تتبّع الرأي العام الوطني، قبل أيام، واقعة انطلقت فصولها على مواقع التواصل الاجتماعي، وتفاعلت معها مختلف وسائل الإعلام، ويتعلّق الأمر بادعاء سيدة من أزرو بكونها حامل بجنين في بطنها لمدة 9 سنوات، وهو الأمر الذي تعاملت معه السلطات الصحية بجدّية كبيرة، إذ تم استقبال السيدة وفحصها في البداية بالمستشفى الإقليمي بأزرو، حيث تم إخضاعها للتحاليل الطبية والكشوفات بواسطة الفحص بالصدى، التي أبانت عدم حملها، ورغبة في تعميق التتبع الطبي لهذه الحالة، تم نقلها في نفس اليوم إلى المستشفى الإقليمي محمد الخامس بمكناس، حيث تم عرضها على طاقم طبي يتكون من طبيب النساء والولادة، وطبيب الجراحة الباطنية، وطبيب مختص في الكشف بالأشعة، وطبيب نفساني، الذين بعد معاينتهم للسيدة وقيامهم بالفحوصات المعمقة والدقيقة لحالتها، تبين مرة أخرى أن هذه السيدة هي غير حامل وأن حالتها تتطلب المواكبة على مستوى النفسي بالمستشفى الإقليمي 20 غشت بأزرو. استحضار هذه الواقعة ضمن الملف الأسبوعي «صحة وأسرة» ليومية الاتحاد الاشتراكي، يأتي بغاية تسليط الضوء على حقيقة «مرضية» قد تعيشها النساء في مرحلة من مراحل حياتهن، والتي يتلقى تفاصيلها المحيط الصغير والكبير بكثير من الاستغراب، وترافقها العديد من الأسئلة، ويتعلّق الأمر بالحمل الكاذب، الذي يتمثل في اعتقاد المرأة بأنها تنتظر مولودا، بينما يكون الواقع غير ذلك. إن النساء اللواتي تعشن أعراض الحمل الكاذب، تطورن جميع أو معظم الأعراض المميزة للحمل، باستثناء الوجود الحقيقي للجنين. والحمل الكاذب هو ظاهرة نادرة جدا، تتراوح نسبة انتشارها بين واحد إلى ستة من بين كل 22 ألف حالة ولادة، والنساء اللواتي يكنّ عرضة له، يتراوح سنّهن مابين 20 و 44 سنة، على وجه التحديد، علما أن هذه الحالة يمكن أن تعيشها النساء في مراحل عمرية مختلفة. هذه الظاهرة التي هي قديمة عبر التاريخ، استطاع الأطباء مع تقدم العلم وتطوره فهم الجوانب الجسدية والنفسية المسببة لها، والتي تشير كل التحليلات إلى أن العوامل النفسية لها صلة كبيرة بهذا الأمر، وهو مايخدع المرأة التي تعتقد بوجود الحمل رغم عدم صحّة الأمر، كما هو الحال بالنسبة للسيدة التي تحدثنا عنها آنفا. ويستعرض الأطباء بعض الحالات التي تجعل المرأة تعتقد بأنها حامل، كما هو الشأن بالنسبة لتلك التي تتوق إلى الحمل، رغم أنها تعاني من عقم، أو بالنسبة للسيدة التي تعرّضت لحالات إجهاض متكرر، أو بسبب الاقتراب من سن اليأس، حيث قد يُظهر الجسم بعض أعراض الحمل كانتفاخ البطن، ازدياد حجم الثديين، انقطاع الدورة الشهرية، وحتى الشعور بحركة الجنين في الرحم، ويتعاظم الأمر بان تعيش المرأة حالة الوحم أيضا، مما يجعل عقل المرأة يفسر هذه الأعراض، خطأ، على أنها علامات لوجود الحمل، وهو ما يؤدي إلى إفراز هرمونات الحمل، كهرمون الأستروجين والبرولكتين، التي تسبب ظهور أعراض الحمل الحقيقي. من جهة أخرى، يرى بعض الباحثين في هذا المجال أن الفقر، نقص التعليم، حدوث الاعتداء الجنسي في مرحلة الطفولة إلى جانب المشاكل في العلاقة الزوجية، يمكن أن تشكل حافزا لحدوث أعراض الحمل الكاذب. ويتعيّن على المرأة التي تعيش هذه الوضعية، بعد عرضها على الطبيب المختص، وإجراء الفحوصات والتشخيص المطلوب للتأكد من وضعيتها الصحية ومن كونها غير حامل، أن تباشر علاجا نفسيا مع الطبيب النفسي المختص، لتبتعد عن المشاكل والأوهام والتخيّلات التي تسببت لها في إصابتها بالحمل الكاذب، كما أن المرأة المعنية تكون في حاجة إلى علاج طبي ويتعين إعطاؤها هرمونات بغرض تنظيم نزول الحيض شهريا، أي تنظيم الدورة الشهرية.