رغم الاستقرار النسبي الذي عرفه سعر صرف الدرهم مقابل العملات الصعبة منذ اعتماد نظام مرونته منتصف الشهر الجاري، إلا أن قيمة العملة الوطنية استمرت في الارتفاع مقابل الدولار، وذلك في سياق عالمي متسم بالتراجع الكبير لقيمة العملة الأمريكية. ويتجه سعر صرف الدولار مقابل الدرهم إلى النزول تحت عتبة 9.2 في المئة، بعد أن كان قبل أسابيع يلامس 9.4 في المئة، ونزل يوم أمس في الأسواق إلى 9.18 دراهم مقابل الدولار، وهو أدنى سعر له خلال 12 شهرا الأخيرة، وللإشارة فإن أعلى سعر للدولار مقابل الدرهم سجل يوم 2 مارس الأخير وبلغ 10.13 دراهم للدولار، وبدأ في النزول منذ ذلك الحين. وتعتبر المديونية الخارجية أكبر مستفيد من هذا التوجه، إذ أصبحت تتكون بنسبة 27.5 في المئة من الدولار، مقابل 61.4 في المئة لليورو و3.8 في المئة للين الياباني، و7.4 في المئة من عملات أخرى. ومنذ بضع سنوات اتجهت وزارة المالية إلى زيادة حصة الدولار في المديونية الخارجية، وذلك بهدف ملاءمة تركيبة المديونية من حيث العملات الصعبة مع تركيبة السلة التي تستند إليها قيمة الدرهم، والتي تتكون بنسبة 60 في المئة من اليورو و40 في المئة من الدولار. ومنذ ذلك الحين ارتفعت حصة المديونية المفوترة بالدولار من أقل من 10 في المئة قبل 2012 إلى أكثر من 27 في المئة حاليا، وانخفاض قيمة الدولار مقابل الدرهم يعني أنه سيكون على وزارة المالية تعبئة مبالغ أقل من الدرهم لأداء أقساط هذه المديونية. كما يرتقب أن يستفيد قطاع الطاقة، إذ أن الشركات النفطية ستحتاج إلى مبالغ أقل من الدرهم مقابل نفس المبلغ من الدولار اللازم لأداء وارداتها، وبالتالي فإن انخفاض سعر الدولار مقابل الدرهم سيكون له نفس مفعول انخفاض أسعار المحروقات. أما أكبر متضرر من ارتفاع قيمة الدولار مقابل الدرهم فهو الفوسفاط الذي يصدر بالدولار، ويأتي هذا الانخفاض في قيمة الدولار مقابل الدرهم في ظرفية صعبة بالنسبة للفوسفاط المغربي، والمتمثلة في انخفاض الأسعار في الأسواق الدولية بسبب المنافسة الصينية، فخلال سنة 2017 انخفض سعر الفوسفاط الخام بنحو 19 في المئة وانخفض سعر الأسمدة بنحو 5.5 في المئة. وعموما، على مستوى الميزان التجاري، فإن الدولار يمثل نحو 35 في المئة من الواردات المغربية من الخارج، والتي ستستفيد من انخفاض العملة الأمريكية، أي أن ثمن استيرادها بالدرهم سيتقلص بسبب ارتفاع قيمة الدرهم مقابل الدولار، أما في ما يخص الصادرات فإنها ستتأثر سلبيا لأن الزبناء الأجانب سيحتاجون كميات أكبر من الدولار لشراء نفس الكميات من البضائع بالدرهم، ويقدر حجم صادرات المغرب بالدولار بنحو 30 في المئة، أما المداخيل السياحية بالدولار فتمثل حصة 21 في المئة تقريبا من المداخيل الإجمالية للسياحة، وهي أيضا ستتأثر سلبا لأن السائح سيحصل على دراهم أقل مقابل الدولار، وبالتالي سيكون ثمن الخدمات السياحية بالنسبة إليه أغلى نسبيا.