بمناسبة بداية شهر رمضان الأبرك، ولتفادي أي تأثير سلبي للصيام على الصحة يجب استغلال هذا الشهر الكريم للعناية بالصحة العامة واتخاذ بعض الاحتياطات اللازمة من اجل الصيام، وذلك حسب السن، الإصابة بمرض مزمن، والحمل عند النساء. أما بخصوص للأطفال فيجب الحرص على استئناسهم بالصيام تدريجيا قبل بلوغهم، مع مراعاة بنيتهم الصحية وقدرتهم على التحمّل، وإذا كانوا يعانون من مرض مزمن فيجب استشارة الطبيب المعالج الذي سيقرر في إمكانية الصيام مع متابعة النصائح اللازمة، خاصة التي تتعلق بمحاربة الاجتفاف في فصل الصيف الحار. بالمقابل يستحبّ بالنسبة للأشخاص الذين لا يعانون من أي مرض، ومن باب الإطمئان، أن يقوموا بزيارة طبيب العائلة للخضوع لفحص سريري وإجراء بعض الفحوص البيولوجية لمراقبة الضغط الدموي، السكري في الدم، الدهنيات والكوليسترول والوظيفة الكلوية. إن الأشخاص الذين يعانون من مرض مزمن، يتعيّن عليهم أسبوعا قبل دخول شهر رمضان الأبرك، مراقبة مرضهم المزمن عند الطبيب المعالج، وعلى ضوء الفحوصات السريرية والبيولوجية سيرخص لهم الطبيب المعالج بالإفطار إذا كان المرض المزمن غير متوازن، أو ستترتّب عن الصيام تبعات صحية، أما إذا كان المرض المزمن متوازنا، فان الطبيب المعالج سيرخص للمريض بالصيام مع تتبع نصائحه وكيفية استعمال الأدوية والتدابير التي يجب اتخاذها لصيام شهر رمضان المبارك في ظروف حسنة . يمكن للشخص المصاب بالسكري من نوع2 المتوازن بدون مضاعفات كلوية أو شرايينية أو قلبية الصيام مع متابعة الأدوية المخفّضة للسكري في الدم التي يأخذها عادة، مع عدم الإجهاد والنوم لمدة كافية. أما بالنسبة للأشخاص المصابين بالسكري من نوع 2 ، ويأخذون الأنسولين 3 مرات في اليوم، فهؤلاء يصعب عليهم الصيام وغالبا ما ينصحهم الطبيب المعالج بعدم الإقدام على ذلك، شأنهم في ذلك شأن المصابين بالسكري من نوع 1 . وإلى جانب هذه الفئة فإن المصابين بارتفاع في الضغط الدموي المستعصى، ورغم تناولهم لعدة أدوية مخفضة للضغط الدموي فغالبا ما يمنعهم الطبيب من الصيام، كما يوصى المصابون بضعف كلوي، قلبي، شراييني، دماغي بالإفطار. وفي كل الحالات يجب استشارة الطبيب المعالج أسبوعا أو أسبوعين قبل رمضان لاتخاذ التدابير اللازمة ومعرفة مدى القدرة على الصيام أو لا. يتوفر الطب الحديث على بنك من المعلومات حول الصحة في رمضان التي يجب استثمارها في الحقل التحسيسي الوقائي لتمكين الصائمين من الصيام في ظروف حسنة. تحدث عدة تغيرات فيزيولوجية أثناء الصيام، من قبيل ارتفاع إفراز حمض المعدة خاصة بالليل، ارتفاع الاسمولية عند الأشخاص الذين يقطنون بالبلدان ذات المناخ الحار، وكذا ارتفاع المؤشرات البروتينية والذهنية، نقص في تراكم الصفائح الدموية مع ارتفاع زمن النزف، كل هذه التغيرات الفيزيولوجية التي تحصل في رمضان يجب عدم إغفالها خاصة عندما تلتقي مع الأمراض المزمنة والتي تؤدي إلى تفاقم نسبة المضاعفات الصحية. إن الطبيب يتفّهم حرص المواطن على الصيام وأداء جميع العبادات، لكن يجب الحرص كذلك على عدم الضرر بالصحة وتفادي تفاقم مضاعفات السكرى مع الصيام، لهذا يجب اتباع نصائحه وتقبل الرخصة الطبية لأنها هدية من الله لعباده المومنين.