قررت وزارة المالية الدخول في المرحلة الأولى لتحرير سعر صرف الدرهم ابتداء من اليوم الإثنين. وأعلنت وزارة بوسعيد أنها قررت، بتشاور مع بنك المغرب، توسيع هامش تقلب الدرهم حول سعره المرجعي من 0.3 في المائة في السابق إلى 2.5 في المائة. وبذلك أصبح مسموحا للدرهم أن يتقلب وفقا لتوجهات العرض والطلب في إطار محدد بين سقف (زائد 2.5 في المائة) وأرضية (ناقص 2.5 في المائة) حول سعره المرجعي الذي يحدده بنك المغرب على أساس سلة عملات تتكون بنسبة 60 في المائة من اليورو وبنسبة 40 في المائة من الدولار. وأشار بيان صادر عن وزارة المالية إلى أن بنك المغرب سيواصل تدخلاته لضمان سيولة الصرف في ظل نظام الصرف الجديد. كما أشار البيان إلى أن الشروع في هذا الإصلاح جاء في سياق ملائم يتسم بصلابة القطاع المالي الوطني وقوة الأسس الماكرو اقتصدية، لا سيما المستوى الملائم للاحتياطيات من العملة الصعبة واستمرار التحكم في مستوى التضخم، مضيفا أن هذا الإصلاح سيتم دعمه من خلال مواصلة الإصلاحات الهيكلية والقطاعية. وللإشارة فإن الشروع في إصلاح نظام سعر الصرف كان مقررا في يونيو الماضي. غير أنه تأجل بسبب توجه عام لدى المتعاملين نحو توقع انخفاض قيمة الدرهم عند الشروع في تحريره، الشي الذي دفعهم إلى بيع الدرهم مقابل اليورو بكثافة متسببين في ارتباك في سوق الصرف وانخفاض قوي في احتياطيات البنك المركزي من العملات الصعبة. واشتدت حدة الطلب على اليورو مقابل الدرهم ابتداءا من الأسبوع الأول من مايو الماضي، أي بفارق شهر عن الموعد السابق لتحرير الدرهم في يونيو. وتواصل هذا التوجه حتى الأسبوع الأول من يوليوز، وانخفضت خلاله احتياطيات العملات الصعبة لدى بنك المغرب من نحو 241.8 مليار درهم في بداية مايو إلى 201.55 مليار درهم في يوم 7 يوليوز، وهو أدنى مستوى لها خلال العام الماضي قبل أن تعود للارتفاع لتنهي السنة في نحو 241 مليار دولار. وهو مستوى أقل بقليل (زهاء 8 مليار درهم) مما كانت عليه في نهاية 2016. أما تطور سعر صرف الدرهم مقابل العملات الصعبة، فعرف توجها معاكسا مقارنة مع اليورو والدولار. وتشير أرقام بنك المغرب إلى أن قيمة الدرهم مقابل اليورو عرفت انخفاضا بنحو 4.8 في المائة خلال 2017، فيما عرفت قيمة الدرهم مقابل الدولار ارتفاعا بنحو 8.2 في المائة. وتعكس هذه التغيرات بشكل كبير التغير الذي عرفته قيمة العملة الأمريكية مقابل العملة الأوروبية، إذ انخفض خلالها الدولار مقابل اليورو بنحو 15 في المائة. وتكتسي كلا العملتين، الدولار والدرهم، أهمية خاصة بالنسبة للأداءات الخارجية للمغرب. فاليورو هي العملة التي تتم بها معظم صادرات المغرب، باعتبار الإتحاد الأوروبي شريكة التجاري الأول، إضافة إلى حجم كبير من واردات البلاد من التجهيزات والآليات والمواد النصف مصنعة والمنتجات الصناعية الاستهلاكية. أما الدولار فتبرز أهميته بالأساس في كونه عملة أداء واردات البلاد من البترول وصادراته من الفوسفاط. كما تنعكس تقلبات أسعار العملات على حجم المديونية الخارجية ونفقاتها. ويتجلى دور بنك المغرب في الدفاع عن قيمة العملة الوطنية ومن خلال تدخلاته عبر شراء أو بيع الدرهم مقابل العملات الأجنبية من أجل ضمان الاستقرار النسبي لسعر الصرف. ويشكل الإجراء الذي دخل صبيحة اليوم الإثنين حيز التطبيق، والذي يسمح بتقلب الدرهم في نطاق 2.5 في المائة حول سعره المحوري المحدد من طرف بنك المغرب، الخطوة الأولى نحو التعويم الكامل للعملة الوطنية، والذي أكدت الحكومة والبنك المركزي أنه سيتم عبر مراحل.