أكدت منظمة الصحة العالمية أنه في أفق سنة 2030 لن يتمكن حوالي 5 ملايير شخص عبر العالم من الولوج إلى الخدمات الصحية، بالنظر إلى وتيرة التطور التي يشهدها العالم حاليا. وأوضحت المنظمة التابعة للأمم المتحدة والتي تعنى بالشأن الصحي أن الدول عليها أن تبذل مجهودات إضافية من أجل سدّ الفوارق وتمكين مواطنيها من العلاجات الأولية الأساسية ومن الحق في التغطية الصحية، وهو الأمر الذي يتطلب منها تخصيص نسبة 1 في المئة من ناتجها المحلي لمواجهة هذه التحديات. وأكد تقرير جديد لمنظمة الصحة العالمية أنه يتعين إيلاء أهمية بالغة للعلاجات الأولية، الكفيلة بالحدّ من تبعات وتطور الأمراض وارتفاع كلفتها الباهظة والثقيلة، على المواطنين وعلى الدول، كما هو الحال بالنسبة للتلقيح، مشددا على أن بلوغ الهدف المنشود خلال سنة 2030 المتمثل في تعميم التغطية الصحية تعتريه عدد من الصعوبات، وهو ما يتطلب بذل المزيد من المجهودات والتعبئة الجماعية لتحقيق هذه الغاية. تعميم التغطية الصحية إشكال يعيشه المغرب، ويعتبر مطلبا جماعيا للفاعلين الصحيين والمواطنين، إذ لاتزال العديد من الفئات محرومة من هذا الحق، في ظل إما غياب القوانين المؤطرة أوعدم تفعيل تلك المتواجدة، كما هو الحال بالنسبة للطلبة، هذا في الوقت الذي يتواصل فيه حرمان عدد من الحرفيين وأصحاب المهن الحرة البسيطة، من إسكافيين وتجار البقالة وغيرهم، من نظام المساعدة الطبية «راميد» لعدم توفرهم على مجموعة من المعايير، هذا النظام الذي يتضح يوما عن يوم على أنه يجب أن تشرف عليه هيئة خاصة، بالمقابل لا تستفيد هذه الفئات من أية تغطية صحية، وهو ما يعني ثقلا صحيا وماديا يزداد عبؤه يوما عن يوم، وهو ما يجعل عددا من الخبراء والمختصين يؤكدون أن تأخير تعميم التغطية الصحية له كلفته الثقيلة، في ظل ارتفاع أعداد المرضى خاصة المصابين منهم بأمراض مزمنة. الدكتور مولاي السعيد عفيف، رئيس الجمعية المغربية لعلوم الصحة، أكد في تصريح ل «الاتحاد الاشتراكي» أن تعميم التغطية الصحية هو خطوة أساسية بالغة الأهمية، مشددا على دور العلاجات الأولية في التقليص من حدّة الأمراض وكلفتها وتبعاتها، مبرزا في هذا الصدد أن برنامج التلقيح في المغرب يضاهي البرامج في الدول المتقدمة، لكن المشكل يكمن في أن هناك مواطنين لديهم تغطية صحية وبالتالي يجب أن يقتنوا اللقاحات المعوّضة مصاريفها، حتى يتم فسح مجال الاستفادة منها في القطاع العام للمواطنين المعوزين الذين لا تغطية صحية لهم، الأمر الذي سيمكّن من توفير فارق مادي مهم يقدر بحوالي 150 مليون درهم كميزانية يمكن تخصيصها لتطوير البرنامج الوطني للتلقيح باقتناء وإضافة لقاحات جديدة، كاللقاح ضد سرطان عنق الرحم، أو اللقاح ضد التهاب الكبد الفيروسي من نوع ألف، مشيرا إلى أن هناك حالات كثيرة لوفيات في هذا الصدد بسبب حاجة المرضى لزراعة الكبد، هذا الأمر الذي يتعذر والذي من الممكن تفادي تبعاته لو تم اعتماد الحكامة في تدبير هذا الملف. الدكتور مولاي السعيد عفيف، الاختصاصي في طب الأطفال، أوضح أن برنامج التلقيح مكّن المغرب من تفادي ما تعيشه العديد من الدول من مصاعب في مواجهة أمراض مثل الحصبة، مؤكدا على دور العلاجات الأولية في تفادي العديد من الأعطاب الصحية، ودعا إلى تقوية هذا البرنامج وإلى بذل المجهودات الضرورية لتمكين المغاربة من التغطية الصحية، لأن من شأن هذه الخطوة تمكين المواطنين من الحق في العلاج وتقليص كلفة الأمراض وتداعياتها. وأشار الدكتور عفيف بالمناسبة إلى أنه في الظرف الحالي يجب تنظيم حملات تحسيسية منتظمة للمواطنين والعاملين في قطاع الصحة من أجل التلقيح ضد فيروس الأنفلونزا الموسمية، خاصة الفئات الأكثر عرضة للمضاعفات، كما هو الشأن بالنسبة للحوامل والرضع والمسنين، والذين يعانون من أمراض مزمنة كالقلب والشرايين والسكري، واعتماد الوقاية من خلال إجراءات قد تبدو بسيطة بغسل اليدين، حتى يتم تفادي أية تبعات وخيمة، موضحا أن الجمعية المغربية لعلوم الصحة ستعمل على تنظيم الدورة 36 للمؤتمر الوطني الطبي بالتزامن مع الدورة 47 للمؤتمر الطبي المغاربي، الذي سيشكل فرصة للحديث عن التكوين والتكوين المستمر في المجال الطبي الذي يعتبر خطوة بالغة الأهمية للتعاطي مع المستجدات الصحية وكل ما يهم الشأن الصحي.