نفذت العديد من النساء عمليات انتحارية خلال الأيام الأخيرة شمال نيجيريا. إنه عمل غير مسبوق في هذا البلد وفي إفريقيا، إلا أن الظاهرة ليست جديدة بالنسبة لباقي جهات العالم. من الشيشان إلى سيريلانكا مرورا بفلسطين، قدمت العديد من النساء أرواحهن لأجل قضايا وطنية أو سياسية. وكانت أول امرأة تقوم بعملية من ذلك النوع هي الشهيرة سناء محيدلي، شابة لبنانية في ربيعها السادس عشر، فجرت نفسها يوم 9 أبريل 1985 على مقود شاحنة مفخخة بالقرب من مجموعة من الجنود الإسرائيليين، مخلفة قتيلا من بينهم. نيجيريا: نساء «بوكو حرام» ضواحي غومبي وهي مدينة متوسطة في الشمال الشرقي لنيجيريا، كان الجنود في قمة غضبهم وهم يبحثون عن امرأة. وحسب تقرير لمصالح الاستخبارات، فهذه السيدة مرتبطة بجماعة " بوكو حرام "، وكانت تحاول ارتكاب عملية هجومية ضد ثكنة عسكرية. تمكنت مجموعة من الجنود من تحديد مكان تواجدها في النهاية. وحين كانوا يقتربون منها لاستنطاقها، حدث انفجار قوي... كانت المشتبه فيها تحمل تحت ملابسها حزاما متفجرا، شغلته بدل أن تسلم نفسها. كانت أول امرأة انتحارية معروفة منذ الغزوة الإسلامية، التي تقودها " بوكو حرام "، للشمال الشرقي في البلاد، سنة 2009. وإذا كان أتباع أبو بكر شيكو يشنون بشكل منتظم هجمات انتحارية على قوات الأمن والمدنيين، فلم يسبق أبدا لامرأة أن نفذت عملية من هذا النوع. عمرها 10 سنوات.. بحزام ناسف ما كان يٌعتبر حالة معزولة، سيتكاثر على نحو خطير بعد مرور شهر ونصف الشهر. ما بين 27 و 30 يوليوز، قامت أربع انتحاريات جديدات - مراهقات أو ما كدن تتجاوزن سن المراهقة -، بتفجير أنفسهن في كانوا وضواحيها مستهدفات مركزا تجاريا، محطة بنزين ومراكز جامعية. وكانت الحصيلة ثقيلة: عشرات القتلى وأعداد كبيرة من الجرحى. المقلق أكثر، اعتقلت مصالح الأمن صبية في ربيعها العاشر بحزام ناسف. تقول خليفة ديكوا، أستاذة العلوم السياسية في الجامعة والمتخصصة في بوكو حرام " من الممكن أن تكن رهينات سابقات، تم تخديرهن وتحويلهن إلى انتحاريات. لا يُطبق على النساء تفتيش دقيق، وهو ما يُسهل مرورهن بسهولة من مراكز المراقبة الأمنية، وهن تخفين متفجرات تحت ملابسهن ". لم تفت هذه المعلومة إرهابيي " بوكو حرام "؛ خلال السنوات الأخيرة، كان بعضهم يتخفون أحيانا في مظهر نساء لارتكاب هجمات انتحارية. فلسطين: فلسطينية تشارك في مظاهرة بغزة، 4 يوليوز 2014 يوم 27 يناير 2002، فجرت وفاء إدريس، الممرضة الفلسطينية ذات السبعة وعشرين ربيعا، قنبلة في أحد أكبر شوارع القدس، مخلفة قتيلا من الجيش الإسرائيلي وعددا من الجرحى. ورغم كون محفزاتها تبدو شخصية أكثر مما هي وطنية أو دينية، فإن الشابة الفلسطينية، وهي أول امرأة تضحي بحياتها في الصراع ضد إسرائيل، قد تمت الإشارة إليها بسرعة باعتبارها بطلة في الشرق الأدنى. منذ ذلك الوقت، تزايد عدد النساء الانتحاريات، الشهيدات، اللواتي ضحين بأنفسهن في سبيل القضية الفلسطينية. وحسب يورام سشويتز، من مركز الاستراتيجية في تل أبيب، فإن 67 فلسطينية حاولن القيام بهجمات انتحارية ضد المصالح الإسرائيلية ما بين 2002 و 2006. الشيشان: مقتل انفصاليين شيشان أثناء عملية احتجاز رهائن بمسرح دوبروفكا عُرفت الانتحاريات الشيشانيات - كن توصفن في اللغة الروسية ب " شاكيدكي ( الشهيدات ) - في باقي أنحاء العالم يوم 26 أكتوبر 2002، اليوم الأول لاحتجاز رهائن مسرح دوبروفكا بموسكو. كان ضمن الكوموندو، المتكون من خمسين استقلاليا شيشانيا، 19 امرأة، محجبات، ترتدين لباس الحداد الأسود وموشحات بالمتفجرات. توفين جميعهن في هذه العملية الدموية، التي خلفت وفاة 169 قتيلا. وقد أُطلقت عليهن بسرعة تسمية " الأرامل السود "، بما أن معظمهن أقبلن على تلك العملية انتقاما لوفاة رجال من عائلاتهن ( زوج، ابن أو أخ ) كانوا يحاربون الوصاية الروسية. في غضون 12 سنة، وباسم إيديولوجيا جهادية وهابية يتبعها المتمردون الشيشان، نظمت هؤلاء النساء الانتحاريات العديد من الهجمات في القوقاز وموسكو. أفغانستان وباكستان أفغانيات في أحد شوارع كابول توجد كذلك نساء انتحاريات في كل من أفغانستان وباكستان. فمنذ 2011، تبنى تنظيم الطالبان الباكستانيين العديد من العمليات التي ترتكبها نساء ترتدين البرقع. ووقتها، كان عمر خالد، أحد قادة طالبان في المناطق القبلية الباكستانية، يصرح بأن اللجوء إلى نساء انتحاريات يدخل في إطار " استراتيجيا جديدة ". كما أن " إخوانهم " الأفغانيين في الحزب الإسلامي اعتمدوا بدورهم على النساء في تنفيذ هجمات انتحارية. ومن أبرز تلك العمليات، تلك التي نفذتها انتحارية خلال شهر شتنبر 2012، في الطريق المؤدية إلى مطار كابول. قتل 12 شخصا في تلك العملية المنظمة، حسب الطالبان ، ردا على شريط معاد للإسلام. سيريلانكا: مقاتلات فهود التامول، 2 يوليوز 2007 ليست النساء الانتحاريات جهاديات فقط، لأنهن قد تكن لائكيات كذلك. وكذلك هو الأمر في سيريلانكا مثلا، حيث فهود التامول، التنظيم الماركسي المستقل، يقحم النساء بشكل واسع في نضاله المسلح. كما هو شأن رفاقهن الرجال المسلحين، فإن البعض منهن قد نفذن عمليات انتحارية. وأول عملية ناجحة لإحدى " فهود التامول " هي اغتيال الوزير الأول الهندي راجيف غاندي يوم 21 ماي 1991. وكما كتبت الباحثة فاطمة لحنيط، في مقال نشر على موقع المركز الفرنسي للبحث حول الاستخبارات، فإن النساء عضوات " فهود التامول " تتلقين نفس التكوين الذي يتلقاه الرجال وعليهن أن تثبتن جدارتهن ". وقد كانت تضحيتهن تقريبا بمثابة امتداد للأمومة في الثقافة التامولية، تتابع الباحثة. كان التصرف كما لو كانت قنبلة بشرية يرمز إلى قربان، كما تفهمه وتتقبله امرأة لن تكون أما أبدا. كردستان: مقاتلة في صفوف حزب العمال بدوره شجع حزب العمال في كردستان، التنظيم الكردي المستقل المتواجد في تركيا، ، في سوريا، في العراق وفي إيران، مشاركة النساء في المعركة المسلحة. وعلاوة على المطالب الوطنية، يدافع الحزب كذلك عن تحرر النساء في مجتمع تقليدي فيودالي. لذلك عززت مقاتلات كثيرات صفوف الحزب، ولا يتردد بعضهن في تنفيذ عمليات انتحارية باسم القضية الكردية. عن «لوفيغارو» 31 يوليوز 2014