جرى، الثلاثاء الماضي بمقر رئاسة جامعة محمد الخامس بالرباط ، تقديم كتاب «بزوغ جراحة الدماغ والأعصاب في إفريقيا»، للبروفيسور عبد السلام الخمليشي، الطبيب المتخصص في جراحة الدماغ والأعصاب، وذلك بحضور الأمين العام للحكومة محمد الحجوي وكاتب الدولة المكلف بالتعليم العالي والبحث العلمي خالد الصمدي والمدير العام للوكالة المغربية للتعاون الدولي محمد مثقال وثلة من السفراء الأفارقة والباحثين والمتخصصين في المجال. ويعد هذا الكتاب، الذي يسلط الضوء على التاريخ الخاص لإفريقيا، بمثابة وثيقة ذات أهمية كبرى بالنسبة للتعاون المغربي – الإفريقي في المجالين الطبي والعلمي، وكذا للمؤسسات الوطنية والدولية. كما يعتبر شهادة على أحداث مختلفة سمحت ببزوغ جراحة الدماغ والأعصاب الإفريقية. وتوخى البروفيسور عبد السلام الخمليشي، الذي انخرط في مشاريع مكنت من إحراز تقدم في مجال جراحة الدماغ والأعصاب في 18 دولة إفريقية، من خلال هذا الكتاب، أيضا، الإشادة بالجهود المبذولة من قبل مختلف الشركاء. ومن خلال اقتراح تعزيز التعاون المغربي – الإفريقي، يمهد المؤلف، في هذا الكتاب، الطريق لاستراتيجية تطوير تخصص جراحة الدماغ والأعصاب الإفريقية بحلول سنة 2030. وبهذه المناسبة، قال كاتب الدولة المكلف بالتعليم العالي والبحث العلمي، خالد الصمدي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن «هذا الكتاب يسلط الضوء على دور المملكة في تطور مجال جراحة الدماغ والأعصاب في القارة الإفريقية من خلال التكوين والبحث والتأطير». وأضاف الصمدي أن هذا الإصدار يساهم في البحث العلمي في مجال جراحة الأعصاب، مشيرا إلى أن هذا اللقاء يمثل مناسبة للإشادة بالجهود التي بذلها البروفيسور في هذا المجال. من جهته، أبرز البروفيسور عبد السلام الخمليشي، في تصريح مماثل، أن الكتاب عبارة عن دراسة حول برنامج تكويني لمتخصصي جراحة الدماغ والأعصاب الأفارقة، الذي أطلقه المغرب سنة 2002، والذي مكن من تكوين أزيد من 60 طبيب أعصاب في غضون خمس سنوات. وخلص إلى أن هذا البرنامج يعتبر اليوم نموذجا ناجحا للتعاون شمال – جنوب وجنوب – جنوب في مجال التعليم والتكوين الطبي. ويتطرق الكتاب إلى المسار الذي مرت به جراحة الدماغ والأعصاب بالمغرب والدور الفعال الذي لعبه المغرب في تطوير هذا التخصص على المستوى الإفريقي. وقد أكدت مختلف الشهادات أن البروفيسور عبد السلام الخمليشي يعتبر مدرسة لأجيال عديدة في مجال جراحة الدماغ والأعصاب، كما أشادت بالعمل الذي أنجزه خلال مساره المهني الذي فاق 45 سنة في التدريس والتكوين والطب والجراحة. إن المناصب المختلفة التي شغلها البروفسور الخمليشي على المستوين الوطني والدولي، خاصة عندما أصبح نائب رئيس الفيدرالية العالمية لجمعيات جراحة الدماغ والأعصاب، مكنته من العمل من أجل أن يصبح المغرب قاطرة في مجال جراحة الدماغ والأعصاب ونموذجا في التعاون جنوب-جنوب. وبتعاون مع زملائه الجراحين المغاربة وبدعم من مؤسسة الحسن الثاني للوقاية ومكافحة أمراض الجهاز العصبي، نظم البروفسور الخمليشي أول مؤتمر عالمي لجراحة الدماغ والأعصاب على أرض عربية إفريقية سنة 2005 في مدينة مراكش. شكلت هذه المرحلة انطلاقة لبزوغ وتطور جراحة الدماغ والأعصاب في إفريقيا. وقد نجح البروفسور عبد السلام الخمليشي في النهوض بالطب الإفريقي والرفع به إلى مستوى يمكنه من ولوج ساحة الكبار أي الفيدرالية العالمية لجمعيات جراحة الدماغ والأعصاب (WFNS). فبعد إنجازه دراسة إحصائية حول عدد جراحي الدماغ والأعصاب في بلدان جنوب الصحراء، التي أدلت بأرقام مقلقة وبينت أن عددا كبيرا من البلدان لا يتجاوز فيها عدد جراحي الدماغ والأعصاب جراحا واحدا لملايين من السكان. تم توقيع اتفاقية بين هذه الفيدرالية العالمية (WFNS) وجامعة محمد الخامس لإرساء برنامج تكوين شامل وكامل لفائدة أطباء أفارقة. وفي سنة 2002 تم تعيين قسم جراحة الدماغ والأعصاب من قبل الفيديرالية لتحتضن هذا البرنامج الذي يُديره البروفيسور عبد السلام الخمليشي. وبعد ذلك، استفاد هذا البرنامج من رعاية جلالة الملك محمد السادس التي أعطت الانطلاقة لدعم السلطات الحكومية في مجال الصحة. كما أعطى الملك محمد السادس تعليماته للنهوض بجراحة الدماغ والأعصاب المغربية من خلال تشييد المركز الوطني للترويض والعلوم العصبية بالرباط الذي يحتوي على جميع التكنولوجيات الحديثة المتعلقة بهذا التخصص. ويحتوي هذا المركز على جهاز Gamma Knife Perfexion، إذ يعتبر المغرب أول بلد إفريقي حصل على هذا الجهاز عام 2008. فعلى غرار جهاز الأشعة بالرنين المغناطسي، الذي كان المغرب أيضا أول بلد افريقي يحصل عليه عام 1992، شكلت إنجازات البروفسور عبد السلام الخمليشي قاعدة غيرت مسار تخصص جراحة الدماغ والأعصاب، على مستوى التكوين وكذا على المستوى الطبي لفائدة المرضى المغاربة، وكما جاء في كلمة أحد المتدخلين في هذا اللقاء: «البروفسور عبد السلام الخمليشي وجد طريقا غير معبد، فجعل منه طريقا سيارا يسّرت مسار كل واحد منا من أطباء جراحة الدماغ والأعصاب». عرف هذا البرنامج نجاحا كبيرا، وأصبح نموذجا للتعاون جنوب -جنوب في مجال الصحة، إذ ارتفع عدد المتخصصين في أمراض الجهاز العصبي في بلدان إفريقيا جنوب الصحراء من 79 جراحا عام 1998 إلى 615 جراحا عام 2016.