محمد كرينة إبن بار من خيرة أبناء وطنه، سليل مدرسة معطاء ألا وهي مدرسة الشبيبة الاتحادية التي يعتز بها كل المناضلين الشرفاء في حزب القوات الشعبية و التي تزخر بالطاقات الحية التي تفزع الخصوم وتفقدهم الرشد. كرينة خرج من صلب الطبقة العاملة ومن مدرسة التكوين التي تلقى فيها دروس التحدي والمواجهة ، إنها مدرسة الشبيبة الاتحادية. ابن حي شعبي انزا، من أسرة فقيرة تنحدر من إقليم الجنوب. في بداية عامه الرابع التحق بالكتاب القرآني حيث تلقى دروسه الأولى في القرآن الكريم، و بعدها ولج التعليم، كان شغوفا بالدراسة ومهتما بها. ونظرا لظروفه الصعبة، كان بعض معلميه يشترون له بعض لوازم الدراسة وقد تفوق في جميع مراحل دراسته، انتقل إلى التعليم الثانوي بأكادير وهو في الحادية عشر من عمره، حيث اشتهر بتفوقه وحسن سيرته. كانت المسافة من حي أنزا إلى الثانوية بأكادير حوالي 8 كلم، مما جعله ابتداء من سنة 1974 كان يقضي العطلة الدراسية في الاشتغال في مختلف معامل أنزا خصوصا معامل تعليب السمك، وذلك من أجل تحمل قسط من مسؤولية توفير الإمكانيات المادية رغم صغر سنه، يشتغل من الصباح إلى وقت متأخر من الليل وذلك مقابل أجر زهيد كما اشتغل حمالا بالميناء و في معامل الإسمنت. وهو في القسم الرابع من التعليم الثانوي اضطر إلى النزول بدار الأطفال الخيرية بأكادير ، وبعد نهاية السنة الدراسية (1976 – 1977 ) توفق في دراسته خصوصا في المواد العلمية و تم توجيهه إلى شعبة الهندسة المدنية حيث انتقل إلى ثانوية الخوارزمي بمدينة الدارالبيضاء، وهي مدرسة المهندسين لدراسة الهندسة المدنية وحظي بثقة زملائه الداخليين فأصبح المتحدث باسمهم. عرف بين كافة رفاقه وأصدقائه بتواضعه الجم واستقامة خلقه. عمل بقسط وافر على الرفع من الوعي السياسي لشباب أنزا وتنظيمهم. في صيف 1977 ساهم في الحملة الانتخابية التشريعية لنفس السنة في نصرة مبادئ واختيارات الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ومساندة مرشحيه . حيث جند جميع طاقاته لخوض هذه المعركة فتعرض للاستفزازات والضرب من طرف العصابات التي سخرتها السلطة آنذاك وعلى الخصوص المواجهة التي وقعت بقرية تكوين بين احدى العصابات والمناضلين الاتحاديين حيث تعرض محمد كرينة لاعتداء إجرامي في منطقة تكوين يوم 29 ماي 1977. حصل في الدورة الأولى من السنة الدراسية لسنة 1979 على التشجيعات وفي الدورة الثانية على التهاني في « السنة السادسة» من التعليم الثانوي أنذاك مع تنويه خاص من طرف معظم أساتذته. كان حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية قد اعتبر المعاهدة التي أمضاها السادات خيانة للشعب المصري وللشعب الفلسطيني وللأمة العربية جمعاء، ودعا إلى جعل يوم 30 مارس يوما للتضامن مع نضال الشعب الفلسطيني وذلك عبر بلاغ أصدره يوم 27 مارس 1979. تناول كرينة الكلمة باسم الشبيبة الاتحادية في التجمع الذي انعقد بمقر الكتابة الإقليمية للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بأكادير بمناسبة يوم الأرض في 30 مارس 1979. وشارك في مسيرة سلمية تضامن مع الشعب الفلسطيني بأكادير. وكان كرينة يقول: ان المعركة الطبقية يجب خوضها دون خوف وأنه بدون تضحية لايمكن تغيير هذا الواقع... وعند رجوعه من تلك التظاهرة في المساء إلى البيت، قام بالسفر إلى الدارالبيضاء من أجل مواصلة دراسته.. وفي الدارالبيضاء تم اعتقاله وتم تسليمه إلى قائد مقاطعة أنزا بأحد مراكز الاعتقال بإنزكان. وتوفي بعدما تعرض لأبشع أنواع التعذيب، في الكوميساريات وذلك يوم 24 أبريل 1979، ولهذا يعتبر محمد كرينة شهيد الحق وشهيد الجماهير المقموعة من تلاميذ وطلبة وعمال وفلاحين... لقد قتله المجرمون الجلادون وهو في عمر الزهور، لالجرم، أوذنب ارتكبه، سوى أنه لبى نداء الواجب في يوم التضامن مع الثورة الفلسطينية والتنديد بمعاهدة الردة. و ظنوا أنه سينهار تحت وابل تعذيبهم الهمجي. فاستشهد وهو في بداية الطريق النضالي كاشفا عورات النظام.