يذوق اليوم قنصل المغرب محمد بنتاجا بالدائرة القنصلية لدين بوش في الديار الهولندية، ما ذاقه سابقه القنصل العام سليم العاصمي قبل ما يقارب أربع سنوات، هذا الرجل الذي حمل معه ضمن أمتعته صوب الأراضي المنخفضة ، رغبة في التغيير والرقي بالخدمة القنصلية نحو الأفضل. فقد قرر الرجل أن ينقل مقر القنصلية العامة المغربية من مبناها القديم المهترئ، الذي لم تنل من صلابته أحوال الطقس فقط، بل الزمن أيضا، إلى مقر أكثر رحابة يستجيب لشروط الخدمة القنصلية إنسانيا أولا ولوجيستيا ثانيا ، كما وقفت على ذلك «الاتحاد الاشتراكي» ، إلا أن مهمة سليم العاصمي هاته لم تكن بالأمر السهل، كما اعتقده وهو يحط الرحال بالمملكة الهولندية. فعمر البناية، التي كان ليومية «الاتحاد الاشتراكي» فرصة لتفقدها خلال زيارة أخيرة للديار الهولندية، اليوم يقارب قرنا من الزمن، تشبه رجلا هرِم، بناية قنصلية في حالة يرثى لها ومرافق يندى لها الجبين وظروف العمل والتعامل مع المواطنين تقشعر لها الأبدان، بناية تشبه رجلا عديم القدرة على مقاومة جيوب التغيير. كان القنصل العام سليم العاصمي الحديث العهد بالدائرة القنصلية لدين بوش على علم بالصعوبات التي ستواجهه في إنجاز مهمته، وبالرغم من ذلك قبل التحدي مثله اليوم مثل القنصل العام الحالي محمد بنتاجا في قنصلية اتخذت لها مستقرا في إقليم برابنت وتقدم خدماتها لما يفوق 60 ألف مواطن من أصل مغربي، وهي إحدى القنصليات الأربع التي أقامها المغرب في هولندا ، وكانت آخرها قنصلية مدينة أوتريخت وأقدمها قنصلية أمستردام. يغادر سليم العاصمي القنصلية العامة بدين بوش عائدا إلى المصالح المركزية بوزارة الخارجية بالرباط ليحل محله القنصل الجديد محمد بنتاجا ليذوق ما ذاقه سابقه ويزج به في عملية شد وجدب، يتزعمها بعض «المتنفذين»، كما وصفهم أحد الفاعلين الجمعويين المغاربة ممن التقتهم «الاتحاد الاشتراكي» بدعم من أحد «الكتبة» الذي لايتوانى في أن يجعل من «الكتابة الصحفية» سلاحا لتصفية الحسابات بينه وبين جزء كبير من الجسم الديبلوماسي والقنصلي من أجل التحكم في بعض مفاصل القنصلية، كما أسر إلينا ذات المتحدث، مستغربا كيف انه لم تسلم من لسعات «شوكة قلمه» حتى أسماء محترمة من فعاليات المجتمع المدني الهولندي من أصل مغربي وأيضا أعراض موظفين وموظفات شكاياتهم وصلت إلى المصالح المركزية بوزارة الخارجية بأدلة دامغة باستعمال «شطط القلم » للنظر في فحواها واتخاذ التدابير القانونية في حق مرتكبها. بالرغم من هذا الوضع الذي كان موضع تنديد من قبل جمعيات هولندية من أصل مغربي التي عبرت في بيان لها حصلت يومية «الاتحاد الاشتراكي» على نسخة منه، عن استغرابها لعدم استحسان أشخاص نقل القنصلية العامة لدين بوش من مقرها القديم إلى الجديد بذات المدينة، وتأسفت في بيانها لمطالبة هؤلاء الأشخاص ، لا يتجاوزون الثلاثة، بإعادة القنصلية الى مقرها القديم ، مشيرة في الآن ذاته، إلى أنهم معروفون لدى أوساط الجالية المغربية منذ مدة طويلة بإثارتهم للبلبلة والشقاق داخل أوساط الجالية والتحرشات بموظفي القنصلية لخدمة أغراضهم الخاصة. فبالرغم من هذا الوضع، الذي رصدته ميدانيا يومية «الاتحاد الاشتراكي» ، إلا أن القنصل العام محمد بنتاجا مثله مثل سليم العاصمي، آمن بأن «التغيير قد بدأ» وأنه لا مكان للرجوع إلى الوراء والتخلف عن ركب الإصلاح القنصلي الذي أعلنه وزير الشؤون الخارجية والتعاون صلاح الدين مزوار قبل شهور وشكل ميثاقا بينه وبين القناصلة يحدد الحقوق والواجبات من أجل تحقيق خدمة جيدة لأبناء الجالية المغربية في الخارج. ذات الإصلاح القنصلي الذي يجسد بالدرجة الأولى العناية السامية التي يحيط بها جلالة الملك محمد السادس الجالية المغربية المقيمة بالخارج بشكل عام، وبهولندا على وجه الخصوص، من أجل تحقيق الفعالية والنجاعة في تقديم خدمات تستجيب لانتظارات المرتفقين وتتماشى مع ما جاء به «الميثاق القنصلي» ، ينخرط في تحقيقه في الآن ذات ، بالإضافة إلى قنصل المغرب محمد بنتاجا بالدائرة القنصلية لدين بوش، كل من قنصل المغرب بأمستردام طلال الجنان والقنصل المغربي في روتردام محمد سونة وقنصل المغرب بأوتريخت إسماعيل الواريغي، كل حسب أولوياته، متجاوزين الهفوات، مانحين إياها بصمة شخصية ليجعلوا من مراكزهم القنصلية فضاء أكثر انفتاحا وفعالية عبر سلوك مهني ولبق لأطرها. فبالإضافة إلى تحسين ظروف الاستقبال وجودة الخدمات الموجهة لأبناء الجالية المقيمة في الخارج، وكذا التفاعل معهم ومعاملتهم بشكل يحفظ كرامتهم، كما جاء في هذه الوثيقة التي تروم توسيع مهمة القنصليات لتعزيز المبادرات السوسيو ثقافية، والدور الاقتصادي لها ، فكل واحد من رؤساء الدوائر القنصلية الاربع، يسعى لأن يبصم مقامه بالديار الهولندية ببصمته الخاصة. فإذا كانت تهيئة المجال القنصلي وإعادة ترتيبه وفقا لما تطمح إليه مديرية الشؤون القنصلية والاجتماعية بوزارة الشؤون الخارجية والتعاون وتماشيا مع أهداف المخطط الجديد لإصلاح المنظومة القنصلية الذي تسهر على بلورته لجنة خاصة، واحدا من أهداف القنصل المغربي في روتردام محمد سونة، فإن تحسين نجاعة أداء المصالح القنصلية وإضفاء جمالية على الفضاء القنصلي والمساهمة في رفع القدرات اللغوية للعنصر البشري القنصلي في تعامله مع الاجيال الصاعدة لأبناء الجالية المقيمة في الدائرة القنصلية التابعة للقنصلية العامة للمغرب بمدينة أتريخت من خلال تدريس اللغة الفلامانية للأعوان المحليين والرسميين، تعتبر واحدة من مسارات الاصلاح الذي ينشده القنصل العام إسماعيل الواريغي، هذا في الوقت الذي يسعى قنصل المغرب بأمستردام طلال الجنان، إلى تحسين مستوى الخدمات المقدمة للجالية المغربية المقيمة في دائرته القنصلية والرفع من مستواها، فهدفه الأساسي أن يتم مهمته التي يقوم بها بكفاءة من أجل إتمام أشغال تهيئة المركز الثقافي المغربي بمدينة أمستردام ليجعل منه منارة للإشعاع الثقافي في الأراضي المنخفضة، فيما يهدف قنصل المغرب محمد بنتاجا بالدائرة القنصلية لدين بوش، لأن تمتد أنشطة المرفق الإداري لتشمل العمل المشترك مع منظمات المجتمع المدني المغربية العاملة في المجالات الاجتماعية والثقافية، ومواصلة مشروع التحديث والتهيئة الذي دشنته القنصلية في مقرها الجديد منذ أن انتقلت من المقر القديم ومواصلة الاهتمام بالموارد البشرية للمركز القنصلي بدين بوش. إن الدينامية التي ينخرط فيها رؤساء المراكز القنصلية المغربية الأربعة في الديار الهولندية يبقى مهندسها سفير المغرب في العاصمة الإدارية لمملكة الأراضي المنخفضة ابن الحسيمة عبد الوهاب البلوقي ، الذي كان له الشرف أن يكون أول سفير يتم استقباله من قبل ملك هولندا وليم الكسندر بعد تنصيبه في 30 ابريل المنصرم. فقد أظهر ابن الحسيمة الذي يترأس الدبلوماسية المغربية بهولندا، والذي التقته يومية «الاتحاد الاشتراكي» في مكتبه «المتواضع» بالعاصمة لاهاي، حرصه على حضور جميع الأنشطة التي تنظمها الفعاليات الجمعوية الهولندية من أصل مغربي، كما عاينت ذلك يومية «الاتحاد الاشتراكي» الاسبوع الماضي خلال ملتقى حوار الأديان بمدينة «نوردڤايك»، ولقاء تخليد الذكرى ال71 لتقديم وثيقة الاستقلال بمدينة أوتريخت ،وكذا نهجه سياسة القرب من مغاربة هولندا ، حيث يلتقي بهم ويتفاعل مع رؤاهم وآمالهم وآلامهم. هؤلاء المغاربة جزء منهم سواء مرتفقين أو أطرا، ينشدون تطوير الخدمة بشكل يرضي الجميع وبذل مجهود من كل الأطراف من أجل أداء كل واحد لمهمته وفق الاحترام المتبادل. إن ابن الريف عبد الوهاب البلوقي سفير المغرب في لاهاي، لم يبد فقط مساندته النفسية والاجتماعية، كما حدث أخيرا عندما آزر عائلة الطفل المغربي الذي تعرض بمعية والده العجوز لاعتداء وحشي من لدن الشرطة الهولندية، بل أبدى حرصه إلى جانب عمله الديبلوماسي على التفاعل الإيجابي في ملف التعويضات المالية للعمال المغاربة المتقاعدين والأرامل وأبنائهم الذين يشكلون جزءا من الجالية المغربية في هولندا التي نوه وليم الكسندر ملك هولندا بالدور الايجابي الذي تضطلع به بالأراضي المنخفضة، ومساهمتها الهامة في تعزيز الروابط التاريخية بين الشعبين المغربي والهولندي.