بمجرد أن تثار مسالة ماضي الزوجين ومدى حق كل منهما في التحدث عن علاقاتهما قبل الزواج حتى تتعدد التبريرات وتتباين الدفوعات بهدف تكييف قناعة كل من منهما حيال الأمر ، لكن سهام الاتهام تنطلق حتما في اتجاه الرجل تارة، وأخرى صوب المرأة ، حيث توضع معظم المكتسبات الزوجية الراهنة جانبا ، وينتصب الشك والسؤال عنوانا كبيرا للمرحلة، فيما تختفي كل الاطاريح الجميلة الوردية، فشعرة واحدة تكفي لقلب الموازين ، وتعصف بكل ماتحقق من سعادة وصفو عيش وتضع بيض الحياة في سلة واحدة . "" في الوقت الذي يحلو فيه للبعض أن يجعل " العلاقة الزوجية التي هي قوام البشرية وكأنها" طلاسم وبحار عميقة لا يخوض غمارها إلا الفارس المغوار" ، يرى البعض الآخر أن الموضوع أسهل من ذلك بكثير، يكفي أن يتأمل الفرد منا في القرآن الكريم ، حيث يجد السماء قد وضعت القواعد الضابطة الناظمة لهذه العلاقة بأوضح عبارة وأوجزها، مستخدمة العبارات المؤدية للمعاني بطريقة صافية لا لبس فيها ، فتتحدث عن المودة والرحمة والسكن، وكيف أن المرأة لباس الرجل، وأهمية أن يقدم الرجل لنفسه مع أهله، وكيف يبر الأبناء بالآباء، وكيف تكون النفقة، وكيف يكون الخلاف وكذلك الجزاء، ومن أين تبدأ الحياة الزوجية وكيف تنتهي؟ ومن دون شك، سيجد فضلا عن ذلك ،أن القانون الوضعي بدوره اجتهد ، وحاول يخطئ ويصيب كي يضيف إلى الحياة معنى. لكن، كيف السبيل إذا اختلت هذه الحياة لحظة ،وساد شعور بالذنب حيال خطإ ما ، وبات النكد عنوان حياة والاتهامات والشتائم متبادلة حول ماضي مشترك كان مفروضا ان يلج منطقة النسيان؟ إن تحميل المسئولية للآخر، والاستعارة منه بسبب ما جرى ذات نزوة عابرة أمر لا بد له من وقفة إنصات وتأمل هادئة حتى تستمر الحياة . وإذا كان الإسلام في هذا الباب لا يرى مانعا أن يتعلم الإنسان بعض الأمور التي تمكنه من جعله سعيدًا في وسطه الأسري و المجتمعي ، ويستوعب فن السعادة العائلية حتى تصبح بالنسبة إليه عادة ، أكان استشارة أو علاجا نفسيا ، فإنه بالمقابل ينهى عن الإغراق في النظريات والفلسفات" أو ما تعتبره بعض الاجتهادات الدينية تقعرا وإسفافا أثناء الحديث أو التطرق لمثل هذه المواضيع الحساسة جدا . ونحن هنا نتساءل، ونفترض الأسوأ"ماذا لو كان عنصر الحب ضعيفًا في العلاقة الزوجية أو انتفى بالمطلق ، هل نهدم البيت على من فيه ، ويحدث الطلاق بما له من تداعيات خطيرة على الأسرة والمجتمع ؟ أم يتعايش الزوجان بواقعية" ؟ لاشك إن القيم النبيلة تنتصر في النهاية. فكيف نجعل العلاقة- الزواج- ذلك الأمر الفطري الذي غرسه الله في أنفسنا جميعًا رجالاً ونساء بهذه الصعوبة، وهو على يسر رباني حقيق ؟ فالمرأة تحب الرجل على نحوما ، والرجل يحب المرأة على نحوما ، وللخطيئة موطئ قدم بينهما ،وهي فطرة خلق الله الناس عليها ، يبقى فقط كيف تدبر وكيف تمرر وكيف يتم التعايش الممكن وسط دوامة المستحيلات تقول أم لابنها " سير أ وليدي الله من تعالى يرزقك بابنة الحلال، ويقول الأب لإبنته " الله يعطيك شي ولد لحلال " فما هو معيار الحلال وما هي قيمه ومن ينتجه ؟ تعالوا نستفسر، لقد اتفق أكثر من زوج استقت الجريدة رأيه في موضوع العلاقة العاطفية السابقة للزوجين،شرعية أم غيرها ، وفيما إذا كان لتلك العلاقات تداعيات راهنية ، أن المؤسسة الزوجية تبتدئ لحظة كتابة العقد الشرعي ، أما ما عدا ذلك، فيدخل في حكم الماضي" وعزوا قناعتهم تلك إلى أن الماضي قد ذهب بفضاعاته كما إشراقاته ، وأن الحياة تبتدئ منذ تلك اللحظة"، وأوضحت ذ "م ل " 40 سنة وهي إطار بنكي في هذا الصدد" أن تجليات النجاح تكون ساطعة منذ البداية حين يقرر الزوجان الإقرار بكل جرأة وصراحة بماضيهن وبعلاقاتهن ، لأن الزواج كمرحلة سواء تم عن طريق عدلين أو قاضي في محكمة هو دفن للماضي بكل تجلياته وانزياحاته العلائقية في إطار التجريب والمثابرة المتأخرة ،أوعلى مستوى تحقيق التميز للذات في أوج فورتها الشبابية ، هكذا يصبح الوضع الأسري "الزوجية" بداية عهد جديد من الوئام والانسجام المفروض بحكم الواقع الجديد داخل مكون مجتمعي لا يضع نصب عينيه سوى الآتي. لكن أسرا بعينها لها نظرتها المختلفة للمسألة ، ليس بسبب كونها تتحاشى النبش في ماضيها الدفين ، وتستنكف الحديث حوله أكثر مما ينبغي ، وهو حقها على كل حال ،و إنما لجهلها أهمية الوعي بذلك ،تفاديا لخطورة محتملة لذلك ، ولأسباب تتحاشاها ، لا تفضل النظر إلى الماضي إلا من حيث هو مادة للهدم والتدمير، وكأنها تقول " ساعدونا نريد ان نتجاوز الألم " هذه الأسر، و بهذا الفهم في تقديرنا تكون بعيدة كل البعد عن درس الحياة البليغ الذي يعتمد الاستفادة من التجارب السابقة حتى في أسوأ حالاتها ، في أفق إنضاج الذات وإكساب التفوق وتحصين الخبرات مستقبلا .لا سيما بعد عقد الزوجية ،والدخول في الحياة المشتركة التي لا تكون سعيدة ومتوازنة إلا باحترام كل من الزوجين الآخر في هويته الحالية وكينونته الشاملة ، والقيام بحقوقه وفق المتعين . يقول أستاذ مادة اللغة العربية معلقا بزهو فياض عن سؤال طرحناه بهذا الخصوص " "كنا نفيض شبابا ، نبحث في الزوايا ومحطات الوقوف عن الجميلات والفاتنات مشتعلين حبا وشبابا ، فتتلقانا العشيقات بتودد لا ضفاف له ،نعشق مانريد ، وكيف نريد ، ولما طرقنا باب الزواج، قررنا أن نبحث عن فتاة نزلت من السماء". لكن "هاجر" 17 سنة حسناء حداثية في عمر الزهور تمتح من العولمة بلا حدود فتقول تلافيا لكل ندم قادم " لن أكره أن أجرب النوم مع فتى الأحلام الذي يتقدم لخطبتي أولا ، قبل الزواج به ، فالرجل بالنسبة لي "تضيف" هاجر " هو طريقة نومه، وأسلوب مناولته للجنس، الرجل في المحصلة تربيته وثقافته الجنسية التي هي عنوان الحياة الناجحة ؟؟ أما المفتش المتقاعد الذي يحمل 40 سنة من التربية فقد عبر بثقة مفرطة عن رأيه في ماضيه قائلا "هن سلسلة صديقات كثيرات ضحايا مراهقة فتية ،عاشوا معنا الحب بأراجيفه السبع وقبلاته المنفلتة من كل رصد على السلالم وفوق السطوح وفي ردهات الفصول ، وأمكنة بلا ملامح ، لكننا لم نرتبط إلا بواحدة منهن ، كانت الأخيرة في اللائحة، فكانت زوجة الأولاد ، وسيدة البيت الأولى بلا منازع ، هن تزوجن أيضا برجال جاؤوا بعدنا ؟؟ لكننا اليوم أصبحنا جميعا من مخلفات الماضي .كما لو أن شيئا حدث. وبنكهة لا تخلو من سخرية لاذعة يروي" إ ر " 23 سنة وهو طالب جامعي حكاية طريفة حضر مراسيمها كمدعو " حتى يوم الخميس الماضي " تزوج جارنا - أعرفه – تمام المعرفة من فتاة بلا أخلاق يعرفها تمام المعرفة ، كان الجار على علم تام بماضيها الشبقي، لكنه أغرم بها ، ولم يجد سبيلا إلى فراقها ، كان المسكين على الدوام يصدح معللا للسائلين والمستفسرين عن دوافع إقدامه على تلك الحماقة الكبيرة" سأعمل فيه خيرا، لوجه الله ، سأنتشلها من الدعارة ، أهي الجرأة هي الوقاحة أم هما معا ؟. لقد كانت " س م" جميلة وفاتنة بحق ، وعلاوة على كل ذلك موظفة ، وهما الآن يعيشان معا ، مستبعدين الإنجاب كما كل الهواجس التي يمكن ان تعكر صفو الحياة بينهما ، هو على حاله ، أما هي فلن تسمح بحدوث أي صحوة ضمير محتملة تؤثر في مجرى حياتها الشبقية الهادرة خارج العش الزوجي حسب العارفين معظم العلاقات الإنسانية قد تنتهي برباط الزوجية ، لكن على المقاس والنصيب ، فقد تتعدد الأنواع وتتخذ مسميات شتى ، لكن في النهاية يبقى الزواج ذاك المقدس الذي لا قداسة له ، بنكهة زمان ومكان محددين ، قد تطارده اللعنة ولا يكترث ، وقد يدركه قطار النسيان كي تستمر الحياة . من منا لا يستحضر زواج القطار الصدفة ، وزواجا تم أثناء لقاء ثقافي، أو ندوة صحفية ، وزواج الانترنيت ، زواج البارميطات من ندمائهن ،وزواج تتوسط فيه القوادات، ثمة زواج يتم أثناء المواسم الدينية والاجتماعية ، وايمليشل نموذجا ...هناك زواج الحكم القضائي الناتج عن الاغتصاب ، فكيف يمكن لهذه الارتباطات البشرية وهذه التجارب المتعددة والمختلفة أن تستقر خارج بلا معنى يرسم أمامها خارطة طريق في ظل إفرازات وتداعيات أخلاقية وقيمية لا تكف عن التوالد ، ولا تفتر تداعياتها السلبية عن الذيوع والانتشار؟ نعم إنها الحياة ، ولا بد ان تستمر ، ومن لم يقبل بها فليبع روحه ؟؟ مع أن سقطته كانت استجابة لرغبة جنسية فاضحة ، فقد خاطب زوج زوجته بلباقة لحظة اكتشافها رسالة في جيب معطفه من حبيبة كانت في ما مضى عشيقته قائلا : " نعم ، حبيبتي ، نعم لا أخفيك أنها كانت جميلة ،وتحبني بلا قيود ،وكنت أرغب في استمرار تلك العلاقة ، لكني فشلت ، والسبب أنت ، لقد كنت الأقوى جمالا وفتنة ، فعصفت بكل شيء، حتى أني أنظر إلى التجربة لو أنها تمت، لكانت تكون بلا معنى ، وبلا هدف إنساني نبيل.الفضل كل الفضل لك، والشكر كل الشكر للقدر الذي نصبك في طريقي" . أبعد هذا ، يكون للزوجة غير التقدير والاحترام لزوجها؟ وإذا كان الزواج حين يحدث قسمة ونصيب ، فإنه لا يلغي في لحظة معظم العلاقات الشرعية وغير الشرعية، فهي تظل موجودة دائما هنا أو هناك، فيها ما يتخذ شكلا واضحا، وفيها ما هو كامن ومستتر . لو علم الفرد منا ان الزوجة التي يحب توجد في الهند لما تردد لحظة في الذهاب إليها . ولو علم شخص سوي أن زوجته ستكون معاقة ذهنيا وجسديا ، كان بتر عضوه من" لغاليغه" حسب تعبير لعادل إمام. ويذكر " س ك" 56 سنة أستاذ مادة الأدب الفرنسي بالجامعة وهو يستحضر طيش الشباب ورعونته علاقة له بطالبة جامعية قائلا " 4 سنوات مرت كلها متعة جنسية ذهبت سدى كما لو لم تحدث قط ، فحين ترتبط الطالبة بشخص قصد الزواج بعد التخرج والوظيفة ، فان الراتب "الماندة" يعمي قلوب الكثيرين عن كل الزلات وعن الماضي بحمولاته كذلك ، أما الروايات والأفلام السينمائية فهي لا تكف عن سرد عدد من القصص الغريبة ذات الصلة حيث يرتبط السكارى من علية القوم ببارميطات ظلت تسقيهم الخمر إلى لحظة يصبح القرد فيها غزالا ، فينسجون مع مرور الوقت قفصا ليس ذهبيا بالضرورة ، لكنه يلمع تحت وهج أشعة مجتمعية حارقة ، وينجبون أطفالا ويقطنون فيلات ، ويبتكرون سياقات وأنماط حياتية غاية في الطرافة و الغرابة لكنها الحياة. في أوساط النساء اليوم دينامية ونشاط مستمر مصدرهما كما تروي ناشطة حقوقية تلك الطفرة النوعية المتعلقة بمتابعة وتطوير مدونة الأسرة ومن خلالها قانون الأحوال الشخصية ، بحيث يأتي كل تعديل مرتقب ملبيا لطموح المرأة ، ومنقذا إياها من كثير من النصوص التي تضعها خارج دائرة المساواة الحقيقية مع الرجل ، والمرأة حين تنادي عن طريق العمل الجمعوي الرشيد بتعديل قانون الأحوال الشخصية وتكييفها بالشكل الذي ترضاه ، لا تقف عند حدود الحيف الذي تعاني منه ، وإنما تذهب إلى معاداة الرجل ، تبريرها في ذلك ، أنه هو الذي كبلها بهذه القيود, وأنه هو من أقر ,أجاز وأفتى وأباح ، وهو من أرادها أن تبقى سجينة هذه النصوص حتى يفرض عليها سلطته , ويصرفها متى شاء. وكيفما شاء" وهي هنا على قدر كبير من الصواب . هكذا يغدو الأمر شططا، " إن المرأة هنا تنسى، أو لعلها " تتناسى أن الرجل هو الذي حقق لها كل هذه المكاسب التي تمارس بها الحياة في هذا المجتمع المعاصر. أليس هو من نادى بحريتها ، وحقق لها هذه المساحة الضيقة من الحرية التي تمرح في مرابعها , أليس هو من طالب بمساواتها بالرجل وحقق لها النصيب الأكبر من هذه المساواة؟ أليس هو الذي مكنها من ممارسة إرادتها السياسية والاقتصادية والثقافية؟. وهو الذي وقف إلى جانبها. والرجل حين قام بذلك قبل عقود ، لم يفعله لأن المرأة طالبت به ودعت إليه ، وإنما فعله إيمانا منه بفكرة التقدم لدى بني البشر ونتاج للثورة الثقافية الجامحة التي تدفع الإنسان إلى تحسين عيشه وتطوير نظام فكره وحياته . لكن ، فيما يتعلق بالعلاقة الزوجية وطبيعتها ، يلاحظ جنوح بعض الكتاب إلى اعتماد منهج يصور الحياة الزوجية على" أنها جنة الله في الأرض، احترام دائم ومتبادل، حب ودفء في المشاعر والأحاسيس ، رعاية للصغار بمنتهى الرعاية والاهتمام ، احترام للأقارب وتودد محموم تجاه الحماة ، انسجام وتجانس في كل المواقف و الأفكار والأمزجة، وتفاهم حد التعاقد في ما يخص المقاربة الجنسية ، وهذه في حقيقة الأمر كذبة كبرى ، لكن ما العمل إذا لم تتوافر التوافقات والمعاني بتلك الدرجة من المثالية ؟ في هذه الحالة لابد أن تتحول الحياة إلى جحيم لا يطاق . في المأثور أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما جاء رجل يستشيره في طلاق امرأته، فقال له عمر: لا تفعل، فقال الرجل: ولكني لا أحبها قال عمر رضي الله عنه: ويحك وكم من البيوت يبنى على الحب؟ فأين الرعاية وأين التذمم؟ وقول عمر بن الخطاب فليس كل البيوت تبنى على الحب يعني أن هناك رسالة عظيمة للبيت المسلم ألا وهي تربية الأبناء وتقويم سلوكهم والعبور بهم إلى بر الأمان، والعشرة بين الرجل وزوجته على العسر واليسر والحلو والمر، كل هذا يقوي الرابطة الزوجية ويجعل منها رباطًا قويًا لا تنفصم عراه بسهولة". في ذات السياق، أعرب عدد من الزيجات عن تحفظهن بخصوص سؤال البوح، سؤال العلاقة العاطفية غير الشرعية للزوجين قبل الزواج وتأثيرها في حياتهم الزوجية الراهنة ، وإذا كان أغلب الأسر التي حاورناها تعتبر الماضي ليس مؤثرا حين يغوص ، لكنهم أجمعوا على أنه سرعان ما يزلزل حين يطفو . وقالت "ذ ت " بأسف " إن الرجل على شأنه أو قصر فهو رجل" لذلك ، فإن ماضيه المتعدد المتنافر يظل مبعثا على الافتخار سواء قبل الزواج أو بعده ، حتى حين الانزياح يكون بارزا وواضحا للعيان ، بل في أحيان كثيرة يكون بفتونته وجدعنته معيارا للتباهي والافتخار . لكن " سعاد الحديثة الالتحاق بالمؤسسة الزوجية فتعبر عن استيائها العميق من ما يجري ويدور من مشكلات وقضايا ميعت الحياة الزوجية وحولتها إلى عصير بلا طعم ، فهي تحكي بجرأة نادرة فتقول "كيف سيكون رد فعلك لو قمت بفتح البريد الخاص بخطيبك أو زوجك ووجدت رسالة، بمعنى أوضح رسالة من فتاة تحمل توقيع "صديقتك الجديدة". لابد أنك ستشعر بالغضب، ثم تحزن وتتساءل ، وفي النهاية لكن ماذا لو وجدت رسالة تحتوي على مقاطع غرامية قد تصل إلى الإباحية أحيانا ، فهل تكتفي بالغضب وحده ؟ لابد انك تستدعي قيما هجينة كالخيانة ، ولكنك ستشعر بالاحتقار والمذلة ، نعم هذا حصل بعد ثلاثة أسابيع من عقد قراني . لكني لم استطع كبح جماح فورة الغضب، فقسيت على نفسي في وقت كان خيارا آخر على رف الذاكرة . وتوافق مبدئيا " ح ل " قائلة مما لا جدال فيه أن ماضي الزوجين أو العلاقات العاطفية السابقة للزوجين،لابد ان يكون موضوع نقاش هادئ ورصين ، من حق الزوجين الاطلاع على أخطاء الماضي لكل منهما والاستفادة منها والدعوة إلى عدم السقوط فيها للأجيال القادمة ، إذا أقام الزوجان علاقة غير شرعية قبل الزواج ، لابد أن يسمح الوضع الراهن بالتماهي معهما بلا مركب نقص ، لكنها تضيف مثل هذه المواضيع كانت وماتزال محور نقاش كبير عقيم . سوف لن أخفيكم قناعتي في موضوع معقد وشائك بهذا القدر من الطابوية ، تحكي " س ل " فتقول " أن موضوع المرأة والقيم خاصة في ظل مجتمع مغربي تقليداني محافظ في الجزء الأكبر من مكوناته يبدو على حافة جارفة من التحولات والاوراش القيمية ، إن انهيار القيم ورش مغربي مفتوح على الآخر الآن ، وهو رهان مستقبلي يحمل نوعا من الجرأة في الطرح في ظل ما تجود به فضائيات متعددة الهوى تستبيح سماوات الله المفتوحة ، رهان استكشاف أنماط وترسيخ وعقليات تتحكم أو تدبر واقع القيم وتخصب منظومة تعمل على تهميش المرأة في غالب الأحيان بقدر ما تعمل على تأكيد وجودها ،نعم قد نتفق أو نختلف ، إذ قلما نجد أزواجا وزيجات يتحدثن عن علاقاتهم قبل الزواج على مثل هذه الفضائيات ، وإذا حدث يكون في وضع الاستحياء أو الخجل ، أو من وراء حجاب ، فتأثير الماضي بحمولته على حياتهن الزوجية الراهنة بالسلب أو الإيجاب لا يحتاج إلى دليل ، لكن للجرأة ثمنا باهضا أحيانا ، إذ لا يكتفي الماضي بالتأثير على علاقتهن الزوجية، بل يحولها إلى جحيم ، بل يدمرها تدميرا نوويا تظل فيه المباني شامخة، لكن بلا روح ولا مشاعر ولا أحاسيس . هناك مقاربات نفسية بالتأكيد تجعل الزوج (أو الزوجة) قادرا على أن ينسى ماضي زوجته (أو زوجها) ويبدأ معا نحو مستقبل أفضل، ، لكن هذه الآليات اليوم تبدو معطلة بسبب استشراء الأمية وسيادة منطق القبيلة لدى الغالب الأسر المغربية ، التي تعتبر الماضي باجتهاداته مرجعا ضروريا للحسم في منظومة مفتوحة على كل الاحتمالات ، ولعل وصية إمامة ابنة الحارث لابنتها ليلة زفافها أنصع دليل على تشبث أغلب الأسر بمنطق الزواج التقليدي الذي لا ترى فيه الزوجة زوجها إلا ليلة الزفاف . كيف يمكن التغلب على عوائق مثل ، الشعور بالذنب، تبادل الاتهامات وتبادل الشتائم حول الماضي وتحميل المسؤولية للآخر والتقليل من جدارته بسبب ماجرى في الماضي؟ و ما العمل إذا أصبح ماضي الزوجة أو الزوج ينكد عليهما حياتهما بعد زواجهما؟ هنا تحديدا تكشف السيدة "ه س" بواقعية شديدة " " فتقول " في البداية ، على الزوجين أن يبديا جهدا كبيرا حتى يتسنى لهما الكشف عن ما بداخلهما من وشائج ونوايا ومسكوتات ، حتى يطمئن الآخر ويسعد ،إذ للصراحة في هذا الباب طعم غاية في اللذة ، لكن مالذي يجعل الحياة بينهما بعد شهور جامدة روتينية، وتصبح الشعارات هي حقي وحقك، وواجبي وواجبك" لقد اكتشفت إحداهن " إن الروتين والرتابة والملل من ألذ أعداء الحياة الزوجية، وهذا الملل يظهر عند الرجال والنساء، متى سمحوا له ، ولعل ذلك هو ما يسهل النبش في الماضي الدفين للزوجين ، وحينما تضاف أيام أسبوع رتيبة تمضي دائماً في حوار متشابه بين الزوجين، غالبا ما يقاطع بعراك الصغار ونداءاتهم وطلباتهم، أو بمشاكل في المنزل أو نقص أحد الأغراض والحاجة للنزول مرة أخرى إلى الأسواق، وتتفاقم الحياة الزوجين في حالة عقم أحدهما ، وتسوء الحالة إذا كانت الزوجة عاقرا ، لا احد يتصور كيف تمضي الحياة وكيف تنقضي الايام والشهور والأعوام وقائمة من الوصفات والاستشارات حول الماضي بكل تجلياته العلائقية ؟ وتلمح في قليل من الدلع سيدة خمسينية " أن كل نساء العالم تأملن في الزواج، وهو الأمر الذي يجسد كل آمالهن وطموحاتهن ، لكن بعد هذا الزواج بفترة لم يعد لديها أي طموح، ومن ثم تقوم المرأة كل يوم بنفس الروتين الذي كانت عليه في اليوم السابق، كل شيء في حياتها الزوجية يتم بانتظام ورتابة، وذلك من أكبر الأخطاء التي تقع فيها الزوجة، وهو ما يسمح بالتأمل في الماضي الدفين ، وتتابع كلامها وابتسامة لا تفارقها " الحياة تجديد، والجديد فيها له بهجته، حتى ولو كان التجديد في مواعيد الأكل والنوم والراحة والتقبيل والسرير". وترى " م ر" متأففة ومشاكسة ان المساواة والكرامة مجرد ألفاظ في سوق التداول الرسمي " فتقول " أن يشركني الزوج في الحديث معه حول مشاريعه المستقبلية فتلك سابع المستحيلات، لذلك أجد الوقت الكافي للنبش في تفاصيل الماضي لكل الأفراد القريبين والبعيدين حبة حبة . لا بد من التأكيد أيضا أنني أجد التشجيع اللازم من جاراتي، فنعمل طيلة الوقت على ملء أوقات الفراغ بعد قضاء الواجبات وبعد العناية بالمظهر ، والاعتناء بتنظيف الثياب أو الترويح عن النفس بالتلفزيون الذي يفجر هو الآخر سيلا من المكنونات والمكبوتات في دواخلنا الجريحة ، وفيما نستقبل بمودة رأي " ص غ " في موضوع علاقة غير شرعية من الماضي ، يهاجمنا الصيدلي "ح ع" قلقا " إذا كنت تريد معرفة الحقيقة، فعليك معرفة رد فعل عائلة الزوج الذي قرر الارتباط بأرملة ، من الشروط الضرورية أنه لن يسمح لها باشتراط شيء. عندما تأملت صغ الموضوع باتت كمن أعدت قلبا من على الأرض وثبته في مكانه بداخلها . لكن أستاذة الفلسفة من جانبها ، فترى أن في المحافظة على الاهتمامات المشتركة بين الزوجين حتى مع وجود ماض غير واضح الملامح عبر إنتاج مساحة للمشاركة الثنائية في الخوض في تفاصيل الحياة , ومشاركة كل منهما الآخر.يقلل بطريقة ايجابية سبل الفراغ المفضي إلى النبش في خفايا الماضي . في هذا الإطار يقول ف ل " مدير مدرسة ابتدائية " مهما بلغ حبك لزوجتك، إلا انك تشعر بالسعادة أحيانا لحظة فراقكما " ثم يستطرد قائلا "أن تتغيب قليلاً ولأيام كم هو رائع ورائق ؟ وتسانده الاستاذة " ك م " في موقفه مدعمة إياه بثقة لا غبار عليها " نعم قد تحدث المشكلات بسبب وجود الرجل في البيت بصورة دائمة، وحسب رأيها، فان الحضور الدائم ينتج عنه في غالب الأحيان الملل والسآمة، فتفقد الحياة الزوجية بريقها نتيجة ذلك، ولكي ينجح الزوج في إعادة السعادة إلى حياته الزوجية يمكنه أن يتغيب عن زوجته ولو لعدة أيام، أو يفسح المجال لزوجته قصد السفر عند أهلها يومين أو ثلاثة، فهذا الغياب الابتعاد - بلا شك- سوف يشعره بالاشتياق إلى زوجته، وسوف تشتاق هي أيضاً إليه، وعندئذ سيكون اللقاء بينهما متجدداً، كأنه أول لقاء بينهما" بالفعل ، هذا ما لا يحدث قطعا ، يقر" أ خ " فالطريقة التي ينبغي ان يستقبل بها الزوج زوجته قد تصنع المعجزات. مما يشيع جواً من التعاون والألفة. الأستاذ "ن س" لم يكن من النوع الذي يضع يده بلطف على كتف زوجته ويسألها بفم منهار «كيف كان يومك؟ لكنه قد يتفاجأ باستجابة زوجته له لو سألها فهذه الأمور الصغيرة من التفاهة . حت لاستعادة وهج العلاقة ، لكننا للأسف ننساها كلما طالت سنوات الارتباط ، فكن موجوداً من أجلها عندما تحتاجك لأن تسمعها، وهذا ليس أمرا اعتباطيا ، لكنه أمر أساسي وبسيط للعلاقة في الوقت نفسه. إذا أشعرتها أنها جميلة تلك الكارثة ، فالمرأة والبغلة تحتاج دائما إلى الكبح اللجام من الأشياء التي تضايق المرأة أن تشعر أن وجودها في حياتك أمراً مسلما به، ويضايقها أيضاً أنها لم تعد جذابة في نظرك كالسابق ، هي تريد أن تشعر أنها جميلة وجذابة وأنها لم تخسر أي دقة من دقات قلبك من أجلها ، من المهم أن تمنحها هذا الشعور لو بدأت تشعر بعدم الأمان. عند حدوث المشاكل وبداية شرارة النكد يجب أن يتحايل كل من الزوجين على الآخر للتوصل إلى حل سريع للخلاف لنصل إلى علاقة أجمل. الأزواج السعداء لديهم أشياء مشتركة ، ولكن في نفس الوقت لديهم اهتمامات منفصلة قد تصل حد التنافر أحيانا ، لذلك لابد من معالجتها على القدر الكافي من التبصر وعدم الانزلاق حتى ينمى كل واحد نفسه ويساعد كل منهما الآخر . في المأثور أوصت أم تدعى إمامة بنت الحارث ابنتها ليلة زفافها لعمر بن حجر أمير كندة "و كان اسمها "أم إياس" قائلة: "أي بنيّة ، إنك قد فارقت بيتك ،الذي منه خرجت ،ووكرك الذي فيه نشأت إلى وكر لم تألفيه، وقرين لم تعرفيه ، فكوني له أمة، يكن لك عبدا، واحفظي له عشر خصال ،يكن لك ذخرا ،أما الأولى والثانية ،فالصحبة بالقناعة والمعاشرة بحسن السمع والطاعة ، أما الثالثة والرابعة ،فالتعهد لموقع عينيه ،والتفقد لموضع أنفه ،فلا تقع عيناه منك على قبيح،ولا يشمن منك إلا أطيب ريح ،والكحل أحسن الحسن الموصوف ،والماء والصابون أطيب الطيب المعروف،وأما الخامسة والسادسة ،فالتفقد لوقت طعامه ،والهدوء عند منامه ،فإن حرارة الجوع ملهبة، وتنغيص النوم مكربة ،وأما السابعة والثامنة، فالعناية ببيته وماله،والرعاية لنفسه وعياله ،أما التاسعة والعاشرة ،فلا تعصين له أمرا ، ولا تفشين له سرا ،فإنك أن عصيت أمره أوغرت صدره ،وإن أفشيت سره لم تأمني غدره ،ثم بعد ذلك .. إياك والفرح حين اكتئابه، والاكتئاب حين فرحه ،فإن الأولى من التقصير،والثانية من التكدير، وأشد ما تكونين له إعظاما، أشد ما يكون لك إكراما ،ولن تصلي إلى ذلك ،حتى تؤثري رضاه على رضاك ،وهواه على هواك ،فيما أحببت أو كرهت ،والله يصنع لك الخير ،واستودعتك الله".