طلبت فرنسا من المغرب تدريب وتأهيل أئمة مساجدها، بهدف تلقينهم مبادئ الإسلام الوسطي، من أجل محاربة الخطاب الديني المتطرف داخل فرنسا، والذي أسفر عن توجه العديد من الشباب الفرنسي، ذكورا وإناثا، صوب تنظيم الدولة الإسلامية في سورية والعراق "داعش". ويأتي طلب فرنسا من المغرب تدريب أئمة مساجدها على تعلم الوسطية والتسامح الديني، في غمرة واقعة قتل عناصر من الشرطة الفرنسية لشخص، قيل إنه هاجمهم بسكين، وهو يهتف "الله أكبر"، داخل قسم شرطة في مدينة جويه لي تور. ورغم العلاقات الفاترة بشكل غير مسبوق بين المغرب وفرنسا، جراء عدد من الوقائع الدبلوماسية التي حدثت بين البلدين، منها استدعاء مدير المخابرات المغربية إلى القضاء الفرنسي بتهمة تعذيب مواطنين فرنسيين، فإن الرباط وافقت على طلب باريس بتدريب أئمة مساجدها. ومن المزمع، تبعا للاتفاق بين المغرب وفرنسا، أن يحل بداية العام الجديد 2015 ما يزيد عن ستين إماما فرنسيا بالمملكة، لتلقي دورات تدريبية شرعية ومعرفية في المعهد التابع لوزارة الأوقاف في العاصمة الرباط، خاصة في مجالات الفقه المالكي والعلوم الشرعية وضوابط الفتوى. وأفادت وزارة الخارجية الفرنسية أن تدريب هذا الفوج من أئمة المساجد في فرنسا ستتبعه أفواج أخرى، خاصة إذا أظهرت هذه التجربة الجديدة نجاحها وفعاليتها، خاصة أن باريس ترغب في أن يستوعب أئمتها مبادئ الإسلام الوسطي والمتنور الذي ترتكز عليه السياسة الدينية في المغرب. ويراكم المغرب تجربة كبيرة في مجال تدريب أئمة مساجد عدد من البلدان، من بينها مالي والغابون ونيجيريا وتونس، وذلك بفضل خطته الرامية إلى تدبير "الحقل الديني" التي شرعت فيها المملكة منذ سنة 2004، بعد التفجيرات الإرهابية التي استهدفت الدارالبيضاء في مايو 2003. لدكتور محمد بولوز، الواعظ الديني الرسمي في مساجد الرباط، أثنى في حديث ل"العربي الجديد" على هذه الخطوة المهمة في التأطير الديني، والتي قال إن المغرب أصبح فيها رائدا، ليس على المستوى المحلي فقط، وإنما في المحيط الدولي أيضا". وأوضح بولوز أنه بعد التمدد الطبيعي للتجربة الدينية للمغرب في عدد من دول أفريقيا، جاء الدور ليصل إلى أوروبا، بحيث ستتلوها خطوات أخرى بطلب من عدد من الدول الأوروبية، وخصوصا ذات الكثافة في تواجد الجالية المغربية والعربية عموما. وأفاد المتحدث بأن "هذه الخطوة في التكوين الديني، تأتي استجابة ملحّة لحاجات حقيقية تفرضها الإفرازات المخيفة للظاهرة الإسلامية التي تتمدد من غير توجيه، فتنتج غلوا وتطرفا في الفكر والسلوك، لأسباب ذاتية وموضوعية تفرضها البيئة المحلية والدولية .