كان الملك محمد السادس قد شخص وضعية الدارالبيضاء في أكتوبر 2013 أمام البرلمان، وركز على أن أهم أعطاب المدينة، الحكامة والفوارق بين المناطق والتناقضات. في المظاهر الحياتية بها. الملك، لم يترك خطابه يمر دون أن يستنهض برنامجا تنمويا للمدينة بكلفة 3300 مليار في أفق جعل الدارالبيضاء قطبا ماليا وتحويلها إلى عاصمة للمال والأعمال. تنافس كبريات عواصم العالم. من هذا المنطلق، أي منطلق روح هذا الخطاب، أصبح جليا أن مسألة ما يسمى بالإجماع داخل مجلس المدينة، حول العديد من نقط جداول الأعمال المدرجة في دوراته، لا فائدة منها. نعم على أعضاء المجلس أن يصوتوا حول نقط استراتيجية مفيدة للمدينة وتدخل في أطر البرنامج المأمول بها. لكن أين نحن من مسألة محاربة الفوارق؟ وأين نحن من قضية معالجة التناقضات. وماهي البرامج التي سطرها المدبرون لتقليص حجم الفوارق بين الأحياء والمناطق. ولماذا بعض المناطق ينظر لها بمجهر الدونية؟ هذه الأسئلة، تدفعنا إلى سؤال عريض، وهو لماذا رؤساء مقاطعات مثل مولاي رشيد وابن امسيك واسباتة والحي المحمدي وسيدي عثمان، تصوت أوتوماتيكيا بالإجماع، على أمور لا تعني مناطقها؟ هذه المناطق وشبيهاتها، لا تستفيد من زبد الخدمات الكبرى المتوفرة في مناطق أخرى كالمعاريف وعين الشق وسيدي بليوط وأنفا. وأتحدث هنا عن خدمات ومشاريع من شأنها أن تدفع بسكان هذه المناطق إلى الرقي الذي تنشده، فعلى سبيل المثال لا الحصر، مجمل معاهد التكوين العالية التابعة لمختلف البعثات وغيرها، توجد خارج هذه المناطق وكأنها حكر على أحياء أخرى وعلى أبناء ساكنة المناطق التي ذكرت أن تجازف بالوقت والسفر للوصول إليها، بمعنى ولا رئيس من مقاطعات الدار اليبضاء غير النافعة دافع عن مشاريع مماثلة تدفع بالناشئة في منطقته إلى ولوج التعليم والتكوين المطلوب دوليا. وفي موضوع الرياضة، نجد أن فريقين كبيرين مثل الوداد والرجاء مدارسهما توجد في منطقة بعيدة عن الأحياء التي ذكرناها، بمعنى أن الشاب العاشق لكرة القدم أو يجيد لعب كرة القدم في حي من أحياء مثل حي السلامة أو جميلة 7، عليه أن يهيء نفسه إلى سفر يومي طويل ليبرز موهبته، بدل حث هذين الفريقين على فتح مدارس إضافية داخل هذه الأحياء، التي تتوفر على خزان رياضي كبير يتلاشى يوميا لأن مصاريف النقل وتوقيت التداريب لاتتماشى مع وقته وجيب عائلته. وأنا أتابع دورات مجلس المدينة في كل مرة. ومطلعا على جدول الأعمال يؤلمني صراحة هذا التباهي بالاجماع من طرف البعض خاصة من لدن مناطق مثل التي ذكرت. فبقراءة كل جداول الأعمال ، سنجد أن مختلف المشاريع المتحدث عنها أو المدرجة، تهم ما ينعت بالدارالبيضاء النافعة، أي المعاريف وما شابه، إذ نجد مثلا تفويت هذا العقار للخواص لبناء مشروع معين. ومثلها من النقط. في الوقت الذي تنعدم فيه مشاريع خاصة بالضفة الأخرى للمدينة، وإذا ما وجدت مشروعا، مدرجا، فاعلم أنه بتنسيق مع المبادرة الوطنية ويهم تعلم الخياطة وغيرها من المهن، وكأن أبناء هذه المناطق لا يستحقون أكثر. المعركة اليوم، هي معركة العدالة المجالية، وسأكون مسرورا. لو رأيت هؤلاء الرؤساء وبعيدا عن السياسة أو»قليان السم«، يخرجون عن الإجماع، ويدفعون ببرامج من شأنها، أن تحول مناطقهم إلى نقط جذب. سأكون مسرورا، لو رأيت هؤلاء يضربون الطاولة، على العمدة والوالي والحكومة، لحثهم على توفير ما يلزم من مشاريع كبرى تضاهي المشاريع الكبرى في المناطق الأخرى، للنهوض بالناس والناشئة، لتذليل الفوارق بينهم وبين الآخرين، ويتم لهم سبل النجاح التي يتوخونها. أعتقد بأن الحل الأنسب، أن تتكتل هذه المقاطعات في مؤسسة واحدة، وتعمل على تسطير برامج مشاريع كبرى مكملة لبعضها، لتنهض بمناطقها وساكنتها. أما التبجح بإجماع يهم تفويت عقار بمنطقة راقية لبناء مركز لحماية الجسم، من «الشحمة» فأعتقد أن مثل هذه النقط لا يجب أن تدرج حتى في الدورة لتصبح ملهما لإجماع لا يعني شيئا.