رمضان شهر الصيام والصحة على حدّ سواء، وإذا كان مسموحا للبعض بالإمساك عن الأكل والشرب، لما لهذه الخطوة من «عائدات» إيجابية على صحة الفرد، فإن أشخاصا آخرين يشقّ عليهم الأمر، ويحظر عليهم الصيام خشية تبعات صحية وخيمة قد ترخي بظلالها عليهم، علما بأن هناك من يمتثل لتوجيهات الأطباء، في حين يأبى البعض الآخر إلا أن يخالفها وأن يصوم شهره كاملا مهما كانت التداعيات. خلال هذا الشهر الفضيل تُطرح العديد من الأسئلة المرتبطة بالصيام، جزء منها يخص الحالات التي يمكن للأطباء فيها السماح للأشخاص بالقيام بذلك، وشقّ يتعلق بموانع الصيام الصحية، وبالإجراءات والنصائح التي يتعين اتباعها والتقيّد بها. أسئلة تؤرق بال الكثيرين، بالنسبة للحوامل، لمرضى السكري والضغط الدموي، والقصور الكلوي، وغيرها من الأمراض المزمنة… وأسئلة أخرى تخص التغذية والجانب النفسي. تلتقون خلال هذا الشهر الفضيل مع سلسلة من الحوارات التي يتحدث عبرها عدد من الأطباء العامين والمتخصصين، كل في مجاله، مجيبين عن الأسئلة التي تطفو على السطح كلما حلّ الشهر الكريم بين ظهرانينا، وذلك إسهاما في نشر ثقافة صحية سليمة وفي تحقيق توعية شاملة انسجاما مع الغاية المثلى لهذا الشهر المبارك.
ما هي وظائف الكلي؟ الكلي أعضاء صغيرة الحجم لكنها متعددة الوظائف، ودورها بالغ الأهمية، نذكر منه تصفية جسم الإنسان من البقايا والسموم، وكذلك الإفرازات الهرمونية، كما أنها تتدخل في تكوين الكريات الحمراء وفي تقوية العظام والحفاظ على الضغط الدموي طبيعيا، ولها أيضا وظائف مناعية. تقوم الكلي في الظروف العادية بوظيفة تتميز بالسهولة، عندما تتوفر المياه في جسم الإنسان، لكن حين يتقلص منسوب الماء في الجسم تجد نفسها مجبرة على القيام بجهد كبير لإخراج جميع البقايا والسموم التي على الجسم التخلص منها، في قياس جدّ مركز من المياه، الأمر الذي يجب الانتباه في شهر رمضان الذي تقلّ فيه المياه في الجسم مع الصيام، ويجب الحرص على شرب المياه والسوائل بكثرة لأنها تساعد الكلي وتحافظ عليها، وتمكّن الناس خلال هذا الشهر على البقاء بصحة جيدة. هل هناك أمراض تصيب الكلي وتحول دون صيام المريض؟ أمراض الكلي هي أمراض صامتة بدون أعراض إلى حين ظهور المرض في مراحل جد متقدمة، لهذا يتعين على الشخص الذي قد يراوده شكّ بخصوص الوضعية الصحية لكليتيه، أو الذي فاق سن 45 سنة، أن يزور الطبيب المختص قبل شهر رمضان للتأكد من مرضه من عدمه، وأخذ الاستشارة الطبية المناسبة بخصوص الصيام، لأن الوضعية تختلف من حالة إلى أخرى، خاصة في ظل تعدد أمراض الكلي، كما هو الحال بالنسبة للحصى التي تتسبب في آلام مضاعفة خلال شهر رمضان لعدة أسباب، ونذكر في هذا الصدد، أن المريض المصاب بها يجب أن يستشير الطبيب، لأنه في حالة كانت الحصى غير مستقرة، أي أن المريض في وضعية صحية صعبة بناء على نتائج التحاليل، فإنه ينصح بالإفطار خلافا للأشخاص الذي لديهم حصي من حجم صغير، في وضعية استقرار، وغير مضرة بمنسوب أكبر، الذين يمكنهم الصيام لكن مع التقيد بالنصائح كشرب المياه وكيفية التعامل مع نوبات الآلام ومجموعة من الخطوات التي يتداولها المريض مع طبيبه قبل شهر رمضان. إلى جانب ذلك هناك أمراض شرايين الكلي، التي يمكن أن تكون في مراحل حادة أو مزمنة، والتي يُنصح المريض بها بالإفطار إلى حين العلاج أو استقرار المرض، وحين يكون هذا المرض مستقرا يمكن للمريض الصيام تحت المراقبة الطبية. وبخصوص بعض الأمراض التي تتسبب في حريق البول أو ظهور دم فيه أو وجود بروتينات كثيرة أو أكياس، فيجب الحديث عنها، حالة بحالة، مع الطبيب لكي يقدم له النصائح الضرورية للتعامل معها خلال شهر رمضان. أما بالنسبة للمرضى المصابين بالفشل الكلوي، ففي غالب الأحيان وفي جميع المراحل، ينصحهم الأطباء بعدم الصيام لأن في ذلك خطورة على حياتهم وعلى صحة الكلي، كما يُنصح المرضى الذي يعالجون بالتصفية بأن يحافظوا على أكل منتظم تفاديا لأية مشاكل، في حين أن الأشخاص الذين استفادوا من زراعة الكلي، فهم ينصحون خلال السنة الأولى بالإفطار، لكن بعد ذلك حين تعرف الكلية استقرارا وتسترجع وظيفتها الطبيعية يمكن للمريض الصيام، ويبقى السؤال الوحيد هو كيف يمكن التعامل مع الأدوية، وهنا يأتي دور الطبيب الذي يقدم لهم نصائح بهذا الخصوص، حول توقيت تناولها في فترة الإفطار أو السحور، حسب نوعية الدواء والحالة، كما هو الحال بالنسبة لأمراض أخرى كالتعفن البولي وارتفاع الضغط الدموي… ما هي أهم النصائح التي يمكنكم تقديمها للقراء؟ بالفعل هناك مجموعة من النصائح ومنها عدم الإكثار من تناول اللحوم والأملاح والسكريات التي يجب أن يتخلص منها جسم الإنسان لأنها تضيع له قدرا كبيرا من الماء، إلى جانب تناول الخضراوات والفواكه، وشرب الماء تحديدا وليس العصائر، والأكل عموما بصفة قليلة ومنتظمة وعدم الإسراف فيه. بالنسبة للمرضى الذي كانوا يتعبون حمية خاصة قبل رمضان يجب عليهم الحفاظ عليها خلال هذا الشهر الفضيل، كما هو الحال بالنسبة لنظام الملح نموذجا، واستمرار تناول الأدوية حتى لا تفقد فعاليتها وتفاديا للنوبات. كما يُنصح بعدم استعمال الأدوية بكثرة خاصة المضادة للالتهابات لمواجهة صداع الرأس وغيره، والأعشاب، وعدم ممارسة الرياضة قبل الإفطار التي لا ينصح بها لأن الجسم يعرف قلة في الماء والسكريات والأملاح في هذا الوقت، وبالتالي لا يكون مستعدا لمثل هذه الأعمال.