يشكل شهر رمضان المبارك مناسبة سنوية فريدة للتقرب من الخالق عز وجل، وممارسة شعيرة من شعائر الإسلام العظيمة، ألا وهي الصيام، فضلا عن كونه فرصة ثمينة للصائم لتغيير النمط الغذائي الذي ألف عليه طول السنة، والتخلص من العادات الغذائية السيئة المضرة بصحته، باعتماد عادات أخرى صحية وسليمة، تقيه من الأمراض الشائعة، كمرض السكري وارتفاع ضغط الدم. فالصيام يمثل فرصة ذهبية لتخليص الجسم من كل الشوائب والسموم التي راكمها في السنة، شريطة الالتزام بعادات غذائية صحية تمكن الصائم من جني آثار الصيام الإيجابية، وتفادي العواقب الوخيمة للعادات الغذائية السيئة السائدة لدى أغلب الصائمين خلال هذا الشهر. ففي هذا الصدد، توصي الطبيبة الأخصائية في التغذية بالرباط، الدكتورة إكرام تيكور، باتباع نفس المبادئ الغذائية التي يجب اتباعها سائر أيام السنة، مشددة على ضرورة استهلاك كل المجموعات الغذائية بدون استثناء، لتحقيق توازن غذائي، وتفادي أي اختلالات في الجسم. وأوضحت الدكتورة إكرام تيكور، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنه يجب استهلاك الحبوب والنشويات، "لأنها تمد جسم الصائم بالسكريات بطيئة الهضم"، وكذا البروتينات الحيوانية، كاللحوم الحمراء والبيضاء، والحليب ومشتقاته، والخضر والفواكه، والمواد الدهنية، مع التركيز بالخصوص على الدهنيات الصحية ،كزيت الزيتون، وكذلك على المواد التي تحتوي على السكر، أو المواد الشبيهة بها، كالعسل، "ولكن بشكل مناسباتي وليس كل يوم". وأكدت أخصائية التغذية على ضرورة استهلاك كمية كافية من السوائل، خاصة أن شهر رمضان يتزامن هذه السنة مع بداية فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة، موضحة أنه يجب التركيز على المشروبات التي لا تحتوي على السكر، بما أن الصائم سيستهلك مواد سكرية أخرى، مع إعطاء أهمية كبرى للماء على الخصوص. وفيما يخص عدد الوجبات وكيفية توزيعها زمنيا، توصي الأخصائية بالاكتفاء بوجبتين، وجبة فطور ووجبة سحور، لكن هذه النصيحة "تهم فقط الأشخاص الذين يتمتعون بصحة جيدة، ولا يعانون من أمراض، ولديهم شهية عادية"، أما الأشخاص الذين يعانون من فقدان الشهية، فيمكنهم تناول ثلاث وجبات أو أكثر، لكن يبقى الأفضل الاكتفاء بوجبتين. وبالنسبة للمواد التي يستحسن استهلاكها خلال هذا الشهر المبارك، تقول الأخصائية أنه يجب التركيز على الخضر والفواكه، واستهلاك على الأقل ثلاث حصص مختلفة من الخضر في اليوم، يمكن تقسيمها إلى حساء أو "طجين" أو خضر مطهية. أما الفواكه فتنصح باستهلاكها باعتدال، لأنها تحتوي على نسبة مهمة من السكريات، ومن الأفضل استهلاك الفواكه طازجة، لا على شكل عصير، لأنه "بعد عصرها، يرتفع مؤشرها الجلايسيمي (مؤشر سكر الدم) ويزداد في النهار إحساس الصائم بالجوع، بينما الفواكه الطازجة تتوفر على الألياف التي تساعد على الإحساس بالشبع". على مستوى اللحوم، تقول الأخصائية إن الكمية الموصى استهلاكها وعدم تجاوزها هي "150 غراما للرجل و100 غراما للمرأة"، ويجب احتساب البيض أيضا في هذه الكمية، ومن الأفضل استهلاك اللحوم البيضاء والأسماك، وتناول اللحوم الحمراء مرة أو مرتين في الأسبوع. كما توصي الدكتورة إكرام تيكور باستهلاك كميتين أو ثلاث من مشتقات الحليب في اليوم، توزع بين وجبتي الفطور والسحور. وبخصوص الأطباق التقليدية التي تؤثت مائدة إفطار كل عائلة مغربية في رمضان، تنصح الأخصائية بتجنب كل المقليات والأطباق التي تحتوي على كثير من السكر، وبالخصوص حلوى "الشباكية" والفطائر المغربية "نظرا لافتقارهما لأي قيمة غذائية تذكر، ولخطورتهما على الصحة، خاصة إذا تم استهلاكهما بصفة يومية". وأوضحت الأخصائية أن مشكلة الفطائر "أنها تعجن بالدقيق الأبيض، وهو دقيق سريع الهضم يرفع نسبة السكر في الدم، فضلا عن احتوائها على كمية كبيرة من الدهنيات"، محذرة من أن اجتماع السكريات والدهنيات في الآن ذاته يشكل خطرا كبيرا على الصحة. أما "الشباكية" فتجمع، حسب الأخصائية، بين كل المساوئ، إذ أنها تحتوي على السكر والدهنيات ويتم قليها، ولا تتوفر على أي منفعة صحية ولا تمد الصائم بأي طاقة خلال النهار". لكنها تقول أنه "يمكن، فقط من باب الاشتهاء، تذوق واستهلاك الشباكية أو الفطائر مرة واحدة في الأسبوع". أما حساء "الحريرة" فتعتبره الأخصائية "طبقا متوازنا يحتوي على منافع كثيرة وعدة مكونات مفيدة"، كالنشويات التي تعزز الإحساس بالشبع وتمد الجسم بالطاقة التي يحتاجها، لأن الجسم يحتاج إلى السكريات، خاصة تلك بطيئة الهضم، فضلا عن توفرها على البروتينات كاللحوم، لذلك تعد من المأكولات المغربية التي ينصح باستهلاكها خلال شهر رمضان، لكن "دون الإفراط في الاستهلاك، فوعاء واحد من الحريرة يعد كافيا في اليوم ".