لم أعد هناك. الغيمة لم تتوقف في الباب، والشحاذون لم ينظروا إلى الساعة. في مكان ما، تفرج الغيمة عن فرحٍ مشتعلٍ، بلا مقدماتٍ، بينما تمر ظلال الشكّ من شقوق الكون. هناكَ سأعثر على شبيه قديم وعلى إمامٍ بلا مذهبٍ وبلا عين ثاقبةٍ. هناك في منزل الأبد سأرقبُ كيفَ انزلقتُ من العدم كي أكون لكْ. وكيفَ غفوتُ كيْ أخرجكِ مني وأمضي الوقتَ في البحث عنك. لم أعد هناكَ. حينَ أكتب هذا الكلامَ على هذا النحوِ أتوهمُ خرائطَ وأنهاراُ بلا مصبات وأنكِ نورانيةٌ وأنني سافل قليلا، وأني سأجرؤ يوما ما على اقتياد الغيمة إلى الباب ذاته، حيث الشحاذونُ يتناوبون على العتبة، لا ينظرون إلى الساعةِ ويخدشونَ، رغما عنهم، هواء النهار. لم أعد هناكَ، ولا أنتظر هنَا أحدا. أحثّ الخطوَ، بينما الغيمةُ تهربً الفرحَ أطلق لحيتي نكايةً في أحلامٍ لم تتحقق وفي استيهاماتٍ مبللةٍ بالكلام، وأصغي إليكْ. لا أراك في هذا الظلام المفتعلْ. أريد أن أقول: دعيني أتسلق الكون إلى حافته مثل داليةٍ لعلي أطلَّع إلى الغيمة في بساطها الأبيضِ وأسرق منها بعض الفرحْ. دعيني أتنفسُ قليلاَ خارج هذا الالتباسْ أقود قطعان الرغبةِ إلى سرير متخيلٍ، سيولد كون آخرُ وسيكون علي أن أظللهُ بغيمة الشكّ نفسها بالغيمة التي لم تتوقف في الباب التي تركت الشحاذين على عطش التي تركتنى أتأمل الساعةَ تئن في القفص الصدري التي ذكرتني أن كثيرا من الأحلامِ لا تتحققَ وأنّ القلب دليل يخطئ... ويصيبْ. أحيانا أتذرع بالقهوة كي أصيب الليل في مقتلٍ لا أعرفُ كيف سأفسر للصباح تخلفي عن نوبة الحراسة وكيف أن الغيمة المارقةَ أطلقت الحبل على الغارب وتدلتْ وكيف أنني لم أعتقلها في قنينةٍ تحسبا لشمس الظهيرةِ: كوننا الافتراضي سيحتاج إلى غيمةٍ تظلل حوافهُ. اكتشفت للتوّ أن الأوهام كثيرةٌ وأنّ الأرض بلا غيمةٍ ليست الجنة الموعودةَ وأنّ النزول من العدم يكاد يكون خطأُ وأنني في كل هذا مجرد مثير للغبارْ وأنكِ بعض من الجنة التي في الكتابْ وأن الغيمة جسري إلى قمم الشكّ وأن أفكاري، مع الأسف، غير مرتبةٍ بينما أكتبُ هذا الكلام على هذا النحو.