رمضان شهر الصيام والصحة على حدّ سواء، وإذا كان مسموحا للبعض بالإمساك عن الأكل والشرب، لما لهذه الخطوة من «عائدات» إيجابية على صحة الفرد، فإن أشخاصا آخرين يشقّ عليهم الأمر، ويحظر عليهم الصيام خشية تبعات صحية وخيمة قد ترخي بظلالها عليهم، علما بأن هناك من يمتثل لتوجيهات الأطباء، في حين يأبى البعض الآخر إلا أن يخالفها وأن يصوم شهره كاملا مهما كانت التداعيات. خلال هذا الشهر الفضيل تُطرح العديد من الأسئلة المرتبطة بالصيام، جزء منها يخص الحالات التي يمكن للأطباء فيها السماح للأشخاص بالقيام بذلك، وشقّ يتعلق بموانع الصيام الصحية، وبالإجراءات والنصائح التي يتعين اتباعها والتقيّد بها. أسئلة تؤرق بال الكثيرين، بالنسبة للحوامل، لمرضى السكري والضغط الدموي، والقصور الكلوي، وغيرها من الأمراض المزمنة… وأسئلة أخرى تخص التغذية والجانب النفسي. تلتقون خلال هذا الشهر الفضيل مع سلسلة من الحوارات التي يتحدث عبرها عدد من الأطباء العامين والمتخصصين، كل في مجاله، مجيبين عن الأسئلة التي تطفو على السطح كلما حلّ الشهر الكريم بين ظهرانينا، وذلك إسهاما في نشر ثقافة صحية سليمة وفي تحقيق توعية شاملة انسجاما مع الغاية المثلى لهذا الشهر المبارك.
كيف يجب التحضير لصيام رمضان؟ يجب استثمار شهر رمضان المبارك في العناية بالصحة العامة وتفادي التأثير السلبي للصيام على الصحة، وذلك باتخاذ بعض الاحتياطات اللازمة حسب السن، والإصابة بمرض مزمن، والحمل عند النساء. أما الأطفال فيجب العمل على مساعدتهم أيضا من أجل الاستئناس بالصيام تدريجيا قبل بلوغهم، مع مراعاة بنيتهم الصحية وقدرتهم على تحمل الصيام. وإذا كانوا يعانون من مرض مزمن، فيجب استشارة الطبيب المعالج الذي سيقرر في إمكانية الصيام من عدمه، مع متابعة النصائح اللازمة خاصة التي تتعلق بمحاربة الاجتفاف في الفترات التي تعرف ارتفاعا في درجات الحرارة. هل من تدابير تخص الأشخاص غير المرضى؟ الأشخاص الذين لا يعانون من أي مرض، ينصحون هم أيضا بزيارة طبيب العائلة للفحص السريري وإجراء بعض الفحوص البيولوجية، ومراقبة الضغط الدموي، ومستوى السكري في الدم، والدهنيات والكوليسترول، وكذا الوظيفة الكلوية، رغم عدم إحساسهم بأي عارض صحي، لان هناك أمراضا صامتة. إن هذه الخطوة هي مستحبة وقائيا لاتخاذ الترتيبات الضرورية في حال وجود عارض صحي ما، في حين يتعين على الأشخاص الذين يعانون من مرض مزمن، وجوبا أسبوعا قبل دخول شهر رمضان المبارك، مراقبة مرضهم عند الطبيب المعالج، وعلى ضوء الفحوصات السريرية والبيولوجية، يمكن للطبيب المعالج الترخيص بالإفطار إذا كان المرض المزمن غير متوازن، أو في حال كان الصيام سيفاقم من حدة المرض، أما إذا كان المرض متوازنا، فإن الطبيب المعالج سيرخص بالصوم مع ضرورة التقيد تتبع نصائحه، وكيفية استعمال الأدوية، والتدابير التي يجب اتخاذها لصيام شهر رمضان المبارك في ظروف حسنة. عدد كبير من مرضى السكري خصوصا يصرون على الصيام، فما هو تعليقكم على هذا الأمر؟ الحديث عن الصيام والأمراض المزمنة، يحيلنا على الحديث عن المصابين بمرض السكري من نوع 2 المتوازن، بدون مضاعفات كلوية، شرايينية أو قلبية، إذ يمكنهم الصيام مع متابعة الأدوية المخفّضة للسكري في الدم التي يأخذونها عادة، مع الحرص على عدم الإجهاد والنوم لمدة كافية، أما الأشخاص المصابين بالسكري من نوع 2 ، الذين يستعملون الأنسولين 3 مرات في اليوم، فهؤلاء يصعب عليهم الصيام وغالبا ما ينصحهم الطبيب المعالج بعدم الإقدام على هذه الخطوة، كما أن الأشخاص المصابين بالسكري من نوع 1، ينصحهم كذلك الطبيب بعدم الصيام، في حين أن المصابين بارتفاع في الضغط الدموي المستعصي، ورغم متابعتهم لعدة أدوية مخفضة للضغط الدموي، فغالبا ما يمنعهم الطبيب من الصيام، كما يجيز للمصابين بضعف كلوي، قلبي، شراييني، دماغي، بالإفطار. وفي كل الحالات يجب استشارة الطبيب المعالج أسبوعا أو أسبوعين قبل حلول شهر رمضان لاتخاذ التدابير اللازمة، ومعرفة هل في استطاعة أي شخص الصيام أو لا.