في مثل هذا اليوم 24 أبريل 1979، قتل المجرمون الجلادون محمد كرينة، وهو في عمر الزهور، لالجرم، أوذنب ارتكبه، سوى أنه لبى نداء الواجب في يوم التضامن مع الثورة الفلسطينية والتنديد بمعاهدة الردة، المعاهدة التي أمضاها السادات خيانة للشعب المصري وللشعب الفلسطيني وللأمة العربية جمعاء، وظنوا الجلادون أنه سينهار تحت وابل تعذيبهم الهمجي، فاستشهد وهو في بداية الطريق النضالي كاشفا عورات النظام. محمد كرينة سليل مدرسة الشبيبة الاتحادية التي كانت معطاءة، كانت مدرسة التكوين التي تلقى فيها دروس التحدي والمواجهة، والتي كان يعتز بها كل المناضلين الشرفاء في حزب القوات الشعبية، والتي كانت تزخر بالطاقات الحية التي كانت تفزع الخصوم وتفقدهم الرشد. محمد كرينة ابن من خيرة أبناء وطنه، خرج من صلب الطبقة العاملة، من مواليد 1959 بحي شعبي اغزديس بأكادير، من أسرة فقيرة، قبل أن يتم كرينة عامه الأول وقع زلزال بمدينة أكادير في فبراير 1960، والذي كاد أن يودي بحياته وحياة أمه لولا رعاية ومساعدة الجيران. التحق كرينة بالكتاب القرآني، وبعدها ولج التعليم، كان شغوفا بالدراسة، ونظرا لظروفه الصعبة، كان بعض معلميه يشترون له بعض لوازم الدراسة، وقد تفوق في جميع مراحل دراسته، كان يقضي العطلة الدراسية في الاشتغال في مختلف معامل أنزا وذلك من أجل تحمل قسط من مسؤولية توفير الإمكانيات المادية، توفق في دراسته خصوصا في المواد العلمية وتم توجيهه إلى شعبة الهندسة المدنية، حيث انتقل إلى ثانوية الخوارزمي بمدينة الدارالبيضاء، وحظي بثقة زملائه الداخليين فأصبح المتحدث بإسمهم. حصل كرينة على التشجيعات والتهاني في دراسته، مع تنويه خاص من طرف معظم أساتذته. في سنة 1977 ساهم في الحملة الانتخابية التشريعية لنصرة مبادئ واختيارات حزب القوات الشعبية ومساندة مرشحيه، حيث جند جميع طاقاته لخوض تلك المعركة، فتعرض للاستفزازات والضرب ولاعتداء إجرامي في منطقة تكوين يوم 29 ماي 1977 من طرف العصابات التي كانت تسخرها السلطة أنذاك. كان محمد كرينة متواجدا في كل المحطات النضالية لحزب القوات الشعبية، وآخر مهرجان حضره بمدينة أكادير، هو يوم 30 مارس يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني الذي نضمه الحزب، حيث تناول كرينة الكلمة بإسم الشبيبة الاتحادية في التجمع الذي انعقد بمقر الكتابة الاقليمية للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وفي نفس اليوم شارك في مسيرة سلمية تضامنا مع الشعب الفلسطيني، وهي الذكرى الثانية حين أعلن الشعب الفلسطيني الإضراب العام في 30 مارس 1977، ونزل الفلسطينيون إلى الشوارع في انتفاضة عارمة – في تحد لسلطات الاحتلال الصهيوني، معلنين رفضهم للاجراءات التي اتخذها العدو بالاستيلاء على ما تبقى له من أرض، في ذلك اليوم قال كرينة: «إن المعركة الطبقية يجب خوضها دون خوف وأنه بدون تضحية لا يمكن تغيير هذا الواقع…» وعند رجوعه من تلك التظاهرة في المساء إلى البيت، قام بالسفر إلى الدارالبيضاء من أجل مواصلة دراسته، وبعد وصوله تم اعتقاله و تسليمه إلى قائد مقاطعة أنزا بإحدى مراكز الاعتقال بإنزكان. وفيما بعد استدعت الشرطة والدة محمد كرينة ووالده وقدمت لوالده مجموعة من الوثائق وطلبت منه أن يوقع عليها بدون أن توضح لوالديه، أنهما لن يريا ابنهما بعد اليوم. وذلك لأن محمد كرينة وافته المنية يوم 24 أبريل 1979، في مستشفى الحسن الثاني بأكادير بعدما تعرض لأبشع أنواع التعذيب، في الكوميساريات والمعتقلات السرية.