(صحفية متدربة ) حياتنا اصبحت تعرف تقلبات و تغيرات دائمة، حيث لا يمكن ان تمضي على نفس الخطى فلا بد و ان يمر الانسان خلال حياته بمشاعر مختلفة منها ما يتعلق بالحب احيانا وبالكره احيانا اخرى ،و ايضا ما يرتبط بالامن و الطمانينة حينا و بالخوف و الذعر حينا اخر،و اضحى الانسان يعيش غارقا في انفعالات متعددة ،منها ما ينفجر فجأة دون سابق انذار و منها ما يتضخم و يتشعب . يتعرض الانسان يوميا الى مشكلات تثير انفعاله وتختلف هذه الانفعالات في شدتها و قوتها. "حليمة الراضي" ام لثلاثة ابناء و ربة بيت تعاني من كثرة الضغوط التي تتراكم عليها قائلة "قتلني الروتين اليومي،فلا يكاد اليوم ينتهي حتى أبدأ في الاستعداد لليوم الموالي بنفس الوتيرة، و هذا ما جعلني اكثر عصبية و انفعال مع أبنائي و زوجي ,و لكن لا احد يفهم ما يجري بداخلي،فمند الصباح بدءا من الاعتناء بالأطفال و الزوج ثم الاهتمام بالمنزل و استلزاماته حتى يكون اليوم قد اشرف على الانتهاء ليبدأ الاستعداد ليوم لا يختلف عنه في شيء ،ويعد مصدر انفعالي الزائد هو هذا الروتين اليومي.فلا اجد اي جديد املأ به وقت فراغي و هذا هو السبب الذي جعل حياتي كئيبة ،فكل من في البيت ينتقدونني حول كيفية تعاملي معهم. فعلا أعترف أني اصبحت منفعلة و جد متعصبة من افكارهم و اراءهم و نقاشاتهم،و لكن ليس بيدي حل،فقد من كارهات الروتين و ليس لدي الحق في التكلم لان اول شرط كان هو الجلوس من العمل و التفرغ لعائلتي الصغيرة ،و لكن هذا زاد عن حده فالكل يعيش حياته بفرحها و قسوتها و انا اعيش نفس الحياة منذ ان تزوجت " "نوال حموني" استهلت حديثها "و الله حتى عييت" ثم أبدت لنا رأيها موضحة "لا أعرف ما علي قوله ،ففي هذه الحياة اصبحنا نعيش مشاحنات اجتماعية و اصبحنا اناس انانيين مع انفسنا و مع الاخرين ،فلا احد يفكر في الاخر ،والكل يهتم لحياته فقط ،و انا كباقي هؤلاء فلا اجد من يساندني و يتحمل انفعالي و انزعاجي من كل الامور التي اراها في غير محلها و بكوني عاملة لا بد و ان اتظاهر بابتسامة دائمة و ان اتفاهم مع كل الفئات و لكن هذا التصنع يوما بعد يوم جعلني انفجر من الغضب و الانزعاج و مررت كل انفعالي لعائلتي الصغيرة و لاصدقائي ،فلم يعد يتحملني احد ،لكوني اصبحت متعصبة في نقاشاتي و آرائي ،ولا اتحمل ما يقوله الآخرين معتبرة نفسي مالكة للنقاش و كلامي هو على صواب ، ولكن هذا الوضع لم يرق الجميع فكل من كان يعرفني اعترفوا لي باني تغيرت و اصبحت نوال تختلف عن نوال الاصلية ،فبدأ الجميع في معاتبتي ،بدءا من زوجي ثم عائلاتنا ،فلم اعد اتحمل النقاشات الطويلة و صرت كثيرة الانفعال .وأكدت ان سبب انفعالها الزائد يرجع إلى عملها اللذي يهيمن عليه نوع من النفاق و التصنع الاجتماعي ،وكذا ضغوط الحياة الزوجية التي تفرض عليها مسؤولية اكثر و اهتمام كبير ،وما يزيد من انفعالها وعصبيتها هو عدم تفهم الآخرين للظروف التي تمر منها. رأي استاذ في علم النفس كانت اجابة الاستاذ"احمد دكار" بعدما سألناه عن رأيه في موضوع الانفعال هي:"السؤال عن ماهو الانفعال هو سؤال عن ما هي الحياة نفسها ،لان حياتنا اليومية مليئة بلحظات الانفعال،غير اننا غالبا ما نركز للأسف على السلبي منها فقط،فحين نكون قلقين متوترين و محبطين،فتلك انفعالات ،وحين تجتاحها مشاعر الكراهية و الغيرة ... فتلك انفعالات،لكن ايضا حين تغمرنا مشاعر السعادة و الحب و الفرح و الخشوع و الارتياح،فكلها انفعالات،فالانفعال هو حالة وجدانية نتيجة لتفاعل الفرد مع ذاته و مع مكونات محيطه الخارجي ذات دلالة بالنسبة اليه: (احداث و وقائع،اشخاص ،افكار ،اصوات...) و يتزامن الانفعال مع سلوكات تعبر عن رد فعل سريع للموقف،كما يستجيب الجسم لهذا الموقف من خلال التغيرات التي تطرأ عليه،التي تكون قابلة للملاحظة تبعا لحدة درجة الانفعال :احمرار الوجه،ارتعاد اليدين او الرجلين،العرق ،تغير في وتيرة التنفس... ما الاسباب التي تقف وراء الانفعالات؟ ان السؤال عن الاسباب فنجد الباحثين يقدمون تفسيرات متباينة،فهم جميعا يتفقون على اهميتها لحياة الفرد،حيث يعتبرها البعض استجابة تكيفية ضرورية للحفاظ على حياة الانسان و الحيوان معا... و البعض الآخر اعتبرها نتيجة عنصر المفاجأة و بالتالي هي تعبير عن هزيمة الذات امام مفاجآت و تعقيدات الحياة اليومية،بينما جعل منها "هنري فالون" مرحلة من مراحل التطور النفسي للطفل و اعتبرها رسالة تواصلية للفرد مع محيطه. اما بخصوص السؤال عن علاقة الانفعال الشديد بالمرض النفسي فأجاب:" ان مجموعة من الامراض النفسية هي نتيجة انفعالات شديدة لا تتناسب مع طبيعة المثيرات المسببة لها، بمعنى ان شدة بعض الانفعالات تؤدي الى مرض نفسي،فمثلا انفعال الخوف يترتب عنه عدة اضطرابات نفسية يصنفها المختصون ضمن "الخَوًّافًات "أو الفوبيا .