رمضان شهر الصيام والصحة على حدّ سواء، وإذا كان مسموحا للبعض بالإمساك عن الأكل والشرب، لما لهذه الخطوة من «عائدات» إيجابية على صحة الفرد، فإن أشخاصا آخرين يشقّ عليهم الأمر، ويحظر عليهم الصيام خشية تبعات صحية وخيمة قد ترخي بظلالها عليهم، علما بأن هناك من يمتثل لتوجيهات الأطباء، في حين يأبى البعض الآخر إلا أن يخالفها وأن يصوم شهره كاملا مهما كانت التداعيات. خلال هذا الشهر الفضيل تُطرح العديد من الأسئلة المرتبطة بالصيام، جزء منها يخص الحالات التي يمكن للأطباء فيها السماح للأشخاص بالقيام بذلك، وشقّ يتعلق بموانع الصيام الصحية، وبالإجراءات والنصائح التي يتعين اتباعها والتقيّد بها. أسئلة تؤرق بال الكثيرين، بالنسبة للحوامل، لمرضى السكري والضغط الدموي، والقصور الكلوي، وغيرها من الأمراض المزمنة… وأسئلة أخرى تخص التغذية والجانب النفسي. تلتقون خلال هذا الشهر الفضيل مع سلسلة من الحوارات التي يتحدث عبرها عدد من الأطباء العامين والمتخصصين، كل في مجاله، مجيبين عن الأسئلة التي تطفو على السطح كلما حلّ الشهر الكريم بين ظهرانينا، وذلك إسهاما في نشر ثقافة صحية سليمة وفي تحقيق توعية شاملة انسجاما مع الغاية المثلى لهذا الشهر المبارك.
– متى يمكن للمرأة الحامل الصيام؟ – يمكن للمرأة الصيام في الوضع الطبيعي والعادي وفي ظل عدم وجود مضاعفات، ابتداء من الشهر الرابع من مرحلة الحمل، على أن تتوقف انطلاقا من الشهر الثامن، إذا لم تكن هناك حالة مرضية أو ظرفية صحية تدعوها إلى الإفطار حفاظا على صحتها وعلى صحة جنينيها من أجل منحه فرص نمو طبيعي. وتكون الحامل مدعوة لعدم الصيام كي تستعد خلال المرحلة الأخيرة من فترة الحمل للولادة إذ يجب ألا تعاني من تعب أو إرهاق، كذلك الذي يرافق الصيام ويخلّفه، حتى يمكنها مسايرة فترة ما قبل وأثناء الوضع. – ما هي الحالات التي يجب أن تفطر فيها، ومتى يشكل الصيام خطورة على الجنين؟ – إن الفترة الأولى من الحمل، ما بين الشهرين والثلاثة أشهر، هي مرحلة مهمة في التكوين الأولي للجنين، خلالها تتكون وتظهر جميع الأعضاء الفيزيولوجية، لهذا يجب الحفاظ على توازن بيولوجي في جسم المرأة، الأمر الذي لن يتأتى إذا ما صامت الحامل، لأن جسمها ستنقص منه كمية المياه وستتقلص نسبة الفيتامينات التي يحصل عليها الجسم من التغذية. كما أن المرأة الحامل حتى لو أذن لها الطيب بالصيام، فإنها يمكن أن تفطر إذا أحست بأنها لا تقوى على ذلك في فترة من الفترات، أو لأنها تعاني من السكري أو الضغط الدموي، أو تتناول أدوية أثناء فترة الحمل ويجب استعمالها في مواقيت محددة، ما دامت أن هناك رخصة ربانية تجيز للمريض الإفطار. o- ما هي النصائح التي يمكنكم توجيهها للحوامل بمناسبة رمضان؟ – هناك مجموعة من النصائح التي يجب على الحامل التقيد بها خاصة خلال فترة الصيام، حتى لا تتأثر ولا تكون هناك تبعات على جنينها، أوّلها مرتبط بلحظة الإفطار بعد مغيب الشمس، التي يجب أن تكون تدريجية، وأن تبتدئ بجرعة ماء وبعد فترة يمكن لها أن تتناول مشتقات الحليب وبعض السكريات، ومن الأفضل ألا تشرب «الحريرة» إلا استثناء، لأنها تتوفر على السكريات البطيئة التي يمكن أن تؤثر عليها إذا ما تناولتها يوميا، لأن ذلك سيؤدي إلى زيادة في الوزن، أخذا بعين الاعتبار أن كل ارتفاع في وزن الجسم يعرض الحامل لمضاعفات، خاصة خلال هذه الفترة، ويمكن أن يترتب عنه الإصابة بمرض السكري والضغط الدموي، لهذا يتم توجيه نصائح مشددة إلى الحوامل بشكل عام لكي يتفادين الوقوع في ارتفاع الوزن، وعدم تجاوز المعدل الذي يتراوح بين كيلو وكيلو ونصف في الشهر. يجب أن تكون وجبة الإفطار خفيفة حتى يمكن للحامل أن تتناول وجبة العشاء بعد ذلك، خلال فترة زمنية قصيرة، لكي تتمكن من النوم مبكرا حوالي الساعة العاشرة أو العاشرة والنصف ليلا، وألا تبذل مجهودا يكون له ما بعده. إن النظام الغذائي الذي يجب أن تتبعه الحامل الصائم خلال شهر رمضان يجب أن يكون خاليا من الحراريات، وأن تكثر من أكل الخضراوات والفواكه وأن تشرب السوائل بكثرة وفي مقدمتها الماء، وأن تحرص على تناول اللحوم البيضاء كالسمك والدجاج، أما اللحوم الحمراء فيمكن لها تناولها بمعدل مرة واحدة في الأسبوع. وإلى جانب ما سبق يتعين على الحامل أن تتفادى التعرض للشمس لمدة طويلة وألا تكثر من المشي حتى لا يتقلص منسوب الحراريات والسكريات والماء، لأن ذلك سيؤثر عليها وعلى جنينها.