، الهيام، الغرام.. تعددت الأسماء و»الوهم» واحد.. انجذاب لروحين كلاهما يصدق وهم الآخر، إقرار بجنون جميل، حيث الهزيمة والانتصار سواء. دموع متهللة عند الفرح، وأخرى حارقة عند الفقدان. فالامتلاك لا يكون فيه انتصارا والهزيمة لا تكون فيه بالتخلي، هو ما يكون بين هاته وتلك. وكل هذا الزخم من التناقض الذي نعيشه في تجربة الحب، يجعل من اللحظة واقعا خلقناه، أو ربما سرقناه عنوة، بحلوه ومره من الحياة. حياة التهافت التي فقدنا، وافتقدنا بها كل معاني الجمال والحب والسلام، وتحولنا لكائنات من ورق سائرة لزوال، ليبقى الحب ذاك الشيء الخفي كالحرية والانعتاق شيء من الميتافيزيقيا. كل الغيبيات الحقيقية، ما وراء مداركنا الحسية، حب يزيد المحب بهاء واحتراما، حب نقي مترفع عن ماديات الجسد، بل يتعداه إلى الروح، ليدخلان معا في جذبة العشق العفيف الطاهر الأسطوري. لكن، للأسف هذا الكلام منذور للمبدعين، من شعراء وروائيين وفنانين، حب على ورق وأبطال من خيال. طبعا هنا لا نتحدث عن ألوان من ال»حب»، في فضاءات لا تليق به، هذا الحب المريض الثري بحب الذات والمصلحة الخاصة، صفقة مادية للمشاعر بين الطرفين، تجمعها نزوة جسدية جنسية عابرة. لقد أصبح الحب كإرهاص شاذ، لا يجد آذانا صاغية لذلك الهمس، ولا قلبا صادقا يشاركه البوح والفرح، ليبقى الصادق في المشاعر، كوعاء يفيض بمشاعر مركونة على حافة السقوط أقل استمالة، تفرغ الوعاء من ألقه وجماله، ليضيع وسط زخم المشاعر المسبقة الدفع. حب فضفاض غير مسؤول، نتحدث عنه كثيرا ونعيش القليل منه، هو الحب المتداول في مواقع التواصل، حب يبدأ بكبسة زر وينتهي بأخرى.. ذلك التفاعل الحميمي في هذا العالم الأزرق، هو جرم أخلاقي، نزوة عابرة معولمة، لا تعترف بأي قيم.. وسط تعبير بلا حدود. هذا الزيف الأخلاقي، يولد لدينا صورة مهزوزة عن واقع قيمي، من المفترض أن يكون نبيلا تحكمه ضوابط القيم الإنسانية، التي تغيب في هذا العالم الافتراضي حيث الهروب من واقع مسحوق، مقموع، هروب تكتمل فيه حياة غير واقعية لعاطفة مهدورة هشة فرضها بعد المسافة في العالم الافتراضي، ورمت بمشاعرنا الجميلة في حفر الزيف، خاصة المعاني الجميلة للحب، والتي تحولت الى عالم الابتذال. رغم هذه السوداوية، يبقى الحب إحساسا جميلا يقربنا من الناس، نور يشع من دواخلنا لينير عتمة الحياة وليلها الموحش. وكم هو جميل أن تكون طرفا في سعادة الغير، وكم هو جميل أن تسمع من الآخر أنه لا معنى للحياة في غيابك، لهذا يجب إظهار مشاعرنا والتعبير عن العواطف الكامنة في صدورنا، لأن ذلك من شأنه أن يقوي الثقة بيننا وبين محيطنا، ويضيف لها شحنات عاطفية تكشف مدى حبنا وتقدير الآخر لنا، هي ترياق يعطي للحياة عذوبة واستمرارية، ونقاء يحيطنا بهالة من السكينة.