أكد قضاة وحقوقيون وأساتذة جامعيون، أول أمس الخميس بالرباط، أن تطويق مختلف أشكال الاعتداء على النساء والأطفال يتطلب وضع استراتيجية وطنية قائمة على تجميع الجهود وتسخير الآليات المؤسساتية والإجرائية لكبح هذه الظاهرة. واعتبروا خلال ندوة علمية، نظمتها الودادية الحسنية للقضاة، حول موضوع “المعالجة القانونية لمظاهر العنف ضد المرأة والطفل بين المستجدات التشريعية والممارسة القضائية على ضوء قانوني محاربة العنف ضد النساء ومكافحة الاتجار في البشر”، أن بلوغ المستوى المطلوب للحماية القانونية للنساء والأطفال يقتضي بذل المزيد من الجهد لتفعيل مقتضيات القانون المتعلق بمكافحة الاتجار في البشر، والقانون المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء. وركزوا على أن ظاهرة العنف ضد الأطفال والنساء تشكل أحد أبرز الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والحريات الأساسية، وتمثل عقبة أمام تحقيق المساواة والتنمية، مسجلين أنه لا يمكن مكافحتها إلا بتنسيق مجتمعي مبني على مبادئ احترام حقوق الإنسان والإنصاف بين الجنسين. وأكد الرئيس الأول لمحكمة النقض أن المغرب يتوفر على ترسانة دستورية وتشريعية متقدمة واجتهاد قضائي رصين راكمته محكمة النقض ومحاكم الموضوع ذي بعد حمائي وردعي في مجال مكافحة العنف ضد المرأة والطفل. وأبرز فارس في كلمة تليت نيابة عنه خلال ندوة نظمتها الودادية الحسنية للقضاة حول موضوع ” المعالجة القانونية لمظاهر العنف ضد المرأة والطفل بين المستجدات التشريعية والممارسة القضائية على ضوء قانوني محاربة العنف ضد النساء ومكافحة الاتجار في البشر”، أن هذا العمل القضائي الرصين يجب مواكبته تشريعيا ومؤسساتيا وتنظيميا من أجل الرفع من سقف الضمانات وتكريس ثقافة مجتمعية جديدة ترتكز على قيم الحوار والإنصات والمسؤولية والمحاسبة. واعتبر أن ظاهرة العنف ضد النساء والأطفال معقدة وتتجاوز المحددات القانونية والقضائية، كما تستدعي مقاربة شمولية يتحمل فيها كل الفاعلين مسؤوليتهم لمكافحتها والحد من آثارها، مضيفا أن السلطة القضائية واعية بالمسؤولية الدستورية والقانونية والأخلاقية كضمانة أساسية لحماية الحقوق والحريات وصون السلامة الجسدية والمعنوية للمجتمع، خاصة المرأة والطفل. وسجل فارس أن هذه المسؤولية لن تؤتي أكلها إلا بتفعيل خطة استراتيجية مضبوطة ومحكمة، وبفتح كل قنوات الحوار الجاد والعمل المشترك مع مختلف السلط والمكونات المجتمعية، والحرص على توفير كل الآليات القانونية والإمكانات المادية والبشرية والتنظيمية الواجبة. وأضاف أنه لا مجال للتساهل أو الاستهتار بحقوق المرأة والطفل في شموليتها وكونيتها في مغرب يبني مستقبله بكل مكوناته وأفراده، ويطالب بتكريس القيم والأخلاق وبصون الأسرة وحماية الأفراد والجماعات، ويرفض بكل حزم كافة أشكال العنف ومصادره. ونوه بهذه المناسبة بالمجهودات الهامة التي يقوم بها قضاة محكمة النقض وقضاة أقسام قضاء الأسرة رئاسة ونيابة عامة بمختلف محاكم المملكة برغم كل الإكراهات والصعوبات لمواجهة هذه الظاهرة المجتمعية، وردع مرتكبيها والتخفيف من آثارها على الضحايا، معتبرا هذه الندوة فرصة لإبراز الجهود المبذولة من طرف السلطة القضائية والفاعلين، وتسليط الضوء على النواقص والثغرات التي يتعين الاشتغال عليها من أجل المعالجة السليمة والواقعية لمظاهر العنف ضد المرأة والطفل. وناقشت هذه الندوة العلمية، التي عرفت مشاركة ثلة من الباحثين والحقوقيين والقضاة وجامعيين وفاعلين من المجتمع المدني، عدة محاور تهم على الخصوص “استراتيجية التصدي لأشكال العنف في حق المرأة والطفل”، والحماية القانونية للمراة والطفل على ضوء قانون الاتجار في البشر”، و”الضمانات القانونية والمؤسساتية لحماية النساء والأطفال ضد العنف”.