الخارجية و54 مقاولة تمثل القطاعات الكبرى ذات الاهتمام المشترك بالنسبة للبلدين، ويتعلق الأمر بالأعمال الزراعية والطاقات المتجددة والصناعات والخدمات المالية واللوجيستيك والتكوين . وفي المجموع شاركت 116 مقاولة مغربية و 225 مقاولة بريطانية في هذا اللقاء الاقتصادي الهام الذي يتمثل الهدف الرئيسي منه في تقديم فرص المبادلات الاقتصادية والاستثمارات التي يتيحها البلدان. وعقد “حوار الأعمال بين المغرب والمملكة المتحدة” في العاصمة البريطانية لندن في أعقاب القمة الإفريقية البريطانية للاستثمار التي تميزت بمشاركة ناصر بوريطة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين في الخارج الذي شارك في المحادثات التي جرت في إطار هذه القمة بين الوزير الأول البريطاني بوريس جونسون ورئيس الحكومة سعد الدين العثماني، الذي لقاءات ومباحثات مع عدد من المسؤولين ورؤساء الوفود المشاركة في قمة المملكة المتحدة-إفريقيا للاستثمار 2020. ويتمثل الهدف من القمة البريطانية – الإفريقية للاستثمار 2020 التي تنظم بمبادرة من الوزير الأول البريطاني بوريس جونسون بحضور 16 من القادة الأفارقة في توسيع نطاق الشركاء الاقتصاديين للمملكة المتحدة بعد مغادرتها للاتحاد الأوربي ابتداء من 31 يناير 2020.