قدرت شركة “مناجم” المغربية خسارتها بسبب تراجع أسعار الكوبالت والنحاس، خلال النصف الأول من العام الحالي، بحوالي 370 مليون درهم، مقارنة مع العام الماضي، حسب بيان تحذيري حول نتائج الشركة المدرجة في بورصة الدارالبيضاء، والتي تعد ثاني أكبر شركة معدنية في المغرب بعد مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط. وعزت شركة “مناجم” هذا التراجع بشكل خاص إلى انخفاض سعر الكوبالت بنحو 61 في المئة خلال هذه الفترة، علما بأن الكوبالت يشكل مصدر 23 في المئة من رقم معاملات الشركة. واعتبر محللون التراجع القوي لأسعار الكوبالت بمثابة ناقوس خطر حول آفاق الاقتصاد العالمي نظرا لأهمية هذا المعدن في العديد من المجالات التكنولوجية، خاصة في قطاع البطاريات الذي يرتبط بقطاعات تعتبر من محركات الاقتصاد الجديد كالهواتف الذكية والكومبيوترات والسيارات الكهربائية، إضافة إلى استعمالاته المتعددة الجديدة في التكنولوجيا وصناعة الطائرات والطب والصيدلة. وعزا محللون هذا الانخفاض في أسعار الكوبالت بعد عدة سنوات من النمو القوي إلى عدة عوامل، منها تداعيات الحرب التجارية بين أمريكا والصين، والتي انعكست على نمو الاقتصاد العالمي، بسبب حالة عدم اليقين التي تمخضت عنها والتي أثرت في قرار الاستثمار. وتلقى نمو الاقتصاد العالمي، حسب الخبراء، ضربة قوية نتيجة فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضريبة بنسبة 25 في المئة على منتجات صينية تناهز صادرات أمريكا منها 250 مليار دولار، وقيام بكين بدورها، في رد فعل انتقامي، بفرض رسوم على 110 مليارات دولار من السلع الأمريكية. وانتشرت في العالم جراء ذلك موجة حمائية أدت إلى انكماش التجارة العالمية، وأثرت بالتالي على مستوى نمو الاقتصاد العالمي. وفي هذا السياق تراجع الطلب العالمي على المواد الأولية مؤديا إلى انخفاض أسعارها. وتعد إفريقيا أكبر متضرر من انخفاض أسعار المعادن نظرا لوزنها في اقتصاديات الدول الإفريقية. فعلى سبيل المثال أدى انخفاض أسعار الكوبالت، الذي نزل بنسبة 50 في المئة خلال النصف الثاني من العام الماضي قبل أن يتدحرج بنحو 61 في المئة خلال النصف الأول من العام الحالي، إلى إغلاق مناجم الكوبالت التي تستغلها الشركة البريطانية كلينكور في الكونغو الديمقراطية إلى تسريح أزيد من 3000 عامل كونغولي، وحرمان خزينة الحكومة الكونغولية من 600 مليون دولار من الضرائب. ووجدت الكونغو الديمقراطية نفسها في أزمة خانقة بسبب وزن الكوبالت في اقتصادها المحلي باعتبارها أول مصدر للكوبالت في العالم. أما بالنسبة لشركة مناجم المغربية، فتجدر الإشارة إلى أنها تنتج سنويا نحو 2000 طن من الكوبالت من مناجم بووازار وكماسة جنوب البلاد، والتي راكمت من خلالها 90 سنة من التجربة في هذا المجال. كما توسعت الشركة المغربية منذ 2006 عبر استثمارات متصاعدة في استغلال الكوبالت والنحاس في الكونغو التي تعتبر أكبر خزان عالمي للكوبالت وتعد مصدر نحو 60 في المئة من الإنتاج العالمي للكوبالت. وبخصوص نتائج “مناجم” خلال النصف الأول من العام أوضحت الشركة أن آثار انخفاض أسعار الكوبالت والنحاس والزنك عوضها ارتفاع إنتاج الشركة من الذهب في السودان وتحسن أوضاع شركة “إميضر” للفضة في المغرب، إضافة إلى زيادة حجم إنتاج الكوبالت بنسبة 36 في المئة، والذي عوض جزئيا وقع انخفاض الأسعار.